غزة: تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية    سوريا.. هدوء نسبي في السويداء ونزوح جماعي بسبب أعمال العنف    إبراهيم دياز يغرس قيم النجاح في شباب مالقة    ضربة موجعة لتجار السموم البيضاء بالحسيمة            هذه خسائر حريق المركز التجاري بإمزرون والتجار يتضامنون بالإغلاق    تصدّع داخلي بجبهة البوليساريو بسبب أزمة موعد المؤتمر    مأساة على شاطئ سيدي قاسم.. غرق شرطي شاب يخلّف صدمة بين زملائه    الركوب على المآسي يزعج "الأحرار"    معركة أنوال .. صفحة مشرقة في سجل الكفاح الوطني ضد الاستعمار    بالصدى .. «الإدارة المغربية» وثقافة الإنصات    فيلدا يؤكد جاهزية المنتخب النسوي لنصف نهائي أمم إفريقيا    قرعة الدوري الاحترافي لموسم 2025 – 2026 .. مواجهة قوية مع صافرة البداية والديربي في الدورة الخامسة    نجاح باهر لامتحانات البكالوريا بجهة الدار البيضاء-سطات .. الأكاديمية تشيد بالمجهودات الجماعية وتثمّن النتائج المحققة    آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    تظاهرة حاشدة في الرباط تندد بعدوان اسرائيل على غزة وتجويع أهلها(صور)    "حماية المستهلك" ترفض تلويح الصيادلة بالإضراب وتدعم الحكومة في خفض الأدوية    تحسن ‬متواصل ‬يعكس ‬جاذبية ‬الاقتصاد ‬الوطني    منتخب الشبان للجيدو يهيمن على بطولة إفريقيا    البابا يدعو إلى وضع حدّ فوري لحرب غزة "الهمجية"    بعد ‬موقف ‬جاكوب ‬زوما ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء.. ‬الجزائر ‬ترسل ‬مبعوثيها ‬إلى ‬بريتوريا    الدفاع المدني في غزة يعلن استشهاد 57 فلسطينيا من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية    احتجاجات بإسبانيا على معادلة رخص سائقي الشاحنات المغاربة    العرائش ترفض طمس الشرفة الأطلسية    زلزالان قبالة أقصى الشرق الروسي    جمهور قياسي يختتم مهرجان تيفلت    إسرائيل توسع العمليات في وسط غزة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    المغرب خارج قائمة ال50 الأوائل في الإنترنت المحمول.. وسرعة الثابت أقل بأكثر من أربعة أضعاف من فيتنام    بنكيران يطالب وهبي بالاستقالة بعد تسريبات التهرب الضريبي    هونغ كونغ تصدر أعلى تحذير من إعصار "ويفا" وتوقف الخدمات العامة    مهرجان العيطة بآسفي.. أربع ليالٍ من الوفاء للتراث وروح الإبداع    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة        يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    تراجع مفرغات الصيد الساحلي بميناء الصويرة إلى 7052 طنا    توقيف مستشارة جماعية متلبسة بحيازة "الكوكايين"    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    تتويج منتخب المغرب للإناث بلقب إفريقيا في كرة المضرب "تحت 16 سنة" وتأهله لبطولة العالم    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغاربة كانوا يستمتعون بالحياة بشكل أفضل في العقود الماضية
هل يمكن لأسرة مغربية أن تغامر وتذهب بكل أفرادها إلى ملعب لكرة القدم في المغرب؟
نشر في المساء يوم 23 - 12 - 2009

الذين يشاهدون صورا لملاعب الكرة في المغرب زمن الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات، وحتى بعد ذلك بقليل، يصابون بالدهشة. وتزداد دهشتهم أكثر حين يتطلعون إلى تفاصيل الجمهور الحاضر في هذه الملاعب. الناس في ذلك الزمن كانوا يرتادون ملاعب الكرة، أو حتى ملاعب مصارعة الثيران في بعض مدن الشمال مثل طنجة، كما لو أنهم يحتفلون بمناسبة خاصة.. نساء ورجال في كامل الأناقة، أطفال يرتدون ملابس قشيبة وكأنهم في يوم عيد، رجال بجلابيب مغربية أو ببذلات أنيقة وربطات عنق وشعر مصفف، ابتسامات عريضة نابعة من القلب. ولو أن للصور رائحة، لفاحت منها رائحة عطر أولئك الناس الذين كانوا يرتادون الملاعب في أبهى حلة وكأنهم مدعوون إلى عرس، وهم خليط من المسلمين والنصارى واليهود، وبينهم أيضا هنود وجنسيات أخرى.
في كل المدن المغربية زمن الاستعمار وبعده بقليل، وخصوصا في المدن الكبرى كالرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش ومكناس وفاس ووجدة وغيرها، كان الناس يحتفون بالحياة كما يجب، وملاعب الكرة كانت جزءا مما يحظى بالاحتفاء من لدنهم، وكثير من الأسر كانت تصحب أطفالها إلى ملاعب الكرة في ذلك الزمن الجميل.
اليوم، وبعد كل هذه السنوات العجاف منذ زمن الاستقلال، هل يمكن اليوم لأسرة مغربية أن تغامر وتذهب بكل أفرادها إلى ملعب لكرة القدم في المغرب؟ سيكون ذلك حماقة مميتة، لأن الملاعب المغربية أصبحت مدرسة حقيقية في كل أنواع الشتائم والكلام البذيء وقلة الحياء. والأب الذي يريد أن يفقد احترام طفله في أقل من ساعة يجب أن يصحبه معه إلى ملعب كرة. هناك سيتعلم الطفل في بضع دقائق من البذاءة ما لن يتعلمه خارج الملعب في سنوات. في ذلك الزمن الجميل، زمن الاستعمار للأسف، كان الناس يقفون في الطابور وكل واحد يشتري تذكرته ويجلسون في الملعب بوقار مدهش، واليوم يقفز الآلاف من المنحرفين فوق أسوار الملاعب ويدخلون الملعب بالمجان ويحولون المباراة إلى أوبرا حقيقية في أهازيج الكلام الساقط.
ما يحدث في ملاعب الكرة المغربية لا أعتقد أنه يحدث في ملاعب أخرى من العالم. وفي إسبانيا التي يغلي جمهورها حماسا بحب الكرة، تتبعت ريال مدريد في إحدى مبارياته في ملعب سانتياغو بيرنابيو ولم أسمع كلمة واحدة خادشة للحياء. هناك شتائم طبعا، لكن الناس يعتبرونها عادية وناتجة عن فورة حماس
طبيعي. ومرة، دخلت ملعب نوكامب في برشلونة وجلست قريبا من مكان عادة ما يجلس فيه جمهور «الأولترا»، أي الأنصار الذين لا يتوقفون عن شرب الجعة والصراخ. وطوال المباراة، ظل حفنة من أولئك الصعاليك يشتمون ريال مدريد ويشربون من دون أن يؤذوا أحدا بالمرة، وكنت متأكدا من أن لا أحد منهم رأى شيئا في المباراة. المهم أنهم استمتعوا وهتفوا لأزيد من ساعة ونصف ولم يؤذوا أحدا ولو بالكلام، وقربَهم كان أطفالٌ ونساءٌ. وقتها، تذكرت يوم كنت في ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط لمتابعة مباراة للمنتخب، وكانت أسرة مكونة من أب وأم وطفلين تجلس غير بعيد عني. اقترب من الأسرة شاب مخبول وبدأ يهتف بهستيريا غريبة ويتلفظ بكلمات نابية. وكأن ذلك لم يكن كافيا فإنه بدأ في التجرد من ملابسه بالكامل.. أصيبت الأسرة بالفزع، ولم ينقذ الوضع سوى رجل أمن أعاد الوعي مؤقتا إلى رأس الشاب المخبول بضربة عصا مركزة.
في تلك المباراة، كان جمهور الرباط يتبادل شتائم فظيعة مع جمهور الدار البيضاء، وفي الوسط كان المنتخب المغربي يلعب من دون أن يأبه له أحد.
إذا أردت أن تعرف أخلاق شعب ما فادخل ملعبا للكرة، وملاعبنا والحمد لله «باناتشي» حقيقي من الشتائم التي لا يمكن العثور عليها في كل قواميس الشتائم العالمية.