سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حكم قضائي «يوزع» المسؤولية بين الضحايا والمقاول في حادث انهيار بفاس العتيقة الحادث خلف 5 قتلى و3 مصابين والحكم قضى بإدانة المقاول بثلاثة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ
بعد ما يقرب من خمس سنوات من التحقيقات والجلسات في قضية انهيار منزل بحي «الشرابليين» بفاس العتيقة، والذي خلف مآسي إنسانية أحد عناوينها فقدان زوج لزوجته وثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 3 سنوات و12 سنة، تحمل عدد 897/10، أصدرت المحكمة الابتدائية لفاس، يوم الخميس الماضي، حكما قضى بإدانة مقاول كان يشرف على عمليات الترميم بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ مع غرامة مالية محددة في 1000 درهم، وهو الحكم ذاته الذي صدر في حق مسؤول عن ورشة الترميم بالمنزل رقم 11 بدرب عبد الكريم ب»الطالعة الكبيرة» بفاس العتيقة، بعدما قررت النيابة العامة متابعتهما «من أجل القتل والجرح الناتجين عن الإهمال وعدم الاحتياط». وقضت المحكمة ب»تشطير المسؤولية» بين المقاول والمسؤول عن الورشة وبين الأسر القاطنة لأنها لم تنفذ قرارات إفراغ صدرت في حقها من قبل السلطات المحلية، بعدما أبلغت بأن البناية مهددة بالانهيار. وأفادت مصادر من أسر الضحايا أن هذه الأخيرة ستعمد إلى استئناف القضية. وفي جانب التعويضات المدنية، قضت المحكمة الابتدائية بتعويض محمد بوطابة، الذي فقد زوجته وثلاثة من أبنائه الصغار في هذا الحادث، وبعد تشطير المسؤولية، بمبلغ 20 ألف درهم كتعويض مدني عن فقدان زوجته، ومبلغ 45 ألف درهم كتعويض عن فقدان أبنائه الثلاثة، كما حكمت لفائدة ابنه القاصر الناجي من حادث الانهيار، بعد تشطير المسؤولية، بتعويض عن فقدانه أمه محدد في 20 ألف درهم، وتعويض 15 ألف درهم كتعويض عن فقدان إخوته الثلاثة. ونص الحكم بتعويض لوالدي الضحية سعيدة الخيام، وهي أرملة توفيت وتركت وراءها طفلين قاصرين تتراوح أعمارهما ما بين 14 و16 سنة، محدد في 10 آلاف درهم، وتعويض محدد في 4 ملايين سنتيم لفائدة الطفلين، و3 آلاف درهم لكل واحد من الأشقاء الستة للضحية. وقال أحمد الخيام، شقيق السيدة التي لفظت أنفاسها تحت أنقاض هذا الانهيار ل»المساء»، إن أسر الضحايا والمصابين سيطالبون من جديد بإجراء خبرات طبية، واستدعاء كل الأطراف التي لها علاقة بحادث انهيار هذه البناية. وكان حادث انهيار منزل «الشرابليين»، والذي يعود إلى 25 أبريل من سنة 2010 قد هز فاس العتيقة، وخلف صدمة قوية في نفوس الساكنة والمتتبعين، بالنظر إلى المآسي الإنسانية التي خلفها، ومن ضمنها وفاة سيدة في مقتبل العمر رفقة ثلاثة من أبنائها الصغار، إلى جانب وفاة سيدة أرملة لها طفلان قاصران، تحت أنقاض الانهيار، إضافة إلى 3 جرحى. وقرر أفراد من أسر الضحايا إدخال الملف إلى القضاء، حيث قاموا برفع دعوى قضائية ضد المقاول، وتحدثوا عن وجود اختلالات في عملية الترميم، نجم عنها الانهيار الذي أدى إلى فاجعة إنسانية بفاس العتيقة. وبناء على هذه الشكاية قررت المحكمة إعادة فتح التحقيق في الملف، وتمت متابعة المقاول المكلف بالصفقة من قبل وكالة إنقاذ فاس العتيقة، وأحد المكلفين بالإشراف على عملية الإصلاح بناء على التحريات المنجزة من قبل الضابطة القضائية في حالة سراح. وقضت المحكمة بتعويض عائشة العزوزي، من ضمن المصابين، ب3 آلاف درهم، و2000 درهم تعويضا لكل من ياسين الخيام، ومريم رمق. وتحدثت المحاضر الأولى التي أنجزت في حادث الانهيار عن صعوبة الوصول إلى المالك الأصلي للبناية المنهارة للاستماع إلى تصريحاته حول الحادث، لكن تعليمات النيابة العامة القاضية بإعادة فتح الملف أوصلت المحققين إلى المالك الأصلي للبناية، والذي قال إنه لم يكن على علم بحادث الانهيار إلا وهو يطالع الجرائد. وأورد بأنه كان يكري غرفا للعائلات المتضررة في هذا المنزل، لكنها مع مرور الوقت كانت ترفض أداء واجبات الكراء، ما جعله يرفع ضدها شكايات بالأداء والإفراغ. والغريب في تصريحاته هو نفيه أي علم له بأي أشغال ترميم أو إصلاح تجري في محله، مؤكدا بأنه لم يتم إشعاره بالموضوع. وقال شهود، وهم من الناجين في حادث الانهيار، إن البناية سقطت بسبب إصلاحات شهدها سقف الجناح المنهار. وقال أحدهم إن الأطراف المكلفة بالإصلاح قامت، قبل ثلاثة أيام من الحادث، بوضع الإسمنت والزليج على سقف الجناح المنهار، دون أن يعمل البناؤون على تنقية الأتربة القديمة التي كانت بالسطح. وأكدت شاهدة أن أشغال الترميم كانت تسير بطريقة عشوائية بالجناح الذي تعرض للانهيار، «حيث وضع الإسمنت والزليج على السقف دون أن يتم التخلص من الأتربة». ومن جانبه، أورد «ح.خ»، والذي كان يشرف على تسيير عمل البنائين بهذا الورش، بأن الجناح الذي تعرض للانهيار لم يكن مندرجا في إطار مهام الإصلاح التي باشرتها المقاولة التي يعمل لحسابها. وبالرغم من ذلك، فإنه أقر بوضع الزليج والإسمنت على سقف الجناح المنهار، مبررا ذلك بالسعي وراء منع تسرب مياه الأمطار إلى داخل المبنى حفاظا على الجناحين معا. وقال أيضا إنه لم يكن يسمح بإجراء أي عملية إصلاح في المكان إلا بتنسيق وأوامر لجنة تضم مهندسين وتقني تابع لوكالة إنقاذ فاس. وأكد المقاول «م.ع» نفس التصريحات التي أدلى بها هذا التقني، موضحا أن العملية التي تمت مباشرتها قبل أسبوع من حادث الانهيار تمت بأمر من اللجنة المشرفة على تتبع عملية الإصلاح. وإلى جانب انهيار هذه البناية انهار منزل آخر مجاور محاذي للبناية، قبل أن ينهار سور مجاور آخر، لكن دون أن يخلف ضحايا. وجاء في إحدى مرافعات هيئة الدفاع عن المقاول ورئيس الورشة المتابعين في القضية بأن البناية المنهارة صنفت قبل واقعة الانهيار كونها آيلة للسقوط في أي لحظة، وبأن سكان البناية المنهارة تم إنذارهم من طرف السلطات المحلية بإخلاء البناية، مضيفا أن بعض السكان لم يستجيبوا للإنذارات وكانوا يتسللون ليلا إلى البناية بعد أن يغادرها عمال الورش. وبحسب المرافعة ذاتها، فإن البناية كانت طبقا للجنة تقنية محلية مهددة بالانهيار منذ سنة 2006، وأكد تقرير مكتب للدراسات نفس الحقيقة. وقالت المرافعة إن واقعة انهيارها لم تكن شيئا مفاجئا، «وبالتالي لا يستقيم المنطق مع القول بأن المتهمين تسببا في الانهيار المتحدث عنه»، و»لا مجال للحديث عن الضحية في هذه القضية، طالما أن كل سكان البناية تم إشعارهم بخطورة البناية على أرواحهم، وتم إنذارهم بالإفراغ»، فيما تقدمت شركة التأمين بمذكرة تشير فيها إلى أن عقد التأمين يستثني «المسؤولية المدنية المتعلقة بالأشغال التي يقوم بها المؤمن له في الأوراش»، واستعانت بدورها بإنذارات الإفراغ التي وجهت إلى ساكنة البناية من قبل السلطات المحلية، والمجلس الجماعي لفاس، وسجلت بأن الانهيار ليس ناتجا «عن أي تصرف يمكن تأويله بعدم الاحتياط أو التقصير من جانب الضنينين»، وطالبت بإخراجها من الدعوى وبدون صائر.