فاجأنا محمد سيبوب «رئيس المكتب المديري لفريق الرجاء البيضاوي» والكاتب العام السابق لفرع كرة القدم بما اعتبره «بيان حقيقة» وهو يرد على خبر صغير أوردناه في عدد «المساء» الصادر أول أمس الإثنين، حول القضية التي رفعها ضده رشيد البوصيري مستشار محمد بودريقة الذي اتهمه سيبوب ب»السمسرة» في صفقات اللاعبين وبالاغتناء على حساب الرجاء، مما دفع البوصيري إلى رفع دعوى قضائية ضده مازالت قيد الدراسة لدى النيابة العامة. لقد كتبنا أن الضابطة القضائية استمعت إلى سيبوب على خلفية هذه القضية، دون أن تكون لنا لا ناقة ولا جمل في الدعوى التي رفعها ضده البوصيري، وبدل أن يوضح سيبوب وجهة نظره أو يصحح إذا كان هناك خطأ أوردناه، فإن الرجل اختار طريقا آخر، ذلك أنه بدل أن يبعث بتوضيحه لنا في «المساء»، فإنه اختار أن يعممه عبر بريده الإلكتروني على جميع الصحفيين الذين يتوفر على عناوينهم الإلكترونية، قبل أن يفاجئنا في مرحلة ثانية بمفوض قضائي يطرق باب الجريدة وهو يحمل «بيان حقيقة» محمد سيبوب الذي حمل توقيع المحامي عبد الحق بيطار، مع أن سيبوب يعرف أكثر من غيره أن «المساء» لم تغلق أمامه الباب في أي من المرات، وأن أنشطته وبلاغاته كانت تجد دائما طريقها إلى النشر في إطار واجبنا المهني، الأمر الذي يطرح علامات استفهام كثيرة حول هذا الرد الانفعالي الذي يفتقد لأبسط شروط الاحترام للعمل الصحفي ولأخلاقياته، ولأبسط أدبيات الرد على خبر منشور في جريدة، دعك عن كونه صادرا من طرف محام من المفروض أنه يحرص على الشكليات التي يعرف أنه قد يخسر بسببها قضايا مهمة. قبل أن أرد على «بيان حقيقة» سيبوب لابد من أن نعطي له حقه في الرد، لقد قال السيد سيبوب «إن الخبر الذي نشرناه يتضمن وقائع كاذبة ويمس بسمعته وشرفه كرئيس للمكتب المديري للرجاء، وكمحام»، ثم أضاف:» إنه لا يوجد أي نزاع قضائي بينه وبين رشيد البوصيري، وأن المسطرة المتبعة بخصوص محام ينظمها القانون رقم 28.08 المتعلق بمهنة المحاماة وخاصة المادة 59 منه، حيث يجري التحقيق بواسطة النيابة العامة أو قاضي التحقيق بعد إشعار السيد النقيب»، قبل أن يخلص إلى أن المقال الصادر في جريدة «المساء» يعتبر قذفا في حقه»، ثم انتقل إلى إعطائنا دروسا في العمل الصحفي، وهو يشير إلى أن « قانون الصحافة ينص على أن حريات نشر الخبر تمارس في إطار مبادئ الدستور وأحكام القانون وأخلاقيات المهنة، وعلى وسائل الإعلام أن تنقل الخبر بصدق وأمانة»، وفي الأخير أبدى أسفه لما قال إنه توريط له في هذه القضية مع جريدة يحترمها، قبل أن ينتقل إلى نبرة التهديد بقوله «إن هذا لن يمنعه من الدفاع عن حقوقه المخولة له في إطار القانون». لقد اعتبر سيبوب الاستماع إليه من طرف الضابطة القضائية قذفا في حقه، ومسيئا له كرئيس للمكتب المديري للرجاء وكمحام، وهنا لا يمكن للمرء إلا أن يصاب بالصداع، فهل استماع الضابطة القضائية لأي مواطن يعتبر قذفا أو إساءة، ولماذا يحرص سيبوب على الخلط بين مهامه كمسير رياضي، وعمله كمحام، فالمحاماة كما تعرفها المادة الأولى من القانون المنظم لها «مهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء»، فهل يريد سيبوب توظيف المحاماة للإفلات من العدالة؟ لقد استشهد سيبوب بالمادة 59 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، لكن للأسف الشديد فإن سيبوب قام بلي عنق الحقيقة، وبالاستشهاد بهذه المادة في غير سياقها، وأضحينا إزاء حق يراد به باطل، ذلك أن هذه المادة تقول بالحرف:» لا يجري أي بحث مع المحامي، أو تفتيش لمكتبه، من أجل جناية أو جنحة ذات صلة بالمهنة، إلا من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق». يقول فقهاء القانون «إن الغش مبطل للتصرفات والمعاملات ولا يبنى عليه حكم»، لذلك لاحظوا كيف أن سيبوب الذي يعطينا الدروس في نقل الخبر بأمانة، لم يتحل بالأمانة وهو يتحدث عن المادة 59، ذلك أنها تعطي للمحامي حصانة الاستماع إليه من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق في جناية أو جنحة ذات صلة بمهنة المحاماة، وليس في قضايا أخرى، وسطروا على مهنة المحاماة، وإلا فإن المحامي سيصبح فوق القانون. لقد نفى سيبوب أن يكون لديه نزاع قضائي مع رشيد البوصيري، وهذا الأمر ليس صحيحا، ذلك أن البوصيري وضع شكاية لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء تحمل رقم 18789ش 14 بواسطة المحامي صامي عبد الغني، فكيف يزعم سيبوب أن ليس بينه وبين البوصيري أي نزاع قضائي، وألا تكشف شكاية البوصيري التي نتوفر على نسخة منها زيف ادعاءات سيبوب، ثم إن الشكاية توجد قيد الدرس لدى النيابة العامة، فكيف يمكن الوصول إذا لهذه المرحلة دون الاستماع إلى أطراف القضية؟ الجواب يعرفه بكل تأكيد سيبوب الذي يطالب دفاع البوصيري بمتابعته « من أجل السب والقذف والتشهير والادعاءات الكاذبة»، أما نحن فسنحيل السيد سيبوب على المادة 61 من قانون المحاماة التي تقول إنه «يعاقب تأديبيا المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية، أو التنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو إخلالا بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني». لست رجل قانون، ولكنني سأقول للسيد سيبوب إن من أبسط أبجديات الإقناع أن يتحلى المرء بالمصداقية، فمن لا يتحلى بالأمانة في نقل الوقائع وفي الحديث لا يمكن أن يقنع نفسه، فما بالك بالآخر، ثم إن القانون سيد الجميع، ولذلك ننتظر من السيد سيبوب الذي نكن له كل احترام أن يظهر لنا «حنة يديه» في الدفاع عما قال إنها حقوق مخولة له في إطار القانون. فرجة ممتعة.