كشفت الدورة الثامنة من بطولة الدوري المغربي لكرة القدم عن مفارقات غريبة، وأكدت أن كرتنا مزاجية لا تستقر على حال، وأنها كسماء الخريف ترعد ولا تمطر. فأولمبيك آسفي الذي هزمته اللحظات الأخيرة أمام الوداد في الدورة السابعة، استفاد من «بونيس» الوقت الضائع، وتمكن من هزم اتحاد الخميسات في الأنفاس الأخيرة من المباراة، وكأن القدر رد للعبديين دينا مستحقا. أما الوداد فانهزم حين كان المنطق يفرض فوزه، خسر البيضاويون أمام فريق عسكري صام لاعبوه شهورا عن التهديف، قبل أن يفطروا في شباك فكروش بإصابة سجلها اللاعب محمد جواد، الذي وقع تعهدا في شهر يوليوز مع الوداد وفي طريقه إلى مكناس توقف بالرباط ليوقع للجيش بشكل رسمي. في مباراة الرباط انهزمت الروح الرياضية وساد الاقتتال بين فصائل المشجعين، وفي الوقت الذي كان اللاعبون يتبادلون التحيات والقبلات، كان الجمهور يرمي بالكراسي البلاستيكية في مشهد مستنسخ من زمن الشغب. كان الجيش يستعد لتوديع مدربه البلجيكي، بعد أن تم الاتفاق مبدئيا على أن تكون مواجهة الوداد الفرصة الأخيرة، انتصر ماوس فزاد عمره لبضع دورات أخرى. في القنيطرة قرر جمهور الكاك مقاطعة المدرجات، واتفق فصيل حلالة بويز على ولوج الملعب ثم الانسحاب بعد تلقي إشارة من القيادة، ما حصل لم يكن في الحسبان فقد سجل لاعب الكاك برباش هدفا مبكرا قسم المتفرجين بين مؤيد للانسحاب ورافض للمقترح. وقبل ساعات من مواجهة شباب المسيرة جمع هومبيرطو مدرب الكاك حقائبه واستعد للعودة إلى سويسرا فالمباراة كانت الامتحان الأخير، لكن المدرب نجح في الاختبار الاستدراكي بميزة محظوظ جدا، مما فوت على مدربين آخرين كانوا يقومون بعملية إحماء أمام مقر الملعب البلدي فرصة تدريب الكاك. لم يستوعب الرجاويون تلك المعادلة المعكوسة، التي تجعل الرجاء البيضاوي ينتصر حين يعاني من نقص بشري ويتعادل حين يكون مكتمل الصفوف. عاشت «المكانة» حالة حداد بعد أن تعرض تيفو المحاربين لهجوم من مجهولين، وتوقف عدادها عند التعادل لأن الدفاع الجديدي كان أشبه بنسخة غير مصادق عليها من الرجاء. بدل أن يسجل المهاجم المالي أليو كانتي أهدافا في مرمى فريقه السابق، قرر لاعب أولمبيك خريبكة أن يسجل إصابات في أبدان زملاء الأمس، حيث أرسل مدافع الجمعية السلاوية أيت عبو إلى أقرب مصحة، وأصاب آخرين إصابات متفاوتة الخطورة. انهزم الفتح الرباطي أمام الوداد الفاسي، بثلاثية تبدو عادية في عالم الكرة، لكن «غير العادي» هو أن ينهزم فريق يرأسه رئيس الجامعة ويشرف على إدارته التقنية الناخب الوطني ويدربه مدرب الفريق الوطني ويجمع أمتعته المكلف بمتاع الجامعة، بتلك الطريقة المذلة على أرضية ملعب سيحتضن بعد أسبوع مباراة حاسمة أمام المنتخب الكاميروني. أتاحت الدورة الأخيرة للعديد من المدربين فرصة مواجهة فرق ارتبطوا بها، فعاشوا على إيقاع النوسطالجيا، واجه السلامي مدرب الدفاع الجديدي فريقه السابق الرجاء، وواجه لمريني من كرسي بدلاء أولمبيك خريبكة فريقه الأصلي جمعية سلا وواجه السكتيوي حسنية أكادير وقس على ذلك. نصيحة لهواة طوطوفوت، رجاء غيروا وجهتكم صوب مسابقة أخرى، فقد ينتهي بكم المطاف يوما في تشكيلة المفلسين إذا راهنتم على بطولة تعاني من انفصام في الشخصية.