غرق أعضاء حزب العدالة والتنمية أول أمس في صمت مطبق خلال جلسة انتخاب عمدة الرباط الجديد، بعد اتهامهم بشكل صريح وعلني، بالتحالف مع عدد من رموز الفساد والأشباح من أجل تشكيل التحالف المسير. ولم يتردد أحد المستشارين في سرد ثلاثة أسماء أمام الجميع، اعتبر أنها تشكل رموزا للفساد في التسيير الجماعي، مشيرا إلى كل من الحركي الحسين الكرومي، والتجمعي سعد بنمبارك والمستشار بولعود، وقال إن حزب العدالة والتنمية شارك في التسيير خلال التجربة السابقة، ويعرف ملفات الجميع لكنه مع ذلك فضل التحالف مع هؤلاء. ولوح المستشار ذاته بأن عددا من الملفات ستفتح داعيا السلطات لتحريك المتابعة، وخاصة منها ما يتعلق بالتلاعب في مشاريع التنمية البشرية، إلى جانب ملفات أخرى، ملمحا إلى المستشار سعد بنمبارك الذي يوجد على رأس المجلس الإداري لشركة «الرباط باركينيغ» المثيرة للجدل، بسبب الغموض الذي يلف تسييرها المالي، وكذا التوظيفات المشبوهة التي استفاد منها عدد من أقارب المنتخبين خلال ولاية المجلس السابق، إضافة إلى الكرومي الذي يعد المهندس الفعلي لعدد من المناورات والملفات والدسائس التي حيكت في الكواليس خلال عهد ولعلو رغم أنه كان نائبا للعمدة. التسخينات والاتهامات التي انطلقت خلال جلسة انتخاب محمد الصديقي كعمدة جديد للرباط، تؤكد أن مهمة العدالة والتنمية على رأس بلدية العاصمة لن تكون سهلة في ظل تواضع تجربة وخبرة عدد من الأعضاء الجدد الذين التحقوا بالمجلس، وغياب القيادي عبد السلام بلاجي بعد أن أشهر عبد الإله بنكيران «الفيتو» في وجه ترشحه، ما جعله يغيب عن التشكيلة الجديدة بعد أن لعب دورا في حفظ التوازنات، وكشف عددا من الفضائح خلال المرحلة السابقة، ودخل في مواجهة مع عدد من الجهات بما فيها رفضه تقديم الدعم المالي لمهرجان موازين من ميزانية الجماعة، ما جعله في قلب سلسلة من الاتهامات التي حركها حزب الأصالة والمعاصرة. المهمة لن تكون سهلة أيضا بحكم أن العمدة الجديد كان قاب قوسين من وضعه في خانة المستشارين الأشباح، ولم يستفد من فترة انتدابه خلال الولاية السابقة كمستشار في مقاطعة أكدال الرياض منذ 2003 إلى غاية 2015، وكمستشار بمجلس المدينة ونائبا لرئيس جهة الرباط منذ سنة 2009، بفعل غيابه شبه تام عن الحضور والمشاركة في صنع القرار، وذلك منذ تعيينه مديرا لديوان وزير النقل والتجهيز. هذا المعطى قد يعقد مهمة الصديقي بالنظر إلى الإرث الثقيل الذي ينتظره، والذي تراكم في عهد كل من البحراوي، وولعلو، وخاصة فيما يتعلق بتفاقم العجز المالي، وتعقد ملف الموظفين، والموظفين الأشباح الذين يوجد بعضهم خارج أرض الوطن، فيما استفاد آخرون من رخص ثقة خاصة بسيارة الأجرة، ليودعوا مقر البلدية، مع حصولهم نهاية كل شهر على رواتبهم بانتظام، إضافة إلى فضيحة التوظيفات الوهمية التي اقترنت باسم زعيم حزب سياسي وبعمدة الرباط السابق، والتي يوجد ملف بعض ضحاياها أمام القضاء. كما سيجد العمدة الجديد نفسه أمام تحدي حقيقي يتمثل في تحصيل الباقي استخلاصه، والمقدر ب50 مليار سنتيم، وفتح العلبة السوداء لممتلكات الرباط التي يستفيد منها عدد من الغرباء والنافذين، إضافة إلى ضرورة توفير الالتزامات المالية التي تعهد بها المجلس في إطار مشروع الرباط مدينة الأنوار والبالغة 710 مليون درهم، وكذا تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بالدعاوى المرفوعة بسبب شركة «الرباط باركنيغ» ومصالحة السكان معها،علما أن صديقي يعد عضوا في مجلسها الإداري.