الملك يعزي العاهل السعودي في وفاة الأمير بدر بن عبد المحسن    نتنياهو يرد على "قبول حماس للصفقة" بمهاجمة رفح    قبل مواجهته نادي بركان.. ضربة موجعة للزمالك المصري بسبب 10 لاعبين    وزير النقل يدق ناقوس ارتفاع عدد ضحايا حوادث سير الدراجات النارية    عيد الأضحى .. وزارة النقل واللوجيستيك تعد بتجويد تنقلات المغاربة    "البوليساريو" تهاجم الإمارات بسبب الصحراء    "رايان إير" تطلق خطا جويا بين طنجة وورزازات    الدكيك يحتفل بتصنيف "فوتسال الفيفا"    إحداث أكثر 2400 مقاولة جديدة على مستوى جهة الشمال مع متم فبراير    انخفاض العجز التجاري للمغرب إلى 61.9 مليار درهم    القضاء يسجن ضابط شرطة 5 سنوات    بعد دخوله قائمة هدافي الفريق.. هكذا احتفل اشبيلية بالنصيري    مناورات عسكرية موريتانية.. هل هي رسالة للجيش المالي ولفاغنر؟    المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمول 473 مشروعا باقليم الحسيمة    انتقادات تطال وزير الصحة بسبب إقصاء 8 ملايين مغربي من التغطية الصحية    مرصد يثمن مأسسة الحكومة للحوار الاجتماعي    زيوت التشحيم تجمع "أولى" و"إكسون"    الأمثال العامية بتطوان... (591)    بلاغ جديد وهام من المديرية العامة للضرائب    استعراض تجربة المغرب في مجال مكافحة الفساد خلال منتدى عربي بالقاهرة    لاعبين الزمالك كاعيين قبل الفينال ضد بركان ومدربهم كيحاول يكالميهم    مئات الفلسطينيين ينزحون من شرقي رفح إلى غربي قطاع غزة    عاجل.. القضاء يعزل رئيس الرجاء محمد بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    بسبب تصرفات مشينة وعنيفة.. تأجيل محاكمة محمد زيان في قضية اختلاس أموال الحزب الليبرالي    تطويق أمني بالعاصمة يحول "مسيرة الصمود" لأطباء الغد إلى "وقفة الحشود"    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    تطوان: إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 83    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة العربية وثوابت الأمة
نشر في ميثاق الرابطة يوم 06 - 11 - 2009

لقد ضمن الإسلام للغة العربية الفصحى معنى القداسة؛ لأنه نزل بها كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالله - سبحانه وتعالى- هو الفعال لما يشاء المختار لما يريد فقد أراد ولا رادَّ لإرادته أن يختار اللغة العربية لكي تكون لغة القرآن الكريم وقال في محكم تنزيله في سورة يوسف: "إنا أنزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون"، وقال في سورة الشورى: "وكذلك أوحينا إليك قرءانا عربيا"، وقال في سورة فصلت: "كتاب فصلت ءاياته قرءانا عربيا لقوم يعلمون"، فقد ضمن الإسلام للغة العربية البقاء فقال: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وضمن لها الاستعمال الباقي المستمر فالآذان يتردد كل يوم عدة مرات بالعربية الفصحى على أسماع الأمة الإسلامية قاطبة والصلوات تقام باللغة العربية الفصحى ويرتل المصلي الفاتحة في كل ركعة من الفرائض والنوافل كما أن خطب الجمعة تلقى باللغة الفصحى وكذلك خطبة العيدين والدروس تلقى في المساجد والمحاريب باللغة الفصحى السهلة المناسبة لجمهور المستمعين، فالإسلام يدعو إلى العناية باللغة العربية؛ إذ فيها عناية بالقرآن الكريم وفهم القرآن يحتاج إلى معرفة اللغة العربية.
ومنذ أن استقرت كلمة الإسلام في المغرب والقراء يلقنون المغاربة العربية ويبصرونهم بالدين حتى أصبحوا من أكبر دعاته، فجاهدوا في سبيله الجهاد الأكبر وبذلوا النفس والنفيس لإبلاغ دعوته إلى أقاصي البلاد فهم الذين فتحوا الأندلس وسهلوا طريقا للعرب وهم الذين اقتحموا مجاهل إفريقيا وحملوا الهداية الإسلامية والثقافة العربية إلى السوادين... ونتيجة طبيعية استعرب المغاربة بعد إسلامهم وتعلموا لغة التنزيل الذي هو دستور الإسلام والمصدر الأول لجميع أحكامه وتعاليمه، وإنما بالعربية تفهم أصوله وفروعه وتقرر شرائعه وأحكامه[1] #_edn1 وأشرب المغاربة منذئذ بحب الله وحب رسوله العربي وأحبوا العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب وهكذا أنشأوا بالإسلام واللغة العربية أمة موحدة متماسكة وانصهرت ساكنة المغرب، وتوحدت في ظلال القرآن الكريم، وأعطى المغاربة على اختلاف طبقاتهم ثمرات عقولهم في خدمة لغة القرآن الكريم وبذلك ترسخت ثوابت الأمة المغربية، وبذل العلماء جهدهم واستفرغوا وسعهم على علوم القرآن والفقه والتاريخ والآداب وغيرها من العلوم باللغة العربية مما يعتبر خير شاهد على وجود هذه الأمة وعمق انتمائها الحضاري والتاريخي. يقول السيد محمد رشيد رضا في كتابه "الوحي المحمدي": عن لغة القرآن وما زال الحكماء والباحثون في مصالح البشر العامة يتمنون لو يكون لهم لغة واحدة مشتركة يتعاونون بها على مناهج التعليم والأدب والاشتراك في العلوم والفنون والمعاملات الدنيوية وهذه الأمنية حققها الإسلام بجعل لغة الدين والتشريع والحكم لغة جميع المؤمنين به والخاضعين لشريعته، ولذلك كرر في القرآن بيان كونه عربيا وحكما عربيا، وكرر الأمر بتدبره والتفقه فيه والاتعاظ والتأدب به. وأما غير المؤمنين فيتعلمون لغة الشرع الذين يخضعون لحكمه. وكذلك كان الأمر في الفتوحات الإسلامية العربية كلها[2] #_edn2 ...
إن دور اللغة العربية في بناء الشخصية الإنسانية وتحديد هويتها وترسيخ الانتماء الذي هو أول بذرة في نمو وتقدم أي مجتمع والانتماء المقصود هو الانتماء إلى الثوابت التي تحدد هوية الفرد والمجتمع من دين ووطن وثقافة، وقد أدركت كل الأمم المتحضرة هذه الحقيقة، فها هي بريطانيا وفرنسا تعمل جاهدة على دعم لغتها وثقافتها وتفوقها السياسي والاقتصادي واستعملت اللغة الواحدة لجمع القبائل والشعوب في دولة واحدة فقد جمعت اللغة الألمانية 248 قبيلة أو إمارة أو ملكية أو جمهورية في دولة واحدة ما بين ( 1803- 1923) كما جمعت اللغة الإيطالية سبع كيانات سياسية كانت مستقلة بعضها عن بعض في دولة واحدة في الفترة نفسها[3] #_edn3 ...
إن اللغة العربية الفصحى هي التي تصل بين العرب وتوحدهم وبينهم وبين الشعوب الإسلامية التي آمنت بالقرآن كتابا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبيا ورسولا، وأصبح الإسلام بقيمه وتراثه وتاريخه مكون حضارة وثقافة مليار من ساكنة هذا الكوكب وهذا ما عبر عنه شاعر الإسلام محمد إقبال بقوله:
إن كان لي نغم الهنود ولحنهم *** لكن هذا الصوت من عدنان[4] #_edn4
إن الاعتزاز باللغة العربية يعتبر جزءا من كياننا وعنوانا على هويتنا، إذ لكل أمة ثوابت نابعة من طبيعتها وتراثها وتاريخها فإذا تجاوزت الأمة هذه الثوابت ونحتها جانبا أو همشتها بل إن تخليها عن ثوابتها وخصوصية شخصيتها سيعرضها للذوبان في خضم الرؤى والتيارات التي يعج بها العالم المعاصر ذلك لأن وحدة الصف تنبع أساسا من وحدة الفكر والهدف وأي وحدة عضوية لابد أن تسبقها وحدة فكرية.
ولا يفوتنا بهذه المناسبة التذكير أننا لا ننكر تعلم اللغات الأجنبية، لأنها لغة العلم والحضارة وديننا يحبذ ذلك ويحث عليه والحديث الشريف يقول: "من تعلم لغة قوم أمن شرهم" ولكن المهم ألا يكون على حساب لغتنا العربية وهويتنا الإسلامية وثقافتنا وحضارتنا.
لقد أجمعت الأمة على أن وحدة المغرب المذهبية تقوم على العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني، وأن هذه الثوابت الدينية والوطنية كانت وستظل أسس استقرار المغرب واستمراره.
قال الإمام الشافعي - رضي الله عنه- : "فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويتلو به كتاب الله وينطق بالذكر فيما افترض عليه" وقال الإمام الزمخشري: "الله أحمد أن جعلني من علماء العربية وجبلني على الغضب للعرب والعصبية وأبى لي أن أنفرد من صميم أنصارهم وأمتاز وأنضوي إلى لفيف الشعوبية وأنحاز. وقال الدكتور طه حسين:" إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا معرفة لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضا"[5] #_edn5 . يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين" [سورة الشعراء/ الآيات: 192-195]، وقال تعالى: "وكذلك أنزلناه قرءانا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا" [سورة طه/ الآية: 110].
--------
1. #__edn1 عبد الله كنون، النبوغ المغربي.
2. #__edn2 يسألونك في الدين والحياة ج 2، ص: 321.
3. #__edn3 جريدة الأسبوع – الجمعة 30 نوفمبر 2007.
4. #__edn4 اللغة العربية وهوية الأمة: مجلة الفرقان – العدد 68 شتمبر 2007.
5. #__edn5 مجلة الفرقان العدد 68 – شتمبر 2007.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.