رئيس وزراء اسبانيا يفكر في الاستقالة بعد فتح تحقيق ضد زوجته في قضية فساد    رئيس الوزراء الإسباني "يفكر" في تقديم استقالته بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضدّ زوجته        قضية بركان واتحاد العاصمة الجزائري.. تنظيم مرافعة فالقانون الرياضي الدولي    تسريب فيديوهات لتصفية حسابات بين بارونات بتطوان    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالشمال تصادق على برنامج عمل يضم 394 مشروعا برسم سنة 2024    العدو الجزائري يقحم الرياضة من جديد في حربه على المغرب    أخنوش: التحولات الاقتصادية مهمة بالمملكة .. والتضخم تحت سيطرة الحكومة    ترقب إطلاق خط جوي جديد بين مطار تطوان وبيلباو    الجزائر تتوصل رسميا بقرار خسارة مباراة بركان و"الكاف" يهدد بعقوبات إضافية    بطولة فرنسا لكرة القدم.. باريس سان جرمان يفوز على مضيفه لوريان 4-1    لتطوير الصحة الحيوانية بالمغرب.. شراكة ترى النور بالملتقى الدولي للفلاحة بمكناس    القضاء الفرنسي يؤكد إدانة رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بقضية الوظائف الوهمية    النصب على حالمين بالهجرة يقود سيدتين الى سجن الحسيمة    أخنوش: الحكومة دأبت منذ تنصيبها على إطلاق مسلسل إصلاحي جديد وعميق يحقق نهضة تربوية وثورة تعليمية    الكاف يعلن انتصار نهضة بركان على اتحاد العاصمة الجزائري    وزير النقل… المغرب ملتزم بقوة لفائدة إزالة الكربون من قطاع النقل    توقعات بتأجيل كأس أمم أفريقيا المغرب 2025 إلى يناير 2026    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    حملة أمنية غير مسبوقة على الدراجات النارية غير القانونية بالجديدة    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    أخنوش: ما تحقق في نصف الولاية الحكومية فاق كل التوقعات والانتظارات    جهة طنجة تناقش تدابير مواجهة الحرائق خلال فصل الصيف    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    المغرب سيكون ممثلا بفريقين في كأس العالم للفوتسال    قطب المنتجات المجالية نقطة جذب لزوار الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب 2024    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    تهديدات بالتصعيد ضد ّبنموسى في حالة إصدار عقوبات "انتقامية" في حقّ الأساتذة الموقوفين    ما قصة "نمر" طنجة؟    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    أفلام متوسطية جديدة تتنافس على جوائز مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    إعلان فوز المنتخب المغربي لكرة اليد بعد انسحاب نظيره الجزائري    مقترح قانون لتقنين استخدم الذكاء الاصطناعي في المغرب    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا منذ بدء الحرب    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الواجب يقتضي استئصال جذور الإرهاب
نشر في ميثاق الرابطة يوم 17 - 06 - 2011

حياة الإنسان قيمة مطلقة، ذات حرمة بذاتها ولذاتها، تلك التي لها قدسيتها في جميع الأديان والإنسانية اليوم تتخبط في فتن كأنها قطع الليل المظلم، وبين قراء هذه الكلمات علماء مخلصون، وقادة قادرون، وعقلاء واعون فاهمون، وستظل الإنسانية في حاجة لمن يهديها، وسيظل خير الهدي قول الحق الحكيم الخبير الذي أنزله على عبده: "من اَجل ذالك كتبنا علَى بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس اَو فساد في الاَرض فكأنما قتل اَلناس جميعا ومن اَحياها فكأنما أحيا اَلناس جميعا" [سورة المائدة، جزء من الآية: 32].
والتسامح في الإسلام هو طريق كل باحث عن راحة البشرية، وهو يعمل في بناء مستقبل أمته وعقيدته وأخوته في الإنسانية، ونحن في مشيخة الرابطة المحمدية للعلماء فخورون بكل ما يقدم من فكر مستنير على منبر ميثاق الرابطة ومعتزون به، والكلمة الجادة الأمينة الصادرة من ضمير نقي أحد أرقى أنواع العمل، إذ لم يقدس أي كتاب سماوي ولا أرضي الحياة الإنسانية كما قدسها القرآن الكريم، لكن الكراهية المجبولة والمركوزة في بعض الطباع الخبيثة تسعى لتقويض أركان التسامح، لذلك فهم بأقوالهم وأفعالهم يدسون ألغاما موقوتة في أعماق أنفسهم، وقد انفجر أحد هذه الألغام في مراكش منذ أسابيع بشعار قطع الرقاب، وهذه سماتهم البارزة والحقيرة، مع أن نظرة الإسلام للإنسان كما يحددها القرآن الكريم، أننا جميعا من نفس واحدة: "يا أيها اَلناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله اَلذي تساءلون به والاَرحام إن الله كان عليكم رقيبا" [سورة النساء، الآية: 1].
وسيدنا رسول الله صلى عليه وسلم، يرسم لنا بسلوكه وتوجيهاته، الأساليب التي تساعد على تماسك عرى المجتمع ومحبة الإنسان واحترامه، ويدعونا إلى إفشاء السلام، والسلام ليس مجرد كلمة تنطق، ولكن رغبة حقيقية في أن تقوم العلاقات بين الناس مسلمين وغير مسلمين، على ركائز من حب السلام، وهو في ديننا الذي ارتضاه لنا ربنا من أسماء الله الحسنى، ومظلة هذا الإسلام تمتد بالخير لتشمل كل البشرية، لقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله" [رواه البيهقي في شعب الإيمان].
وهدي النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ضياء يتجدد يستوي عنده الماضي والحاضر والمستقبل لتحقيق كرامة الإنسان.
وبدل أن نقيم صرحا حضاريا رأينا من سولت له نفسه الأمارة بالسوء، من يبيع ضميره بثمن بخس فيلقي بنفسه في بؤرة الإرهاب والإجرام، ويلقي بغيره من الأبرياء إلى الكوارث والدمار لذا فالواجب يحتم علينا جميعا أن نتصدى لهذا الوحش البشري الذي داس النفس الإنسانية، كما تدوس الأفيال الضخمة حديقة الزهور الجميلة، للقضاء على هذه المحاولات الخبيثة؛ لأن العقائد السماوية بريئة من العنف والإرهاب، كما أنها بعيدة عن الكراهية والتعصب والغلو والتطرف، فهي دعوة إلى الخير والحب والتسامح والإخاء الإنساني، وعلينا كذلك أن نستفيد من تعاليم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أخلاقه ومواقفه ومعاملته؛ لأن الأخلاق في الإسلام هي روح الشريعة ومن ثمراتها، وبالأخلاق تبنى الأمم والنفوس:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وطاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة بنص القرآن الكريم، وهي طريق الفلاح، ولسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مكانة في النفوس المستقيمة النيرة، وله معاملته الكريمة، والأدب معه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رسول رب العالمين، والمسلم الحقيقي هو الذي يعرف قدر رسول رب العالمين، ويتبع أقواله وأفعاله، ولا يقدم قولا ولا رأيا على قول الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والحكم ما قاله الله ورسوله، وعلى المؤمنين السمع والطاعة قال تعالى: "إنما كان قول المومنين إذا دعوا إلَى اَلله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع اِلله ورسوله ويخش اَلله ويتقه فأولئك هم الفائزون" [سورة النور، الآية: 51 -52].
والمؤمنون هم المتصفون بالأمانة؛ لأنه لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا صلاة له، وأربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، حفظ أمانة، وصدق حديث وحسن خليقة، وعفة في طعمة، وثلاثة من لم تكن فيه واحدة منهن فلا تقتدوا بشيء من عمله: تقوى تحجزه عن معاصي الله عز وجل، وحلم يكف به السفيه، وخلق يعيش به في الناس، دخل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على جماعة من صحابته فقال: "أمؤمنون أنتم؟ فسكتوا فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: نعم يا رسول الله، قال: وما علامة إيمانكم؟ قالوا: نشكر على الرخاء، ونصبر على البلاء، ونرضى بالقضاء، فقال صلى الله عليه وسلم: مؤمنون ورب الكعبة" [رواه الإمام أحمد وغيره].
والمسلمون يجب أن يكونوا متصفين بخلق الرحمة؛ لأن الله جل جلاله وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بالرحمة فقال تعالى: "لقد جاءكم رسول من اَنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رؤوف رحيم" [سورة التوبة، الآية: 128]. ويجب أن تتعدد مظاهر الرحمة وتتنوع، لتسع المسلمين وغير المسلمين، ولتسع الأصدقاء والأعداء، وتمتد إلى الكبار وإلى الصغار، وتستوعب الإنسان والطير والحيوان، قال صلى الله عليه وسلم: "خاب عبد وخسر لم يجعل الله في قلبه رحمة" [رواه مسلم]، وإن مستقبل المواطنين والزوار والضيوف لم يعد مسؤولية الحكومة وحدها كما يتوهم الواهمون، إنها مسؤولية وطنية وإسلامية وإنسانية، وإن رقي الأمة يتوقف على جهود كافة أبنائها وبناتها، بغض النظر عن مراكزهم ومواقعهم، وإن الوطنية من المنظور الإسلامي هي مسؤولية في المقام الأول، وليس ترفا فكريا أو سعيا وراء المغانم والمناصب، وفي هذا المفهوم الأخلاقي فليتنافس المتنافسون، وعلى الهيئات والجماعات، أن تتبارى في إسعاد المواطنين والضيوف؛ لأنه لا يمكن أن تتقدم وقلوبها متنافرة متفرقة، ولا تبلغ آمالها وأمانيها إذا انصرف أبناؤها وبناتها إلى مآربهم الشخصية، واستسلموا للأهواء والنوازع الذاتية، واليوم والبلاد تمر بمرحلة جديدة تمتاز بطابعها الديموقراطي، الذي تنطوي تحت لوائه جميع الهيئات والجماعات والشرائح، على اختلاف ميولها فلم يعد هناك ما يبرر استخدام العنف للتعبير عن الرأي واستغلال الشباب كسلاح في هذا المجال، يجب أن نفطن إلى كل المحاولات المشبوهة، وتعمل على تضليل الشباب وإبعادهم عن أخلاق الإسلام التي جاء بها رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، والداعية إلى السلم والتسامح والسلام.
ومن خلال هذه المحاولات المشبوهة لاعتناق مبادئ لا تمت للدين الإسلامي ولا لشرعه الحكيم، ولا لتقاليدنا بأية صلة، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من روع مسلما آمنا أقعده الله يوم القيامة على عظم من النار" [رواه الحاكم والبيهقي]، وإن الواجب الديني والأخلاقي يتطلب منا جميعا أن نعمل يدا واحدة في سبيل القضاء على هذه الظاهرة الغريبة عن المغرب والمغاربة، وحماية الشباب من الوقوع فريسة لأغراضها الدنيئة، وإن ذلك يتطلب منا وضع خطة مشتركة، لتوجيه الشباب التوجيه السليم لخدمة وطنهم ومستقبلهم وأمتهم، والإنسانية قبل أن يأتي يوم لا تنفع فيه حسرة ولا ندامة.
وإن ديننا فتح لنا طريق الخير بأخلاق وسلوكيات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانفتحت دروب هذا الخير واتسعت، ولن يكون هناك مجال للشر؛ لأن النور العميم والحب الحميم، والصفاء الشامل يصلح الحياة ويوسع آفاق الخير والحق والجمال، ويا حبذا لو تكونت لجنة وطنية تضم ممثلين لعلماء الشريعة والتربية والسياسة لوضع خطة يجب أن يلتزم بتنفيذها الجميع، على اختلاف ميولاتهم وتساهم كل وسائل الإعلام على الدعوة لها، فالإسلام دين المحبة، ولذلك يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" [رواه البخاري ومسلم].
وإذا تتبعنا جيل الصحابة والتابعين نجدهم رضوان الله عليهم قدموا للإنسانية أفضل النماذج في الحب؛ ذلك لأن للحب في الإسلام وظيفة اجتماعية أساسية في البعد عن الجريمة والإجرام، ودرجة المحبة الإنسانية في الإسلام تعلو درجة الطاعة، لذلك فإسلامنا يأمرنا بغرس الحب في نفوس الناشئة؛ لأن الحب هو جوهر الإسلام وفلسفته، ولابد أن يكون هذا الحب واقعا عمليا ملموسا لتخليص الإنسانية من كابوس الإرهاب وشره الذي هو داء الإنسانية الوبيل، ومرض الحضارة الذميم، والغول الذي يغتال صرح الأمة وسلامتها وأمنها.
وإن الذين تساقطوا ضحايا بنار الخيانة والغدر والإجرام، لا يزيدوننا إلا إصرارا على المضي في الطريق القويم الذي ارتضيناه لأنفسنا في مغرب التسامح، فعلى الجميع أن يتحركوا لوقف هذه المعادلة المجنونة لفضح كل هذه الأيدي القذرة الجبانة، قبل أن يستفحل أمرها وتقتطف كل المخلصين، "والذين يوذون اَلمومنين والمومنات بغير ما اَكتسبوا فقد اِحتملوا بهتانا وإثما مبينا" [سورة الأحزاب، الآية: 58].
وإن مسيرة التاريخ لن تتوقف بإذن الله، وإن الإرهاب والغدر لن يثنينا عن مواقفنا المبدئية والثابتة تجاه قضايانا الثابتة، وإن اغتيال الأبرياء من هذه الأمة والضيوف الأعزاء الكرام سيجعلنا نقاوم عناصر الشر والإجرام والإرهاب لاستئصاله من منابعه.
وعلى الله قصد السبيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.