هل ستتحول تيزنيت إلى مدينة الحياة البطيئة " Cittaslow " ؟    رسميا | نمو الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب ب7.9% وتحسن القدرة الشرائية للأسر    الاتحاد الأوروبي يصادق على إجراءات تهدف إلى تشديد سياسة الهجرة    رسميا | "أسد" التميمة الرسمية لكان المغرب 2025        سليلة تارجيست سهام حبان تنال الدكتوراه في القانون بميزة "مشرف جدا" مع توصية بالنشر    كان 2025 .. الموزمبيق تكشف عن قائمة لاعبيها ال 25    عروض دولية ووطنية متنوعة بمهرجان النون الدولي للمسرح بالفقيه بن صالح    من أجل كرامة مغاربة الخارج... برشلونة تستقبل فعاليات الجالية المغربية بأوروبا    رسميًا.. الشروع في اعتماد البطاقة الوطنية لتبليغ المتقاضين بالإجراءات القضائية    الدار البيضاء… افتتاح معرض الفنون التشكيلية ضمن فعاليات مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير    أسطول جديد لكسر حصار غزة يبدأ الإبحار في أبريل 2026    المنتخب الوطني الرديف على المحك أمام السعودية في الجولة الأخيرة لكأس العرب        الفائض التجاري للصين تجاوز تريليون دولار في العام 2025    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    قانون المسطرة الجنائية الجديد رقم 03/23 ورهان صون الحقوق والحريات    مخالفة "أغنية فيروز" بتازة تشعل الجدل... مرصد المستهلك يندد والمكتب المغربي لحقوق المؤلف يوضح    منظمة التعاون الإسلامي تراهن على "الوعي الثقافي" لتحقيق التنمية البشرية    المغرب لن يكون كما نحب    ضمنها المغرب.. تقرير يكشف تعرض شمال إفريقيا لاحترار غير مسبوق    مولودية وجدة يحسم الديربي لصالحه ويعزز موقعه في الصدارة    أولمبياد لوس انجلوس.. لقجع يكشف اسم مدرب المنتخب الأولمبي    غضب وانقسام داخل ريال مدريد بعد الهزيمة... وتصريح يكشف تفاصيل صادمة من غرفة الملابس        مغربيان ضمن المتوجين في النسخة العاشرة من مسابقة (أقرأ)    قتيل وجرحى في حادثة سير باشتوكة أيت باها    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    فرنسا.. تسرب مياه بمتحف اللوفر يتسبب في إتلاف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية    مجلس المنافسة يفاجئ فاعلين في قطاع الدواجن بزيارة ميدانية    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    رياض الأطفال بوابة جديدة لتمكين النساء اقتصاديا وابن يحيى تكشف أرقاما غير مسبوقة    عزوف الشباب عن العمل يدفع لندن لإلغاء إعانات البطالة    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم        ساركوزي يكشف: الملك محمد السادس أول من اتصل بي بعد الحكم علي بالسجن.. كان متأثّراً وصوته يرتجف من الصدمة    اغتيال "شاهد" بجنوب إفريقيا يحيي السجال حول مسألة حماية المبلغين    "إيكواس" تشر قوات احتياطية في بنين    الاتحاد المغربي للشغل يخلّد الذكرى ال73 لانتفاضة 8 دجنبر 1952    الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يدعو إلى وقفة رمزية أمام البرلمان للمطالبة بإطلاق سراح "المعتقلين السياسيين"    لفتيت يستبق انتخابات 2026 بحركة تنقيلات واسعة لضبط الإدارة الترابية    النفط يصل إلى أعلى مستوى في أسبوعين مدعوما بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    كاتبة إيطالية تعرّض لحادثٍ مروّع أثناء زيارتها إلى مراكش تنشر شهادتها عن تجربة إنسانية غير متوقعة    كيوسك الاثنين | الاجتماع المغربي – الإسباني يؤكد انتعاشا اقتصاديا    المغرب ضد السعودية.. نهائي قبل الأوان في سباق الصدارة            اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر في نيويورك    ثورة في عالم الطب .. علاج جديد يقضي على سرطان الدم تمامًا    إعلان الحرب ضد التفاهة لتصحيح صورتنا الاجتماعية    التكنولوجيا وتحولات الفعل السياسي في المغرب: نحو إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع    تتالي الصفعات لنظام الكابرانات!    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام المغربي والعربي في ظل الثورة الرقمية الحديثة
نشر في الرأي المغربية يوم 28 - 04 - 2017

يواجه الإعلام العربي "وعلى وجه الخصوص الإعلام المغربي " في الآونة الأخيرة تحديات كبيرة، من أهمها التأقلم والتكيف مع الثورة المعلوماتية، والثورة الرقمية وتكنولوجيا الاإتصال والتواصل الحديثة، وما تتطلبه هذه التطورات الجديدة من مهارات ومؤهلات، وما تفرضه من رهانات وتحديات، تحتم على القائم بالاتصال والتواصل إتقانها والتحكم فيها، واستغلالها بالشكل الجيد واستغلالها والتفاعل معها على أحسن وجه من أجل البقاء والمنافسة داخل الساحة الإعلامية المحلية والدولية.
لهذا نجد السؤال الذي يفرض نفسه علينا، إلى أي مدى استطاعت المؤسسات الإعلامية المغربية والعربية أن تستفيد من التكنولوجيا الجديدة لتستغلها على أحسن وجه لتحسين وتطوير أدائها اتجاه قضايا المجتمع في الوطن والأمة العربية والتصدي للصور النمطية والتشويه والتضليل الذي يتعرض له الوطن والمواطن العربي، وبالأخص المواطن المغربي لكونه الأقرب إلى المجتمع الغربي (اورويا)، والمسلم والأمة العربية والإسلامية برمتها ؟ وهل استطاعت الصحافة الرقمية ومستعملي شبكات مواقع التواصل الاجتماعي تسخير التكنولوجيا الجديدة لاعتمادها طرق جديدة في ترسيخ الشفافية والديمقراطية الإعلامية والسياسية من أجل الصالح العام، ومن أجل الرقي والتقدم وتوفير الفرص المختلفة والعديدة للفرد في الوطن للنقاش والحوار والتفاهم وإبداء الرأي والاختلاف في الرأي من أجل تكوين رأي عاما مستنيرا، قويا، فاعلا يساهم في صناعة القرار السليم والرشيد؟
تمثل ظاهرة الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي أحد أبرز المستجدات التي أحدثت ثورة في عالم الإعلام والتواصل في وقتنا، وهي ظاهرة أفرزت العديد من التحولات والتغييرات في الإعلام بمفهومه التقليدي، سواء من حيث المضامين أو المفاهيم أو الأشكال أو طرق تناول المواضيع والتعامل مع متصفحيها بمختلف توجهاتهم، و رغم كل هذا التحول، و التزايد السريع لعدد من الصحف المحلية والوطنية وحتى العربية منها المتوفرة على الانترنت، نلاحظ ضعفها وبعدها عن المفهوم العلمي المتكامل والتفاعلي للصحافة الإلكترونية. هذه النقائص ونقاط الضعف على مستوى استيعاب واستغلال صحافة الرقمية من قبل المؤسسات الإعلامية، تطرح عدة تساؤلات وتحديات من أهمها: نوع وطبيعة العلاقة بين الوسائل التقليدية والوسائل الإلكترونية الحديثة، فرص التكامل، المضامين وأساليب المعالجة والإخراج، القضايا التسويقية والإعلانية، طبيعة التشريعات والقوانين والأسس التنظيمية.
وكذلك المواثيق الأخلاقية ومواثيق الشرف التي يجب أن يعتمدها ويعمل وفقها كل من القائم بالاتصال والتواصل والمؤسسة الإعلامية ككل. إشكاليات جديدة وقضايا مستجدة يجب معالجتها والنظر فيها ومناقشتها من أجل الاستفادة والاستغلال الأمثل لصحافة الالكترونية وإيصال الخبر للمواطن بكل أريحية ومسؤولية .
والكلام عن الصحافة الالكترونية يقودنا للكلام عن ضعف خدمات الانترنت وبالأخص في المناطق القروية، والسبب راجع إلى تدني البنية التحتية للتكنولوجيا؛ حيث نلاحظ أن الانتشار والاستخدام أقل بكثير من المعدلات العالمية. فالصحافة الالكترونية بمفهومها العلمي فرضت وما زالت تفرض نفسها على المؤسسات الإعلامية والقائمين بالاتصال والقارئ والمجتمع ككل، ولذا يجب على المؤسسة الإعلامية أن تتبناها وتؤمن بها وتمارسها في الميدان، وإلا فستجد نفسها خارج المنافسة وخارج الفضاء الإعلامي محليا وإقليميا …
فالصحافة في عصر الموجة الالكترونية أصبحت تستخدم أشكالا متنوعة من الرسائل الإعلامية التي لم تعد تعتمد على النصوص فقط، وإنما أصبحت تتضمن الصور والفيديو والصوت، كما طرأ تطور ملحوظ على الجمهور (القارئ) الذي أصبح بإمكانه أن يتفاعل مع الرسالة، ويختار ما يريد وأصبح مبادرا ومتفاعلا مع مصدر الرسالة، كما انه أصبح فاعل أساسي في النشر ومد يد المساعدة للمؤسسات الإعلامية، الأمر الذي يجعل منه مستهلكا إيجابيا، مبادرا وليس كما كان في السابق متلق سلبي.
الصحافة الالكترونية اليوم أصبحت تفرض على المنظومة الإعلامية نمطا جديدا في التفكير والتعامل مع الحدث والخبر والمعلومة، والتعامل مع المصدر ومع الجمهور. فالمهم في العصر الرقمي هو طريقة معالجة المعلومة وتوظيفها بطريقة علمية ومنهجية لإيصال رسالة تخدم مكونات المجتمع وتخدم العلم والمعرفة، سواء على المستوى المحلي، الإقليمي أو الوطني. فالحوار بين الحضارات والثقافات يتطلب قدرة ومهارة كبيرة في إيصال المعلومة ووضعها في سياقيها الصحيح. فالصحافة الالكترونية بحاجة إلى صحافيين يتمتعون بمهارات جديدة ومفاهيم جديدة في المحتوى والشكل والإخراج والتعامل مع القارئ.
وهذا يعني أن المنابر الإعلامية وأقسام الصحافة والإعلام بحاجة إلى وضع خطط واستراتيجيات للتعليم والتدريب والتأهيل بهدف الاستغلال الأمثل للتكنولوجيا الجديدة للاتصال والتواصل الإيجابي والفعال مع المفاهيم الجديدة لمواقع التواصل .
فالصحافة الإلكترونية ليست مجرد وضع الجريدة الورقية على الشبكة العنكبوتية وإنما هي تقنيات وممارسات أخرى عديدة تجمع الصوت والصورة والحركية والتفاعلية أكثر في ظل التطور التكنولوجي الحديث.
وهذا يعني أن القائم على التواصل داخل الجريدة الإلكترونية يحتاج إلى مهارات ومؤهلات جديدة تسمح له بالاستغلال الأمثل لكل ما تحتوي عليه تكنولوجيا الصحافة الإلكترونية من تقنيات وخدمات وتسهيلات للمرسل من جهة وللقارئ والمستهلك من جهة أخرى.لكن أحيانا -للأسف- ما نلاحظه في الساحة الإعلامية هو الضعف الكبير في استغلال الإمكانيات والوسائل العديدة للصحافة الإلكترونية، فمعظم ما هو موجود على الشبكة ما هو إلا مجرد وضع النسخة الورقية على الشبكة .
فالإعلام الإلكتروني ما زال ضعيفاً، والصحف الإلكترونية ما زالت ضعيفة في استغلال التقنيات الإلكترونية الجديدة في مجال الوصول للقارئ من خلال التقنيات المختلفة التي توفرها الشبكة العنكبوتية للمؤسسات الإعلاميةن كما نلاحظ من جهة أخرى عدم تفاعل أقسام الصحافة والإعلام والتواصل الجماهيري بطريقة جيدة وفعالة مع التكنولوجيا الجديدة؛ من خلال الاعتماد على مناهج دراسية يعود تاريخها إلى ما بعد الثورة التكنولوجية الحديثة.
ومازال الصحافي يفكر بمنطق وأسلوب الصحافة الورقية؛ حيث أنه ما زال يعتمد على الطرق التقليدية في جمع المعلومات، والاتصال بمصادر الأخبار، وكتابة المادة الإعلامية،رغم أنه في ظل التطور الحديث ما عليه إلا التواصل مع مصادره بشكل سريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المتاحة وأخذ المعلومة من حسابات المسؤولين … ، فالصحافة الإلكترونية مازال ينظر إليها -من طرف نسبة كبيرة من القائمين بالتواصل والمشرفين على الصحف- بأنها نسخة طبق الأصل للنسخة الورقية تقدم للقارئ على شبكة الانترنت الذي يتعذر عليه الحصول على النسخة الورقية أو الذي يفضل الإبحار في الشبكة العنكبوتية لقراءة الجريدة.
هذا الموقف لا يخدم الصحافة الالكترونية على الإطلاق؛ لأن المبدأ والأسلوب والطريقة والهدف يختلف بين الجريدة التقليدية و الجريدة الإلكترونية. هل بإمكان الصحافة الإلكترونية التخلص من القيود والضغوط والمشكلات التي عانت منها الصحافة التقليدية خلال العقود العديدة الماضية ؟ أم أن الأنظمة ما زالت وستبقى تتحكم في خيوط المواد الإعلامية سواء كانت ورقية أم إلكترونية أم غير ذلك؟ أم أن الطرق الجديدة أي الإلكترونية والتكنولوجيا الحديثة ستسمح للمؤسسات الإعلامية وللقائمين على التواصل من التخلص شيئا فشيئا من الرقابة والقيود والضغوط؟ إن مفهوم الصحافة الإلكترونية لا يقتصر على تبني التكنولوجيا الرقمية والتجهيزات المتطورة، بل هو نمط جديد يقوم على الشفافية والديمقراطية في تناول الخبر وإيصاله للجمهور من خلال الاستخدام والاستغلال الأمثل والسليم للتقنيات الرقمية المختلفة.
هذا التحول الجديد يطرح تحديات عديدة أمام الصحافة المحلية، لكن في نفس الوقت يوفر لها إمكانيات هائلة لتحقيق الرسالة الملتزمة الهادفة والوصول العقلاني والرشيد للقارئ المحلي والأجنبي من أجل إبراز الحقيقة وتقديمها للرأي العام محليا وعالميا، ومحاربة بذلك كل أشكال التشويه والتضليل والتلاعب بالعقول والعواطف.
فيا ترى هل تتوفر الجريدة الالكترونية ببلداننا العربية على شروط كسب رهانات وتحديات الثورة الرقمية الحديثة ؟ وهل المجتمع المغربي والعربي عامة جاهز للتفاعل بطريقة إيجابية، رشيدة وفعالة مع الصحافة الإلكترونية والثورة الرقمية؟ أسئلة جوهرية يتحتم طرحها والنظر فيها بإمعان إذا أردنا كسب الرهان وكسب أهم معركة، معركة الكلمة والصورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.