يشكل الإنسان والكون والقدرة سيمفونية واحدة تنطلق من قافية يتداخل فيها القدر والنفس والكون. فالشمس عنوان الضياء والجمال سواء غابت أو ظهرت. وهي خلق عظيم لمبدع قدير. وكلما تطور العلم إلا وتأكد الكائن البشري بأن الشمس تبعث الحياة في كل شيء. ويتلو الشمس القمر الذي هو بدوره يضيء خاصة في الليالي البيض التي يستحب الصيام فيها. ويمتد هذا النور من غروب الشمس إلى الفجر. ويحضر النهار بكلكله ليظهر لنا الشمس بأمر من الله عز وجل.لأن وضوح النهار يؤدي حتما إلى وضوح الشمس. إذن فالشمس والقمر والنهار رموز مضيئة تقتضي من الإنسان أن يدرك أهمية النور الذي يعتبر نعمة من نعم الله الكبيرة فهل من معتبر؟ ونستحضر الليل الذي يزيل الضوء ولكن من خلال هذا ينمو الضوء نفسه . وللإشارة فإن ضوء الشمس طاغ والليالي المظلمة قليلة وإن كانت ضرورية طبقا لسنن كونية. ويخترق الليل القمر ليكسر الظلمة بأمر من مولاه وكل في فلك يسبحون. ولا يمكن النظر في الشمس والقمر والنهار والليل دون استحضار السماء والأرض. هذه السماء بناها الديان وقدر بنيانها، في مناخ من الروعة والحكمة والقدرة والصنعة والجودة وحسن التقدير. والأرض بسطها ومهدها لكل شيء والانتفاع بها. فيا ايها الإنسان تأمل في الوحدة الكونية بين الشمس والقمر والنهار والليل والسماء والأرض ستستنبط أسماء الله الحسنى وصفاته العظمى عقلا وتؤصلها نقلا. أمام هذا المشهد الكوني الجميل ماذا عن الإنسان؟ إن النفس البشرية لها شرف في هذا الوجود إذا نجحت في اختبار النظر والاعتبار والتأمل وتحديد المصير. وبذلك يستكمل الإنسان تسويته الطبيعية من حيث العقل والفهم. لكن الله سبحانه لم يترك عبده سدى بل ألهمه الاختيار الصائب إذا أحسن النظر والتقدير. وبالتالي تترك الحرية للكائن البشري من أجل اختيار طريق السعادة أو الشقاء. فالربح والفوز والكمال العقلي والعملي مرتبطة بتزكية النفس والترقية في سلم البر والتقوى. والتهلكة والمعصية مرتبطة بالابتعاد عن البر. ومن خلال الحرية والإلهام نستنبط فوائد ثلاث: 1/ الارتفاع بقيمة الإنسان. 2/تحمل الإنسان اختياره المصيري. 3/الرجوع إلى المعايير الفطرية الربانية. نستنتج مما سبق أن الرب الكريم يعظم مخلوقاته ويقسم بها ليفهم الإنسان الرسالة وإن هذا الأمر ليسير لمن يسره الله عليه. ثم زود الله عز وجل الإنسان بالإلهام من أجل الوصول إلى حقيقة التلازم بين الحقيقة الكونية والحقيقة النقلية وبين صريح المعقول وصحيح المنقول. بعد إقامة الحجة تتدخل القدرة الإلهية من اجل الضرب على أيدي الذين أساؤوا للبلاد والعباد.مع الإبقاء على باب التوبة مفتوحا. إنهم المكذبون وعلى رأسهم الذين يتصدرون التمرد على سنن الله الخالدة ومنها العبودية لله. والتحرر من العبادات المنحرفة والخارجة عن المشروعية والشرعية. على أن التنبيه يتم عن طريق الكتاب المسطر والكتاب المفتوح. وللأسف عندما يعجز هؤلاء على الاعتراف بالحقيقة الأزلية تأخذهم العزة بالإثم. أنذاك يقع البلاء على المفسدين الذين تكبروا ولم يتواضعوا أمام قدرة القادر ونعم التواضع أن تتكبر على من تكبر عليك. إذن لقد تنكروا للمسؤولية الحضارية الملقاة على عاتقهم. ونصبوا أنفسهم فوق النقل والعقل وفقدوا الصواب. وما ينتظر هؤلاء إلا الغضب والتنكيل وجعلهم عبرة لمن أراد أن يتذكر أو اراد خشوعا. وما تعرضوا له من صنع الله الذي لايظلم أحدا. وهو العادل بين عباده. لأنه رب النفس والكون والقدر. إننا من خلال ما ذكر نستنبط أن الله عز وجل يعطي دروسا لمن أعرض عن ذكره من جهة وتسلية لأهل الله الذين احترموا سنن الاستخلاف وعمارة الأرض..إذن أيها الإنسان هذه مرآة المظاهر الكونية في علاقتها بالمسؤولية البشرية والأقدار الربانية فماذا أنت فاعل؟