بعد مرور أزيد من سنة عن الفضيحة التي هزت حزب الاستقلال بمولاي يعقوب، عقب شكاية تقدم بها مستشار من حزب العدالة والتنمية بجماعة “سبت لوداية” إلى الوكيل العام بفاس، يتهم فيها رئيس الجماعة الاستقلالي وأحد كبار أعيان إقليم مولاي يعقوب، بالتورط في توظيف شقيقه الحامل للجنسية الإسبانية كموظف شبح بجماعته منذ سنة 2003، أصدرت الغرفة الجنائية الابتدائية لدى محكمة جرائم الأموال بفاس ليلة الثلاثاء-الأربعاء الأخيرة، أحكامها في هذه القضية ضد ثلاثة متهمين، رئيس الجماعة وشقيقه وموظف بمصلحة الموارد البشرية، حيث أدانتهم بسنة ونصف السنة سجنا نافذا لكل واحد منهم، مع أدائهم غرامة مالية حددتها المحكمة في خمسة عشر ألف درهم، وإرجاع المبالغ المالية التي استفاد منها الموظف الشبح، من خلال راتبه الشهري وتعويضات أخرى خلال الفترة التي غاب فيها عن عمله، حددها المحققون من 2009 إلى 2012، والتي شكلت موضوع متابعة المتهمين الثلاثة باختلاس وتبديد أموال عمومية تجاوزت المائة ألف درهم. وفي الدعوى المدنية التابعة، قضت المحكمة برفض الطلبات المدنية التي تقدم بها دفاع المستشار الجماعي من “البيجدي”، عبد العالي الزويني، صاحب الشكاية ومفجر فضيحة الموظف الشبح بجماعة “سبت لوداية” بمولاي يعقوب، بعد أن التمس درهما رمزيا كتعويض في مواجهة المتهمين وإسقاط الحقوق الوطنية عنهم لما اقترفوه، كما قال المحامي احمد حرمة، غير أن المحكمة كان لها رأي آخر حين رفضت هذه الطلبات لانعدام الصفة للمطالب بالحق المدني في الترافع في قضية المال العام، والتي تعود مهمتها لجهات أخرى لها دور المراقبة وحماية المال العام، بحسب ما جاء في مرافعات دفاع المتهمين. وفي هذا السياق، قال أحمد حرمة محامي المستشار الجماعي من “البيجدي” وصاحب الشكاية في هذه القضية، (قال) في مرافعته أمام المحكمة بجلسة أول أمس الثلاثاء، إن الدولة المغربية صادقت على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك في أكتوبر 2003، مما يجبر المغرب على ملاءمة تشريعاته الوطنية مع هذه الاتفاقية الدولية، وهو ما اعتبره المحامي حرمة أساسا قانونيا لتحرك موكله باعتباره مستشارا جماعيا يحق له الدفاع عن أموال الجماعة ومصالح المواطنين الذين انتخبوه، لذلك بادر إلى وضع شكاية ضد رئيس جماعة “سبت لوداية” وشقيقه وموظف جماعي، اتهمهم فيها باختلاس وتبديد أموال عمومية، مما أكسبه صفة الدفاع عن حقوق جماعته وساكنتها، يقول محاميه، خصوصا أن الموظف الشبح المقيم بإسبانيا، يضيف دفاع مفجر الفضيحة، حصل على وظيفة بالجماعة التي يرأسها شقيقه في إخلال بقواعد تكافؤ الفرص فيما بين الشباب المعطل بإقليم مولاي يعقوب، كما أنه استفاد من عملية ترقيته من السلم الخامس إلى السادس، وحاز تعويضات سخية من بينها تعويضات عن الأشغال الشاقة والملوثة على الرغم من أنه يشتغل بمصلحة الحالة المدنية، وذلك بتواطؤ من شقيقه الرئيس ومسؤول مصلحة الموارد البشرية، كما جاء في مرافعة المطالب بالحق المدني ونائب الوكيل العام للملك، عبد العزيز بوكلاطة، والذي وصف الأفعال الجرمية المنسوبة للمتهمين بأنها خطيرة وتمس مصداقية الجماعات الترابية في تمثيليتها للسكان ودفاعها عن مصالحهم. من جهتهم، دافع محامو المتهمين الثلاثة، عن براءتهم من التهم المنسوبة إليهم، والتي تخص “اختلاس وتبديد أموال عامة”، و”التزوير في محررات رسمية واستعمالها”، حيث اعتبر محاميهم، محمد الجاي في مرافعته، بأن الملف المعروض على محكمة جرائم الأموال، جاء بدافع تصفية حسابات سياسية ما بين حزبي الاستقلال وحزب العدالة والتنمية، واللذين تميزت علاقتها بالصراع السياسي الشرس على أرض إقليم مولاي يعقوب، فيما نفى ذات المحامي معية زميله عبد العزيز بوكساكس، واقعة تغيب شقيق رئيس الجماعة عن عمله، حيث طعنا في تقارير المحققين بخصوص مغادرته “الموظف الشبح” للمغرب صوب إسبانيا من 2009 حتى 2012، فيما أدلى الدفاع للمحكمة وثيقة صادرة عن مصلحة الجمارك بالمغرب توضح عدم إلزامية التأشير على جواز السفر في عدد من عمليات المغادرة والعودة للتراب الوطني، وهو ما علق عليه دفاع المطالب بالحق المدني بقوله: “إن الوثيقة إن صح مصدرها فهي تشكل خطورة في عملية مراقبة الحدود الدولية للمغرب، والتي تفرض التأكد من هوية الوافدين والمغادرين في حال وجود أسمائهم ضمن لائحة المشتبه بهم أو الممنوعين من الدخول أو مغادرة التراب الوطني”، يورد المحامي حرمة ل”أخبار اليوم”. يذكر أن المتهمين الثلاثة المدانين، سبق أن اعتقلتهم عناصر المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية نهاية شهر فبراير 2017، قبل أن يقرر قاضي التحقيق المتخصص في جرائم الأموال بفاس، متابعتهم في حالة سراح بكفالة 20 مليون سنتيم للرئيس الاستقلالي للجماعة “خ – ل”، و10 ملايين سنتيم لشقيقه “ع-ل”، فيما أدى الموظف المكلف بمصلحة الموارد البشرية 3 ملايين سنتيم، حيث باتوا مهددين بالسجن عقب إدانتهم ابتدائيا، في انتظار ما ستسفر عنه الجولة الثانية من محاكمتهم.