"ملايير الدراهم لا نعرف هل تصل إلى المواطن أم لا".. التويزي يدعو إلى تقييم دعم الدقيق والغاز    مقاييس التساقطات المطرية بالمغرب    المجلس الاقتصادي والاجتماعي يوصي بإجراء تقييم مرحلي للإصلاح الجبائي وقياس أثره على المقاولات الصغيرة    المغرب يستأنف الرحلات الجوية مع إسرائيل اليوم الخميس    وزير خارجية مالي: سيطرة المتشددين على باماكو أمر مستبعد    نقابة تدعو إلى مراجعة المراسيم المنظمة لمهن الصحة والإسراع بإدراج التعديلات في الأنظمة الأساسية    أمطار وتساقطات ثلجية مرتقبة بعدة مناطق بالمغرب هذا الخميس    تقرير رسمي يسجل تنامي الجريمة في المغرب على مرّ السنوات وجرائم الرشوة تضاعفت 9 مرات    أحكام بالحبس والغرامة في قضية نصب استهدفت سائحة فرنسية بمراكش    مجلس ‬المنافسة ‬ومندوبية ‬التخطيط ‬يستعدان ‬لوضع ‬النقط ‬على ‬الحروف الكشف ‬عن ‬جشع ‬الوسطاء ‬والمضاربات ‬غير ‬المشروعة    المنهجية ‬التشاركية ‬الاستشرافية ‬تنبثق ‬عن ‬الرؤية ‬الملكية ‬الحكيمة    وزير الفلاحة يتفقد مشاريع "الجيل الأخضر" بالجديدة وبنسليمان    موريتانيا تُحرج البوليساريو وترفض الانجرار وراء أوهام الانفصال    قمة المناخ 30.. البرازيل تقرر تمديد المحادثات بشأن قضايا خلافية شائكة    المنتخب الوطني يجري آخر حصة تدريبية بمركب محمد السادس قبل التوجه إلى طنجة    إسلام آباد.. ولد الرشيد يجري مباحثات مع عدد من رؤساء وفود البرلمانات الوطنية المشاركين في مؤتمر البرلمانات الدولي    مباحثات تجمع بنعليلو برئيس "الأنتربول"    بعد القرار 2797.. تغييرات إدارية في بعثة "المينورسو" تمهد لمرحلة جديدة من الإصلاح    انتعاش مؤشرات بورصة الدار البيضاء    تراجع أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    إسرائيل تشن غارات في جنوب لبنان    الكونغرس يقرّ إنهاء الإغلاق الحكومي    افتتاح مركز دار المقاول بمدينة الرشيدية    بالصور .. باحثون يكتشفون سحلية مفترسة عاشت قبل 240 مليون عام    المديرية الإقليمية للشركة الجهوية متعددة الخدمات ابن مسيك سيدي عثمان مولاي رشيد سباتة .. تدخلات متواصلة لصيانة و تنظيف شبكة التطهير السائل    كيوسك الخميس | المغرب يضاعف إنتاج محطات تحلية المياه عشر مرات    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    برنامج طموح يزود الشباب بالمهارات التقنية في مجال الطاقة المستدامة    انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية ستسجل رقما قياسيا جديدا في 2025    تعاون أمني مغربي–إسباني يُفكك شبكة لتهريب المخدرات بطائرات مسيرة    ديمقراطيون يكشفون عن رسائل مسرّبة تكشف اطلاع ترامب على فضائح إبستين الجنسية قبل تفجّرها    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    إعادة رسم قواعد اللعبة السياسية من خلال الضبط الصارم وتشديد الرقابة الرقمية وتوسيع دائرة العقوبات    بعد ضغط أوربي... تبون يعفو عن الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال    أشبال الأطلس يرفعون التحدي قبل مواجهة أمريكا في مونديال الناشئين    الحكم الذاتي: من الإقناع إلى التفاوض إلى التطبيق ..    توقيع اتفاقية شراكة بالرباط للنهوض بالثقافة الرقمية والألعاب الإلكترونية    مسارات متقاطعة يوحدها حلم الكتابة    في معرض يعتبر ذاكرة بصرية لتاريخ الجائزة : كتاب مغاربة يؤكدون حضورهم في المشهد الثقافي العربي    على هامش فوزه بجائزة سلطان العويس الثقافية في صنف النقد .. الناقد المغربي حميد لحميداني: الأدب جزء من أحلام اليقظة نعزز به وجودنا    أمينوكس يستعد لإطلاق ألبومه الجديد "AURA "    رئيس برشلونة يقفل الباب أمام ميسي    الاسبانيّ-الكطلانيّ إدوَاردُو ميندُوثا يحصد جائزة"أميرة أستورياس"    مؤسسة منتدى أصيلة تفوز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والاداب في مجال المؤسسات الثقافية الخاصة    أربعة منتخبات إفريقية تتصارع في الرباط على بطاقة المونديال الأخيرة    "الكان" .. "دانون" تطلق الجائزة الذهبية    استبعاد يامال من قائمة المنتخب الإسباني    مباريات الدور ال32 ب"مونديال" الناشئين في قطر    "الماط" يستغل تعثر شباب المحمدية أمام اتحاد أبي الجعد ويزاحمه في الصدارة    ليلة الذبح العظيم..    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فسحة رمضان على “أخبار اليوم”..اللغة في الأدب الإفريقي -الحلقة الأولى
نشر في اليوم 24 يوم 26 - 04 - 2020

“نغوغي واثيونغو”، الكيني، هو واحد من أبرز أدباء إفريقيا اليوم، إلى جانب النيجيريين وولي شوينكا وتشنوا أتشيبي، وهو مرشح دائم لجائزة نوبل للآداب. تشهد كتاباته المختلفة والمتنوعة، في الرواية والمسرح والنقد الأدبي، على انتصاره للقارة السمراء وإنسانها المستضعف وهوياتها المهمشة وثقافاتها المهملَة. في هذا الكتاب: “تفكيك استعمار العقل”، يدافع “واثيونغو”، بالتزام وشغف كبيرين، عن فكرة استعمال اللغات والأسماء الإفريقية في الفكر والأدب والسياسة وتخليص أشكال التعبير وأنماط الحياة من مخلفات الاستعمار، حتى تتفكك أنظمة الإمبريالية ويتحقق الاستقلال الكامل.
لا يمكن أن تناقش اللغة في الأدب الإفريقي نقاشا ذا معنى خارج سياق تلك القوى الاجتماعية التي جعلتها موضوعا يسترعي اهتمامنا ومشكلة تستدعي حلا في الآن عينه.
من جهة أولى، ثمة الإمبريالية التي تواصل، في مراحلها الاستعمارية والاستعمارية الجديدة، تجنيد الإفريقي ليشرع في قلب التربة، ووضع غمائم على عينيه لتجعله يرى الطريق أمامه كما حددها السيد، مسلحا بالإنجيل والسيف. بعبارة أخرى، تواصل الإمبريالية مراقبة اقتصاد إفريقيا وسياستها وثقافتها. لكن من جهة ثانية، تقابلها كفاحات الشعب الإفريقي الدؤوبة لتحرير اقتصاده وسياسته وثقافته من تلك القبضة الأورو- أمريكية الخانقة ليدخل حقبة جديدة من التنظيم الذاتي الجماعي وتقرير المصير. إنه نضال متواصل على الدوام من أجل استرجاع مبادرتهم الإبداعية في التاريخ عبر مراقبة فعلية لكل وسائل تعريف الذات الجماعية في الزمان والمكان. إذ يكتسي اختيار اللغة وطريقة استعمالها مكانة مركزية في تعريف شعب ما لنفسه في علاقته بالكون برمته. من هنا، ظلت اللغة تحتل صميم الجدال بين القوتين الاجتماعيتين المتنافستين في إفريقيا القرن العشرين.
بدأ الجدال منذ مائة عام، عندما التقت القوى الرأسمالية سنة 1884 في برلين، وجزأت قارة برمتها ذات شعوب وثقافات ولغات متنوعة إلى مستعمرات مختلفة. يبدو أن قدر إفريقيا في امتلاك مصيرها دائما ما تقرّر في الموائد المستديرة بعواصم العالم الغربي؛ ذلك أن انغمارها من مجتمعات تحكم نفسها إلى مستعمرات تقرر في برلين، وأن انتقالها الحديث العهد إلى مستعمرات جديدة على امتداد الحدود ذاتها كان موضوع مفاوضات في الموائد ذاتها في لندن وباريس وبروكسيل ولشبونة. فالتقسيم الذي جرى في برلين، الذي مازالت إفريقيا تعيش في ظله، كان اقتصاديا وسياسيا على نحو واضح، رغم ادعاءات دبلوماسيين من حملة الإنجيل، لكنه كان تقسيما ثقافيا أيضا. إذ شهدت برلين سنة 1884 تجزيء إفريقيا إلى مختلف لغات القوى الأوروبية، حيث عُرِّفت البلدان الإفريقية، باعتبارها مستعمرات، بل ومستعمرات جديدة اليوم، مثلما تعرف نفسها بلغات أوروبا: البلدان الإفريقية الناطقة بالإنجليزية، أو الناطقة بالفرنسية أو الناطقة بالبرتغالية.
بكل أسف، انتهى الكتاب، الذين ينبغي أن يرسموا الطريق للخروج من ذلك القيد اللغوي في قارتهم، أيضا إلى أن يعرَّفوا ويعرِّفوا أنفسهم انطلاقا من لغات الفرض الإمبريالي. إذ ظلوا، حتى في مواقفهم الأكثر راديكالية والأكثر تعبيرا عن الانتماء الإفريقي، يعتبرون الفكرة القائلة إن نهضة الثقافات الإفريقية تكمن في لغات أوروبا فكرة بديهية.
وجب أن أفهم.
في سنة 1962، استدعيت إلى ذلك اللقاء التاريخي للكتاب الأفارقة في كلية جامعة ‘ماكيريري' بكامبالا الأوغندية. تضمنت لائحة المشاركين أهم الأسماء التي أصبحت اليوم موضوع أطاريح دراسية في جامعات عبر العالم كله. ماذا كان العنوان؟ “مؤتمر الكتاب الأفارقة ذوي التعبير الإنجليزي”.
كنت حينئذ طالبا في الشعبة الإنجليزية بكلية ‘ماكيريري'، وهي كلية تابعة لجامعة لندن تقع وراء البحار. ما لفت انتباهي، أساسا، هو بعض الاحتمال بلقاء ‘تشينوا أتشيبي'. كنت أحمل معي مسودة مطبوعة غير مصقولة من رواية قيد التشكل، عنوانها “لا تبك، أيها الطفل”، وأردته أن يقرأها. كنت أنهيت، في السنة التي سبقت، 1961، رواية “النهر الفاصل”، ورشحتها لمسابقة في الكتابة، كان ينظمها مكتب الأدب الإفريقي الشرقي. ظللت أحدو حدو “بيتر أبراهامز” في نتاج رواياته وسيره الذاتية من “طريق الرعد” إلى “أخبر الحرية”، يليه “تشينوا أتشيبي” بروايته “الأشياء تتداعى” المنشورة سنة 1959. وكان لهؤلاء نظراء في المستعمرات الفرنسية، حيث ضمن جيل “سيدار سنغور” و”دافيد ديوب” في الطبعة الباريسية من “أنطولوجيا الشعر الزنجي والمالغاشي الجديد الناطق بالفرنسية” الصادرة موسم 1947- 1948. إذ كتبوا جميعا باللغات الأوروبية، كما كان حال كل المشاركين في ذلك اللقاء الجليل بتل “ماكيريري” في “كامبالا” سنة 1962.
لقد استبعد العنوان “مؤتمر الكتاب الأفارقة ذوي التعبير الإنجليزي”، بشكل تلقائي، من يكتبون باللغات الإفريقية. والآن، أستطيع أن أرى، وأنا أنظر إلى الماضي من قمة مساءلة الذات سنة 1986، أن هذا الأمر كان يسع انحرافات عبثية. كان بمقدوري، وأنا طالب، أن أتأهل لحضور اللقاء بناء على قصتين قصيرتين منشورتين فقط هما: “شجرة التين” (موغومو) في جريدة “بينبوينت” الطلابية، و”العودة” في مجلة جديدة هي “ترانزيشن”. لكن لا شعبان روبرت، الذي كان حينها أعظم شاعر حي في شرق إفريقيا، حيث كان في رصيده العديد من الأعمال في الشعر والنثر بلغة “سواحيلي”؛ ولا “تشيف فاغونا”، الكاتب النيجيري العظيم صاحب العديد من العناوين المنشورة بلغة “يوروبا”، تأهل للحضور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.