بنكيران: صورة المغرب في عهد هذه الحكومة "مزعجة وغير مشرفة".. والدفاع عن الملكية لا يكون بالمجاملة    صاحب الجلالة: سياسة المملكة الخارجية ظلت تسير وفق مقاربة قانونية قائمة على احترام القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة    المغرب المستهدف: حين تكشف ردود الأفعال زيف بروباغندا "لوموند" وتفضح روايات الغرف المظلمة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    انخفاض طفيف في أسعار المواد الغذائية وارتفاع متواصل في أسعار المحروقات خلال شهر يوليوز 2025    ‬كيف ‬ينوب ‬المغرب ‬عن ‬العالم ‬الإسلامي ‬في ‬تقديم ‬المساعدات ‬الإنسانية ‬العاجلة ‬لغزة ‬؟    اتهامات السفير الأميركي لماكرون تشعل توتراً دبلوماسياً بين باريس وواشنطن    مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى    زلزال بقوة 6.3 يضرب قبالة جزر الكوريل الروسية    مدرب رينجرز: إيغامان رفض المشاركة كبديل بداعي الإصابة    فيديو يقود لتوقيف مختل بالدار البيضاء    العدل والإحسان تدين منع احتجاجات تاونات بسبب نقص الماء والخدمات    دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان                أموريم يكشف أسباب تعثر مانشستر يونايتد بالتعادل أمام فولهام بالدوري الإنجليزي    مبابي يسجل هدفين ويهدي ريال مدريد فوزه الثاني في الدوري الإسباني    فؤاد عبد المومني: "لاعبين ولاّ حرّامين"...    الذهب يهبط من أعلى مستوى خلال أسبوعين في ظل ارتفاع الدولار        كيوسك الإثنين | الحكومة تعبئ 550 مليار درهم وخلق 500 ألف منصب شغل                توقيف تركي مبحوث عنه دولياً في قضايا الكوكايين    إسبانيا تسجل أشد موجة حر في تاريخها.. أكثر من ألف وفاة وحرائق تأتي على مئات آلاف الهكتارات    الأمم المتحدة تحذر من من خروقات البوليساريو في الصحراء    افتتاح الدورة 82 لمعهد القانون الدولي بالرباط برئاسة مغربية    "رحلتي إلى كوريا الشمالية: زيارة محاطة بالحرس ومليئة بالقواعد"    لمسة مغربية تصنع فوز ريال مدريد بثلاثية نظيفة    المنتخب المغربي يتوجه إلى أوغندا لخوض نصف نهائي "الشان"    إسرائيل تقصف الضواحي الشرقية والشمالية لمدينة غزة، وارتفاع حصيلة القتلى قرب مراكز المساعدات إلى ألفين    "مهرجان الشواطئ اتصالات المغرب" يضيء سماء المدن الساحلية في دورته ال21    شقيق شيرين عبد الوهاب يثير الجدل برسالة غامضة عن "لوسي"    نيجيريا: سلاح الجو ينقذ 76 مخطوفا وسقوط طفل في العملية    الصحة النفسية: كيف يمكن أن يقودنا التهويل والتفكير السلبي إلى عوالم مظلمة؟    تحت شعار "ذكاء المرافق".. الرياض تحتضن أكبر حدث دولي في إدارة المرافق    "أسيست دياز" يسهم في فوز الريال    تجارب علمية تبعث الأمل في علاج نهائي لمرض السكري من النوع الأول    المغرب بحاجة إلى "عشرات العزوزي" .. والعالم لا يرحم المتأخرين    إختتام مهرجان نجوم كناوة على إيقاع عروض فنية ساحرة    عادل الميلودي يدافع عن الريف ويرد بقوة على منتقدي العرس الباذخ    القناة الأمازيغية تواكب مهرجان الشاطئ السينمائي وتبرز إشعاع نادي سينما الريف بالناظور    حكمة العمران وفلسفة النجاح    الملك محمد السادس يبعث رسالة إلى زيلينسكي    بعد الهزيمة.. جمال بنصديق يتعهد بالعودة في أكتوبر ويكشف عن سبب الخسارة    العيناوي يؤكد الجاهزية لتمثيل المغرب    سابقة علمية.. الدكتور المغربي يوسف العزوزي يخترع أول جهاز لتوجيه الخلايا داخل الدم    طفل بلجيكي من أصول مغربية يُشخص بمرض جيني نادر ليس له علاج    المغرب ضيف شرف الدورة ال19 للمعرض الوطني للصناعة التقليدية ببنين    جاكوب زوما: محاولة فصل المغرب عن صحرائه هو استهداف لوحدة إفريقيا وزمن البلقنة انتهى    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"وطن الاستقطاب".. مسلمو فرنسا في عزلة واغتراب
نشر في اليوم 24 يوم 26 - 11 - 2020

"لن أسمح لأي شخص بأن يدعي أن فرنسا أو حكومتها تشجع العنصرية ضد المسلمين".. بهذه الكلمات أطل الرئيس إيمانويل ماكرون، عبر صحيفة "فاينانشيال تايمز"، 4 نونبر الجاري، محاولًا تبرير تصاعد موجة العداء ضد المكون الإسلامي في نسيج البلد الأوربي.
ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل، لم تكن لكلمات ماكرون، ضمن مقال له، نشرته الصحيفة، محلًا من الإعراب أمام تفاقم اغتراب المسلمين، وتزايد شعورهم بالعزلة في وطن يغرق في مستنقع الاستقطاب.
واقع جديد يضرب تعددية فرنسا تحت حكم ماكرون، في سيناريو ينذر بعواقب وخيمة تلوح في الأفق المنظور، بعدما عمد الإليزيه إلى وضع الإسلام، ديانة وأتباعا، في قفص الاتهام.
وظلت الرئاسة الفرنسية ترقب ردة الفعل في الداخل، في مشهد كان العنف وحده الرد، المنتظر فيه، لتوثيق النظرة الرسمية، والمضي قدمًا نحو تنفيذ أجندة سياسية، أُعدت سلفًا.
البدايات دائمًا تحتاج إلى مدخل ممنطق لتمرير المعطيات، والوصول إلى النتائج المستهدفة، وهو ما وجدته باريس مباشرة بعد استهداف فرنسا بسلسلة هجمات إرهابية هذا الخريف، حيث التقى ماكرون ببقية قادة الاتحاد الأوربي، بحثا عن اصطفاف لوقف تبعات هذا التهديد.
لم يسع ماكرون إلى تهدئة تمهد لتنقية الأجواء، وإنما تضمنت ردة فعله الأولى تعهدًا بحماية الحق في رسم كاريكاتوري مسىء إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، بل وكذلك عرض رسوم مجلة "شارلي إيبدو" المثيرة للجدل على مبانٍ عامة، ضمن ما اعتبره دفاعًا عن حرية التعبير في فرنسا، وكأنه أراد سكب مزيد من الزيت على النار.
ووقف العالم في حالة صدمة يستقبل ردة الفعل، بعد طعن شخصين خارج مكاتب سابقة للمجلة، في شتنبر الماضي، ثم ذبح المدرس صمويل باتي، في إحدى ضواحي باريس، منتصف أكتوبر الماضي، ثم مقتل ثلاثة أشخاص بوحشية داخل كاتدرائية نوتردام في مدينة نيس، في 29 من ذلك الشهر.
كبش فداء
الهجمات الدموية المذكورة دفعت مسؤولين فرنسيين إلى التسرع، إلى حد ما، في إتباع نهج العثور على "كبش فداء"، وكان المسلمون الهدف الجديد القديم.
واعتبر منتقدو سياسة الإليزيه أن حكومة ماكرون تستغل موجة العنف لتكثيف موقفه المثير للجدل، والمناهض للمسلمين، وهو ما رد عليه في "فاينانشيال تايمز" بالقول: "لن أسمح لأي شخص بأن يدعي أن فرنسا أو حكومتها تشجع العنصرية ضد المسلمين".
ولأن موقف ماكرون، منذ بداية الأزمة، كان مثيرًا للجدل، ولا يتسق مع تبريراته، اتهمته الصحيفة نفسها ب"وصم مسلمي فرنسا لأغراض انتخابية"، وتعزيز "بيئة معادية"، في محاولة لاستقطاب اليمين المتطرف.
وقال الدكتور أندرياس كريج، الأستاذ المساعد في كلية الأمن بمعهد دراسات الشرق الأوسط في الكلية الملكية للدراسات الدفاعية في "كينجز كوليدج" في لندن، إنه "غير متفاجئ من الاستقطاب المتصاعد في فرنسا".
وأضاف كريج: "في عهد ماكرون، اتخذت فرنسا منعطفا قويا ضد الإسلام، والإسلاميين، تحت راية التسامح، والليبرالية الهشة".
وتابع المتحدث نفسه: "سياسة الهجرة الفرنسية القائمة على الاستيعاب بدلًا من الاندماج، تعني أن المسلمين مجبرون على الاندماج في التيار العلماني الفرنسي، الذي لا يتسامح تجاه المعتقدات غير العلمانية"، وأوضح أن هذا الموقف يؤدي إلى الشعور بالغربة، وانعدام الأمن في الهوية لدى بعض المسلمين، وهو ما يعتبر السبب الجذري للتطرف، حسب قوله.
استراتيجية ماكرون
فرنسا هي موطن لأكبر عدد من المسلمين في أوربا، والإسلام فيها هو ثاني أكبر ديانة متبعة بعد الكاثوليكية (المسيحية)،
لكن لا يمكن تجاهل أن هذا البلد الأوربي يعيش واقعا جديدا على إيقاع استراتيجية ماكرون "المعلنة" لإيجاد هوية جديدة لمسلمي فرنسا.
وفي 2 أكتوبر الماضي، تحدث ماكرون عن اقتراح مشروع قانون يحدد النزعة الانفصالية، حيث زعم أن الإسلام "يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم"، واعتبر أن هذا الوضع يتطلب العمل ل"تحرير الإسلام في فرنسا من التأثيرات الأجنبية"، وهو إدعاء انتقده قادة العديد من الدول الإسلامية.
وقال ماكرون ل"فاينانشيال تايمز": "هذا ما تحاربه فرنسا، الكراهية، والموت، الذي يهدد أطفالها، لسنا ضد الإسلام أبدًا، نحن نعارض التطرف العنيف، وليس الدين".
إسلاموفوبيا
علماء مسلمون، مثل خالد بيضون، أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة "واين ستيت" ومؤلف كتاب "الإسلاموفوبيا الأمريكية.. فهم جذور الخوف وصعوده"، يرون في موقف إنكار للمعتقدات الراسخة.
وقال بيضون: "بدلاً من التوجّه إلى الإجحاف الممنهج، وتصوير القتل المروع للمُعلم صمويل باتي على أنه فعل منحرف، استغل ماكرون نقطة الخوف من الإسلام، المتأصلة في فرنسا، لإطلاق العنان لمستويات جديدة من الكراهية ضد مسلمي فرنسا".
وفي 16 أكتوبر الماضي، قطع عبد الله أنزوروف، البالغ من العمر 18 سنة، من أصل شيشاني، رأس باتي، مدرس التاريخ والجغرافيا، البالغ من العمر 47 سنة، بعدما عرض على تلاميذه صورًا كاريكاتورية للنبي محمد في درس عن حرية التعبير.
وكان رد الفعل على جريمة القتل سريعًا، إذ تعهد وزير الداخلية الفرنسي، جيرارد دارمانين، بأكبر حملة قمع حكومية على الإطلاق ضد المتطرفين المشتبه فيهم.
وتم فتح أكثر من 80 تحقيقًا، واعتقال عشرات المشتبه فيهم، ومداهمة منازل، كما فتح مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب تحقيقًا، وبدأت السلطات في حل 51 جمعية إسلامية، لا سيما جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا.
وقال بيضون إن "ماكرون استخف بالإسلام، وحرض على العنف ضد المسلمين في فرنسا"، وأردف: "اشتعلت الانقسامات، بدلاً من استخدام جثة باتي للإصلاح والتأطير، فجريمة قتله على حقيقتها هي فعل شرير قام به شخص واحد، وليس ستة ملايين رجل، وامرأة فرنسيين (المسلمون)".
وحذر المفكر الهندي، بانكاج ميشرا، في تصريح ل"بلومبرج أوبينيون"، من أنه "في عالم متعدد الثقافات بشكل متزايد، فإن دفاع ماكرون عن تقاليد الكاريكاتور، وحريته الجامحة في التعبير، يُشعل صدام الحضارات".
وماكرون راهن بسمعة فرنسا العالمية في مشهد السخرية الفجة من شخصية يقدسها أكثر من مليار مسلم، لذا يعتقد كريج أن "المسلمين الفرنسيين يشعرون بالغربة والانعزال".
وأضاف ميشرا أن "روايات ماكرون غذت التطرف بين المجتمعات، التي تشعر بأنها مستهدفة، وخص الإسلام باعتباره التهديد الوحيد- برأيه- لأسلوب الحياة في فرنسا"، ورأى أن هذا "يظهر أن الهوية الفرنسية محددة بشكل ضيق للغاية ضمن حدود التقاليد العلمانية، مع ترك ملايين المسلمين الفرنسيين معزولين، ومستبعدين من الهوية الفرنسية".
الرسوم التحريضية
التطور المتسارع في المشهد المتوتر داخل فرنسا أرجعه مراقبون إلى مذبحة "شارلي إيبدو"، وهي موجة إرهابية، استمرت ثلاثة أيام في يناير 2015. وآنذاك، قُتل 12 عضوًا في المجلة الساخرة داخل مكاتبهم على أيدي متطرفين؛ انتقامًا لنشرها رسوما كاريكاتورية مسيئة إلى النبي محمد، وهذا المشهد الدموي لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما قُتل 6 آخرين في اليومين التاليين.
وفي اليوم السابق لبدء محاكمة الضالعين في الهجمات، في شتنبر 2015، أعادت المجلة نشر الرسوم التحريضية على غلافها، إذ في وقت لاحق من ذلك الشهر، أصيب أربعة أشخاص بجروح خطيرة، بينما كانوا يقفون أمام مكاتب "شارلي إيبدو"، واعترف المهاجم، وهو من أصل باكستاني، بارتكابه لعملية الطعن، وقال إن هدفه كان العاملين في المجلة.
ومع الهجمات المذكورة المتتالية، بات المسلمون في مرمى اتهامات الإرهاب، والتطرف، وهو ما رد عليه عبد الله زكري، المسؤول في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، في بيان، بأن "المسلمين ليسوا مذنبين، ولا مسؤولين"، مشددا في الوقت نفسه على أنه "لا ينبغي علينا تبرئة أنفسنا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.