بعد مرور ستة أيام على عرض حصيلته الحكومية بمجلس النواب، عاد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ليهاجم مجددا خصومه السياسيين، بسبب ردود فعلهم من حصيلة أربع سنوات وشهرين من عمر حكومته. وقال العثماني، في رده على تدخلات الفرق البرلمانية، بمجلس النواب مساء اليوم الاثنين، "إن التفاعل الذي خلفه عرض الحصيلة أثلج صدري بغض النظر عن طبيعته، وتباين المواقف المعبر عنها، لأنه يبرهن على اهتمام المغاربة بمختلف توجهاتهم الفكرية، ويعكس اهتمامهم أيضا بالشأن العام، ويؤكد صوابية اتخاذ قرار الحكومة عرض حصيلتها، الذي تم بموافقة وتشاور من جميع أعضاء الحكومة، وإن كان قرارا لرئيس الحكومة، بنص الدستور، واتفقنا مجتمعين على أن ندخل هذا التمرين الديمقراطي". وبقدر ما رحب العثماني بجميع التفاعلات الموضوعية والمسؤولة، والمنتقدة له، فإنه بالمقابل، تأسف من بعض الردود التي وصفها بأنها "موغلة في الإنكار وفي السياسوية والتسويد والتغاضي عن الحقائق الواضحة والاستمرار في سياسة التيئيس والتبخيس، والتدليس". وهو الموقف الذي انتقده العثماني بشدة وقال إنه يسيء للبلاد والوطن، ويضر بالعمل والفاعل السياسي بشكل عام، وهو يشكل سببا إضافيا لعزوف المواطنين عن العمل السياسي والسياسيين وعن الأحزاب السياسية، مما يهدد الديمقراطية في جوهرها، لأن العزوف السياسي يفرغها من عمقها، الذي هو المواطن والشعب، وهي أساليب لا تبعث على الثقة، لأنها تنفر المواطنين من متابعة الشأن العام ومن الثقة به. العثماني، اتهم المعارضة بفشلها في تقديم ملتمس الرقابة التي تبجحت به، لتتراجع عنه، بعدما هددت به، لأنها باختصار يضيف العثماني، مقتنعة بعرض حصيلة مشرفة، وستعطي الفرصة للحكومة ورئيسها لعرض هذه الحصيلة التي وصفها بالمدرسة، ولأن ما كانت ستقدم عليه المعارضة لا تتوفر فيه على أسس قوية، وبالمقابل بدأت بعض الجهات بتبرير التراجع الديمقراطي المتمثل باعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين وفي إلغاء العتبة، بالتخويف من الحزب الواحد، وهو ما اعتبره العثماني اعترافا منهم بأن هذه التعديلات تستهدف حزب العدالة والتنمية. وردا على ذلك، قال العثماني إن لنا الثقة في الملك الذي يصون التعددية السياسية، وفي الدستور الذي ينص على احترامها، فلا حاجة لتغليط الرأي العام، يضيف العثماني. وشدد رئيس الحكومة في رده على انتقادات خصومه السياسيين، على أنه ليس هناك خطر من الحزب الوحيد، بل هناك خطر من التراجع الديمقراطي، وهو الخطر الأكبر، قائلا "لا نخاف من المنافسة الديمقراطية على أسس شفافة ونزيهة، التي تحترم عقول المغاربة وذكاءهم". نافيا أن يكون حزبه يمارس التضليل أو التدليس، لكن من ساند التقسيم مسبقا من خلال تصريحاته السالفة الذكر، فهو حسب العثماني غير قادر على المنافسة وفقا للقواعد الشفافة والديمقراطية، وقال العثماني، إن مقترح التقسيم الانتخابي أصبح لقيطا، من كثرة من تبرؤوا منه ممن صوتوا له. وجدد العثماني خوض حزبه غمار الاستحقاقات القادمة، مسلحين بالثقة بالله أولا، وفي البلاد والملك. كما انتقد العثماني وهو يرد على تدخلات الفرق البرلمانية التي ناقشت حصيلة حكومته مساء اليوم الاثنين بمجلس النواب، ظاهرة الترحال السياسي، التي انتشرت بالجملة، وهي من الأمور التي لا تبعث على الثقة. وقال العثماني، "إذا أردتم أن تنسبوا لنا الإتيان بمرض كورونا للمغرب، وتأثيراتها السلبية، فلا مشكل لدينا عملا بالمقولة المغربية الشهيرة، " طاحت الصمعة علقوا الحجام"، لكن التمرين الديمقراطي يقتضي الاعتراف بما قامت به الحكومة، من إصلاحات حتى جاءت كورونا كبلاء عالمي، الجميع يحاربه، وهي المعركة الوطنية التي ينبغي أن يتعبأ لها الجميع يشدد العثماني. وأكد رئيس الحكومة أنه لن يتهرب من المسؤولية، قائلا:"في حياتي بأكملها لم أتهرب منها"، معتبرا أن ادعاء تفكك الحكومة هي أسطوانة مشروخة ومكرورة، وأن هذا أدى للتأثير عليها وعلى حصيلتها، منتقدا ادعاء أن التفكك الحكومي، أضعف الحكومة، وقال العثماني أيضا "إن أصحاب هذا الادعاء بقدر ما كرروه، حاولوا أن يصدقوه، وحاولوا تأكيده من خلال عدم حضور كافة أعضاء الحكومة خلال جلسة عرض الحصيلة الحكومية قبل ستة أيام، وحملوا هذا الغياب أكثر مما يحتمل"، معتبرين أن الحكومة تتبرأ من حصيلتها، وهي الادعاءات التي وصفها العثماني بأنها أوهام في أوهام. قبل أن يؤكد أنه إذا لم تكن الحكومة منسجمة، فعلى الرغم من ذلك حققت حصيلة كبيرة، فهي حينئذ ستكون حكومة عبقرية، وينبغي ساعتها تجديد الثقة بها، مشددا أن الحصيلة شارك فيها جميع الوزراء بعروض مختلفة، موضحا أن غياب أعضاء الحكومة أثناء تقديمه لحصيلتها، كان بسبب التزام الوزراء بمهام حكومية التي يشدد العثماني أن لها الأولوية بالنسبة إليه من مجرد الحضور، وهناك من اعتذر لوجوده بالخارج، مؤكدا أنهم لم يتملصوا من حصيلتها وإن قدمها رئيس الحكومة لوحده، فهو أمر دستوري شدد العثماني. وقال العثماني: "لا أبالي بادعاء تفكك الحكومة، ولو كان الأمر كذلك لما نجحت الحكومة في تحقيق إصلاحات كبرى وصفها رئيس الحكومة ب"غير المسبوقة"، مثل تبسيط المساطر وإصلاح الإدارة، وإخراج قانون اللا تمركز الإداري الذي بقي سنوات ينتظر خروجه لحيز الوجود، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وإطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وغيرها كثير من الإصلاحات التي آتت أكلها بالأرقام والدلائل". ونفى العثماني أن تكون أحزاب الحكومة متفقة فيما بينها على كل شيء، واصفا وقوع الاختلاف أو بعض المناوشات بأنه أمر عادي، وهو أمر يقع داخل جميع الأحزاب، فكيف بحزب آخر له نظرته ومقترحاته المختلفة. وقال العثماني إنني لم أحرص على وقوع انسجام كامل بين جميع أعضاء الحكومة، معتبرا وقوع المناوشات داخل الحكومة ب"الشيء العادي" يحصل بين جميع مكونات حكومات الأرض عالميا، الذي يعاني بعضها الأمرين لأنها مشكلة، من حزبين أو ثلاثة فقط، فكيف وهي مشكلة من خمسة من الأحزاب ومن أعضاء من دون انتماءات سياسية، قبل أن يعترف بقوله: "لا أنفي وجود اختلافات في وجهات النظر بين أحزاب الأغلبية، لكن الذي أنفيه ولا يقع، هو أن هذه الاختلافات تؤثر بشكل ذي بال على الحكومة وعلى برنامجها، ويؤكد وصول الحكومة إلى نهايتها سالمة غانمة، بحصيلة مشرفة رغم الإكراهات التي عرفتها.