خلق مشروع قانون حماية الحياة الخاصة الذي قدمه فريق التجمع الوطني للأحرار نقاشا موسعا بين المهنيين العاملين في القطاع المعلوماتي خصوصا أنه يرتبط بقضايا نشر صور أو أشرطة مصور لشخص دون إذنه في شبكة الانترنت التي يصعب التحكم فيها، وهو ما يخلق تحديا كبيرا أمام تطبيق القانون في حالة المصادقة عليه. وصرح مروان حرماش، مدير مكتب دراسات "كونسيلتور" ل "اليوم24" انه لا حاجة لقانون حماية الحياة الخاصة لأنه سبق وقدمت وزارة التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة مدونة رقمية تتضمن حماية الحياة الخاصة في فقراتها، ونصت على أن ولوج المواطنين إلى المعلومات التي تحوزها الإدارة العمومية وإلى فضاء رقمي أمر واجب، فضلا عن تطوير الإدارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي إلى تحسين الرفاهية الاجتماعية للمواطنين وحمايتهم من الممارسات الالكترونية الشنيعة التي قد تطالهم، مضيفا أن الأشياء التي أعيبت على المدونة كونها خاصة بقطاع التجارة والخدمات وتعطي انطباعا أنها خاصة فقط بالمسائل التقنية والتجارة. وتساءل حرماش عن ماهية الإستراتيجية التشريعية التي سينهجها المغرب في حالة مصادقته على المشروع، قائلا " سيتعامل القضاء أمام نشر صورة لشخص ما دون علمه بقانون حماية الحياة الخاصة وعندما تسرق البطاقة التقنية لشخص ما قد يتعامل معه بالقانون الجنائي رغم ان الحالتين معا تدخلان ضمن الحياة الخاصة، ما يجعلنا أمام نفس الحالة بقانونين قد تختلف فيهما العقوبة، وهو غموض يشمل هذا المشروع". وقال حرماش " أظن أن برلماني حزب التجمع الوطني للأحرار قدموا مشروعهم هذا كردة فعلعلى فترة كثرت فيها إحداث صفحات الفيس بوك و إدراج صور فاضحة لفتيات، وكردة فعل على استعمال صور في غير سياقها ما حدث مع برلمانية الاتحاد الاشتراكي التي نشرت صورتها وهي تمنح "دانون" لطفلة فقيرة، وهو ما اثار استنكار رواد الفيس بوك،ولم يأتي المشروع في إطار دراسة معمقة للموضوع". وطالب حرماش بالرجوع الى المدونة الرقمية وفتح حوار وطني، فضلا عن سن استراتيجية تشريعية في الموضوع تكون شاملة، ويكون فيها جانب لحماية الخصوصية وحماية القاصرين من استدراجهم عبر الشبكات العنكبوتية، وجانب يهتم بأمن التجارة الالكترونية و قوانين تحمي وتشجع التجارة الالكترونية وتنميها وتطورها حتى تتمكن الشركات التي تعمل في تكنولوجيا المعلومات من حماية نفسها والرجوع إلى قانون يحميها. من جهته، قال محمد تمارت مستشار الأمن ألمعلوماتي ان مشروع التجمع الوطني للأحرار ليس بالشيء الجديد، خصوصا إذا كان المقصود من الجرم هو الابتزاز، مضيفا أن القانون الجنائي يمكن من المتابعة أيضا في هذه الحالة. وأشتر تمارت الى أنه يمكن لهذا المشروع أن يشهد تجاوزات في الموضوع، وذلك لان التكنولوجيا تمكن من نسب ناشر الصور إلى شخص اخر كما يمكن تنشر باسم مجهول لا يمكن الوصول إليه. وأورد "في حالات أخرى يمكن أن نعتبر انتهاك الحياة الشخصية مباحا، خضوصا عندما يتعلق الامر بالتسجيلات و يمكن أن تعتبر دليلا في بعض الوقائع، وسبق لمواطن أن صور شريط يظهر فيهدركي وهو يطالبه بمبلغ من المال لارتكابه مخالفة ونشر التسجيل على الانترنت ومن خلاله توبع الدركي ولم يتابع ناشر التسجيل". وفي السياق ذاته، عتبر محمد الحاج مسعود، أستاذ القانون العام بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أن حماية الحياة الخاصة مبدأ إنساني إذا لم يتم حمايته فستضرب الحرية، مضيفا أنه مما عرف المغرب من قوانين فالحاجة كبيرة الآن وأكثر من أي وقت مضى إلى نص خاص لحماية الحياة الخاصة من التعديات التي أصبحت تتعرض إليها بشكل غير مسبوق منذ مدة. وأضاف مسعود أن الحديث عن مشروع قانون اليوم ليس إلا نتيجة لظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي تتداول فيه الصور والفيديوهات لأشخاص معنيين، أما في الماضي فقط أجهزة الدولة المخبارتية من تنتهك الحياة الخاصة عبر التجسس ، مرجعا تأخر المغرب في هذا المسألة لتقدم التكنولوجيا وعدم مواكبتنا لها. وقال مسعود" المساس بحقوق الناس وحرماتهم الخاصة أصبح في متناول الجميع وحتى من غير قصد أحيانا، حيث أصبح كل شيء قابلا للنشر والترويج، و كثيرة اليوم هي الحالات التي لم نعد نفرق فيها بين الخاص والعام والشخصي والجماعي، و لم تعد هنالك ضوابط وموانع تحول دون جرأة البعض للخوض في المسائل الخاصة جدا للناس وللنيل بالتالي من حقّهم في الخصوصية والحماية القانونية". Envoyé de mon iPad