أصدر المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبر لجنته العلمية لخدمة حقوق الإنسان، مذكرة حول مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، اعتبر فيها أن النص المقترح « يمس بجوهر حرية الصحافة ويتعارض مع الدستور والالتزامات الدولية للمغرب ». وأكدت المذكرة أن المشروع جاء في سياق وطني يتسم بتزايد النقاش حول حرية الإعلام والتنظيم الذاتي للمهنة، لكنه تضمن « اختلالات جوهرية » على أربعة مستويات أساسية: العدالة التمثيلية والمناصفة، استقلالية المجلس، السلطة التأديبية، وغياب إلزامية نشر التقارير. وسجل المركز أن الصيغة الحالية تمنح الناشرين تمثيلية مضاعفة مقارنة بالصحفيين، عبر آليات الانتداب، في خرق لمبدأ المساواة الدستوري. كما انتقد تراجع المشروع عن مقتضيات الفصل 19 من الدستور بخصوص المناصفة، لاقتصاره على ثلاثة مقاعد مخصصة للصحفيات دون إلزام مماثل للناشرين. وفي ما يخص الاستقلالية، اعتبر المركز أن إدراج « مندوب حكومي » ضمن تركيبة المجلس يشكل « مساسا مباشرا » بمبدأ التنظيم الذاتي، محذرا من تحويل المؤسسة إلى أداة وصاية تنفيذية، في تناقض مع الفصل 28 من الدستور والتجارب المقارنة في فرنسا وبلجيكا وكندا. كما نبهت المذكرة إلى خطورة منح المجلس سلطات تأديبية تصل إلى سحب بطاقة الصحافة لمدة ثلاث سنوات، معتبرة أن ذلك « ينسف فلسفة التنظيم الذاتي ويهدد حرية التعبير ». ودعت إلى حصر صلاحيات المجلس في الوساطة والتحكيم والتكوين والتوجيه الأخلاقي، مع ضمان الحق في الطعن. وانتقد المركز غياب إلزامية نشر تقارير المجلس أو إحالتها على البرلمان، ما اعتبره منافياً للفصل 27 من الدستور المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، ومناقضا لمبدأ الشفافية. وخلص المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى أن مشروع القانون في صيغته الحالية يحتاج إلى مراجعة شاملة، ودعا إلى إعادة التوازن في تركيبة المجلس بما يضمن إدماج المجتمع المدني وتفعيل المناصفة بين الجنسين، وإلى حذف المادة المتعلقة بالمندوب الحكومي حفاظا على استقلالية المجلس. كما شدد على ضرورة إلغاء الطابع العقابي لصلاحيات هذه المؤسسة وحصرها في مهام التوجيه الأخلاقي والتحكيم والتكوين، مع التنصيص صراحة على إلزامية نشر تقاريرها وإحالتها على البرلمان تكريسا لحق المجتمع في الولوج إلى المعلومة. وفي السياق ذاته، طالب المركز بفتح نقاش وطني موسع يشارك فيه الصحفيون والناشرون والنقابات والجمعيات الحقوقية والفاعلون السياسيون، بما يسمح بصياغة نص توافقي يستجيب لمتطلبات دولة الحق والقانون، مع استلهام الممارسات الفضلى من التجارب الدولية الناجحة مثل النموذج البلجيكي والسويدي والكندي.