سجلت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان جملة من الاختلالات في مشروع القانون 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وعلى رأسها اختلال التوازن في تركيبة المجلس لصالح الناشرين على حساب الصحافيين، والتراجع عن مبدأ المناصفة، وتسليط سيف الرقابة على الصحافيين، مع المس باستقلالية المجلس تجاه السلطة التنفيذية. وقالت المنظمة في مذكرة لها بخصوص مشروع القانون إن تركيبة المجلس الوطني للصحافة في المشروع 026.25 مختلة، حيث غلبت تمثيلية الناشرين على حساب تمثيلية الصحفيين المهنيين، منتقدة التنصيص على الانتخابات داخل فئة الصحافيين والانتداب في اختيار الناشرين، إلى جانب رفضها التراجع على مبدأ المناصفة، وتغييب ممثلي هيئات المجتمع المدني عن تركيبة المؤسسة.
ودعت المذكرة إلى ضمان التوازن في تركيبة المجلس الوطني للصحافة، وضمان عدالة تمثيلية لفئة الصحافيين المهنيين وفئة الناشرين. واعتماد نمط اقتراع واحد للفئتين لاختيار ممثليهم من خلال منظماتهم المهنية والنقابية. مع ضرورة التنصيص على مبدأ المناصفة انسجاما مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب وروح الوثيقة الدستورية. إضافة إلى ضمان وجود ممثلين عن المجتمع المدني إلى تركيبة المجلس. وفيما يخص استقلالية المجلس تجاه السلطة التنفيذية، شددت المنظمة على أن قوة المجلس الوطني للصحافة ونجاعته تتوقف على مدى استقلاليته عن كل سلطة، واعتبرت أن تواجد مندوب تعينه الحكومة في تركيبته، قد يفهم منه أنه محاولة لفرض وصاية حكومية على المجلس، خاصة وأن مهام التنسيق الموكولة لهذا المندوب الحكومي كما تم طرحها في المشروع يمكن أن يمارسها رئيس المجلس نفسه. ودعت إلى حذف هذا المقتضى، حفاظا على استقلالية المجلس تجاه السلطة الحكومية. وإلى جانب ذلك، لاحظت المنظمة أنه بعد حذف الغرامة المالية المفروضة في القانون الحالي على المؤسسات الصحافية، وكذا حذف المقتضى المتعلق بإيقاف الدعم المالي الممنوح للمؤسسة الناشرة المعنية، وبعد أن حذفت اللجنة البرلمانية المعنية المقتضى المتعلق بتوقيف إصدار المطبوع الدوري أو الصحيفة الإلكترونية، فإن سيف الرقابة أصبح مسلطا بشكل أساس على رقبة الصحفيين المهنيين، وكأن مسألة الأخلاقيات تهم الصحفيين ولا تعني البتة المؤسسات الإعلامية التي يشتغلون فيها. واعتبرت المذكرة أن منح مشروع القانون الحالي صلاحيات تأديبية واسعة في حق الصحفيين المهنيين بشكل أساس تصل إلى حد سحب بطاقة الصحافة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، يتجاوز مفهوم التنظيم الذاتي ويقترب أكثر من نموذج التدخل الرسمي المباشر. وشددت على أن لامجلس الوطني للصحافة يتعين أن يكون سلطة أخلاقية ومعنوية "Autorité Morale" لا سلطة تأديبية. ودعت إلى أن يركز المجلس أكثر على الوساطة والتحكيم والتكوين كما هو معمول به في بعض النماذج العالمية. كما أوصت المنظمة بضرورة إحاطة العقوبات التأديبية الواردة في نص مشروع القانون بعدة ضمانات، من بينها الإخطار والتناسب والتدرج والعلنية فضلا عن حق الطعن. وعليه، قالت المنظمة إنه "يمكن للمجلس الوطني للصحافة أن يقدم مقررا إلى القضاء المختص يطلب فيه سحب البطاقة من الصحفي المهني أو إيقاف المؤسسة الإعلامية لمدة محددة في حالة تقديره لخرق سافر لأخلاقيات مهنة الصحافة (مع التنصيص على الحالات القصوى التي يتم اللجوء فيها لهذه العقوبات حتى لا يكون هناك تعسف)، ويكون القضاء هو الجهة الوحيدة المختصة بإقرار "العقوبة" المناسبة". ومن جانب آخر، دعت المنظمة الحقوقية إلى التنصيص بشكل واضح على إلزامية إحالة المجلس الوطني للصحافة – إلى جانب ما هو منصوص عليه في مشروع القانون – لنسخ من تقاريره إلى السلطة التشريعية (البرلمان) للمناقشة أمام اللجنة البرلمانية المختصة بالموضوع، مع إلزامية نشر كل هذه التقارير. وخلصت المذكرة إلى التأكيد على أن تعزيز الممارسة الصحفية لا يمكن أن يتحقق، دون وجود مؤسسات صحفية مهنية، قوية، مستقلة، وديمقراطية، تضمن التوازن بين الصحافيين الممارسين والناشرين، وتعزز حرية الممارسة المهنية، وتفتح الباب لممارسة دور السلطة الرابعة الرقابية واحترام حرية الرأي والتعبير.