في سابقة دبلوماسية وقانونية بارزة، تبنّى مجلس الأمن الدولي في أواخر أكتوبر 2025 قراراً يؤكد بوضوح أنّ الحل الواقعي الوحيد لقضية الصحراء هو في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كما تصوره جلالة الملك وقام بتنزيله عبر إقناع هياكل الأممالمتحدة بعدم وجود بديل غيره كسيناريو واقعي يحمي مصالح كل الأطراف. هذا التحول لا يقتصر على تجديد ولاية بعثة المينورسو، بل يفتح صفحة جديدة تُعيد رسم ملامح المشهد الإقليمي وتضع المغرب في مركز شرعي دولي لا جدال فيه. 1. حصر الاعتراف الدولي في المملكة المغربية القرار الأممي وضع حداً نهائياً لأي ازدواجية في التمثيل، إذ حصر الاعتراف الدولي بالمملكة المغربية وحدها كصاحبة السيادة على الأقاليم الجنوبية. وبذلك يسدل الستار على مرحلة طويلة من الغموض القانوني، حيث لم يعد لأي كيان أو طرف آخر صفة دولية يمكن الاحتجاج بها. إنه تكريس لمبدأ وحدة الدولة المنصوص عليه في ميثاق الأممالمتحدة، وتأكيد أن السيادة لا تتجزأ. 2. سقوط الغطاء عن البوليساريو ومسؤولية الجزائر إقليمياً، سيسحب القرار الغطاء القانوني والسياسي عن وجود جبهة البوليساريو فوق التراب الجزائري. وبمجرد انتهاء مهمة المينورسو، سيُعتبر أي نشاط مسلح أو تنظيمي لها خارج إطار القانون الدولي، ما يجعلها في حكم التنظيم الإرهابي، وتتحمل الجزائر تبعات إيوائها استناداً إلى القواعد الدولية لمكافحة الإرهاب وعدم دعم الجماعات المسلحة. 3. ضرورة التعديل الدستوري لتنزيل الحكم الذاتي ستحتاج المملكة إلى مراجعة دستورية عميقة تواكب تنزيل نظام الحكم الذاتي وتُدمج مؤسساته ضمن المنظومة الدستورية الوطنية. هذه اللحظة الإصلاحية ستكون فرصة لإعادة التفكير في توزيع الصلاحيات والجهوية المتقدمة وتعزيز المشاركة السياسية لأبناء الصحراء داخل المؤسسات الوطنية. 4. البعد الإنساني: عودة المغاربة من تيندوف من أبرز الآثار الإنسانية المحتملة عودة المغاربة المحتجزين في مخيمات تيندوف إلى وطنهم الأم. بهذا، تسقط ورقة الضغط التي كانت تستعملها الجزائر، وتُفتح صفحة جديدة في معالجة إنسانية راقية تحترم الكرامة والحقوق الأساسية طبقاً للمواثيق الدولية. 5. المفاوضات المقبلة: من النزاع الترابي إلى البناء المؤسسي المرحلة القادمة من الحوار لن تكون حول السيادة على الأرض، بل حول تفاصيل الإطار المؤسساتي للحكم الذاتي: الصلاحيات التنفيذية، الضمانات الديمقراطية، والانتخابات المحلية. ومن المرتقب أن يتم تنزيل الاتفاقيات على مراحل، مع بقاء الأمن والدفاع بيد الدولة المركزية. 6. ضبط الهوية السكانية للأقاليم الجنوبية سيتم تحديد الوضع القانوني للسكان القادمين من تيندوف والطوارق المقيمين في الجنوب، ضماناً للمواطنة الكاملة والتمثيلية العادلة في مؤسسات الجهة. 7. إصلاحات مالية وتشريعية مرتقبة من المنتظر أن تُجرى تعديلات جوهرية على قانون المالية ابتداءً من سنة 2027، لإدخال أنظمة خاصة بالمحاسبة العمومية والضرائب تراعي خصوصية النموذج الجهوي الجديد في الأقاليم الجنوبية. 8. ترحيل منظم يحترم الحقوق عملية نقل المواطنين من مخيمات تيندوف يجب أن تكون مغايرة لما حدث سنة 1963 من طرد جماعي، وأن تتم وفق مقاربة إنسانية تحافظ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، انسجاماً مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. 9. إنهاء دعاوى الثروات الطبيعية مع سقوط صفة "الإقليم المتنازع عليه"، تُلغى جميع الدعاوى القضائية المرفوعة أمام المحاكم الأوربية والدولية بخصوص استغلال ثروات الجنوب. ويستعيد المغرب بذلك أهليته الكاملة لتوقيع اتفاقياته الاقتصادية باسم سيادته، دون تحفظ أو اعتراض. 10. « دخول بلا خروج »: تثبيت السيادة النهائية القرار الأممي يجعل من نظام الحكم الذاتي صيغة نهائية لا رجعة فيها. فلا يحق لأي مؤسسة جهوية مستقبلاً أن تطلب الانفصال، حتى بموافقة أجهزتها المحلية، ما يُكرّس مبدأ « الدخول بلا خروج » ويغلق الباب نهائياً أمام أي مشروع انفصالي. خاتمة إن قرار مجلس الأمن حول الصحراء المغربية هو نهاية نزاع وبداية عهد سيادي جديد. لقد انتقل النقاش من شرعية الأرض إلى شرعية البناء، ومن صراع الحدود إلى بناء المؤسسات. المغرب اليوم أمام لحظة تاريخية ليحوّل هذا الاعتراف الدولي إلى واقع دستوري وتنموي يُثبت أن الصحراء لم تكن يوماً سوى في وطنها الأم.