أكثر من 20 عاما في فرنسا ويرفض منحه تصريح إقامة    "منتدى المغرب اليوم" يدعو لجعل كأس العالم 2030 دعامة هيكلية للتنمية المستدامة    طقس السبت: انخفاض درجات الحرارة في مجموع أرجاء البلاد    كيوسك السبت | المغرب الأفضل بشمال إفريقيا في مؤشر الحرية    76 في المائة من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة    أرسنال يضم مادويكي من تشلسي بعقد لخمس سنوات وسط احتجاج جماهيري        محمد المهدي بنسعيد    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. المنتخب الوطني المغربي مستعد لأي فريق في نصف نهائي العرس الإفريقي (خورخي فيلدا)    المهدي حيجاوي    اعتقال مغربي مطلوب دوليا على متن سفينة بين مالقة ومليلية    القوات الملكية الجوية تنفذ عملية إنقاذ ناجحة لمواطنين فرنسيين على متن زورق شراعي قبالة أكادير    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. المنتخب المغربي يعبر لنصف النهائي بفوز مقنع على مالي    أنفوغرافيك | ⁨جامعة محمد الخامس تقود سفينة البحث العلمي في المغرب خلال 2025⁩    تفاصيل دعم مشاريع إنتاج أعمال سينمائية برسم الدورة الثانية من 2025    كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق تحتضن مناقشة رسائل تخرج الطلبة الفلسطينيين    سيدات نيجيريا إلى نصف نهائي "الكان"    أسعار النفط تتكبد خسارة أسبوعية ب1%    السغروشني: تكوين الشباب رهان أساسي لتحفيز التحول الرقمي بالمغرب    حملة هندية تستهدف ترحيل آلاف المسلمين .. رمي في البحر وهدم للمنازل    "القسّام": إسرائيل تعطّل المفاوضات    تعاون مغربي فلسطيني في حقوق الإنسان    استئناف موسم صيد الأخطبوط بالمغرب    فتاح العلوي: مونديال 2030 فرصة تاريخية لتحقيق نمو اقتصادي كبير    سائقو النقل بالتطبيقات يطالبون بترخيص السيارات المستعملة عبر دفتر تحملات    الدفاع الجديدي يتعاقد مع حارس موريتانيا    "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. المغرب يبلغ المربع الذهبي بفوزه على مالي    أخنوش: تنظيم مشترك لكأس العالم 2030 يسرع التحول الاستراتيجي للمغرب    زيادة كبيرة في أرباح "نتفليكس" بفضل رفع أسعار الاشتراكات        رياض مزور يكشف التحول الصناعي نحو الحياد الكربوني    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أخنوش: التنظيم المشترك لمونديال 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب    إحداث أزيد من 6200 مقاولة مع متم ماي الماضي بجهة الشمال    البيت الأبيض يكشف: ترامب مصاب بمرض مزمن في الأوردة الدموية    بأمر من المحكمة الجنائية الدولية.. ألمانيا تعتقل ليبيا متهما بارتكاب جرائم حرب وتعذيب جنسي    اتحاديو فرنسا يرفضون إعادة إنتاج "الأزمة" داخل الاتحاد الاشتراكي    اشتباكات بين عشائر ومقاتلين "دروز"    "أطاك" تستنكر الإعتداءات على المهاجرين المغاربة بإسبانيا وترفض تحويل المغرب "لشرطي حدود"    "أنا غني".. سجال هاشم يستعد لإشعال صيف 2025 بأغنية جديدة    مدينة تيفلت تفتتح سهرات المهرجان الثقافي الخامس بباقة موسيقية متنوعة    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية        جيش الاحتلال الصهيوني يواصل مجازره ضد الفلسطينيين الأبرياء    رحيل أحمد فرس.. رئيس "فيفا" يحتفي بالمسيرة الاستثنائية لأسطورة كرة القدم الإفريقية    بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    وداعا أحمد فرس    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسقط الطائرات يظهر ويختفي.. ودعاة الشرق نجوم عند المغاربة

في ندوة حول الإعلام والتنوع والتعددية السياسية، نُظّمت مساء الجمعة الماضية بالرباط، قال أحد المتحدثين، إن هناك برنامجا حواريا في التلفزيون المغربي يعمل على تخريب النقاش السياسي.
لم يسمّ المتحدث البرنامج المقصود ولا صاحبه، ربما احتياطاً وتجنباً لكل التأويلات المغرضة، وربما ترفعاً وتحاشياً الدعاية للمعني بالأمر. غير أن المعني بالأمر لا يحتاج إلى دعاية، لأنه أشهر من نار على علم. يلقبّونه ب»مسقط الطائرات»، وهو وصف لا ينزعج منه بل يتقبّله ضاحكا. أما لماذا نُعت مصطفى العلوي أشهر الإعلاميين المغاربة بذلك النعت، فلأنه يُحاكي بَطل نكتة معروفة، تقول إن تلميذا لا يتقن في دروس الإنشاء غير وصف الحدائق، فوجئ خلال الامتحان بكونه يُطلب منه أن يكتب عن رحلة عبر الطائرة، فما كان منه إلا أن كتب «أقلعت الطائرة من المطار، ولكنها سرعان ما سقطت في الحديقة»، وأخذ يسهب في وصف الحديقة، موضوعه المفضل!
سنيناً طويلة، ومصطفى العلوي على غرار تلميذ النكتة المعروفة يكرر التعبيرات نفسها في تعليقاته المصاحبة للأنشطة الملكية، من قبيل: «ها هي ذي الجموع خرجت يا مولاي عن بكرة أبيها لتستقبلكم...»، وهي تعبيرات يحفظها الكبير والصغير من فرط تكرارها في كل مناسبة وحين، لكن الإعلامي المذكور أصبح يحاول في الآونة الأخيرة التخلص منها، وبالتالي طرد لعنة اللقب المشار إليه عنه.
وبالنظر لقربه من دوائر القرار في المغرب، ومواكبته لأنشطة الملك، صار مصطفى العلوي أصدق ممثل للإعلام المخزني (المخزن مصطلح تقليدي يشير إلى تحالف السلطة والمال). وبالتالي، فالرجل من هذا الموقع ملأ الدنيا وشغل الناس باستمرار. والمثير للانتباه هو الالتباس الذي يطبع علاقة العديد من الفاعلين في السياسة والمجتمع به. جلهم ينتقدونه في غيابه، ولكنهم يتوددون إليه في حضوره، خاصة وأنه يتوفر على أداة خاصة للترويج الإعلامي، هي برنامجه التلفزيوني المباشر «حوار».
يُعاب على هذا البرنامج أنه يميّع النقاش السياسي أو يخرّبه بتعبير الباحث المومأ إليه في بداية المقال ، ويحوّل القضايا السياسية الكبرى إلى موضوعات مبتذلة، كما يُلام مصطفى العلوي بكونه يحرج ضيوف برنامجه وينتقص من مواقفهم ومن خطابات الأحزاب التي ينتمون إليها. وعلى الرغم من كل ذلك، فالكثير من السياسيين بمن فيهم المسؤولون الحكوميون يتسابقون على البرنامج المذكور، ويبحثون بطريقة أو بأخرى أن يكونوا ضيوفا فيه، ويخاطبون صاحبه بعبارة «مولاي مصطفى»؛ أولا، لاقتناعهم بأن «حوار» من أكثر البرامج مشاهدة على التلفزيون المغربي، وثانيا لأنه في اعتقادهم محط عناية من لدن الأجهزة العليا في البلاد، لاسيما بالنظر إلى قرب صاحبه من «دار المخزن». يتمنون المشاركة في البرنامج، حتى ولو أدى بهم ذلك إلى «البهدلة»، وبالخصوص إذا كانت تنقصهم البديهة والحجة وسلاسة اللسان. وقليلون جدا هم ضيوف البرنامج الذين يتحولون إلى أبطال، بفضل قدرتهم على السجال (أو البوليميك)، ومن ثم لا تمر الحلقات التي يشاركون فيها مرور الكرام.
وبما أن البرنامج مرتبط بمعده ومقدمه مصطفى العلوي ذي الوضع الاعتباري الخاص في التلفزيون المغربي (وقد تجاوز سن التقاعد)، فإنه غير خاضع لموعد مضبوط ومتفق عليه؛ إنه يظهر ويختفي، وقد يعلن عن حلقة ما ويحذفها في آخر حلقة كما وقع قبل أسبوعين ، دون أن يكلف الإعلامي نفسه أو القناة نفسها الاعتذار للمشاهدين. ويبقى حكماء «الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري» فاغرين أفواههم لا يدرون ماذا يعملون إزاء هذه الحالة الفريدة، وكل واحد يقول في قرارة نفسه: «ليبادر غيري، فأنا لا أتحمل مسؤولية قرار ما ضد صحافي مدلل من طرف الجهات المعلومة».
وإذا تجاوزنا حالة «مسقط الطائرات»، فالملاحظ أن التلفزيون المغربي يفتقر إلى برامج النقاش السياسي، على الرغم من أن العديد من التقارير واستطلاعات الرأي تؤكد أهمية وضرورة هذه البرامج وقدرتها على استقطاب المشاهدين، وخصوصا الشباب. وحتى حين يبرمج التلفزيون بعض البرامج الخاصة في مناسبات معينة (كالانتخابات مثلا) فإنها تكون بلا طعم أو مذاق، ويقدمها إعلاميون بدون أدنى جهد أو حماس، كما لو أنهم يؤدون عبئا ثقيلا.
هذه الأيام، تقدم القناة الأولى برنامجا من هذا الصنف يحمل اسم «مواقف»، والصواب أن يسمى «قف»، إذ اختار أصحابه للضيوف أن يبقوا واقفين خلال مدة النقاش؛ هذا مبلغهم من الاجتهاد والاختلاف! وماذا يضيرهم لو تركوا الناس جالسين، وركزوا على الجوهر، أي على كيفية إدارة النقاش، عوض الطريقة الميكانيكية التقليدية التي يتصرف بها منشط البرنامج، والتي تساهم في تنفير المواطنين عامة من السياسة والسياسيين ومن البرامج السياسية التي تتكرم بها عليهم أحياناً القنوات المغربية.
نجوم البرامج الدينية
ومن السياسة إلى الدين، فقد كشفت دراسة قام بها «المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة» مؤخرا حول «التدين عند الشباب المغربي»، أن غالبية هؤلاء الشباب يجهلون الدعاة المغاربة المنضويين تحت لواء «المجلس العلمي الأعلى» و»المجالس الجهوية»، وفي المقابل، يجدون ضالتهم في الدعاة المشارقة الذين تستضيفهم الفضائيات العربية، أمثال: يوسف القرضاوي ومحمد حسان وعمرو خالد وطارق السويدان ومحمود المصري، وغيرهم. ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن المغرب لا يتوفر على دعاة يضاهون زملاءهم المشارقة؟ كلا، ولكن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تفرض وصايتها الكاملة على المجال، وتجعله اختصاصا محصورا عليها وحدها، بذريعة «حساسيته» وارتباطه بخصوصية المذهب المالكي المتبنَّى محلياً. ومن جهة ثانية، فالكثير من الأئمة يعتبرون أنفسهم كما لو أنهم موظفون تابعون لوزارة أحمد التوفيق، ومن ثم يبتعدون عن كل ما من شأنه أن يسبب لهم وجع الرأس وغضب الوزير المذكور.
القنوات التلفزيونية المحلية تتأثر بالمعطيين سالفي الذكر، وتطبق مقولة «كم حاجة قضيناها بتركها»، فلا تكلف نفسها عناء البحث عن دعاة قادرين على استقطاب الشباب المغربي من خلال برامج تلفزيونية مباشرة، وتكتفي بمن يقدمون المواضيع الدينية بطريقة مملة ومنفرة في الغالب، ولذلك لا نجد في المغرب دعاة ارتقوا إلى مصاف النجومية عبر التلفزيون كم هو موجود في المشرق العربي.
أكيد أن نتائج الدراسة المتعلقة بالشباب المغربي والتدين والتي قامت على استطلاعات رأي ولقاءات ميدانية، لن تروق مسؤولي التلفزيون المغربي؛ لاعتبارين اثنين:
أولا، لأنها تدحض فكرتهم القائمة على أن شباب المغرب لا تستهويه سوى برامج الترفيه المبتذلة والسهرات الصاخبة وحركات «الراب» الغريبة؛ إذ بينت الدراسة أن المعطى الديني يحتل مكانة بارزة لدى الأجيال الجديدة.
وثانيا، لأنها أظهرت بالملموس أن عيون وآذان شرائح عديدة من المواطنين المغاربة تظل مشدودة إلى مجموعة من الفضائيات العربية التي ساهمت في إبراز دعاة نجوم لهم قدرة على التأثير والتوجيه والاستقطاب.
أخيرا، لنتأمل المفارقة التالية: في سهرة غنائية تلفزيونية، ركّز المخرج على لقطات تظهر نساء من الجمهور مرتديات غطاء الرأس والجلابيب وهن يرقصن على صوت مُغَنٍّ شعبي، وكأن مسؤولي التلفزيون يريدون أن يمرروا من خلال تلك اللقطات خطاباً مفاده: «انظروا، حتى النساء (المحتجبات) يشاركن في حفلة غنائية مبثوثة على التلفزيون!». ولكن، هل كل غطاء للرأس هو بالضرورة حجاب؟ وهل بهذه الطريقة نستقطب الجمهور إلى التلفزيون؟ أم أننا في الواقع نزيد من نفوره منه وسخطه عليه؟
الطاهر الطويل، عن القدس العربي، عدد 5 أكتوبر 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.