الجدبدة : الدرك الملكي يجهض عمليتين لتهريب المخدرات والهجرة السرية    "ريمالد" تعتني بزراعة القنب الهندي    23 قتيلا بينهم 8 أطفال في غارات إسرائيلية على غزة    أحمد بوكريزية ل"رسالة 24″: برشيد تعيش توسعا عمرانيا مع وقف التنفيذ بسبب تأخر وثائق التعمير    إنريكي: خطوة واحدة تفصلنا عن دخول التاريخ وديمبيليه يستحق الكرة الذهبية    المتصرفون بجهة فاس مكناس يطالبون بإنصافهم الإداري ورد الاعتبار لمهامهم داخل قطاع التعليم    حقوقيون يدينون "الملاحقات الكيدية" ضد الناشط إبراهيم ڭيني ويطالبون بحمايته    المنتخب المغربي يحافظ على موقعه في الترتيب العالمي وعلى صدارته قاريا وعربيا    النفط ينخفض وسط مخاوف من تصاعد التوترات التجارية    الخطوط الملكية المغربية تجري محادثات لشراء طائرات من "إمبراير"    بعد ليلة في العراء.. ساكنة آيت بوكماز تواصل مسيرتها الاحتجاجية ضد التهميش وسط تضامن واسع    "أوكسفام": أربعة أثرياء في إفريقيا أغنى من نصف سكان القارة    جدل واسع في طنجة بعد رفع تسعيرة الطاكسيات الصغيرة إلى 7 دراهم    مجلس ‬المستشارين ‬يصادق ‬على ‬قوانين ‬مهمة    هل ‬هو ‬الظلام ‬الذي ‬ينبثق ‬عنه ‬الفجر ‬الصادق ‬؟    متقاعدو ‬المغرب ‬يخرجون ‬اليوم ‬من ‬جديد ‬إلى ‬الشارع    مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بين التأهيل أم التقييد.    خورخي فيلدا: الانتصار على الكونغو أعاد الثقة ل"لبؤات الأطلس" قبل مواجهة السنغال    أشرف حكيمي: الرحيل عن ريال مدريد لم يكن قراري    بعد ‬الإعلان ‬عن ‬نمو ‬اقتصادي ‬بنسبة ‬4.‬8 % ‬وتراجع ‬التضخم ‬    الفاسي الفهري: المغرب يراهن على الفرصة الديمغرافية لتحقيق مكاسب تنموية    تحسيس بمخاطر السباحة في السدود والوديان من طرف وكالة الحوض المائي لكير-زيز-غريس    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    سقوط سيارة في وادٍ قرب مدرسة أجدير بسبب السرعة المفرطة    استفحال ظاهرة الاعتداء على أعوان السلطة ببرشيد وسلطات الأمن تتحرك بحزم    حسن الزيتوني.. عامل الحسيمة الذي بصم المرحلة بأداء ميداني وتنموي متميز    الصينيون يكتشفون الجنوب المغربي: آيت بن حدو وجهة ثقافية عالمية    الإيطالي سينر والصربي ديوكوفيتش يتأهلان لنصف نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب    محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق    تحطم مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي ومصرع طياريها    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    المغرب يعلن رسميا افتتاح سفارته في دمشق واستئناف العمل بمختلف مصالحها    المدرسة الدولية بالجديدة تميز وتألق مستمر في الباكالوريا المغربية وباكالوريا البعثة الفرنسية    مجزرة كروية في أمريكا .. الملكي يتهاوى أمام إعصار باريس    لبؤات الأطلس يلدغن الكونغو في مباراة لا تُنسى    "غي -تا" تكشف عن ملامح عملها الفني الجديد "كروا غوج"    باريس سان جيرمان يكتسح ريال مدريد برباعية ويتأهل لنهائي مونديال الأندية    حموشي يؤشر على تعيينات أمنية    في سابقة طبية إفريقية.. المغرب يشهد أول عملية جراحية بتقنية "v-NOTES" لاستئصال الرحم    مازغان يطلق المطعم الموسمي الجديد    مجلس المستشارين يصادق على مشروع قانون التأمين الإجباري الأساسي عن المرض رقم 54.23    بنسعيد: التحولات التي يشهدها قطاع الصحافة أفرزت الحاجة إلى تحيين الإطار التشريعي المنظم لمهنة الصحافة    أزيد من 160 مفقودا بفيضانات تكساس    إسرائيل تنفذ عملية برية بجنوب لبنان    "مجرم حرب يدعم تاجر سلاح".. بوريل ينتقد ترشيح نتنياهو لترامب لجائزة نوبل    أكثر من مليون متابع لفرقة تولّد موسيقاها بالذكاء الاصطناعي    عندما ينقلب "الحياد الأكسيولوجي" إلى سلسلة ثنائيات شاردة!    كاظم جهاد: جاك ديريدا والمسألة الفلسطينية    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    الطالبة ماجدة بن علي تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة مشرف جدا    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة السياسية من التعاون الى التنافسية
بقلم: العباس الوردي

يعبر مفهوم الحياة السياسية، عن مجموعة من المنظمات الحزبية التي ثم احداثها من قبل عدة مواطنين هاجسهم الأوحد هو تأطير المواطنين تأطيرا يتماشى مع توجهات التنمية المستدامة من جهة ، ومع استكمال بناء دولة المؤسسات من جهة أخرى.
تعد الأحزاب السياسية، عبارة عن مشاتل حية لتكوين النخب التي من المعول عليها الاضطلاع بمهام تدبير الشأن العام الحاضر والمستقبل، أحزاب كان الهدف من وراء انشائها من قبل مختلف دول العالم هو الحرص على نهج مبادئ الديمقراطية وتسيير المواطن لشؤونه بنفسه، وذلك عبر اختيار أشخاص يمثلونهم اما داخل المجالس الشعبية أو المجالس الخاصة بالجماعات الترابية، انها طريقة استطاعت تحقيق نتائج ايجابية انعكست ايجابا على تحسين الظروف المعيشية للرعايا ، تنمية وعيهم ومن ثمة انشاء مجتمعات متحضرة لم تعد تقبل بغير المشاركة السياسية في تدبير الشأن العام.
ان المتأمل في الشأن السياسي الدولي، لتستوقفه مجموعة من الملاحظات والمتجلية أساسا في انقسام الواقع السياسي الى منظومتين احداهما متقدمة وأخرى سائرة في طريق النمو، وهذا التصنيف لا يجب أن يفهم معه القارئ مغالاة الكاتب أو محاولته جلد التجارب السياسية للدول النامية، بل على العكس من ذلك فمواقع الدول المتقدمة في هذا المجال هو خير دليل على هذا التمييز، ما يمكننا أن نستشفه من الواقع السياسي السائد في عدة دول كالولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبي كألمانيا، تجارب أبانت عن نوع من الاحترافية في التعاطي مع قضايا الشأن العام وذلك عبر قيامها بالتطوير المستمر لآليات اشتغال أحزابها وذلك في انسجام تام مع تطلعات رعاياها، كلها أمور لم يتم الوصول اليها الا من خلال خلق جسور للتعاون وتبادل الخبرات بين جميع مكونات حقلها السياسي ، عبر خلق أرضية للحوار يهدف أولا وقبل كل شيء الى تحقيق المصلحة الوطنية ، بل وحتى عند الاختلاف فنجد أن هذه الأحزاب قد قامت بتأسيس وحدات مشتركة لتصريف نقاط الاختلاف في جو يسوده الاحترام والايمان بالرأي الاخر، كل هذه الأمور جعلت من هذه الدول نماذج حية للتقدم الديمقراطي والذي لا يمكن لأحد أن يجادل فيما له من انعكاسات ايجابية على العجلة الاقتصادية لهذه البلدان.
لقد ساهمت الدول السابق التطرق الى تحليل تجاربها السياسية من خلال نهجها لمنطق التعاون الحزبي ، في خلق جو من التنافس بين جميع أطيافها السياسية مما جعل مواطنيها أمام خريطة سياسية تمكنهم من التعاطي مع الأصلح والمنسجم مع انتظاراتهم ، وأدى الى خلق ثورة حزبية بداخلها قوامها البقاء للأصلح وذلك من خلال اعتمادها على الاليات والتكنولوجيات الحديثة من أجل ايصال المعلومة السياسية الى ناخبيها وحتى مع المتعاطفين معها، كلها أمور جعلت من التجارب السياسية لهذه الدول مثالا يحتذى به من قبل مجموعة من الدول الطامحة الى معانقة حلم الديمقراطية الحزبية.
انه بمجرد نهاية الاستعمار الغاشم بمجموعة من الدول العربية والافريقية، حاولت هذه الأخيرة محاولة اعادة بناء مؤسساتها ، سواء من خلال اقرار دساتير أو عبر تأسيسها لمنظمات حزبية ، وذلك بهدف تمكنها من تكوين كفاءات ونخب تستطيع بواسطتها الاجهاز على سلبيات الاستعمار والمضي قدما في بناء دولة المؤسسات، ومن بين هذه الدول قامت بلادنا بمجرد حصولها على الاستقلال بمحاولة مغربة الواقع التدبيري الذي أنهكه الزمن الكولونيالي، عبر محاولة تطبيق نظام أساسه التجاوب المستمر مع انتظارات وتطلعات المواطن المغربي عبر مؤسسات المرفق العمومي، وبالفعل فقد استطاعت بلادنا وبفضل الانخراط المباشر من قبل عدة مناضلين سياسيين التجاوب مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما يمكننا تفسيره بانخراط المغرب ومنذ زمن بعيد في سياسية الأوراش التنموية الكبرى، يرجع الفضل في تحريك عجلتها لنخب وكفاءات حزبية متشبعة بروح الوطنية المتجسدة بالتفاني في خدمة المصلحة العليا للوطن.
لقد عبرت منظمات الحقل الحزبي بمختلف خلفياتها عن رمز للعطاء الدائم والمثمر الذي كان له الوقع الحسن على وضع الدولة المغربية وسط المنظومة الدولية، الا أن الأمر لم يسلم من بعض المعيقات التي لازالت تجهز من وجهة نظرنا على تطوير مسار الممارسة السياسية الجيدة، ما يمكننا تفسيره من خلال التطرق الى فترة ما اصطلح على تسميته بالربيع الديمقراطي أو السعار السياسي حسب تعبيرنا، هذا الأخير الذي انتقل بالواقع السياسي من حالة السبات والركود الى مرحلة من الدينامية المعاكسة، ما يمكننا أن نستشفه من خلال حالة الارتباك الذي أصبحت تتميز به خريطتنا السياسية، ما مرده الى حالة التصارع بين مختلف الأطياف الحزبية أغلبية ومعارضة ، ما أدى الى تشتيت رؤية المواطن سياسيا وعبره الأحزاب السياسية والتي أصبحت مرتعا للمشاحنات الضيقة والتي وصلت في بعض الأحيان الى السب والشتم وتبادل الاتهامات ، في حين أن هناك قضايا لا تحتمل لا التأجيل أو التأخير وفي مقدمتها قضيتنا الأولى قضية صحرائنا المغربية.
ان التطرق لذكر هذه السلبيات ليس من قبيل المغالاة أو المزايدة السياسية من قبل الكاتب، بل على العكس من ذلك فبحكم ممارستي السياسية وجدت بأنه من الواجب علي القيام بتقييم الوضع الحزبي ببلادنا والذي أقول وبكل صراحة بأنه لم يصبح منتجا منذ بزوغ فجر الربيع الدمقراطي، ربيع أدى الى تراجع مردودية المشهد الحزبي الذي تراجع عن اداء مهامه والمتمثلة في تأطير المواطن وانتاج النخب في أفق انتاج كفاءات قادرة على تدبير الشأن العام، وأصبح بمثابة حلبة للمصارعة بين مختلف مكونات الخريطة السياسية، ما يدفعنا الى التساؤل عن ماهية الوسائل الكفيلة بتجاوز هذا الوضع المتأزم .
يعتبر التعاون الحزبي من وجهة نظرنا البديل الوحيد لبلوغ مرامي التدبير الحزبي المبني على النتائج وخاصة وأننا أصبحنا أمام منطق محكوم بإكراهات العولمة، لا يعترف الا ببرامج مبنية على وضوح الأهداف وتوفر الامكانات ودلك في انسجام مع تطلعات المواطن، كلها أمور استطاعت من خلالها مجموعة من الدول الانف ذكرها خلق قنوات للتواصل الدائم والمستمر فيما بينها، ولما لا احداث منتديات للحوار الجريء المبني على الجرأة والصراحة السياسية في سبيل بلوغ التنمية الوطنية الحقة، كلها أمور أصبحت تفرض نفسها وبإلحاح على منظومتنا السياسية ، وذلك عبر تكثيف الجهود من أجل البرهنة لمختلف دول العالم على أننا قادرون على التضامن السياسي من أجل بلوغ أهداف التنمية المواطنة، وبما أن هذه الطريقة قد أبانت عن نتائجها الايجابية في الدول المتقدمة في مسألة التحول الديمقراطي، فان المغرب سينتقل لا محالة الى اعتماد مبدأ التنافسية السياسية مما سيؤسس لميلاد مرحلة سياسية جديدة تعطي الأسبقية للبرامج الجيدة والقادرة على استمالة أصوات الناخبين وبالتالي ضمان تكريس انتظاراتهم على أرض الواقع بشكل يؤدي الى تثبيث مبدأي المساءلة والمحاسبة الدستوريين على أرض الواقع.
ان كلا من التعاون والتنافسية وجهان لعملة واحدة، ما مفاده أن الحقل السياسي لم يعد يقبل من الان بتقليدانية الفكر السياسي، بل أصبح يبحث عن البديل والذي يتمثل في ضرورة بناء برامج انتخابية تتميز بالواقعية ومن ثمة وضوح الأهداف وجودة النتائج.
ان مغرب العهد الجديد، لم يعد يقبل بتاتا بمنظومة حزبية معطوبة، بل أصبح يتطلع الى مؤسسات سياسية قادرة على مسايرة الأحداث الوطنية في ظل المتغيرات الدولية ، الأمر الذي لا يمكننا بلوغه الا من خلال التعاون الحزبي المبني على المنافسة الشريفة والهادفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.