شهدت نيوزيلندا يوم الجمعة الماضية هجوما إرهابيا على مسجدي النور ولينود بمدينة كرايست تشيرتش، وهو الهجوم الذي تسبب في مقتل 51 شخصا وإصابة آخرين، بعد قيام الأسترالي برينتون تارانت، 28 سنة، بإطلاق النار على المصلين. اليوم، استطاع إماما المسجدين أن يخرجا عن صمتهما ويكشفان تفاصيل الهجوم، في حوار مع صحيفة nzherald النيوزيلندية. أكد جمال فودة إمام مسجد النور أنه كان في الدقيقة الخامسة من إلقائه لخطبة الجمعة أمام المصلين الذي قدر عددهم ب200 شخصا، قبل أن يبدأ بعضهم في القفز والصراخ إثر سماعهم لصوت إطلاق 3 رصاصات، مشيرا إلى أنه اعتقد في البداية أن هناك أطفالا يلعبون قرب محيط المسجد أو أن هناك مشكلا في نظام الصوت في المسجد. غير أن منفذ الهجوم قطع شك المصلين باليقين، حيث أطلق رصاصة وكان صوتها هذه المرة أقرب، الأمر الذي دفع بأحد المصلين الجزائريين إلى الصراخ "نعم إنه إطلاق النار"، وحطم نافذة المسجد، يحكي فودة، مضيفا: "بعد ذلك بدأ إطلاق النار بشدة، كما أن منفذ الهجوم كان يرتدي خوذة، نظارة وملابس ذات طراز عسكري، مستعملا بندقية نصف آلية". هذا وأشار فودة أن "المصلين هربوا من النافدة، خاصة المتواجدين في الجانب الأيمن، عكس المتواجدين في الجانب الأيسر للمسجد، فقد كانوا أقرب من منفذ الهجوم، حيث سقط بعضهم فوق بعض، كما أن هذا الأخير كان ينتقل بشكل ممنهج بين جنبات المسجد ليقتل المصلين، وما إن يسمع صوتا قادما من أي مكان يطلق النار نحوه". وأضاف فودة أن منفذ الهجوم استمر في إطلاقه للنار "حتى أننا لم نستطع أن نتنفس من شدة الدخان الكثيف، وطلقات الرصاص التي كانت تتطاير في كل مكان، وعند نفاد هذه الأخيرة لم نكن متأكدين إذا كان قد غادر المسجد أم لا لأن الصمت كان يعم المكان، اعتقدنا أنه اختبئ، غير أننا لم نكن نستطيع النظر، والحمد لله لم يمكن يعرف بمكان تواجدنا". نفاد الرصاص لم يحل دون عودة تارانت إلى المسجد، حيث أكد فودة أنه عاد مجددا وبدأ في قتل المصلين الذين خرجوا من مكان اختبائهم، كما أطلق النار على الجثث، مشيرا إلى أن العديد من المصلين فروا إلى موقف السيارات الخلفي للمسجد واختبأوا هناك، بينما اختار آخرون قفز الأسوار. بعد مسجد النور، كان مسجد لينود هو الوجهة الثانية لتارانت، حيث أكد لطيف علبي الإمام المؤقت للمسجد أنه أثناء أدائه لصلاة الجمعة سمع صوت إطلاق النار خارج المسجد وهو ما دفعه إلى تحذير المصلين بضرورة الاختباء، غير أن منفذ الهجوم تمكن من قتل ما لا يقل عن 6 أشخاص. وأضاف علبي أنه خرج رفقة خادم المسجد عبد العزيز، حيث التقط هذا الأخير الجهاز الخاص بإجراء عمليات الدفع ببطاقات الائتمان واعتمده كسلاح لمواجهة تارانت الذي توجه نحو سيارته من أجل الحصول على سلاح جديد، مشيرا إلى أن عبد العزيز التقط سلاح القتال وحطم زجاج سيارته الأمامي ، وهو ما جعله يهرب بسرعة من مكان الحادث، كما قام علبي بالاتصال بعناصر الوقاية المدنية من أجل انقاد الجرحى. يشار إلى أن تارانت قبل تنفيذه للهجوم نشر بيانا على الأنترنت اعتبر فيه أن تدفق المهاجرين على الدول الغربية يشكل أخطر تهديد لمجتمعاتها، وأن وقف الهجرة وإبعاد "الغزاة" المتواجدين على أراضيها ليس "مسألة رفاهية لشعوب هذه الدول، بل هو قضية بقاء ومصير"، مؤكدا أن هذا الهجوم هو من أجل "إقناع الغزاة بأن أراضينا لن تصبح لهم أبدا". هذا وبدأت محاكمة تارانت أمس السبت بتهمة القتل، على أن تعقد جلسة محاكمته الثانية في الخامس من شهر أبريل المقبل.