1. الرئيسية 2. تقارير المغرب يرفع ميزانية الدفاع إلى 16 مليار دولار لمواجهة التحولات الإقليمية المتسارعة الصحيفة - خ.اجعيفري - إ. بويعقوبي الأثنين 20 أكتوبر 2025 - 16:50 رفع المغرب مجددا ميزانية الدفاع الوطني، بعدما نص مشروع قانون المالية لسنة 2026 على تخصيص 157 مليارا (ما يقارب 16 مليار دولار) و171 مليون درهم لاقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية، ودعم تطوير الصناعة الدفاعية الوطنية، وهو الرقم الذي يؤشر على استمرار المنحى التصاعدي للإنفاق العسكري للمملكة، في ظل تحولات إقليمية متسارعة وتحديات أمنية متزايدة في منطقة الساحل وشمال إفريقيا. وحدد مشروع القانون الذي تتوفر عليه "الصحيفة" في مادته 34 مبلغ النفقات المأذون بها للوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني في 157,171,000,000 درهم، أي ما يفوق 157 مليار درهم برسم السنة المالية 2026، ضمن مخصصات "اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير الصناعة الدفاعية"، ويأتي هذا الرقم غير المسبوق ليعكس بوضوح حجم التحول الذي تعرفه السياسة الدفاعية للمغرب في السنوات الأخيرة، والمبنية على التحديث الشامل وتعزيز السيادة الصناعية والأمنية. ويمثل هذا الارتفاع استمرارا للنهج الذي اتبعته المملكة خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفعت الميزانية من 124 مليار درهم سنة 2024 إلى 133 مليار درهم سنة 2025، وصولًا إلى الرقم الحالي الذي يؤكد حرص الدولة على الحفاظ على مستوى إنفاق دفاعي مرتفع يواكب متطلبات الأمن الوطني والتوازن الإقليمي. وبحسب الوثيقة المالية الرسمية، فإن هذه المبالغ سيتم الالتزام بها خلال عام 2026، على أن تُرصد الاعتمادات الخاصة بها خلال السنة المالية اللاحقة 2027، في ما يشير إلى مقاربة مالية متدرجة تضمن استمرارية تمويل المشاريع الدفاعية الكبرى دون الإخلال بتوازنات المالية العامة، خصوصا تلك المرتبطة بتجهيز القوات المسلحة الملكية وتوسيع قاعدة الصناعة الدفاعية المحلية. وتُظهر الأرقام الواردة في المشروع المذكور، أن هذه الميزانية تمثل زيادة بنسبة 17.77 بالمائة مقارنة بميزانية العام الماضي، التي بلغت 133,453,000,000 درهم برسم سنة 2025. وتُترجم هذه النسبة في الواقع إلى زيادة صافية قدرها 23,718,000,000 درهم، أي ما يزيد عن 23.7 مليار درهم إضافية تم رصدها ضمن حساب الالتزامات المسبقة لقطاع الدفاع، وهو ما يعكس تصاعدا مستمرا في وتيرة الإنفاق الدفاعي الوطني. ولا تأتي هذه القفزة المالية بمعزل عن سياقها، إذ تُبرز التزام الدولة المغربية بتعزيز القدرات العسكرية والأمنية للمملكة، سواء عبر تحديث ترسانتها العسكرية أو من خلال الاستثمار في الصناعة الدفاعية الوطنية التي بدأ المغرب يطورها منذ سنة 2020 لتقليص تبعيته الخارجية فالزيادة الجديدة تدخل في إطار رؤية أشمل تهدف إلى تأهيل القوات المسلحة الملكية لتواكب التحديات الإقليمية الجديدة وضمان الجاهزية في مواجهة أي تهديدات محتملة. ومن خلال تتبع تطور ميزانية الدفاع خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن الارتفاع الحالي يندرج ضمن مسار تصاعدي منتظم بدأ منذ سنة 2019، حيث ارتفعت الميزانية الدفاعية من 96.7 مليار درهم سنة 2019 إلى 115.5 مليار درهم في سنة 2022، ثم إلى 120 مليار درهم في 2023، لتصل إلى 124.7 مليار درهم في سنة 2024، ثم 133 مليار درهم في 2025، قبل أن تُسجّل هذه القفزة الجديدة إلى 157.171 مليار درهم في 2026 وبذلك يكون المغرب قد رفع نفقاته الدفاعية بأكثر من 60 مليار درهم في ظرف سبع سنوات، في مؤشر واضح على التحول البنيوي في ميزانيته الدفاعية. ويفسر خبراء الشؤون العسكرية هذه الزيادات المتتالية بكونها جزءا من خطة بعيدة المدى لتحديث القوات المسلحة الملكية في أفق 2030، وتشمل اقتناء أنظمة تسليح حديثة، وتطوير قدرات الحرب الإلكترونية، وتحسين منظومات الدفاع الجوي، إلى جانب إصلاح البنية التحتية للجيش ودعم التصنيع المحلي في مجالات الطيران، والصناعات البحرية، والذخائر، والمعدات اللوجستية. كما تأتي هذه الطفرة في الإنفاق العسكري في وقت يواصل فيه المغرب تعزيز شراكاته الدفاعية مع دول كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وإسبانيا، موازاة مع تطوير منظومة قانونية وتنظيمية جديدة لتنظيم قطاع الصناعات الدفاعية الوطنية وجذب الاستثمارات في هذا المجال. بهذه الخطوة، يؤكد المغرب أن تطوير الصناعة الدفاعية لم يعد خيارًا ظرفيًا، بل توجّهًا استراتيجيًا يندرج ضمن مشروع بناء دولة قوية قادرة على حماية حدودها ومصالحها الاستراتيجية. فميزانية 2026، بما تحمله من أرقام قياسية، ليست مجرد بند مالي في مشروع القانون، بل رسالة سياسية واضحة مفادها أن المغرب يعزز قدراته الذاتية ويؤسس لمكانته كقوة إقليمية صاعدة، تجمع بين التحديث العسكري، والسيادة الصناعية، والرؤية الاستراتيجية في الأمن القومي. وتأتي هذه الزيادة القياسية في ميزانية الدفاع المغربي في سياق إقليمي متحوّل، يتّسم بسباق متصاعد نحو التسلح وتوسيع القدرات العسكرية في شمال إفريقيا، خصوصا بعد أن كشفت الجزائر بدورها عن مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي خصّص لوزارة الدفاع ميزانية ضخمة تُقدَّر ب 3.305 تريليون دينار جزائري، أي ما يعادل تقريبًا 25.4 مليار دولار أمريكي، لتظل بذلك وزارة الدفاع الوطني القطاع الأول من حيث الاعتمادات المخصصة في ميزانية الدولة الجزائرية. ووفقًا لما ورد في مشروع القانون الجزائري الذي صادق عليه مجلس الوزراء يوم 5 أكتوبر، فإن ميزانية الدفاع تنقسم إلى 3.205 تريليون دينار في اعتمادات الدفع و3.305 تريليون دينار في اعتمادات الالتزام، وهو ما يؤكد استمرارية النهج التصاعدي في الإنفاق العسكري للجزائر للعام الرابع على التوالي. وقد شمل توزيع هذه المخصصات أرقامًا لافتة، أبرزها 908 مليار دينار مخصصة ل "الدفاع عن التراب الوطني"، و861 مليار دينار ل "الدعم اللوجستي"، بينما وُجه البند الأكبر، بقيمة 1.736 تريليون دينار، لما يسمى ب "الإدارة العامة" داخل وزارة الدفاع، وهو البند الذي يغطي عادة مصاريف "السيادة" واقتناء المعدات وصيانة البنية التحتية العسكرية. وبذلك تُواصل الجزائر تخصيص أكثر من 20 بالمائة من ميزانيتها العامة للدفاع، ما يجعلها ضمن أعلى الدول إنفاقا عسكريا في القارة الإفريقية، بحسب تقديرات إعلامية واقتصادية، في حين لم تُنشر بعد تفاصيل دقيقة حول برامج التسلح الجديدة أو الاستثمارات الصناعية الدفاعية، وسط حديث متكرر عن غياب الشفافية في توضيح بنود هذا الإنفاق الذي يوصف بأنه "الأكثر حساسية" في المالية العمومية الجزائرية. في المقابل، يقدّم مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2026 نموذجا مختلفا من حيث الهيكلة، إذ نصّ بوضوح في مادته 35 على تخصيص مبلغ 157,171,000,000 درهم (أي أكثر من 157 مليار درهم مغربي) برسم السنة المالية 2026، ضمن حساب "اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير الصناعة الدفاعية"، وهو ما يعادل تقريبا 15.2 مليار دولار وفق أسعار الصرف الحالية وقد حُدد الالتزام بهذه المبالغ خلال عام 2026، على أن يتم رصد الاعتمادات الخاصة بها خلال سنة 2027، في خطوة تعكس اعتماد المغرب مقاربة مالية متدرجة ومتوازنة تضمن استدامة الإنفاق الدفاعي دون الإخلال بالتوازنات الكبرى. ورغم أن الفارق العددي في القيمة المطلقة يبدو لصالح الجزائر، إلا أن المقاربة المغربية تختلف من حيث الطبيعة البنيوية والوظيفية للميزانية فبينما تركز الجزائر على الإنفاق التقليدي الموجّه للتجهيز والتسليح الخارجي، يركّز المغرب على التحول الهيكلي نحو الصناعة الدفاعية الوطنية وتطوير القدرات الذاتية في التصنيع العسكري، انسجامًا مع المرسوم الملكي القاضي بإنشاء منظومة إنتاج محلية للأسلحة والمعدات الدفاعية، وتشجيع الشراكات مع شركات غربية وإسرائيلية وأمريكية في مجال تكنولوجيا الدفاع والطيران. هذا السباق المالي والعسكري بين البلدين الجارين يُبرز تغير موازين القوة في شمال إفريقيا؛ فالمغرب يسعى إلى بناء قدرات تكنولوجية وصناعية دفاعية محلية تضمن له الاستقلالية الاستراتيجية، في حين تعتمد الجزائر على توسيع ميزانيتها العسكرية بشكل مباشر للحفاظ على تفوقها العددي والردعي. ويجمع محللون على أن التقارب المغربي الأمريكي والإسرائيلي في المجال الدفاعي، وما رافقه من مشاريع تصنيع مشترك للطائرات المسيّرة والأسلحة الذكية، قد دفع الجزائر إلى مواصلة الرفع من ميزانيتها الدفاعية لمعادلة هذا التطور النوعي في القدرات المغربية. في سياق مرتبط، يُنتظر أن تقدم الحكومة مشروع قانون المالية أمام البرلمان مساء اليوم الاثنين، بعد أن ناقشه المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس أمس الأحد، حيث قدمت وزيرة الاقتصاد والمالية عرضا أمام الملك حول التوجهات الكبرى للمشروع، الذي يرتكز على التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير وخطاب افتتاح الدورة التشريعية.