رواية التاريخ ليست من اختصاص الجلادين وخدام الأسياد من أعوان الأجهزة الأمنية والمخابراتية، خصوصا أولئك الذين كانوا يصطفون في المراتب الدونية لتلك الأجهزة. ولا تأثير لهم على الأجهزة التي كانت توظفهم ، كما أن إمكاناتهم الثقافية والفكرية لا تسمح لهم بإدراك أن الأوضاع ليست ستاتيكية وأن هناك تحولات ستحدث في المستقبل ، بل هم من عامة الناس فمثلا ما رواه المخبر أحمد البوخاري بالدقائق والتفاصيل ، فمن المستحيل على شخص في مستوى أحمد البوخاري التوفر على معطيات تخص المخابرات المغربية ، خصوصا إذا علمنا أن مهمته كانت هي الهاتف ونحن نعلم أن المكالمات بين عناصر المخابرات في الهاتف تتم بالمرموز، كما أن طبيعة التنظيم المخابراتي لا تسمح لرجل من مستوى البوخاري الإلمام بكل تلك المعطيات وإلا سيصبح هذا الجهاز كباقي أجهزة الدولة العادية ولا علاقة له بالتنظيم المخابراتي فمثلا تحدث عن مراحل أدعى أنه كان أحد الفاعلين فيها في الوقت الذي نعرف أنه لم تكن له علاقة بها ووقتها لم يكن تربطه بالمخابرات ادنى رابطة فهو ادعى أنه انتقل إلى الجزائر في سنة 1964 قصد اغتيال شهيد الحركة الاتحادية والشعب المغربي الشهيد بن بركة ، ففي هذا الوقت كان بآسفي في دكانه وكان مرتبطا بإحدى خلايا أحمد كوليز [شيخ العرب] والتي كانت مشكلة من محمد الشعبي والمرابطين محماد وشجار عبد الرحمان ، وهو من قام بالتبليغ عن هذه الخلية والتي كانت تخفي بعض الأسلحة والقنابل في دكانه بشارع الفقيه الكانوني . هذه الخلية التي اعتقل منها اثنان من أعضائها الأول وهو المرابطين محماد في أبريل 1964 ومحمد الشعبي في غشت 1964، أما شجار عبد الرحمان فقد دخل في السرية إلى أن ظهر في الجزائر.وهذا التبليغ هو الذي مهد له التحاقه بالكاب 1 في سنة 1966 حسب الوثيقة الموقعة من طرف أوفقير التي أدلى بها كلا من المسناوي وصاكا والعشعاشي لدى قاضي التحقيق في الدعوى التي رفعها المذكورين أعلاه ضده .كان لا بد من هذه الإشارة كنموذج للكذب والافتراء الذي أصبح على لسان بعض المخبرين كما هو الحال في الاستجواب الذي أجرته الصحفية مرية مكريم لفائدة جريدة الأيام مع المدعو الأبيض رجل المخابرات في بعض السفارات المغربية في الخارج كما يدعى .هناك مجموعة من مغالطات تم حبكها من طرف المدعو الأبيض فهو يدعي أنه هو أول من اكتشف علاقة مواطن فلسطيني مع المعارضين من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذين كانوا يتدربون في سوريا في سنة 1965 ، فليعلم المدعو الأبيض أن الحركة الاتحادية لم تتخذ من سوريا وبالضبط تكنة الزيداني كمقر للتدريب إلا في سنة 1969 على عهد حكم اليسار البعثي الذي كان يمثله أنذاك كلا من نور الدين الأتاسي ويوسف زعين وابراهيم ماخوس ، فهؤلاء من سهلوا مأمورية إيواء وتدريب المناضلين الاتحاديين بعد إغلاق معسكرات التدريب في الجزائر إثر انقلاب 19 جوان 1965 ، الذي قاده هواري بومدين ضد الرئيس أحمد بنبلا الرئيس الشرعي أذاك.والشخصية الاتحادية التي ربطت العلاقة مع اليسار البعثي آنذاك هو المناضل الفقيد المرحوم الفقيه محمد البصري بواسطة المرحوم باهي الذي كان على علاقة شخصية بهؤلاء البعثيين وقادة اليمين الديمقراطية.المرحلة التي يتحدث عنها المخبر الأبيض ، كان فيها المرحوم الفقيه محمد البصري يوجد في السجن ولم يغادره إلا بعد انتفاضة 23/21 مارس 1965 وعلى ما نعتقد في صيف 1965 بعد أن أعلن الحسن الثاني على حل البرلمان وإعلان حالة الاستثناء وبعد الاتفاق مع المرحوم بوعبيد عبد الرحيم وقيادة الاتحاد التي بقيت خارج السجن بعد الاعتقالات التي عرفتها الحركة الاتحادية المعروفة في أدبياتها بالمؤامرة سنة 1963.الفقيد الفقيه محمد البصري لم يغادر المغرب إلا في سنة 1966، ووقتها كانت قواعد تدريب المناضلين الاتحاديين في الجزائر معلقة على عهد هواري بومدين والتي كان يشرف على إدارتها محمد أوجار[ سعيد بونعيلات] ومحمد بن سعيد ومولاي عبد السلام الجبلي والمرحوم مجيد العراقي والشهيد تاغجيست لحسن و غيرهم من كوادر الحركة، بل أن المناضلين في تلك المرحلة كانوا يعانون الاضطهاد والمضايقات من طرف مخابرات هواري بومدين واستمر ذلك الوضع إلى غاية 1969 حيث انتقل المناضلون الاتحاديون إلى تكنة الزيداني في سورية بعد اتفاق المرحوم الفقيه محمد البصري مع الإخوان السوريين.والمناضلون الذين انتقلوا إلى سورية كان انتقالهم يتم بواسطة المغرب او الجزائر عن طريق الخط الرابط بين باريس ودمشق ، وكان المكلف بهم حال وصولهم دمشق هو الفقيه الفكيكي [الأعور] إن ما يقوله المخبر الأبيض عن المواطن الفلسطيني الذي قتله بسبب وجود لائحة بأسماء الاتحاديين الذين وصلوا إلى لبنان للتدريب في سوريا هو محض افتراء وكذب. إضافة إن الذين يعرفون أسماء المناضلين هم من يرسلونهم من المغرب أو الجزائروفرنسا ومجموع أوربا هم من يعرفون الأسماء الحقيقية للمناضلين. أما الأخرين من المسؤولين لا يعرفون إلا أسماءهم الحركية.أما عن حقيقة الدبلوماسيين المغاربة الذين تم ضبطهم يتعاملون مع الكاجيبي فليست لهم علاقة بالاتحاد حسب ما زعم المخبر الأبيض .فالدبلوماسي الذي كان يعنيه بالأساس والمتزوج من مواطنة روسية هو السيد حسن البواب وهذا الشخص لا علاقة له بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية فالذي كان يحميه هم أخواله أحمد الطيب بنهيمة وزير الخارجية والغالي بنهيمة السفير لدى هيأة الأممالمتحدة وبتونس والدكتور محمد بنهيمة المعروف بتاريخه وعلاقاته مع الحسن الثاني ، إضافة إلى كون أحد أبناء عمومته كان قنصلا في فرنسا لمدة طويلة.فمن المعلوم أن المرحوم مولاي عبد الله ابراهيم، كان رئيسا للحكومة ووزير للخارجية وهي المرة الأولى والأخيرة التي تحمل فيها اتحادي حقيبة وزارة الخارجية وذلك من نهاية 1958 إلى ماي 1960 تاريخ إقالة حكومة عبد الله ابراهيم .كما اعتقل مع الدبلوماسي المذكور الدكتور اليوسي الذي كان طبيبا بآسفي في مرحلة الستينات بمستشفى محمد الخامس وكان وقت اعتقاله يسكن طنجة وهو ليس بدبلوماسي ومن عائلة لحسن اليوسي الذي كان وزيرا للداخلية في المرحلة التي تمرد فيها عامل تافيلالت عدي اوبيهي بإيعاز من ولي العهد أنذاك وأحرضان والدكتور الخطيب طبعا ولحسن اليوسي، الذي وفر له ولي العهد الفرار إلى إسبانيا على عهد فرانكو، ومن المعلوم أن من تفاوض مع المتمرد عدي أوبيهي هو الشهيد المهدي بنبركة الذي أقنعه بإلقاء السلاح وتسليم نفسه مما أدى إلى محاكمته والحكم عليه بالإعدام ، وقد مات في السجن ويقال بأنه مات مسموما! والمعروف ان عدي أوبيهي تمرد ضد سلطة حزب الاستقلال بإيعاز من القصر ومن الشخصيات المذكورة أعلاه وبدعم من الاستعمار الفرنسي الذي قدم له المال والعتاد. إذن الدبلوماسيون المتهمون بالتخابر لم تكن لهم أدنى علاقة بالاتحاد ، فالاتحاديون تمت تصفيتهم من وزارة الخارجية بعد إقالة حكومة عبد الله ابراهيم في ماي 1960.هناك واقعة أخرى اختلط على المخبر الأبيض أمرها وتتعلق ب جميل الحسين، فهذا الشخص هو من كان ضمن العناصر التي حاصرت الشهيد أحمد اكوليز [شيخ العرب ] بعدها عين عميدا للأمن الإقليمي ببني ملال ومنها انتقل في 1965 إلى آسفي خلفا للعميد محمد بن حيون الذي عين بالقنيطرة ، وبقي الحسين جميل بآسفي إلى أن التحق " بالكاب 1 " ومنها " إلى " الديستي" ولم تكن له علاقة ب " لادجيد".بقيت الإشارة إلى أن ادعاء الأبيض أنه لا يتقاضا في تقاعده إلا مئتا درهم وبعض السنتيمات فهذا كذب فالدولة المغربية ، لما يقرب من عشر سنوات جعلت الحد الأدنى للمعاش هو 500 درهم .الحاج المرابطين محمادالطيب البوعيبي