قال مؤرخ المملكة السابق، حسن أوريد، إن إسبانيا تكيل بمكيالين وتلغي جزءا من تاريخها حين تتنكر للمسلمين الذين تم طردهم من الأندلس بينما لا تقوم بنفس الأمر تجاه اليهود المرحلين. واعتبر حسن أوريد صاحب رواية "الموريسكي" الذي تحدث أول أمس في ندوة "أندلسيات روائية" ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب؛ أن إسبانيا التي تعترف مؤخرا بمعاناة اليهود على أراضيها قبل قرون؛ تتعمد تجاهل مأساة الموريسكيين وما ذاقوه من معاناة سواء على أراضيها أو أثناء الترحيل الذي قال إنه كان في أوضاع غير إنسانية حيث هلك فيه الجزء الأكبر من المسلمين المطرودين. أوريد الذي استضافته الندوة باعتباره صاحب إحدى الروايات المهمة حول المأساة؛ أوضح أن إسباينا التي منحت لليهود من ذوي الأصول الإسبانية إمكانية الحصول على الجنسية الإسبانية؛ تريد -بطريقة إيديولوجية- أن تقر هوية مؤسسة على معطى عرقي وديني صاف، مؤكدا أن إسبانيا بذلك تكون قد سلخت جزءا من تاريخها وتراثها ومتسائلا "هل كانت المعاناة أقل بالنسبة للمسلمين؟" وقال أوريد الذي سبق أن شغل منصب مؤرخ المملكة إنه كتب رواية "الموريسكي" للتذكير بمأساة المطرودين من الأندلس وما تعرضوا له من اضطهاد والذي لم يتوقف حتى بعد رحيلهم إلى المغرب حيث شك في إسلامهم وعروبتهم، وهو ما خلّدته القولة التي أطلقها المغاربة عليهم "مسلمي الرباط"، مشيرا إلى أن تلك مأساة إنسانية وإسبانية أيضا ولا يمكن لإسبانيا أن تتصالح مع ذاتها إلا بالاعتراف بهؤلاء. من جانبه، اعتبر المتخصص في الدراسات الأندلسية مصطفى عديلة، أن الأدب الإسباني المعاصر بدأ يتناول قضية الموريسكيين ومأساة المسلمين منذ بداية الألفية الثانية؛ بعد أن تم النظر إليهم في السابق نظرة تهميش واحتقار باعتبارهم طائفة ضالة. واستشهد عديلة بمجموعة من الروايات والنصوص الإسبانية والتي تجمع في أغلبها على نسيان الموضوع، حيث اعترف أحد الكتاب بالقول "إننا لم ندرس هذه الحقبة من تاريخنا في الجامعات، ولا تُخَصّص إلا صفحة لما وقع في القرن ال16 وبداية 17"، موضحا أن هناك مفارقة كبيرة بين مسألة طرد الموريسكيين وطرد اليهود حيث تتوفر الكثير من الكتابات التي تتناولها في الأدب الإسباني. وأوضح المتحدث، أن التحول بدأ يقع مؤخرا بتناول هذا الموضوع من قبل أساتذة جامعيين وروائيين ومحامين لهم حس حقوقي يرون أنه لا بد من إعادة قراءة التاريخ وكتابته لمعرفة المسؤول عن فشل المجتمع آنذاك في احترام التعددية. هذا وتحدث في الندوة التي عرفت حضورا مهما من قبل متتبعين ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب الذي يواصل فعالياته بالدار البيضاء؛ (تحدث) كل من حسن أوريد، و الميلودي شغموم، ومصطفى عديلة، فيما أدار النقاش شرف الدين ماجدولين الذي تحدث عن شغف الكتاب بتناول قضية الأندلس متسائلا "هل هذا الولع بتاريخ الموريسكيين يوازيه ولع عند الإسبان؟" يذكر أن الحكومة الاسبانية تسعى مؤخرا لمنح الجنسية للملايين من أحفاد اليهود الذين طردوا من إسبانيا بموجب الوثيقة التاريخية المعروفة باسم مرسوم الحمراء الذي أصدره الملك فرناندو الثاني والملكة ايزابيلا الأولى عام 1492، حيث قال وزير العدل الإسباني ألبيرتو رويث غالياردون إن هذه الخطوة ستكون بمثابة تصحيح لخطأ ارتكبه الإسبان قبل 500 عام.
