"البسيج" يفكك خلية إرهابية خططت لتنفيذ أخطر عمليات إرهابية بالمغرب    بوريطة يتباحث ببانجول مع وزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية    موزمبيق.. انسحاب قوات مجموعة تنمية افريقيا الجنوبية يفتح الطريق أمام حالة من عدم اليقين    "يونسكو" تحتفي بالصحافة الفلسطينية    أزيد من 71 فالمية من العاطلين فبلادنا كاينين ف5 جهات وعلى رأسها جهة كازا سطات متبوعة بجهة فاس مكناس    أسعار الذهب تتجه للانخفاض للأسبوع الثاني تواليا    توقف أشغال طريق بين مكناس وبودربالة يثير غضب السكان بالمنطقة    النفط يتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي في 3 أشهر    "الفاو": أسعار الغذاء العالمية تواصل الارتفاع للشهر الثاني في أبريل    احتجاجات أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء تضامنا مع طلاب الجامعات الداعمين لغزة    اليونسكو تمنح الصحافيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    الكعبي يسجل "هاتريك" ويقود أولمبياكوس للفوز أمام أستون فيلا في دوري المؤتمر الأوروبي    نزار بركة… وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية    توقعات طقس اليوم الجمعة في المغرب    المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعلن تفكيك خلية إرهابية من 5 عناصر    المحامي عزوزي دفاع ضحايا مدير ثانوية التقدم ل"كود": القضية بانت فيها مستجدات جديدة والضحايا كيعيشو ضغوط نفسية والنيابة العامة تعطات مع الملف بسرعة    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى رئيس دولة الإمارات إثر وفاة سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    برنامج مباريات المنتخب المغربي الأولمبي بأولمبياد باريس 2024    غامبيا.. بوريطة يتباحث مع نظيره الغابوني    حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بنك المغرب…66 في المائة من أرباب المقاولات الصناعية المغاربة يعتبرون الولوج إلى التمويل "عاديا"    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    إيقاعات الجاز تصدح بطنجة بحضور مشاهير العازفين من العالم    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    تركيا تعلن وقفا كاملا للتعاملات التجارية مع إسرائيل    "حرية الصحافة"..المغرب يرتقي في التصنيف والصحافة المستقلة مهددة بالانقراض بالجزائر    المرة اللولى منذ 2009.. واحد من الحزب الإسلامي المعارض كيترشح للانتخابات الرئاسية ف موريتانيا    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    زلزال جديد يضرب دولة عربية    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب والعولمة: الوضع الراهن والتحديات المستقبلية
نشر في التجديد يوم 31 - 10 - 2002

إن الرأي العام العربي، أو على الأقل المهتمين بموضوع العولمة منقسمين إلى رأيين: رأي يقول أن العولمة وهم، وهي مؤامرة، وهي سياسة أمريكية تريد أن تفرض فيها سيطرتها على العالم وعلى العالم العربي بشكل خاص. وبالتالي، فهم يرفضون حتى التفكير في الموضوع. وهناك رأي آخر يقول بضرورة الالتحاق بالعولمة، وفهم مظاهرها والتعامل مع إيجابياتها وسلبياتها على السواء، وإلا فسنجد أنفسنا خارج الملعب في المستقبل.
والمشكلة أن العولمة واقع حقيقي، يفرض نفسه على الجميع، وأن الاقتصاد العالمي والسوق العالمية تتكون وتتقوى يوما بعد يوم، وأن تكنولوجيا المعلومات تخلق فضاء عالميا يتجاوز الدول وإمكانات الدول ولانستطيع السيطرة عليه أو التحكم فيه، إلا بقدر ما نستطيع أن نشارك في الإبداع فيه.
لكن السؤال المطروح الآن ليس هو هل ينبغي أن نلتحق بالعولمة أم لا؟ بل كيف يمكن أن نلتحق، كيف أن نكون طرفا فاعلا وحقيقيا في الإنتاج العالمي وفي السوق العالمية؟.
وحتى ندرك إلى أي حد يعيش العالم العربي في أوهام أنه غني وأنه عنصر فعال ومشارك، وهو مهمش كليا، سنعطي بعض المعطيات حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العربية خلال السنوات الأخيرة.
إن قراء مسار الاقتصاديات العربية في السنوات الأخيرة تشير إلى وجود مؤشرات لتقهقرها وهبوط موقعها في الخريطة الاقتصادية للعالم.
في البداية سنستعرض هذه المؤشرات السلبية وأسبابها، ثم بعد ذلك سنتناول التحديات الكبرى التي تواجه العالم العربي ، لنختم في الأخير بكيفية مواجهة هذه التحديات.
العالم العربي تسكنه 290 مليون نسمة سنة 2000 على 14 مليون كلم مربع. يتوفر على مجموعة من الثروات المعدنية الهائلة والإستراتيجية منها البترول والغاز .(اللذان يمثلان 56% و25% على التوالي، من الاحتياط العالمي). وعلى مصادر مالية مهمة لكنه مع ذلك يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية حقيقية. ما هي مؤشرات هذه الأزمة؟
- في قطاع النفط: العالم العربي يستورد جميع المدخلات الضرورية والتي تصل إلى 60 أو 70 مليار دولار سنويا.
- في القطاع الزراعي: العالم العربي يستورد أكثر من 20 مليار دولار سنويا.
- معدل نمو الدخل الفردي: لا يفوق 2% سنويا انطلاقا من سنة 1986.
- معدل نمو الإنتاج : لا يتعدى 4% سنويا انطلاقا من سنة 1980.
- الإنتاجية : لاتتعدى 2,10 % سنويا وهكذا يفقد العالم العربي سنويا 2% من الإنتاجية بسبب تأخر التكنولوجيا والاستثمار في التكنولوجيا.
- المديونية : سنة 1995 كانت تبلغ 220 مليار دولار وفي سنة 1998 وصلت إلى 850 مليار دولار.
- قيمة الناتج القومي: ( بما في ذلك النفط) : تبلغ 520 دولار (للإشارة فالناتج القومي لبلد كهونكونغ وحدها تصل قيمته إلى 450 مليار دولار) والتي لا يتعدى عدد سكانها 6 ملايين نسمة.
- قيمة الصادرات: (باستثناء النفط) لا تزيد عن قيمة صادرات فيلندا التي عدد سكانها لا يتعدى 5 ملايين نسمة.
الاستثمارات الأجنبية: نصيب الدول العربية منها 3% فقط في حين نصيب أمريكا اللاتينية يصل إلى 26% بينما أوربا وآسيا 10% جنوب شرق آسيا 58%.
-البحث العلمي:نسجل هنا ضعف إنتاجية الباحث وضعف البنية التحتية العلمية كذلك.
سنة 1987: وصل عدد الباحثين : 31 ألف و18 باحثا + الجامعيين ( 10% منهم تعليم عام). بالإضافة إلى ذلك قلة الموارد المخصصة للبحث.
الميدان الاجتماعي:فحسب صندوق النقد الدولي:
* 60 مليون فرد لا يلتحقون بالمدارس.
* 85 مليون لا يستفيدون من التغطية الصحية.
* 28 % من الساكنة تعيش تحت درجة الفقر ( أي 73 مليون نسمة)
* من 15 إلى 20 وربما 30% من الساكنة النشيطة في البطالة أي 10 ملايين عاطل عن العمل.
- الميدان السياسي :
* الأجهزة الأمنية في تزايد.
* الحريات العامة في انخفاض.
* الأنظمة السياسية بدون آفاق ديمقراطية.
* إخفاقات سياسية عديدة منها على الخصوص ما يسمى بقضية السلام مع الكيان الصهيوني .
-فشل التكتل والاندماج العربي:كل هذا يؤدي إلى فقدان الشعور على أن الدول العربية قادرة على التغيير في المستقبل، فالمجتمعات محبطة وهذا ما يؤدي من حين لآخر إلى انتفاضات وحركات تمرد هنا وهناك.
هذه الحقيقة يتم إخفائها على الشعوب العربية، وليست هناك أية سياسة إصلاحية حقيقية في اتجاه إعادة الهيكلة وإعادة الاستثمار وإعادة خلق دينامية للتطور الاقتصادي والبحث العلمي والتكنولوجي والعناية بالجانب الاجتماعي والسياسي.
وهذه ليست مسؤولية مثقفين أو إعلاميين، وإنما هي مسؤولية الدول العربية والحكومات العربية التي اكتفت من العولمة ببرامج الإصلاح الهيكلي. أي بفتح الأسواق بدون أي جهد جدي لجلب الاستثمارات وتعاون جدي في اتجاه خلق سوق عربية إقليمية تسمح بمواجهة التحدي وبخلق تراكم رأسمالي وتكنولوجي وعلمي أكبر. فلازلنا نتردد في اتخاذ سياسة جدية في مواجهة المستقبل. وهذا هو موضوع الأزمة. ما هي عوامل هذه الأزمة؟ وكيف يمكن مواجهتها؟.
1- عوامل الأزمة:
لم يستفد العالم العربي خلال السبعينات من الطفرة النفطية التي لم تستطع توظيف نتائجها خدمة لتنمية مستقرة ومستديمة:
- استعمال الفائض لتغذية استهلاكات التبذير المفرط والإستهلاكات الغير المنتجة.
- ارتفاع النفقات العسكرية ( 5% من الناتج المحلي) رغم تقلص الرغبة في المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني من طرف الحكومات العربية.
- تعميق التخلف داخل الجسم العربي سواء تعلق الأمر بوثيرة النمو الديمغرافي أو بمخلفاته (البطالة، الهجرة القروية...).
- ضعف البنية التحتية والتجهيزات الأساسية.
- ضعف أداء المنظومة التعليمية والتكوينية وعدم ملاءمتها مع مستلزمات التنمية.
- عدم الاستفادة من الاتصال المبكر لبعض الدول مع السوق العالمية في إطار العلاقة الاستعمارية اللامتكافئة.
إن القصور الاقتصادي العربي التنموي يرجع إلى تدخل عوامل أخرى تتلخص فيمايلي:
- فشل تحكم العالم العربي في علاقاته الاقتصادية بالسوق العالمية وخضوعه المستمر لتبعية مطلقة تجارية ومالية وثقافية وتكنولوجية.
- تغييب الإنسان العربي في عملية التنمية، وهذا يتجلى في وضعية المنظومة التعليمية والبحث العلمي في جل الدول العربية إضافة إلى تهميش الطاقات الإبتكارية الثقافية.
- قصور الأداء السياسي وضعف تأهيل الدولة العربية للانخراط في مشروع الديمقراطية وتفعيل المجتمع المدني إضافة إلى هيمنة القطري بآفاقه المحدودة على مستوى اتخاذ القرار في المجالين السياسي والاقتصادي.
وتبقى حربي الخليج الأولى والثانية ومخلفاتهما والتناقضات العربية في مقدمة عوامل الأزمة الراهنة التي يعرفها العالم العربي على جميع المستويات.
2-أهم التحديات التي يعرفها العالم العربي في ظل العولمة:
لا تستطيع أية دولة اليوم أن تعيش بمعزل عن العالم، فعلاقات الدول ومصالحها أصبحت الآن متشابكة ومترابطة وخاصة ما يتعلق منها بالجانب الاقتصادي. فللعولمة ايجابيات كما أن لها سلبيات وتطرح علينا عدة تحديات. وواجب علينا أن نستفيد من الإيجابيات وأن نتفادى السلبيات ونستعد للتحديات بقدر الإمكان.
ولعل أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه العالم العربي اليوم ما يلي:
- مشكلة الأسعار: سوف ترتفع الأسعار، وذلك بفعل عدة عوامل: من بينها إلغاء سياسات الدعم الذي تمنحه الدول للفقراء وإلغاء دعم التصدير والدعم الداخلي.
- مشكلة انخفاض حصيلة الجمرك وأثرها على ميزانية الدولة: فمما لاشك فيه أن تخفيض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الخارج سيؤدي إلى حدوث عجز في الموازنة العامة للدول العربية، ولا سيما في بعض الدول التي تعتبر فيها الرسوم الجمركية من الموارد الأساسية.
- مشكلة البطالة: وذلك بسبب المنافسة الشديدة من السلع والخدمات المستوردة لنظيرتها المحلية الصنع. مما سيؤدي إلى انكماش الصناعة والزراعة وهذا بدوره يسبب ويزيد من تفاقم البطالة.
- مشكلة الدخول في الأسواق العالمية: سيكون للدول الكبيرة الغنية السيطرة على الأسواق بسبب ماتتمتع به منتوجاتها من قوة تنافسية مهمة.
الخصوصيات العربية أيضا مهددة بمعنى أن الدولة الوطنية العربية التي تكونت وحققت مكتسبات في الحقبة الماضية مهددة بالتفكك وأن تفقد الشعوب العربية فيها هويتها وثقافتها. يعني ثقتها بأن الأطر الوطنية قادرة على أن تقدم لها الآمال وفرص التقدم في المستقبل.
وكلما فقد المجتمع الثقة بأن المؤسسات السياسية التي يعيش فيها والأطر والفعاليات التي تلهمه سياساته غير مجدية أي لاتقدم له آمال كبيرة إلا وتخلى عنها إلى ثقافات أخرى وينجم عن ذلك الإستيلاب والتفكك.
3-كيفية المواجهة:
كل هذا يفرض علينا الآتي:
قبل كل شيء لابد من التعامل مع نظام العولمة على أنه تطوير للعلاقات بين الدول، وهذه العلاقات ضرورية وهامة. ولايمكن التنصل منها، إذن فالمطلوب التعامل مع العولمة وليس مقاومتها لأن ذلك بكل بساطة غير ممكن.
تم بعد ذلك يجب العمل على امتلاك أدوات وآليات العولمة وحسن استعمالها ولذلك:
* وجب تكثيف العمل والزيادة في الإنتاج وتحسين الجودة حتى يمكن تحقيق الحرية للعنصر البشري العربي من قيود الدول العظمى وخاصة السلاح الغذائي. وأيضا تحقيق المواجهة في الأسواق العالمية مع المنتوج الأجنبي.
* وجب على المستهلك في الدول العربية تفضيل المنتجات الوطنية لحماية اقتصاد وطنه وتحقيق الخير له.
- تحقيق التكامل والتنسيق بين الدول العربية كخطوة أساسية نحو إنشاء السوق العربية المشتركة.وذلك بالإسراع باستعمال خطوات التكامل الاقتصادي بين الدول العربية وتفعيل دور المؤسسات العربية القائمة مثل جامعة الدول العربية وغيرها من المؤسسات الاقتصادية، وقبل ذلك حركة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة بين الدول العربية.
الدكتور: رضوان زهرو
أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق – المحمدية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.