الملك يدعو دول التعاون الإسلامي إلى استكشاف فرص الاندماج لتحقيق التنمية    طنجة.. محاميون وخبراء يناقشون رهانات وتحديات مكافحة جرائم غسل الأموال    التوقيع على ثلاث اتفاقيات للتنمية المجالية لإقليمي تنغير وورزازات    متظاهرون يرشقون اليميني المتطرف الفرنسي إريك زمور بالبيض    جيرونا يهدي ريال مدريد بطولة إسبانيا    الجامعة والكاف فرحانين بدياز حيث ربح بطولة الصبليون مع ريال مدريد    القضاء يدين سائحا خليجيا بالحبس النافذ    لقجع يضع حدا لإشاعات التدخل في تعيين الحكام .. لو كنت أتدخل لفاز المغرب بكأس إفريقيا    إبراهيم دياز يهدي ريال مدريد لقب الليغا الإسبانية بهدف خرافي    جوائز وتكريم بنسعيدي.. ستار مهرجان تطوان ينسدل وسط إشادة نجوم الفن    دراسة.. نمط الحياة الصحي يمكن أن يضيف 5 سنوات إلى العمر    تعاون مغربي إسباني يحبط تهريب الشيرا    الدور السري لنجم المنتخب المغربي في إقناع لامين يامال باللعب للأسود    افتتاح معرض يوسف سعدون "موج أزرق" بمدينة طنجة    رويترز: قطر قد تغلق المكتب السياسي لحماس في الدوحة كجزء من مراجعة أوسع لوساطتها بحرب غزة    برلمانية تجمعية تنوه بدور "فرصة" و"أوراش" في الحد من تداعيات كورونا والجفاف على التشغيل    فرنسا.. قتيل وجريح في حادث إطلاق نار في تولوز    حكومة أخنوش في مرمى الانتقاد اللاذع بسبب "الاتفاق الاجتماعي"    استيراد الأضاحي سيفيد المنتجين الاوروبيين اكثر من المستهلكين المغاربة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الداخلة    تونسيون يتظاهرون لإجلاء جنوب صحراويين    "دعم السكن" ومشاريع 2030 تفتح صنابير التمويل البنكي للمنعشين العقاريين    مادة سامة تنهي حياة أربعيني في تزنيت    تعيينات جديدة فال"هاكا".. وعسلون بقى فمنصب المدير العام للاتصال    سمرقند تحتضن قرعة مونديال الفوتسال    بونو يقترب من رقم تاريخي في السعودية    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تدعو لحماية الصحفيين وتوسيع مجال الحرية    هل تبخر وعد الحكومة بإحداث مليون منصب شغل؟        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    الوكالة الحضرية لتطوان تواصل جهود تسوية البنايات غير القانونية    تتويج الفائزين بالنسخة الثانية من جوائز القدس الشريف للتميز الصحافي في الإعلام التنموي    كأس الكونفدرالية الافريقية .. طاقم تحكيم كيني يدير مباراة نهضة بركان ضد الزمالك    تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه    106 مظاهرات في عدة مدن مغربية لدعم غزة والإشادة بالتضامن الطلابي الغربي    سيناريو مغربي ضمن الفائزين بالدعم في محترفات تطوان    كنوز أثرية في تطوان.. فيسفاء متولوجية وأمفورات ونقود قديمة    صناديق الإيداع والتدبير بالمغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها لمواجهة تحديات "المتوسط"    بطل "سامحيني" يتجول في أزقة شفشاون    مهرجان الدراما التلفزية يفتتح فعاليات دورته ال13 بتكريم خويي والناجي (فيديو)    صندوق الإيداع يشارك في اجتماع بإيطاليا    وزير العدل طير رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية فتاونات بعد فضيحة اختلاس 350 مليون من الصندوق    انتهى الموضوع.. طبيب التجميل التازي يغادر سجن عكاشة    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    وزيرة المالية تجري مباحثات مع أمين عام منظمة "OECD"    تقرير أمريكي يكشف قوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة    كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكثر من 160 يوما على تشكيل المجالس الجماعية..معالم تدبير جديد للمدن المغربية
نشر في التجديد يوم 05 - 04 - 2016

مرت نصف سنة على تشكيل مجالس المدن المغربية، وأصبح من حق المواطن كما الدولة وعلى رأسها الجهة الوصية (وزارة الداخلية)، التساؤل عن الحصيلة الأولية لهذا التدبير الجديد.
جاذبية هذا السؤال تنبع من اعتبار قانوني ( كون التدبير الجماعي الحالي يأتي في ظل قانون تنظيمي جديد للجماعات: قانون رقم 14/113) واعتبارات سياسية ، حيث أن عددا كبيرا من مجالس المدن المغربية أصبح بيد حزب العدالة والتنمية الذي كان يقبع في المعارضة في التجربة السابقة وفي ظل مجالس تدبر بأغلبيات واضحة يفترض معها حصول انسجام الهيئات المدبرة ويجعلها تتحمل المسؤولية كاملة في فشل أو نجاح هذه التجربة ، ومما يزيد من راهنية السؤال هو ان تشكيل هذه المجالس يأتي على بعد أشهر قليلة على الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها أكتوبر القادم، مما يجعل هذا التسيير ذو رهان سياسي واضح للعيان. المقال التالي، و لاعتبارات عدة بعيد ان يشكل تقييما علميا لهذه التجربة، بقدر ما هو محاولة لرصد المشترك في التجربة المحلية الحالية والوقوف على أهم خصائصها.
منذ بداية عملية تشكيل مجالس المدن في 17 شتنبر 2015، ظهرت مقالات هنا وهناك و تغريدات على المنتديات التواصل الاجتماعي ،تحاول تقييم عمل هذه المجالس، حيث تتفاوت بين محتفية بالتجربة الجديدة مشيدة بأدائها وخصوصيتها أو مناوئة لها بزعم عدم مسايرتها للاطار القانوني الجديد ، وهي أراء في غياب دراسة علمية معيارية دقيقة تظل متسرعة ولا تعدو أن تشكل انطباعات .
تدبير المدن: صعوبة التقييم
تعتبر المدن مجالا لتدخل عدة اطراف منها الدولة (المصالح الخارجية للوزارات) والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والمجتمع المدني، من هنا تنبع صعوبة تقييم موضوعي يوضح من قام بماذا ومعرفة المساهمة الفعلية للمجالس المنتخبة في مجهود التنمية المحلية. إلى هذا ينضاف اختلاف الشروط والمعطيات الأولية بين المدن(conditions initiales) ، حيث تتفاوت المدن من حيث المعطيات الطبيعية والمالية واللوجيستية وقربها وبعدها من المركز، ومن حيث الاهمية التي تمثلها هذه المدينة او تلك لمركز القرار السياسي ( مدينة حدودية او لا-..مدن تحظى بزيارة ملكية متعددة او لا……).
صعوبة تقييم عمل المجالس المنتخبة تنبع كذلك من تدخل متغيرات عدة في أداء المجالس ، منها متغير خارجي يتمثل في المعطى العلائقي ، حيث توجد المجالس المنتخبة في قلب نسق متعدد الاطراف يؤثر عليها إيجابا أو سلبا حسب وجود علاقة تنافس ام تعاون مع السلطات المحلية، وبشكل أقل مع رئاسة الجهات حيث توجد بالمغرب حاليا جهات تتولى تسييرها أحزاب من نفس الأغلبية ( جهة فاس-مكناس) أو العكس ( جهة تطوان-طنجة وجهة الدار البيضاء وجهة مراكش ) ؛
ومتغير داخلي يتمثل في تركيبة المجالس:وهو معطى سياسييؤثر على اداء المجالس حيث يجب التمييز بين المدن التي يتمتع فيها طرف حزبي بأغلبية مطلقة مريحة وبالتالي تكون يده مدودة في التسيير ( طنجة- الدار البيضاء- فاس-تمارة- القنيطرة -…..) من تلك التي يتشاطر فيها التسيير مع احزاب أخرى (الرباطتطوان-آسفي …)، كما ان تقييما موضوعيا لأداء هذه المجالس ، يجب ان ياخذ في الحسبان معطى التجربة والخبرةفي التسيير المباشر، حيث يجب التمييز مثلا بين المدن التي يتولى الحزب تسييرها لأول مرة (طنجة) مع المدن التي تولى فيها الحزب نفسه مسؤولية التسيير ( تطوان- شفشاون- الراشيدية –القنيطرة- تمارة-……..).
1- تدبير المدن و سؤال مرجعية التقييم
صعوبة إجراء تقييم موضوعي للأداء يستحضر الاختلافات الموضوعية والذاتية بين المدن، لا يحجب عنا وجود منظومة للتقييم الاداري والمالي للجماعات والتي ترتكز على مراقبة التسيير وسلامة العمليات المالية من خلال هيئات مختصة ( المفتشية العامة للمالية-مفتشية وزارة الداخلية- المجلس الأعلى للحسابات….)، كما ان هناك محاولات عملية –غربية بالأساس- لتصنيف المدن اعتمادا على معايير معينة إما بناء على جماليتها أو بالمقارنة بينها فيما يتعلق باحترام البيئة أو اعتمادها على التقنيات الجديدة في التواصل والاعلام في حل مشاكل المدن "المدن الذكية" . غير أن هذه المنظومات التقييمية تظل قاصرة على قياس طبيعة الحياة وروحها؛ على ان القياس الجامع الذي يأخذ بعين الاعتبار أقصى عدد من المتغيرات يتمثل في مفهوم "جودة الحياة" ، الذي يعتمد في القياس على عدة معايير منها نوعية الخدمات الطبية وأسعار الايجارات والكهرباء والنقل العام والمساحات الخضراء ونوعية الهواء والماء والتعليم وحرية الصحافة والرياضة والترفيه والثقافة والتسوق (المؤسسة النمساوية "ميرسير" للأبحاث).
وبالنظر لصعوبة قياس هذه المؤشرات، ولاختلاف الشروط الأولية كما أشرنا سابقا، وفي انتظار صدور تقييم رسمي ، على مدى زمني كاف ، فإن ما ظهر لحد الآن في التجربة الجماعية الحالية، من خلال المواقع الالكترونية لبعض مجالس المدن واخيار الصحف الوطنية، والموقع الرسمي للحزب الحاكم، يسمح لنا بالقول بوجود خصائص مشتركة بين المدن التي يشرف على تسييرها حزب العدالة والتنمية لحد القول بوجود معالم جديدة لتدبير المدن المغربية، حددناها في خمسة مع ضرورة الاشارة إلى ان الامثلة التي سقناها في هذا المقال ليست حصرية، وبعض ما ورد يظل في مرحلة الفكرة او في طور الإنجاز.
3- المدن المغربية: معالم تدبير جديد
أ- رد الفعل السريع
أظهرت عدد من المجالس البلدية ردود فعل سريعة وآنية ، من خلال تعاطيها مع احتجاجات الساكنة "أمانديس" (طنجة ) واحتجاجات الطلبة في قضايا النقل (طنجة-فاس-مراكش-القنيطرة……)، أو في محاولة تعاملها مع بعض الكوارث الطبيعية (فيضانات تطوان) أو في إحداث التغييرات على راس الادارة الجماعية ( الرباط- طنجة- الدار البيضاء….) أو في مباشرة بعض الجماعات التي أعيد انتخاب أعضاء الحزب فيها لأوراش البنى التحتية والخدماتية بمجرد تشكيل المجالس( مدن شفشاون والراشيدية والقنيطرة وتطوان ……)، وهو ما مكن المجالس من ربح وقت مهم ، عبر عنه رئيس بلدية تمارة في لقاء نظمته الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بالرباط ، أشار فيه أنه نفذ في الأشهر القليلة من ولايته الحالية ما لم ينفذه في سنتين من تجربته السابقة .
ب- المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالجماعات؛
في إطار مساهمة الجماعات في المجهود التنموي، عرفت الأشهر القليلة الماضية، صدور عدد من مخططات التنمية ببعض المدن المغربية نذكر منها رؤية "الارتقاء بمدينة فاس وربطها بباقي أقطاب التنمية بالمملكة" و برنامج مكناس الكبير 2016-2021.وبرنامج عمل جماعة تطوان 2016-2021…… ، كما عمل بعض عمداء هذه المدن على إجراء اتصالات مع فاعلين اقتصاديين ودبلوماسيين أجانب من أجل توطين شركات عالمية واستجلاب استثمارات في إطار المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية 2014-2020 (فاس ) واستقبال عمدة أكادير للسفير الباكستاني للغرض ذاته، وضمن نفس الاطار يتم العمل على توفير وعاءات عقارية لاستيطان الاستثمارات ، والسعي إلى تفعيل تهيئة المناطق الصناعية المبرمجة . وفي إطار تشجيع السياحة نسجل سعي بلدية شفشاون لوضع خريطة تفاعلية لمساعدة زوار المدينة على التعرف على الأماكن بمدينة شفشاون. و برمجتها لمرائب متعددة الطوابق (دورة فبراير)….
ج- رد الاعتبار للمدن (الحياة الثقافية……..)
في محاولة لإعطاء المدن هوياتها الحقيقية ، وإبراز طابعها الحضاري، وفي عملية رد الاعتبار للمدن والحواضر والشخصيات ( تجربة طنجةمكناس- .شفشاون…..)، تم بفاس القضاء على عدد كبير من مطارح النفايات وعلى رأسها المزبلة الكبيرة بالمدينة (بالقرب من الحي الصناعي بنسودة )والعمل على زراعتها شعيرا، كما تم استرجاع قصر مملوك لجماعة طنجة بإسبانيا وتخليد ذكرى الرحالة الطنجاوي ابن بطوطة من طرف مقاطعة طنجة المدينة و تخليد الذكرى 56 لإعادة إعمار أكادير و عمليات وضع لوحات تعريفية بأبواب شفشاون الرئيسية و إعادة تشغيل السواقي القديمة بمكناس واعتزام جماعة تطوان اقتناء مدرسة تراثية (للاعائشة) لإحداث مركز ثقافي.
د- المواطن في قلب العمل الجماعي
منذ اللحظات الأولى لتشكيلها ، حاولت بعض المجالس إعطاء إشارات إيجابية للمواطن، فمع تصادف تشكيلها مع عيد الأضحى ، قام مجلس البيضاء بتنظيم عملية ذبح جماعية للأضاحي ، كما تم عقد اجتماعات تنسيقية مع الشركات المفوض لها بقطاع النظافة لتلافي حدوث كوارث بيئية بهذه المناسبة ( مجلس البيضاء وسلا…..) ، كما عرفت مناسبة عاشوراء هي الأخرى تنظيما محكما في بعض المدن (شفشاون…..)، كما أشرفت بعض المجالس مباشرة على حملات للنظافة (مجلس أكادير- مجلس مقاطعة حسان "مقبرة الشهداء"….) . ومن أجل تسهيل الخدمات، تم توفير رقم للاتصال لحل مشاكل الانارة (الرباط) واتخاذ مبادرة تمديد المداومة الخاصة بتصحيح الامضاءات والمصادقة على النسخ المطابقة للأصل ( مقاطعة أكدال- ….).
ومن اجل تجويد الخدمات البلدية الرئيسية، تم إحداث وتفعيل لجان لتتبع شركات التدبير المفوض (أمانديس بطنجة–شركة نقل المدينة (النقل) وليدك (توزيع الماء والكهرباء) بالدار البيضاء-ألزا (النقل) وشركة إفيلمار المفوض لها تدبير مواقف السيارات :تم حذف الصابو بمراكش)، كما تم إعداد معايير شفافة لاستفادة الجمعيات من دعم المجلس الجماعي (طنجة).
وفي بادرة جديدة في مجال العمل الاجتماعي، بادرت مقاطعة يعقوب المنصور إلى وضع "خدمة مواساة " عبر التكفل بمعدات ومعونات لفائدة الأسر المكلومة ، وفي مراكش بدأ العمل على إنجاز الولوجيات لفائدة الأشخاص في وضعية صعبة (9مارس). كما تم بمكناس التوقيع على اتفاقيات شراكة مع الجمعيات التي تسهر على تسيير مراكز الرعاية الاجتماعية واتفاقية إطار مع المندوبية الاقليمية للتعاون الوطني.
ه- الحس التواصلي
إضافة إلى وضع مواقع إلكترونية تفاعلية وخدماتية لمجالس بعض المدن (تطوان- شفشاون -طنجةالدار البيضاء….)، يلاحظ حرص عمداء بعض المدن الكبرى على تنظيم ندوات ولقاءات مع الصحافة الوطنية (الدار البيضاء- طنجة- الرباط- ….) ، بل أن عددا من هذه الجماعات أصدر مطبوعات بمناسبة مرور 100 يوم من التسيير (مقاطعة طنجة بني مكادة ..)، إضافة إلى التواصل المستمر عبر صفحات ومنتديات التواصل الاجتماعي وإصدار بلاغات فورية ، مما وفر سيولة في المعلومات جعل التسيير الجماعي مادة قارة على صفحات الجرائد الوطنية ووسائل الاعلام. وفي بادرة ديمقراطية تم في طنجة التواصل حول مخطط التهيئة (طنجة) مثلا.
مهما يكن من اختلاف في تقييم التجربة الجماعية الحالية، وفي تقدير الارهاصات الاولية فإن هناك مؤشران على السير الجيد لهذه التجربة المؤشر الأول خارجي ويتعلق بتبوأ مدينة شفشاون للرتبة السادسة كأجمل مدن العالم والإشعاع الذي اكتسبه بعض رؤساء الجماعات المحلية المغربية من قبيل ترؤس رئيس بلدية تطوان لمنظمة شبكة المدن المتوسطية ، وحصول رئيس بلدية شفشاون على رئاسة المدن الايكولوجية وعلى رئاسة الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة وتكريم مقاطعة يعقوب المنصور في شخص رئيسها من طرف منظمة الجماعات المحلية في افريقيا ( 4 دجنبر 2015) ، أما المؤشر الثاني فهو التزكية الشعبية التي حازت عليها عدد من مجالس المدن والتي تقود التجربة الحالية للمرة الثانية ( تطوان-القنيطرة-تمارة- الراشيدية-شفشاون-….)، حيث ان الساكنة منحت هذه المجالس أغلبيات مريحة مكنتها من التسيير منفردة مما يعني تأييدا شعبيا لنهجها واداءها.
وفي نظر العديد من المتتبعين فإن هذا النجاح يعود لجملة من العوامل منها الحرص في اختيار المرشحين من خلال مساطر دقيقة يعتمد فيها على الترشيح بدل الترشح، التحضير الجيد للبرامج الانتخابية، المتابعة الميدانية لمشاكل المدن والاستمرارية في العمل ، التأطير السياسي المباشر لقيادة الحزب، تبادل التجارب بين المجالس وتعميم الممارسات الجيدة والتفاعل مع الجديد في تدبير المدن….
4- المتربصون بالتجربة
لا شك أن أي تدبير يكون محط ترحيب أو مناهضة، حسب الموقع السياسي، وحسب الجهات المستفيدة أو المتضررة اقتصاديا وماليا من الاجراءات والقرارات المتخذة، كما أن هناك مقاومات ذات طبيعة ثقافية نابعة من كل ما هو جديد في تدبير الشأن العام.
في حالة التجربة الجماعية الحالية ، نسجل ابتداء تفجر عدد من الاحتجاجات والأحداث المتزامنة بعدد من المدن ، بمجرد تشكل مجالسها الجماعية ، بكل من طنجة حول فواتير الماء والكهرباء ( كانت هناك دعاوى لتوسيع الاحتجاجات لمدن الشمال الأخرى) احتجاجات بفاس ومراكش وطنجة حول النقل الجامعي …..، دون أن ننسى حوادث تهشيم بعض حافلات النقل العمومي بمدينتي القنيطرة وفاس…… أكثر من ذلك يجب تسجيل رفض أو مراجعة ميزانيات عدد من المجالس الجماعية (فاس- الرباط ومقاطعاتها….) . ومما فاقم هذه الأحداث تغطيات عدد من الصحف "المستقلة" والعناوين "غير الحزبية "، المناهضة كليا لهذه التجربة الجماعية حتى قبل تشكيل المجالس والتحالفات ، صحف جعلت من الأخبار السلبية وتضخيم بعض الجوانب على حساب أخرى والتشكيك في ذمم بعض المتصدين للشأن المحلي مادة قارة على صفحاتها. هذه الصحف تتغذى بالخصوص على الاخبار والملفات التي تمدها بها بعض الأطراف السياسية المناوئة .
وهنا تجذر الاشارة ونحن على بعد أشهر قليلة على الانتخابات التشريعية القادمة ذات الرهانات السياسية الكبيرة، أن حزب الأصالة والمعاصرة يشكل نموذجا حيا للمعارضة السياسية المؤسساتية التي عبرت بوضوح عن معاداتها لكل ما يمت إلى حزب العدالة والتنمية بصلة ، بما في ذلك عمل المجالس المنتخبة ، وهو الحزب الذي في ظل خسرانه لتدبير المدن ، لم يعد يطمع في مكاسب جديدة بل جعل مشروعه السياسي الحالي ينصب على إرباك الخصم وتأخير وتعطيل إنجازاته ( مصطفى السحيمي نقلا عن اخبار اليوم) . وفي هذا الاطار يندرج مثلا الانسحاب المؤقت لأعضاء "البام" من مجلس الرباط والتهديد بالانسحاب من مجلس جهة الرباط ( نقلا عن مساء يوم 9/مارس 2016).
ضمن الأطراف السياسية، وفي إطار المستفيدين من إرباك التجربة الحالية، في المدن الكبرى خاصة ، نذكر نوعا من المستشارين اعتادوا في وقت من الأوقات على الترشح وعقد التحالفات والانتقال بين الأحزاب وتدبير الشأن العام المحلي بمنطق الغنيمة ، مستعملين في ذلك التفويضات بالتوقيع، ومن ربط شبكة علاقات معقدة زبونية ومصلحية مع اوساط الادارة الجماعية والمستفيدين من الصفقات من ممونين ومقاولين حتى أصبح لدى البعض من هؤلاء، الانتداب الجماعي مهنة. وقد شجع على ظهور هذه "الكائنات الحزبية" إرادة المخزن في محاصرة بعض المجالس التي كانت تسيطر عليها المعارضة الاتحادية في زمن ولى، ورغم أن الحاجة إلى هذه الكائنات قد تراجع، فإنها استطاعت التكيف والاستمرار لحد الآن بفضل نمط الاقتراع وأشياء أخرى، وبطبيعة الحال فإن هذه العينة من النخب المحلية القديمة تجد نفسها محاصرة من قبل نمط التدبير الحالي.
أما بخصوص السلطات المحلية فإن تعاملها مع المجالس الحالية – من خلال ما رشح من معلومات لحد الآن – يطبعه المراوحة بين منطقي التعاون والمشاكسة حسب طبيعة رجال السلطة وقربهم وبعدهم من هذا الطرف او ذاك وحسب تشربهم للمنطق الديمقراطي ولدولة المؤسسات ، خاصة واننا في فترة "انتقال ديمقراطي" بطيء لا زالت فيه موازين القوى غير واضحة.
خريج المعهد العالي للإدارة و المعهد العالي للإعلام والاتصال ومستشار جماعي سابق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.