نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وزخات مطرية ورياح قوية من الثلاثاء إلى الخميس بعدد من مناطق المملكة    التساقطات ترفع حقينة السدود المغربية وتحسن مؤشرات الموارد المائية    أرقام مغربية متميزة في كأس العرب    حموشي يقرر صرف مساعدات استثنائية لفائدة 409 من موظفي الشرطة المصابين بأمراض خطيرة            التربية في صلب أولوياتها…الصين ترسم معالم تنشئة أخلاقية جديدة للأطفال    تأسيس لجنة للتضامن مع ضحايا فيضانات آسفي ومطالب بإعلانها منطقة منكوبة    التساقطات الثلجية والأمطار الغزيرة تؤدي إلى توقيف مؤقت للدراسة بالمغرب    الدار البيضاء.. انهيار سور حضانة بالوازيس يخلف وفاة حارس أمن    الكاتب العام ل"الكاف": كأس إفريقيا للأمم المغرب 2025 ستكون أفضل نسخة على الإطلاق        بطولة "الفوتسال" تتوقف بالمغرب    بوساطة مغربية... الأمم المتحدة تعيد إطلاق حوار ليبيا السياسي    أسود الأطلس يواصلون تحضيراتهم استعدادا لخوض غمار كأس إفريقيا 2025    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    أبرز أحزاب المعارضة الكولومبية يرشح مؤيدة لترامب لانتخابات 2026 الرئاسية    مسلحون يقتلون 3 أمنيين في إيران    ال"كاف" تطلق دليل "كان المغرب 2025"    اكتتاب "الشركة العامة للأشغال المغربية" العام الأولي يسجّل رقما قياسيا جديدا في بورصة الدار البيضاء    علماء يحذرون من دوامات تحت المحيط تسبب ذوبانا سريعا للجليد بالقطب الجنوبي        الاضطرابات الجوية.. تحذيرات وتوصيات من وزارة التجهيز لمستعملي الطريق    نقاش تعويضات الوزراء بعد نهاية الخدمة.. بنكيران: سيدنا أرسل لي 100 مليون سنتيم بعد إعفائي من رئاسة الحكومة    تراجع أسعار النفط في ظل توقعات بتسجيل فائض في سنة 2026    أبرز عشرة أحداث شهدها العالم في العام 2025    كأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025 ) -المجموعة ال 3.. نيجيريا وتونس المرشحان الأبرزان وتنزانيا وأوغندا لتفجير المفاجأة    ترامب يطالب "بي بي سي" ب10 ملايير دولار    "فولكسفاغن" تغلق مصنعا للإنتاج في ألمانيا لأول مرة في تاريخها    انسحاب الوفد المفاوض لمكتب تنمية التعاون من جلسة الحوار الاجتماعي احتجاجاً على إقصاء بعض أعضائه    النواب يصادق بالإجماع على ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بالعدل    حقوقيون يحملون "الاستهتار البشري" مسؤولية أضرار فيضانات الجرف بإقليم الرشيدية    تمديد العمل بالمحلات التجارية والمطاعم والمقاهي بالرباط إلى الساعة الثانية صباحا تزامنا مع كأس إفريقيا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    يوسف آيت أقديم يكتب: دروس آسفي.. التفكير في الكارثة المقبلة    ابتدائية الجديدة تحسم ''ملف المزاد المشبوه'' وتدين متورطين في التلاعب بالمزادات وحمل الغير على الإدلاء بتصريحات كاذبة    أخنوش: إصلاح الصفقات العمومية رافعة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز تنافسيتها    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    الأحمد .. مهاجر سوري يتصدى للإرهاب ويتحوّل إلى بطل في أستراليا    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    المؤثرات الأساسية على التخييل في السينما التاريخية    تعاون عربي في إصدار أغنية «روقان» للفنان المغربي محمد الرفاعي    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول الحرب الفكرية على العنف وأولويات المرحلة – بقلم ذ.ياسر الزعاترة
نشر في التجديد يوم 09 - 12 - 2005

قيل الكثير خلال الأسابيع الأخيرة في الساحة الأردنية وبعض المنتديات العربية عن ضرورة الحرب الفكرية على العنف الأعمى الذي يسمونه الإرهاب، وذلك تبعاً لعجز المسار الأمني عن توفير حل للمعضلة، كما تردد قدر كبير من الاتهامات للحركة الإسلامية "المعتدلة" ومعها جمهرة العلماء والدعاة بعدم القيام بما يكفي من جهد لمواجهة أفكار التكفير والتفجير بحسب تعبير البعض.
ما يثير المراقب ابتداءً فيما يتصل بهذه الضجة هو مجيئها على خلفية تفجيرات لم ينفذها أردنيون ولم تخرج، لا فكراً ولا أدوات من الواقع المحلي الأردني، كما لم تحظ بتأييد أحد من الجماهير الأردنية، بما في ذلك أكثر المحسوبين على ما يعرف بتيار السلفية الجهادية، اللهم باستثناء بعض من يحاكمون على خلفية صلات بالزرقاوي ومحاولة تنفيذ عملية ضد أهداف أمنية أردنية.
والحال أن رسالة الزرقاوي المسجلة التي جاءت بعد أيام من التفجيرات في الفنادق الأردنية الثلاث لم تكن مجرد تبرير لها، بقدر ما كانت لوناً من ألوان الاعتذار، وإن لم يكن اعتذاراً مباشراً، الأمر الذي يبدو طبيعياً بسبب وجود ثلاثة رجال وامرأة هو الذي أرسلهم، وهؤلاء لهم أهلهم وعشيرتهم وفضاؤهم الشعبي الذي لن يستسيغ الاعتراف بأن الهدف كان خاطئاً وأن أبناءهم قد قتلوا مسلمين أبرياء وليس يهوداً أو صليبيين.
ما نريد قوله هو التأكيد على أن ما جرى جزء من إفرازات ظروف سياسية معروفة تتعلق بالهجمة الأمريكية الصهيونية على الأمة، والتي دفعت أسامة بن لادن إلى تأسيس الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين، فيما جاء الاحتلال الأمريكي لواحدة من أهم حواضر المسلمين بتلك الطريقة المهينة ومن دون مبرر سياسي أو أخلاقي، ومن ثم تسليم بعض السلطة فيها لحفنة طائفيين يستخدمونها من أجل تصفية ثارات تاريخية، جاء ذلك كله ليمنح هذا التوجه أو الخطاب دفعة كبيرة شملت مختلف أرجاء العالم العربي والإسلامي. وفي العموم فإنه لولا الظروف المشار إليها لما كان لخطاب الزرقاوي أن يجد فضاءً مسانداً في العراق، ومدداً كبيراً يتدفق عليه من خارجه.
لقد قيل وسيقال في سياق تبرير الحرب الفكرية على العنف الأعمى إن قدراً من التعاطف مع أسامة بن لادن والظواهري وحتى الزرقاوي كان وما زال يتوفر في الأردن، وهو قول صحيح إلى حد كبير، لكن ذلك لا يقتصر على الأردن، بل يشمل العالم الإسلامي برمته، والسبب كما هو معروف يتعلق بمستوى الغطرسة الأمريكية حيال أمتنا، وليس بالتأمين على كل ما يفعله هذا التيار هنا وهناك.
من المفيد التذكير هنا بأن القاعدة ليست تنظيماً يستهدف الأنظمة العربية أو المجتمعات، والذين يقولون ذلك لا يعرفون شيئاً عن تاريخه ونشأته، ويكفي أن نشير إلى أن نقطة التحول قد بدأت عندما أقنع أسامة بن لادن أيمن الظواهري بالكف عن استهداف النظام المصري والتحول نحو "رأس الأفعى"، أي الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وبذلك انضمت فلول حركة الجهاد المصرية إلى مريدي أسامة بن لادن، ومعظمهم من أيتام الجهاد الأفغاني، وتأسست قاعدة الجهاد التي اختصرت إعلامياً بالقاعدة، ثم أعادت التذكير باسمها الحقيقي من خلال الزرقاوي الذي أطلق على مجموعته اسم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين.
صحيح أن الزرقاوي يتبنى في بعض الأحيان مساراً متميزاً عن قادة القاعدة بناء على ما يراه من معطيات، لكن تبريره لتفجيرات عمان في خطابه المسجل إنما يؤكد أن القاعدة لم تتحول نحو استهداف الأنظمة، ولن تفكر في ذلك قبل أن يكون لها دولة، وهذه يمكن أن تقوم على جزء من العراق بحسب قناعة الظواهري، الأمر الذي لا يبدو صحيحاً لأن الأوضاع العربية والإقليمية والدولية القائمة حالياً لا تسمح بذلك بحال من الأحوال، أما استهداف المجتمعات فلن يفكر فيه قوم يؤكد خطابهم أنهم يتميزون برغبة عارمة في كسب قلوب الجماهير.
ولعل في قراءة رسالة أيمن الظواهري الأخيرة إلى الزرقاوي حول ما يجري في العراق، والتي يرجح أنها صحيحة، إنما تؤكد رغبة الرجل في كسب الجماهير وعدم التصادم مع وعيها بأي حال، إذ ينصح الزرقاوي بالكف عن استهداف عموم الشيعة، لاسيما في الحسينيات والأسواق، فضلاً عن ذبح الرهائن (لم يعد تنظيم القاعدة في العراق يمارسه)، كما يرفض الدخول في صراع مع إيران التي تستهدف من قبل الولايات المتحدة أيضاً، ويركز على كسب العلماء والجماهير حتى لو خالفوا في مسائل العقيدة، كأن يكونوا أشاعرة أو ماتريدية.
من هنا يمكن القول إن فضاء العنف الذي نعنيه إنما يرتبط بما يجري في العراق، أكثر من ارتباطه بمسألة تكفير الأنظمة أو المجتمعات، وبخاصة المجتمعات، ونتذكر أن منظّر ما يعرف بالسلفية الجهادية (أبو محمد المقدسي) وهو صديق الزرقاوي أو شيخه بحسب البعض، قد رفض تكفير عموم الشيعة، فضلاً عن قتلهم.
تبقى مسألة المواجهة مع ذيول محلية هنا أو هناك لمسار العنف الأعمى، وهذه لن تنجح بعد التنبه الأمني، إلا بتعزيز الحريات التي تنفس مختلف أشكال الغضب السياسي الذي يمكن أن يتحول إلى عنف أياً كان مستواه، من دون أن يحول ذلك دون إعادة النظر في البرامج الدينية، ولكن على قاعدة تكريس الفقه المعتدل، وليس دعم التدين التقليدي لمجرد أنه يحارب التسييس، ويكفي أن تمنح بعض الدول المنابر والمساجد لأقوام يرون أنفسهم وحدهم الفرقة الناجية ليكون ذلك مقدمة للتكفير والإقصاء.
الأهم من ذلك كله في تقديرنا هو الحرص على الأولويات السياسية للأردن والدول العربية عموماً، إذ أن العنف الأعمى ليس هو التحدي الأساسي الذي يواجه الأردن كدولة ومجتمع، ولا الأنظمة العربية الأخرى، وما يهددها حقيقة هو نجاح المشروع الأمريكي في العراق الذي يستهدف إعادة تشكيل خريطة المنطقة وإعادة النظر حتى في هويتها، ومن ثم مساعدة شارون على تمرير برنامجه للتسوية، وهو برنامج يمس كينونة الأردن بشكل مباشر، كما يمس سيادة الأمة ومصالحها، ما يعني أن المقاومة المشروعة التي تتصدى لذلك كله ينبغي أن تكون أولوية أيضاً، وإذا لم يكن فلا أقل من دعمها، أو حتى عدم استهدافها بأي شكل من أشكال الاستهداف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.