"حركة ضمير": أخنوش استغل التلفزيون لتغليط المغاربة في مختلف القضايا    حاجيات تمويل الخزينة تقفز إلى 75.6 مليار درهم    إقصاء العداءة المغربية آسية الرزيقي في دور النصف من مسابقة 800 متر ببطولة العالم لألعاب القوى    برادة: تعميم تدريس الإنجليزية في الإعدادي والأمازيغية في أكثر من نصف الابتدائيات        ترسيخا لمكانتها كقطب اقتصادي ومالي رائد على المستوى القاري والدولي .. جلالة الملك يدشن مشاريع كبرى لتطوير المركب المينائي للدار البيضاء        الأندية المغربية في دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية: تحديات وطموحات التتويج بالألقاب القارية    منتخب الفوتسال يشارك في دوري دولي بالأرجنتين ضمن أجندة «فيفا»    إنفانتينو يدشّن أول اجتماعاته بمقر "الفيفا" الجديد في الرباط    أخبار الساحة    مشروع قانون يسمح بطلب الدعم المالي العمومي لإنقاذ الأبناك من الإفلاس    الصين تشيد بالرؤية السديدة للملك محمد السادس الهادفة إلى نهضة أفريقيا    وقفة تضامنية حاشدة بمراكش مع الغلوسي    بعد طنجة.. حملة أمنية واسعة تستهدف مقاهي الشيشة بالحسيمة    البكوري يعرض حصيلة عمله في أكتوبر المقبل    حجز أزيد من 100 ألف قرص مهلوس بميناء سبتة المحتلة    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    المغرب والصين يوقعان على مذكرة تفاهم لإرساء آلية للحوار الاستراتيجي بين الخارجيتين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ثقة المغاربة في المؤسسات تنهار: 87% غير راضين عن الحكومة و89% عن البرلمان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ثماني تنظيمات نسائية حزبية تتحد لإصلاح النظام الانتخابي وتعزيز مشاركة النساء    ملف الصحراء.. دي ميستورا يجري مباحثات مع روسيا حول تطورات القضية    المغرب والصين يطلقان شراكة استراتيجية لإنشاء أكبر مجمع صناعي للألمنيوم الأخضر في إفريقيا    شكاية أمام القضاء للتحقيق في عبور عتاد عسكري إلى إسرائيل عبر موانئ مغربية    شركة عالمية أخرى تعتزم إلغاء 680 منصب شغل بجنوب إفريقيا    غرفة جرائم الأموال بفاس تفصل في ملف "البرنامج الاستعجالي" الذي كلّف الدولة 44 مليار درهم    ظهور جزيرة جديدة بفعل ذوبان نهر جليدي في ألاسكا    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة    فرنسا تجمد التعاون مع مالي في مجال مكافحة الإرهاب وتطرد دبلوماسيين        إشهار الفيتو الأمريكي للمرة السادسة خلال عامين ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة يزيد عزلة واشنطن وإسرائيل دوليًا    "لا موسيقى للإبادة".. 400 فنان عالمي يقاطعون إسرائيل ثقافيا    زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    الدّوخة في قمة الدّوحة !    سطاد المغربي يعين الصحافي الرياضي جلول التويجر ناطقا رسميا    الجزائر تهتز بهروب "ناصر الجن" وحلقة جديدة في صراع الأجنحة داخل الجيش و المخابرات.        الحضري يتوقع نهائي المغرب ومصر    المغرب في المهرجانات العالمية    شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الثانية عشرة لوفاته..صفحات مشرقة من حياة الشيخ محمد الغزالي رحمة الله- بقلم إبراهيم بوغضن
نشر في التجديد يوم 04 - 03 - 2008


(1) إذ أخصص هذه المقالة لأبرز الدعاة في النصف الثاني من القرن العشرين، الشيخ محمد الغزالي رحمة الله عليه ، فإنني أبغي بذلك تحقيق مقصدين : أولهما كلمة وفاء وعربون محبة لهذا الداعية الذي اطلعت على كل مؤلفاته تقريبا، وهي تربو على الستين، حتى إنني أستطيع أن أقول بأنه خ عبر كتاباته تلك خ قد صاغ جوانب مهمة في شخصيتي، وفي طريقة تعاملي مع مختلف الرؤى في مجال الفكر الإسلامي ومناهج التغيير وحركات الإحياء الإسلامي الحديثة، وأشهد بأن اطلاعي المبكر ( في سن الخامسة عشرة) على بعض كتب الشيخ الغزالي جعلني أتفاعل تلقائيا مع التصور الجديد للعمل الإسلامي لدى جمعية الجماعة الإسلامية ( حركة التجديد والإصلاح لاحقا) القائم على العمل العلني السلمي، والنقد الذاتي، والتغيير الحضاري، والتربية المتفاعلة مع الواقع . ثانيهما :من أسف أن قادة الفكر الإسلامي ورجال الأمة الكبار تغمط حقوقهم، ويطويهم النسيان بمرور الوقت، بسبب أن خلفهم لا يقومون بإحياء تراثهم العلمي والفكري ،سواء عبر تناوله بالنقد والتقويم، أو بإعادة طبعه ونشره، أو باستجلاء مكامن التجديد والإضافة النوعية التي تميزه ، و على عكس ذلك فإن القوى اليسارية والليبرالية يحتفون برجالاتهم، ينظمون الندوات تلو الندوات حول عطاءاتهم، يعيدون نشر مؤلفاتهم، ويسجلون أطاريحهم الجامعية حول إنتاج أعلامهم وأساتذتهم. و قد حان الوقت لسد هذه الثغرة لدى الحركة الإسلامية بالترجمة لأعلامنا العظام الذين تكثفت فيهم خصائص الإسلام وقيمه . (2) لقد كان الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تلميذا نجيبا للشهيد الإمام حسن البنا مجدد الإسلام في القرن العشرين ومنذ تاريخ التقائه به سنة 1937 قرر أن يسير معه على درب واحد لخدمة الإسلام والمسلمين . وامتدت حياته المباركة تسعا وسبعين عاما، حيث كانت وفاته يوم التاسع من مارس .1996 أمضى هذا العمر المديد في الدعوة إلى الإسلام، سواء في مجال الخطابة والوعظ، أو في مجال تأطير الشباب في المخيمات و والمنتديات ، أو في مجال الأحاديث الإذاعية والتلفزية، أو في مجال التدريس الجامعي والأكاديمي أو في مجال الكتابة والصحافة أو في مجال العمل الخيري والاغاثي. و في سبيل هذا الهدف جاب جميع أنحاء العالم ، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا،حتى إن وفاته صادفت سفر المفكر الإسلامي ذ فهمي هويدي خارج مصر فتحولت رحلته إلى جولة في مجالس العزاء ومحافل التأبين للشيخ الجليل وعبر عن هذا قائلا :من ماليزيا إلى ولاية فلوريدا الأمريكية ظل المسلمون ولا يزالون يتبادلون العزاء في مشهد مثير يعبر عن حالة فريدة في تاريخنا المعاصر . يكفي الشيخ محمد الغزالي فخرا وشرفا أن يكون من تلاميذه : العلامة الدكتور يوسف القرضاوي- وهو من هو فقها وعلما ودعوة واجتهادا وشهرة - حتى قال هذا الأخير عن شيخه : أشهد أنني أحب الشيخ محمد الغزالي وأتقرب إلى الله بحبه .غير أن تلامذته يعدون بالملايين في كل أرجاء المعمور، تأتي على رأسهم كوكبة من رجال التجديد المعاصرين كالأستاذ طارق البشري ، د. عبد الحليم عويس ، د .احمد العسال، ود .محمد عمارة، ذ فهمي هويدي، ذ .راشد الغنوشي، ذ طه جابر العلواني... وغيرهم من أعلام تيار الوسطية والاعتدال . (3) في مجال التأليف أغنى الشيخ الغزالي المكتبة الإسلامية بأزيد من ستين كتابا ، ويمكن اعتبارها ـ كما يرى بحق ذ عمر عبيد حسنة - سجلا لتاريخ الدعوة الفكري ونستطيع أن نترسم الملامح الرئيسية للدعوة الإسلامية الحديثة وتطورها من خلال هذه المؤلفات. كل كتاب يلخص معركة من معارك الشيخ في سبيل الدفاع عن الإسلام سواء في مواجهة القوى المعادية له ( العلمانية ، الصليبية ، الاستشراق ...) أو في مواجهة الذات الإسلامية التي عانت من الاستلاب للوافد الغربي أو لعصور الانحطاط ... أو في مواجهة فكر الانغلاق والتطرف .لما قرأت ما كتبه الدكتور احمد الريسوني مؤخرا في جريدة التجديد حول فساد الحكم والحكام ومناهج الحكم كأكبر عنصر منتج للتخلف في حياة المسلمين ، رجعت بذاكرتي إلى كتابين للشيخ الغزالي يتناول فيهما الفكرة ذاتها، أولهما بعنوان ( الإسلام والاستبداد السياسي ) وثانيهما بعنوان (الاستبداد السياسي في المجتمعات العربية والإسلامية ) خلص فيهما إلى أن الإسلام والاستبداد ضدان لا يلتقيان لأن تعاليم الدين تنتهي بالناس إلى عبادة ربهم وحده، أما الاستبداد فينتهي بالناس إلى وثنية سياسية عمياء . وخلال العشرين سنة الأخيرة من حياته كرس الشيخ الغزالي جهوده لموضوع ترشيد الصحوة الإسلامية، وإعادة تشكيل العقل الإسلامي المعاصر، ومواجهة ( الفهم الحرفي الظاهري) لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وقد لاقى في ذلك عنتا كبيرا خاصة بعد صدور كتابه الفذ ( السنة النبوية بين أهل الفقه أهل الحديث) الذي أثار واحدة من المعارك الكبرى في الفكر الإسلامي المعاصر، وكشف عن الأبعاد المعاصرة للتدافع الفكري بين قوى التجديد والتقليد في الثقافة الإسلامية الحديثة. (4) لقد أجمع الدارسون لحياة وعطاء الشيخ الغزالي على أنه يتميز بخصائص وسمات من أهمها: 1 الاجتهاد القائم على سعة الإسلام ومرونته ومقاصد شريعته وكليات مصادره وغاياته العليا .2 السماحة والاعتدال حتى إن أغلب معاركه الأخيرة خاضها في مواجهة فكر الانغلاق والتشدد. 3 الفهم الدقيق لوسطية الإسلام. 3 الغيرة الصادقة على قضايا الأمة الإسلامية جمعاء. 4 - المزاوجة بين العقل والنقل في تناغم عجيب . 5 الاستعداد الدائم لمراجعة أفكاره ومواقفه وإعلان ذلك أمام الملأ. 6 ـ الجرأة في قول الحق، دون مهادنة لا للجماهير ولا للحكام . 7 ـ عاطفة قوية مشبوبة : حتى قال ذات مرة عن نفسه : كل كتاب كتبته .. وكل محاضرة أو ندوة أو مداخلة شاركت فيها .. إنما هي قلب يتحرق .. وعاطفة تتحرك .. وكل ذلك أقدمه بين يدي ربي عز وجل يوم القيامة أساله أن يتقبل ذلك خالصا لوجهه تعالى . (5) الكلام عن الشيخ محمد الغزالي سيطول بالنظر إلى حياته الغنية والمؤثرة في مسيرة الصحوة الإسلامية الحديثة، ومن أسف أنني لا أستطيع في هذا العمود الصغير أن أوفيه هذا الداعية الكبير حقه، ولكن حسبي أنني أديت بعض الواجب و لفتتت النظر إلى ما خلفه من كنوز. وسيبقى الشيخ محمد الغزالي قبل ذلك وبعد ذلك قمة من قمم الدعوة الإسلامية المعاصرة ، وصاحب مشروع فكري عنوانه الاجتهاد والتجديد. وإذ أكتب عنه ، فإنني لا أنسى أن هذا البلد الذي أعيش فيه - المغرب العزيز- قد فقد أعلاما كبارا خدموا وطنهم، وعقيدتهم، وحضارتهم وأمتهم، فهم في أمس الحاجة إلى من يؤدى بعض الواجب تجاههم، أذكر منهم مثلا العلامة الشيخ عبد الله كنون، الدكتور تقي الدين الهلالي، البحاثة المدقق الأستاذ محمد المنوني ، ومنهم الشيخ الداعية محمد البشيري الذي التزم على يديه آلاف الشباب خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وإنني أدعو تلاميذه وأحباءه إلى جمع مكتبته السمعية و تفريغ أشرطته وجمعها في كتاب يهدى إليه في ذكرى وفاته . رحم الله الجميع وتقبلهم في الصالحين وصدق الله العظيم القائل: ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم) .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.