وهبي يدعو القضاة للاجتهاد في إيجاد بدائل للسجن وتطبيق العقوبات البديلة    "العفو الدولية": تهجير إسرائيل فلسطينيي غزة "جريمة ضد الإنسانية"    السكر العلني وارتكاب حادثة سير يوقف فرنسيين بمراكش    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    محاكمة زيان.. النيابة العامة تطالب بتشديد عقوبة السجن 5 سنوات الصادرة ضده    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    المغرب، الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا (صحيفة جنوب إفريقية)    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    إدانة ستة أشخاص ب48 سنة سجناً في ملف تهريب دولي للمخدرات عبر مطار الحسيمة    يومه الخميس، الذكرى 22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن    سانشيز يُشيد بدور المغرب في استعادة الكهرباء بعد الانهيار "غير المسبوق" لشبكة التوزيع بإسبانيا    منتخب U20 يطمح لحسم تأهله إلى ربع نهائي كأس إفريقيا أمام تونس    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    التوأمة التربوية بين الرباط وباكو .. جسر لتعزيز الحوار الثقافي والمحافظة على التراث    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    المغرب يحتفي باليوم العالمي لشجرة الأركان كرافعة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند وباكستان    500 مليون دولار خسائر مطار صنعاء    الكرادلة يبدأون عصر الأربعاء أعمال المجمع المغلق لانتخاب بابا جديد    فرنسا تواصل معركتها ضد الحجاب.. هذه المرة داخل الجامعات    دكاترة الصحة يذكرون بمطالب عالقة    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    قمة دوري الأبطال تستنفر أمن باريس    لامين يامال يقدم وعدًا إلى جماهير برشلونة بعد الإقصاء من دوري أبطال أوروبا    صيحة قوية للفاعل الجمعوي افرير عبد العزيز عن وضعية ملاعب القرب بحي العامرية بعين الشق لالدارالبيضاء    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    بورصة الدار البيضاء.. أداء إيجابي في تداولات الافتتاح    بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    انتر ميلان يتغلب على برشلونة ويمر إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    القوات المسلحة الملكية: ندوة بالرباط تسلط الضوء على المساهمة الاستراتيجية للمغرب خلال الحرب العالمية الثانية    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    عاملات الفواكه الحمراء المغربيات يؤسسن أول نقابة في هويلفا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين بنزكري و الجزيرة - بقلم بلال التليدي
نشر في التجديد يوم 13 - 05 - 2008


لا يجد المراقب السياسي عناء كبيرا في ملاحظة التغيير الذي حصل في المشهد السياسي المغربي وفي المقولات المؤطرة للسياسة في المغرب بعد اقتراع السابع من شتنبر. وإذا كان المحللون السياسيون قد وقفوا طويلا على محطة الاستحقاق الانتخابي، وتابعوا المنهجية التي تم تشكيل الحكومة بها، فإنهم لم يتجاوزوا هذا السقف التفسيري الذي يقف على ملامح التغيير في المشهد السياسي دون أن يدخل في المقاربة الاستشرافية التي تحاول أن تقرأ هذه التحولات السياسية في ضوء الواقع السياسي الجديد الذي يراد له أن يؤطر الحياة السياسية المغربية، فقصارى ما يوجد من استشرافات لدى النخبة السياسية أو لدى بعض الباحثين هو القلق من المآل الذي ستصير إليه تجربة الانتقال الديمقراطي، ووضعية حقوق الإنسان فضلا عن حرية الإعلام في البلد. من حيث الخطاب الرسمي، لا يوجد ما يؤشر على وجود رغبة في الارتداد على التجربة الديمقراطية، فكل الخطابات الملكية تؤكد على الاستمرار في الخيار الديمقراطي لكن بتواز مع التنمية البشرية ومع مقولة جديدة هي الملكية الفاعلة يسعى الأداء الملكي أن يعكس محتواها ومضمونها بما هو حضور دائم للملكية في مربع التدبير والسياسات العمومية والانفراد بالمبادرات الكبرى التي تزكي شرعية الإنجاز.لكن عدم الرغبة في الارتداد على التجربة الديمقراطية لا يعني أن هناك إرادة في اتجاه استكمال تجربة الانتقال الديمقراطي، فقد بات واضحا أن قطيعة قد حصلت على مستوى المقولات السياسية التي تؤطر اليوم صناع القرار السياسي، قطيعة حسمت نهائيا مع مقولة استكمال فترة الانتقال الديمقراطي، واستعاضت عنها بمقولة استكمال أوراش الإصلاح الكبرى. بمعنى، أنه لم تعد هناك حاجة لدى صناع القرار السياسي للحديث عن فترة للانتقال الديمقراطي وعن التعاقد المفترض أن يكون عنوانا لها، وعن الشروط الذاتية والموضوعية التي ينبغي توفيرها لإنجاح هذه التجربة سواء تعلق الأمر بالإصلاح المؤسسي أو الإصلاح في المجال السياسي والحقوقي أو تعلق الأمر بدمقرطة المشهد الإعلامي. فالمغرب حسب المقولات السياسية الجديدة، قد حسم في اختياره الديمقراطي، وهو يعيش التجربة الديمقراطية دون حاجة لتعاقد أو لما تمليه فترة الانتقال الديمقراطي من شروط وأن العطب الذي ينبغي استدراكه في هذه التجربة هو التنمية البشرية وإطلاق المشاريع الكبرى التي تنهض بالتنمية الاقتصادية. بلغة أكثر وضوحا، هناك جهات مقربة من محيط الملك تريد أن تقفل تماما موضوع الانتقال الديمقراطي، وتنهي كل الإرث المشدود إليها، بل وتسحب البساط من كل القوى التي كان لها دور في هذه التجربة، وتقفز على كل هذا التراكم الذي حصل في التجربة الديمقراطية المغربية، وتتحكم في الآليات والمؤسسات التي أنتجتها حتى تضمن بذلك اغتيال مقولة الانتقال الديمقراطي وإطلاق مقولة جديدة عنوانها الكبير أن الملك له مشروع مكتمل، وأن دور جميع القوى أن تنخرط في هذا المشروع، وأن الأولوية الكبرى هي التنمية البشرية بالشكل التي تتنزل به على واقع الأرض. لهذه القراءة أكثر من مؤشر، فعلى الواجهة الحزبية، يمكن أن نلاحظ الموقع الذي أريد لحزب الاتحاد الاشتراكي أن يحتله، والخلافات التي تكرست في جسمه التنظيمي وتطلعه السياسي، وهو الحزب الذي كان يشكل نواة تجربة التناوب وأحد المؤسسين الرئيسيين لمقولة الانتقال الديمقراطي في المغرب، ويمكن أن نلحظ المآل الذي صار إليه حزب الاستقلال بعدما جرد من كل قدراته السياسية وأصبح بدون لون سياسي يميزه داخل الحكومة، في حين يتردد حزب التقدم الاشتراكية بين رفع شعار إعادة الروح للكتلة الديمقراطية ومقولة الالتحاق بحزب كبير لكل الديمقراطين وهو ما يعكس بوضوح أزمة مكونات الكتلة التي يفترض أن تكون مؤتمنة على الدفاع عن مقولة الانتقال الديمقراطي وتحصينها. وفي الوقت الذي تهيء فيه الأحزاب الفاعلة مؤتمراتها لمناقشة وضعها التنظيمي وموقعها السياسي في ظل التحولات الجديدة، انطلقت حركة لكل الديمقراطيين تبشر بالمقولات السياسية التي تؤطر السياسة في مغرب الغد، وتنزع المشروعية السياسية وبشكل قاطع عن مقولة الانتقال الديمقراطي، وتتهم الأحزاب بكونها كانت مسؤولة عن ضحالة المشاركة السياسية في الانتخابات بسبب عدم إتاحتها الفرصة للجماهير للتواصل وفي نفس الوقت ترفع شعار تعبئة المبادرات والقوى الجمعوية والمدنية والسياسية حول العناوين السياسية الجديدة التي تبشر بها.ولا شك أن مبادرة هذه الحركة أو بعض قيادييها لتأسيس مؤسة بن زكري لحقوق الإنسان والديمقراطية لا يمكن أن تقرأ بعيدا عن اغتيال أحد أكبر ملامح تجربة الانتقال الديمقراطي، وهي تجربة الإنصاف والمصالحة، من خلال تبني رمزها الأول الراحل إدريس بنزكري، فالحكمة السياسية القديمة تقول إن أحسن طريقة لاغتيال الأفكار هو تبنيها، لكن ليس بالشكل الذي تأسست به، ولكن بالشكل الذي يراد لها أن تتأسس عليه. وللمراقب السياسي أن ينظر إلى قرار منع الجزيرة من بث نشراتها من المغرب، والطريقة التي تم تبرير القرار بها لينظر إلى مؤشر جديد على الواجهة الإعلامية يكشف أن مقولات السياسة الجديدة التي ستؤطر مغرب اليوم لن يتسع صدرها كثيرا لانتقادات ينظر إليها على أساس أنها تشوش على مشاريع الإصلاح الكبرى.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.