القافلة الجهوية تقديم آليات جديدة متاحة لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع في الجهة    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    حوالي 756 ألف مستفيد من دعم مربي الماشية توصلوا بأزيد من 3 ملايير درهم    تفكيك شبكة لترويج المخدرات بطنجة وتوقيف ستة من أفرادها    الحاجب يستقبل محطة جديدة لمعالجة المياه العادمة بجماعة أيت نعمان    إطلاق المنصة الوطنية لرصد وفيات الأمهات والمواليد الجدد لتعزيز الجودة والحكامة في المنظومة الصحية    متابعة الرابور "بوز فلو" في حالة اعتقال وإيداعه السجن المحلي لصفرو    ( الحب المر)... فيلم يكشف الوجه الخفي للنرجسية داخل الأسرة المغربية    بوريطة يتباحث بالرباط مع نظيره الغاني    "الأحرار" يصادق على تصوره للحكم الذاتي تمهيداً لرفعه إلى الملك    جدل داخل البرلمان حول مقترح حلّ الأحزاب التي لا تشارك في الانتخابات    بوريطة يستقبل رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية تنزانيا المتحدة    تتويج أشرف حكيمي بجائزة أفضل لاعب إفريقي.. إشادة واسعة من قبل وسائل الإعلام الفرنسية    نبيل باها: "اللاعبون مستعدون لمواجهة البرازيل والفوز بالمباراة"    ملف إسكوبار الصحراء .. النيابة العامة تكشف اختلالات خطيرة في العقود الموثقة    تنسيقية الأطباء تحذّر مجلس المنافسة من سعي "أكديطال" لاحتكار القطاع الصحي عبر الاستحواذ على Rochaktalim    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    الكاف يتجاهل المدرب محمد وهبي    في مداخلة له خلال الدرس الافتتاحي للجامعة الشعبية بمكناس .. وسيط المملكة: الإنصاف أعلى من القانون حين يُظلم المواطن    المغرب يترأس المجلس الدولي للزيتون    تكريم فريق جمعية الأوائل للأطفال للأطفال في وضعية إعاقة إثر ظفره بكأس العرش لكرة القدم داخل القاعة    تحقيق إسباني يكشف استعمال النفوذ للحصول على صفقات في المغرب وخلفيات ذكر اسمي اعمارة ورباح    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    الحكومة تقر "تنظيم مهنة العدول"    المغرب يحل ثالثا وفق مؤشر الأداء في مجال التغير المناخي (CCPI)            جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    السكتيوي يعلن الجمعة لائحة الرديف    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    منظمة الصحة العالمية تحذر من الزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية    ناسا تكشف عن صور جديدة للمذنب 3I/Atlas القادم من خارج النظام الشمسي    وزارة الاقتصاد والمالية تصدر ميزانية المواطن لسنة 2026    الإنصاف أخيرا لأشرف حكيمي..    تدشين غرفة التجارة المغربية بإيطاليا في روما    غوغل تطلق أداة جديدة للبحث العلمي    مناورات مشتركة بين قوات المارينز الأميركية ونظيرتها المغربية تختتم في الحسيمة    منتخبات ‬وفرق ‬وطنية ‬تواصل ‬التألق ‬وتخطيط ‬متواصل ‬يجعل ‬من ‬كرة ‬القدم ‬رافعة ‬تنموية ‬كبيرة    مونديال 2026.. جزيرة كوراساو الضيف المفاجأة    أمريكا تقدم "خطة السلام" في أوكرانيا    الملك يبارك اليوم الوطني لسلطنة عمان    أوكسفام: "ثروات الأثرياء" في ارتفاع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    منظمة الصحة تحتاج إلى مليار دولار    كأس ديفيس: المنتخب الايطالي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره النمساوي    معمار النص... نص المعمار    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقسـام الولادة.. موارد بشرية هزيلة ومعدات متهالكـة ونسبة الوفيات مرتفعة


في سنة 2006 بلغ عدد وفيات الأمهات من مجموع 364 ألفا 683 ولادة حية بالمؤسسات الصحية بمختلف الجهات 289 أم، و8 آلاف و36 وفاة في صفوف المواليد، وسجلت أعلى نسبة في جهة الدار البيضاء الكبرى بمعدل 60 وفاة من أصل 38 ألفا و828 ولادة حية، و465 وفاة في صفوف المواليد، تليها جهة سوس مادة درعة، إذ بلغ عدد الوفيات 36 من أصل 40 ألفا و595 ولادة حية، و1126 وفاة في المواليد. ثم جهة مراكش تانسيفت الحوز بمعدل 36 وفاة من أصل 460 ألفا و506 و1058 وفاة في صفوف المواليد. وعلى الرغم من الخطط والاستراتيجيات والبرامج التي تضعها وزارة الصحة للحد من وفيات الأمهات والمواليد، ما تزال النسبة مرتفعة، وما تزال الأرقام تعكس هشاشة الواقع الصحي بالمغرب، وحسب جولة في مستشفيات كل من مراكش والجديدة وبني ملال، لاسيما في أقسام الولادة، فإن واقعها ما يزال يدق ناقوس الخطر بالنظر إلى ضعف التجهيزات الطبية، وقلة الموارد البشرية، إضافة إلى المعطيات الموضوعية المرتبطة بعوامل أخرى تزيد من خطورة الوضع. 18 أما توفيت بمراكش أرقام مخيفة تلك التي حصلت عليها التجديد حول عدد وفيات الأمهات بمدينة مراكش، إذ وصل عدد الأمهات اللواتي توفين سنة ,2007 إلى 18 أم. و أشار عدد من المهتمين من الأطباء والباحثين لـالتجديد أن صحة الأم والطفل ليست أولوية سياسية في المغرب، ذلك أن النقاش المرير الذي دار حول مدونة الأسرة، في قضايا مثل سن الزواج والتعدد، لم يواكبه نقاش جاد من أجل تقليص نسبة وفيات الأمهات والرضع والمواليد، كما يشير إلى ذلك البروفسور عبد الرحيم أبو الفلاح، رئيس مصلحة في مستشفى الأم والطفل أول وحدة بنيت في المستشفى الجامعي الجديد الموجود قرب الحي الجامعي. يقول أبو الفلاح، إن سبب الوفيات راجع في جهة مراكش تانسيفت الحوز إلى صعوبة المسالك، وبعد الطريق، وانعدام التنسيق والتواصل بين المستشفيات في الجهة ـ حيث يمكن إنقاذ امرأة أو وليدها من خلال توجيهات تعطى للطبيب المعالج، من قبل مختصين في مستشفى الأم والطفل. وأشار طبيب آخر فضل عدم ذكر اسمه، إلى غياب مسؤول مباشر عن قسم المستعجلات في مصلحة الأم والطفل، مما يصعب معه تحديد المسؤولية أثناء الوفاة، هذا المشكل ـ يشير المصدر ـ موجود على الصعيد الوطني والوزارة غير قادرة على أخذ المبادرة في هذا المجال. مشاريع فاشلة تعتقد الوزارة أن مشكل تقليص الوفيات راجع إلى انعدام التكوين المستمرـ مما جعلها تصرف الملايير في ذلك من خلال برنامج صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة فنوياب ذءصخئ، لكن التقييم الأخير خلال مؤتمر الطفل المنعقد أخيرا بمراكش، أوضح بالملموس تعثرات في البرنامج، مما جعل الصندوق لا يستمر في دعمه، كما عملت الوزارة على بناء مستشفيات جديدة في المدن القريبة ـ خاصة في اختارت امينتاتوت شيشاوة، لكن زيارة خفيفة توضح أن هذه المستشفيات لم تراع شروط السلامة، والمعايير الدولية، مما أثر على عملها، وبدأ العاملون بها يشتكون من القطرة، ووجود قوارض في السقف المزيف ٍِّّفن لَُنفٌِ. كما أن بعض قرارات الوزيرة لم تلق تجاوبا، والتي فرضت على المريضة أن تبقى 48 ساعة قبل المغادرة، لكن الاكتظاظ يجعل كثيرا من الأطباء لا يطبقون القرار لعدم واقعيته، ويقلصون المدة إلى 24 ساعة. ويبقى مستشفى الأم والطفل بمراكش الوحيد التي يستجيب لهذه المعايير ـ ويعطي الانطباع أن الدولة والوزارة فهمت المشكل، وبالرغم من ذلك، فإن المستشفى يعاني من نقص حاد في الأطر الصحية؛ خاصة الممرضين والممرضات، كما يعاني من نقص حاد في الأسرة، إذ لا يتوفر إلا على 56 سريرا، وهو عدد ضئيل بالنسبة إلى عدد الأسر التي كانت موجودة في مستشفى ابن طفيل قبل نقل مصالح الولادة إلى مستشفى الأم والطفل المتخصص، مما يجعل بعض النساء يتقاسمن السرير، وبعضهن يخترن تسليم الطفل إلى الأب من أجل رعايته، ويعتبر مستشفى الأم والطفل الشطر الأول من المستشفى الجامعي الذي تقدر كلفته الإجمالية بـ 500 مليون درهم وتنتهي به الأشغال سنة ,2010 فيما تقدر كلفة هذا الشطر بحوالي 230 مليون درهم موزعة ما بين 130 مليون درهم للدراسات والبنايات، و100 مليون درهم للتجهيزات والمعدات البيوطبية. اكتظاظ دون دعم نفسي في الوقت الذي يؤكد أبو الفلاح أن 20 ولادة تتم في مستشفى الأم والطفل، يشير محمد المرابط أنه خلال شهر أكتوبر ,2008 استقبل مستشفى ابن زهر 900 حالة ولادة بمعدل 30 في اليوم. ويعترف أبو الفلاح أن مستشفى الأم والطفل يستقبل الحالات المستعصية فقط لأغراض البحث والتعليم، ويرجع الحالات العادية إلى المستشفيات الأخرى، وهو ما اعتبره الطبيب محمد المرابط اختصاصي في أمراض النساء والولادة بمستشفى ابن زهر بالمدينة القديمة، غبنا يلحق الأطباء في المستشفيات الجهوية، لأن عدم مباشرة بعض الحالات المستعصية يفقد الخبرة، كما أن ذلك يولد الضغط على هؤلاء الأطباء، فيضطرون إلى إعادة المريضة إلى مستشفى الأم والطفل، مما قد يودي في بعض الحالات إلى أن تلد المرأة في سيارة الإسعاف دون ظروف سليمة. شتم وإهانة النساء أثناء وجودنا بمستشفى ابن زهر وصلت حالتان مستعجلتان، إلا أن عدم وجود المعدات الكافية، دفع الطبيب إلى نقل الحالة إلى الإدارة لاتخاذ قرار في الموضوع، وغير بعيد، وفي ممر الولادة صادفنا امرأة شابة تتألم، وتطلب من الطبيب إزالة الألم بأي طريقة، وهو ما سيصعب عليها عملية الولادة.. كما أن كثيرات يتركن لحالهن بسبب نقص في الأطر، ودون دعم نفسي، وهو الأمر الذي طالب به كل من المرابط وأبو الفلاح، من خلال إحداث خلية خاصة بذلك. وقد كانت النساء يعانين من الشتم والامتهان في مستشفى ابن طفيل، مما كان يدفع الكثيرات إلى دفع إتاوات من أجل أن يعتنى بهن، وكانت الممرضات يحذرن النساء الوالدات من القطط السمان التي يمكن أن تبتلع الرضع. البعض في مستشفى الأم والطفل أكد أن مثل هذه الممارسات قلت، نظرا للنظام الذي يحاول رئيس المستشفى فرضه بالرغم من وجود جيوب مقاومة، لا تريد الإصلاح. كما أن بعض رجال الأمن الخاص، تقول إحدى الطبيبات، لا يسمحون للنساء بالدخول إلا بورقة موعد، وهو ما يسهل عملية الابتزاز، والطبيبة نفسها تتساءل كيف تحصل مريضة على ورقة موعد وهي في حالة مستعجلة. نساء يلدن على الأرض ببني ملال أصبح قسم الولادة ببني ملال مشهورا وطنيا بما عرفه من اختلالات أدت أخيرا إلى توقيف طبيب عن مزاولة مهنته، كما سجل المستشفى عشر وفيات في سنة واحدة، ويستقبل المستشفى المذكور 6700 ولادة في السنة بمعدل 25 ولادة يوميا، وتجري به ما بين 4 إلى 5 عمليات جراحية يوميا أي بما معدله 9 في المائة من مجموع الولادات. واعتبر الدكتور محمود برحال مدير المستشفى الجهوي ببني ملال الـــ 10 وفيات المسجلة سنة 2008 لا يتعدى النسبة الوطنية. موارد بشرية ضعيفة أكد الدكتور برحال أن المستشفى الجهوي استفاد من الإصلاح الاستشفائي بمناسبة انطلاق برنامج المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود راميد على شكل معدات العمليات الجراحية ومعدات التوليد، كما استفاد قسم الولادة من حاجيات كل ولادة (كيت). إلا أن المدير اشتكى من قلة الموارد البشرية، إذ يشتغل بالقسم 3 أطباء بالتناوب، و4 فرق من النساء المولدات بنسبة 2 لكل 30 ولادة، وهو رقم لا ينسجم مع عدد المولدات. وبالرغم من أن المدير أشاد بالتغييرات الأخيرة التي عرفها المستشفى على مستوى الاستقبال وتوجيه المرضى وإحداث خلية للشكايات والاقتراحات وإحداث رقم هاتفي خاص، إلا أنه اعترف أن بعبع قسم الولادة هو قلة الموارد البشرية خاصة المولدات، إذ يحتاج القسم على الأقل إلى 6 منهن، واعتبر أن هذا المشكل سيزداد تعقيدا بعد توقيف الطبيب (أ.صلاح الدين) أخيرا. ومن جانبها اشتكت (ز) مولدة بالقسم هي الأخرى من ظروف عملها وعمل زميلاتها، واعتبرت 4 مولدات و6 قابلات عددا غير كاف لمستشفى جهوي، واشتكت من الأعداد التي تفد على المستشفى من النساء الحوامل، والتي تفوق طاقة الموارد البشرية، موضحة أن القسم لا يتوفر سوى على 4 طاولات للولادة فقط غالبا ما تكون مشغولة، مما يترتب عنه ارتباك كبير في التعامل مع الحالات المستعجلة، وقد تضطر بعض النساء في هذه الحالة إلى وضع مواليدهن على الأرض، وأمام قلة القابلات قد تترك النساء لحالهن حتى يضعن لوحدهن تقول (ز). وأضافت المتحدثة نفسها أن المستشفى لا يتوفر كذلك سوى على 6 قاعات خاصة بالولادة/ الولادة، تضم 42 سريرا، وغالبا ما تكون كل الأسرة مملوءة عن آخرها، ما اضطر العاملين بالقسم إلى استغلال البهو لمبيت النسوة الحوامل في انتظار دورهن، وقد تقتسم النساء اللواتي وضعن بشكل طبيعي سريرا واحدا. هذا بالإضافة ـ تقول (ز) إلى طول المدة التي تتطلبها مراقبة السيدات اللواتي خضعن لعمليات قيصرية والتي تصل إلى أسبوع، ما يرفع من حدة الخصاص في الأسرة، ويتطلب رعاية طبية وطاقما طبيا إضافيين. ودقت (ز) ناقوس الخطر حول انعدام توفر ممرضات بشكل دائم لبعض القاعات، واستغربت كون بعض دور الولادة بالقرى والمداشر توجه سيدات ذات حمل طبيعي إلى المستشفى الجهوي ببني ملال، وطالبت بإحداث تكوين خاص للقابلات قبل تعيينهن في القرى والمداشر قصد تأمين الولادات الطبيعية وادخار المستشفى الجهوي للحالات المعقدة والعمليات القيصرية. ويذكر أن قسم الولادة ببني ملال عرف رجة كبيرة بعد تسجيله لعشر وفيات في سنة واحدة، كما تلقت إدارة المستشفى شكايات تتعلق بالابتزاز والرشوة، وقد فتح تحقيق على إثر ذلك من قبل وكيل الملك والشرطة القضائية. وحسب المتتبعين، فإن هذا الحدث صبغ سير العمل بهذا القسم بالحيطة والحذر ولو إلى حين. وقد عاينت التجديد نظافة قاعات ومرافق وأفرشه القسم وكذا تغيير بابه القديم للتحكم في الوافدين عليه حسب إحدى المولدات، ومن جانب آخر، تعذر على التجديد الحديث مع القابلات بحكم وجودهن داخل قاعات التوليد وبسبب ضغط عملهن الذي لا يسمح لهن بالحدي . وللإشارة أيضا، فإنه بالنظر إلى المشاكل التي يعيشها قسم الولادة في مركز استشفائي جهوي، يمكن للمرء أن يتساءل عن حالة أقسام الولادة في المداشر والقرى، وكذا مصير الآلاف من النساء الحوامل اللواتي يقبعن في أعالي الجبال والأودية الوعرة بالجهة، حيث تنعدم الطرقات والبنيات التحتية، ويضطر الرجال إلى حمل مرضاهم فوق النعوش أو على ظهورهم أو على ظهور الدواب للعبور إلى الضفة الأخرى (مدينة،قرية..) للولوج إلى خدمات طبية أيا كان مستواها. معاناة النساء بالجديدة بمجرد وقوفك أمام باب قسم أمراض النساء والتوليد بمستشفى محمد الخامس بالجديدة، تثير انتباهك لوحة علقت بعناية، كتبت عليها عشرة شروط يتعهد المستشفى بالوفاء بها تجاه النساء اللواتي سيلدن بهذا القسم.. وهي تعهدات مغرية بشكل كبير وتوحي للوافدة على هذا القسم من النساء المقبلات على الولادة بأنها ستكون ضيفة محمولة على الأكتاف، وستتلقى تأطيرا ودروسا في تربية المولود وطرق إرضاعه والعناية به... لكن وبمجرد الولوج داخل قسم الولادة والقيام بجولة بين غرفه فوجئنا بأسرة فوقها سيدتين أو ثلاثة في بعض الأحيان نتيجة الاكتظاظ الحاصل، وعدم قدرة الغرف المتوفرة والأسرة على تحمل عدد النساء الوافدات على قسم أمراض النساء والتوليد، كما ستشاهد نساء حديثات الولادة يصلن إلى المراحيض بمساعدة إحدى أفراد أسرهن، وستشد انتباهك الحركة غير العادية للممرضة الوحيدة التي تتجول بين غرف القسم بشكل يوحي من النظرة الأولى أنها تقوم بكل شيء بمفردها. اقتربنا منها وسألناها عن ظروف اشتغالها، فلم تخف بأن الأمر أصبح فوق طاقتها وطاقة العاملين معها، موضحة أنها تسهر اليوم على رعاية كل نزيلات القسم اللواتي يفوق عددهن عدد الأسرة المتوفرة بكثير. سألنا سيدة في عقدها الثالث حديثة الولادة بجانبها توأمين عن المنطقة التي تنحدر منها، فقالت بأنها قدمت من مدينة الزمامرة (80 كيلومتر عن مدينة الجديدة)، بعدما تعذر عليها الولادة هناك، بسبب صعوبة حالتها، حيث اضطر الطبيب إلى طلب نقلها إلى مستشفى محمد الخامس بالجديدة، وأضافت والدتها التي كانت تحضن أحد التوأمين حنا أولدي عايشين غير بقدرة الله، هاد البنية كانت غادا تموت لينا فالطريق غير ربي ستر وخلاص. وغير بعيد عن هذه السيدة، اقتربنا من شاب في الثلاثينيات أحضر زوجته من قرية سيدي اسماعيل (50 كيلومتر عن الجديدة)، فأوضح لـالتجديد بأن ظروفه المادية دفعته إلى إحضار زوجته إلى المستشفى العمومي لأنه لا يتوفر على تكلفة الولادة بمصحة خاصة، مضيفا، أنه يقضي النهار متجولا بين جنبات المستشفى ويبحث له بالليل عن مأوى لأنه لا يستطيع ترك زوجته والذهاب إلى سيدي اسماعيل. حال هذا الشاب لا يختلف عن حالة السيدة (ع - ب) التي أحضرت ابنتها من سبت سايس حوالي (55 كيلومتر عن الجديدة)، والتي وجدت نفسها هي وزجها زوج ابنتهما في رحلة بحث عن مكان يبيتون فيه بعدما أدخلت السيدة الحامل إلى قاعة الولادة، لاسيما وأن موعد الولادة غالبا ما يكون تقديريا. وقد عبر بعض المواطنين في تصريحاتهم لـالتجديد عن تذمرهم من تأخير بعض الأطباء بقسم الولادة عن الحضور لإجراء العمليات، أو مباشرة المرضى وعدم التزام بعضهم بنظام المداومة بالقسم. موارد بشرية ضعيفة ومعدات متهالكة الدكتور عبد الكريم الزبيدي رئيس قسم الولادة بالمستشفى المذكور، شخص آثار الكثير من الجدل داخل هذا القسم، فهو معروف بصرامته التي أكدتها لنا العديد من نزيلات القسم وكذا بعض الممرضات، استقبل التجديد في مكتبه في حدود الساعة العاشرة ليلا بعد أن انتهى لتوه من إجراء عملية توليد قيصرية، وكانت تبدو عليه علامات العياء بعد أن أجرى ستة عمليات ولادة قيصرية خلال نفس اليوم، فأفاد بأن القسم يستقبل 7200 حالة ولادة عادية سنويا ويجري 1150 عملية ولادة قيصرية و284 جراحة عامة للأمراض المتعلقة بالأورام والسرطان و الالتهابات والأمراض التي لها علاقة مباشرة بأمراض النساء، مضيفا أن القسم عرف 16 حالة وفاة خلال ,2007 تتنوع أسبابها بين مشاكل عدم التتبع وغياب العناية بالمرأة الحامل، وبعد أغلب الوافدات على المستشفى عن مدينة الجديدة، وضعف الـتأطير، وكذا بعض الأخطاء المغربية الشائعة، وقال الزبيدي إن قسم الولادة يستقبل ما بين 35 و40 مولودا يوميا، إضافة إلى حالات أمراض النساء التي ترد على القسم، الأمر الذي اعتبره فوق الطاقة الاستيعابية للقسم (44 سرير فقط). وحسب رئيس القسم فإن ثلاثة أطباء فقط بالإضافة إلى رئيس القسم يشرفون على إجراء كل العمليات التي ترد على القسم، و يقومون بإجراء الفحوصات، كما يشتغل بالقسم نفسه أربعة مولدات و 12 ممرضة يعملن بنظام التناوب، ومنهن من يرفضن نظام الحراسة، الأمر الذي اعتبره الدكتور الزبيدي غير كاف وفوق طاقة هذا الطاقم. ولم يخف الدكتور تذمره من تهالك المعدات وعدم مسايرتها لجديد تقنيات التوليد والجراحة الخاصة بأمراض النساء، وكذا غياب التكوين المستمر للمولدات والممرضات لمسايرة المستجدات المتعلقة بميدان اشتغالهن، مما يعرض بعضهن لخطر الأخطاء الطبية، مستشهدا بحالة المولدة التي تسببت في وفاة سيدة قدمت من سيدي اسماعيل يوم ثاني نونبر الجاري بسبب خطأ طبي وقضيتها الآن أمام القضاء وتتحمل فيها المولدة كامل المسؤولية وسأعد تقريرا وأرسله إلى مندوب الصحة في هذا الشأن يقول الزبيدي، مضيفا بأن ثلاث مولدات بقسم الولادة بالجديدة هن متابعات أمام القضاء، والوزارة دائما تتملص من مسؤوليتها ليبقى الطبيب أو المولدة في الواجهة مع المواطنين دائما في حالة الخطأ .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.