الجزائر ترد على المغرب بعد إحداث منطقتين للصناعات العسكرية    السلطات الدنماركية توقف رجلاً اعتدى على رئيسة الوزراء في كوبنهاغن    حكيمي أعلى اللاعبين قيمة سوقية عربيا وأكرد ثالثا    شبهة الرشوة تطيح بشرطي في مراكش    بسبب الحشيش.. إيقاف مواطن أجنبي بمطار مراكش المنارة    تسجيل درجات حرارة موسمية قياسية في الولايات المتحدة الأمريكية    كأس أوروبا 2024: كوبارسي ويورنتي وغارسيا خارج القائمة النهائية لمنتخب اسبانيا    غوتيريش يدرج جيش إسرائيل على قائمة عالمية لمنتهكي حقوق الأطفال    كيوسك السبت | المغرب سيشرع رسميا في إنتاج الغاز المسال مطلع 2025    زياش والنصيري يُوقّعان الركراكي في المحضور    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    بطولة إنجلترا: فاردي يمدد عقده مع ليستر سيتي    المغرب يعلن فاتح ذي الحجة غدا السبت وعيد الأضحى يوم الإثنين 17 يونيو 2024    ارتفاع مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 0,8 في المائة برسم الفصل الأول من 2024    الحسيمة.. اختتام فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان إبداعات جوهرة المتوسط    الأشعري في قصص "الخميس".. كاتب حاذق وماهر في صنع الألاعيب السردية    وفاة شاب غرقا في وادي اللوكوس    المخابرات المغربية تفكك لغز تحركات شخص خطير في إسبانيا    كيف بدأت فكرة الطائرات العسكرية المُسيرة في عام 1849؟    بن كيران يدعو إلى حل حزب الأصالة والمعاصرة    حادثة سير وسط طنجة ترسل شخصين في حالة خطيرة للمستشفى    إدارة الرجاء تلعب ورقة المال للفوز بالبطولة                مصنع السيارات المغربي الأول يفتتح صالته للعرض بالرباط    تصفيات كأس العالم 2026: المغرب يتجاوز عقبة زامبيا بصعوبة ويواجه الكونغو الثلاثاء المقبل بكينشاسا    مظاهرات تتذكّر هدم "حارة المغاربة"    ميارة يستقبل رئيس "الصداقة الفرنسية"    المغرب والبرازيل يقرران إرساء حوار استراتيجي يروم ترسيخ شراكتهما المتينة وطويلة الأمد    استطلاع: 87 بالمائة من المغاربة يرفضون التطبيع مع إسرائيل    تسليم دفعة جديدة من "نيو المغربية" .. وبلخياط يخطط لسيارة كهربائية    الأمثال العامية بتطوان... (619)    لأول مرة.. جيش إسرائيل في "قائمة العار"    السيد بوريطة : المملكة المغربية تدين بشدة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى التي "تقوض جهود التهدئة" في غزة    البرازيل تشيد بجهود المغرب للمضي قدما نحو تسوية الخلاف في إطار مبادرة الحكم الذاتي    تظاهرة "نتلاقاو في وزان" تعود بنسختها الثالثة لتعريف بالتراث المحلي    التجارة تحافظ على صدارة الأنشطة الاقتصادية الأكثر استيعابا للنسيج المقاولاتي بجهة طنجة    السعودية تطلق حملة دولية للتوعية بخطورة حملات الحج الوهمية    لارام تعيد تشغيل الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وساو باولو    نورا فتحي تمزج بين الثقافتين الهندية والمغربية في عمل فني جديد    الآن وقد فاتت الوصلة الإشهارية الحكومية، ها هي الحصيلة التي لم يقلها رئيس الحكومة: شهور من الانقطاع عن الدراسة. والإضرابات، فشل ذريع في النمو وأرقام رهيبة في البطالة..!    وفاة أول مصاب بشري بفيروس "اتش 5 ان 2"    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    افتتاح فعاليات الدورة المائوية لمهرجان حب الملوك    أفلام مغربية داخل وخارج المسابقة بمهرجان «فيدادوك» بأكادير    جلسة عمومية بمجلس النواب الاثنين    بداية تداولات بورصة البيضاء بارتفاع    فيتامين لا    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    تنسيق أمني بين المغرب وإسبانيا يطيح بموال ل"داعش"    الكوسموبوليتانية وقابلية الثقافة العالمية    نادي الفنانين يكرم مبدعين في الرباط    السعودية تعلن الجمعة غرة شهر دي الحجة والأحد أول أيام عيد الأضحى    إصدار جديد بعنوان: "أبحاث ودراسات في الرسم والتجويد والقراءات"    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدل والإحسان والمشاركة الانتخابية- بقلم مصطفى الخلفي
نشر في التجديد يوم 25 - 05 - 2009


ما يناهز ربع قرن مر على بروز التمايز بين كل من مشروع جماعة العدل والإحسان والمشروع الذي تجسده حاليا حركة التوحيد والإصلاح، وهو تمايز اتسم بتكريس حالة من التعايش القائم على ترك الحكم النهائي في صوابية كل طرح للزمن بحسب تعبير أحد قيادات حركة التوحيد والإصلاح، وذلك بالرغم مما شهدته العلاقة من توترات هامشية وحادة، وخاصة في بدايات هذا التمايز. اليوم يتجدد هذا النقاش مع الخروج الإعلامي الأخير لعدد من قيادات جماعة العدل والإحسان يتقدمهم كل من الناطق الرسمي للجماعة ذ.فتح الله أرسلان، والأمين العام للدائرة السياسية ذ. عبد الواحد المتوكل، فضلا عن المسؤول الإعلامي للدائرة ذ. عمر أمكاسو، والذي تم فيه حشد كل المبررات القديمة أو الجديدة للتدليل على صوابية خيار الجماعة في مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها؛ لغياب توفر شروط المشاركة من فصل حقيقي للسلط ومؤسسات منتخبة بصلاحيات فعلية، وأن ما يجري حاليا عبث يمدد عمر الأزمة، والحل هو انتظار قناعة الأطراف الأخرى بأن المخرج هو ما تدعو إليه الجماعة من ضرورة الاجتماع على ميثاق، وإلى ذلك الحين فالجماعة تشتغل في المجتمع كقوة هادئة، وفي المقابل يتم تقديم ما تعتبره الجماعة مردودية ضعيفة وغير مشجعة - في أحسن الأحوال- لتجربة العدالة والتنمية من أجل التأكيد على صوابية طرحها في عدم المشاركة. الواقع أنه إذا ما تم استثناء كشف الجماعة لجزء من تفاصيل ما يمكن تسميته بالمفاوضات بينها وبين الحكم في بداية التسعينيات، فإن خطاب الجماعة من خلال اللقاء لا يكشف حصول مراجعة للمواقف التي تم اختيارها منذ حوالي ربع قرن؛ بدءا من المرتكزات التي حكمت تلك المواقف، وانتهاء بتقييمهم للتطورات التي عرفها المسار السياسي للمغرب طيلة ما يزيد عن عقدين، وهو ما يعني أن الحديث عن وجود مراجعات مؤثرة في مسار الجماعة يبقى هو الآخر حديثا هامشيا لم يظهر له أثر فعلي على الخط السياسي للجماعة، بل والأكثر من ذلك فإن احتمالات التحول نحو المشاركة تبدو ضعيفة، بل وتزداد ضعفا مع الزمن. الملاحظة الثانية التي يطرحها هذا الخطاب، تبرز في منهجية تقييمه لتجربة المشاركة السياسية المنبثقة عن حركة التوحيد والإصلاح، فرغم وعيه بأن تقييم هذه التجربة وفق أهداف وأولويات ومنطق الحركة يفضي لنتائج مختلفة عن نتائج تقييمها بمنطق جماعة العدل والإحسان، ففي الحالة الأولى تبدو النتائج إيجابية، وفي الثانية سلبية إن لم نقل مظلمة، إلا أن تنزيل هذا الوعي يبقى جد محدود وخاضع لرؤية دفاعية، مما يعيق قدرة الجماعة على امتلاك فهم نسبي وموضوعي لتجربة المشاركة السياسية، كما يحول دون إنهاء خطاب الأحكام القطعية والإطلاقية التي تسم خطاب الجماعة في الحكم على تجربة المشاركة، خاصة وأن احتكاك الجماعة بتجربة المشاركة يتم من خلال متابعة مسار حزب العدالة والتنمية أكثر منه المتابعة المتكاملة لمجموع مكونات تجربة المشاركة، والتي يمثل الحزب جزءا منها، وهو الذي يبرز عند حديث بعض من قيادات الجماعة عن مخاطر الاحتواء والابتلاع والذوبان والتراجع الدعوي، والتي وإن كانت حاضرة في تفكير الحركة كتحديات ومحاذير فإن تضخيمها بما يؤدي إلى إشاعة خطاب يفهم منه انتهاء الحركة لمصلحة الحزب أمر لا تسنده المعطيات الواقعية، ويعجز عن تفسير عدد من الإنجازات المرتبطة بالتدافع الجاري في قضايا الهوية الإسلامية بالمغرب. بكلمة؛ إن تقييم تجربة المشاركة السياسية للحركة بمنظار مدى تقدمها في كسب رهان الدولة والحكم؛ يختلف جذريا عن النظر إليها بمنظار تقدمها في كسب رهان صيانة سمو المرجعية الإسلامية والتدافع المستمر مع سياسات وتوجهات إضعافها وتهميشها، وهذا الاختلاف الجذري ينعكس كليا على الخطاب والأولويات والتحالفات والعلاقات، وفي غياب الوعي به فإن المنطق الأول لن ينتج سوى تبخيس تجربة المشاركة وعدم تقدير لإنجازاتها، كما أن المنطق الثاني لن يتردد في النظر إلى تجربة الجماعة في عدم المشاركة إلى حين توفر شروطها بمنظار يعتبر الجماعة تغيب نفسها عن التدافع المصيري حول الهوية الإسلامية للمغرب، وتعيش في انتظار نضج ظروف مشاركتها، وهو الإنضاج الذي يسهم فيه خيار المشاركة في تدافعه مع التيارات والتوجهات والأخرى. الملاحظة الثالثة، وتهم التفاصيل التي قدمتها الجماعة بخصوص فشل المفاوضات، فالواضح أن الجماعة سقطت ضحية تصور ضيق لطبيعة النظام السياسي بالمغرب، أدى بدرجة ما إلى تفويت فرصة اندماج إيجابي لها في الحياة السياسية، وهو التصور الذي نظر إلى الحكم كطرف يرغب في احتوائها واستغلال لقائها مع الملك، على الرغم من القبول بطلبها حول عدم تقبيل الأيدي، وذلك لخدمة أهداف سياسية وإقليمية، وهو ما يفسر حسم الجماعة في الأشهر التي سبقت قرار الإفراج في عدم تيسير شروط اللقاء مع الملك الراحل، وتعقيد احتمالات مثل هذا اللقاء، لكن دون أن يعني ذلك تحملها المسؤولية الكاملة في فشل هذا المسار، فمن جهة كانت جهات أخرى في الدولة بحسب ما كشفت مصادر أخرى من خارج الجماعة ترفض مثل هذا التطور وسعت لإفشاله، ومن جهة ثانية وجدت الجماعة نفسها إزاء السؤال الجوهري، والمرتبط بالبيعة والاعتراف بإمارة المؤمنين، ولهذا فضلت الوفاء لموقفها، وهنا ينبغي استيعاب ما قاله ذ. عمر امكاسو في اللقاء من كون المفاوضات تكسرت على عقبة البيعة وإمارة المؤمنين، والواقع أنها العقبة التي تكسرت عليها كل إمكانيات المشاركة في الحياة السياسية، ويصعب بدون معالجتها توقع انخراط الجماعة في المشاركة أو إقدامها على دعم أي من الأطراف السياسية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.