استطاع الموريسكيون (مسلمو الأندلس) نشر ثقافتهم الإسلامية عندما انتقلوا إلى دول أمريكا اللاتينية، وما زال التأثيرا واضحا خاصة في مدينة ليما. وعاصمة البيرو ليما شيدت وفق الطراز المعماري المورسكي الأندلسي، وهي شاهدة على وجود المسلمين الذين هاجروا إليها منذ ذلك التاريخ، ومازالت بعض أنواع الأشجار إلى اليوم شامخة في القصر الجمهوري للقائد الإسباني فرانسيسكو بيساروش، والتي جيء بها من الأندلس، مما يؤكد أن المسلمين في البيرو منذ سنوات طويلة تعود إلى فترة الاستعمار الإسباني لها. وعن أخبار المسلمين في البيرو وأحوالهم وهمومهم وآمالهم وتاريخ هجراتهم الحديثة قال لنا رئيس الجمعية الإسلامية في ليما الأستاذ ضمين عوض: الوجود الفعلي للمسلمين هنا بدأ سنة 1920م، كما هاجر العديد من المسلمين الصينيين وقدر عددهم سنة 1908 بما يزيد على 600 مسلم. وأضاف: لكن للأسف الشديد عندما قامت الجمعية بإحصاء بسيط وجدنا ما يزيد عن 1450مسلماً تنصروا وذابوا في المجتمع، نظراً لقلة المساجد والمدارس والدعاة، وما تبقى من المسلمين حالياً يقدر عددهم ما بين (15001000) مسلم، ولنا مسجد صغير تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيدان. وأوضح رئيس الجمعية الإسلامية في ليما أن معظم المسلمين يقطنون العاصمة ليما، والبعض منهم في المدن الرئيسة، ورغم قلة المسلمين في البيرو إلا أن تأثيرهم في البلاد يفوق حجمهم، إذ إن لهم علاقة طيبة مع السفارات العربية والأجنبية، كما لهم مكانة عند الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية، بالإضافة إلى صداقتهم مع جميع الطوائف النصرانية واليهودية ومع المحطات الإعلامية المحلية منها والوطنية. ويتابع عوض قائلا: لهذا فتحت لهم إذاعة ليما أبوابها وخصصت لهم ساعات يومية باللغة العربية، تذاع من خلالها مواضيع تعرّف بالإسلام والمسلمين، كما تقدم وسائل الإعلام في البيرو بين الفينة والأخرى برامج عن الإسلام والمسلمين، وخاصة في المناسبات الدينية كمناسبة شهر رمضان وعيد الفطر والأضحى، فشعب البيرو وحكومته يحترمون العرب والمسلمين إلى درجة أن المرأة البيروفية تفتخر مع صديقاتها بأنها تشتغل مع أسرة مسلمة. وأكد ضمين عوض: أن حالة المسلمين الاقتصادية في جمهورية البيرو جيدة، ومعظمهم يملكون محلات تجارية، بل هناك من يملك مصانع للغزل والنسيج، كما يملك أحد المهاجرين فندقاً ضخماً وسط العاصمة ليما. ويضيف عوض: ومع هذه الطفرة الاقتصادية لأغلب المهاجرين إلا أنه لا وجود يذكر للمؤسسات الإسلامية والمساجد والمصليات والمدارس العربية والنوادي الثقافية والرياضية، معرباً عن أسفه وحزنه لأن المسلمين في البيرو كانوا يدفنون إلى وقت قريب في مقابر غيرالمسلمين، لأننا كنا لانملك مقبرة ندفن فيها موتانا، مؤكداً أنه واقع مرير وخطير. وأوضح أننا لا نجد محاضراً واحداً نرسله إلى الجامعة للتعريف بالإسلام أو لتصحيح بعض الشبهات التي تقذف هنا وهناك أو لتمثيل المسلمين في بعض المناسبات والحوارات التلفزيونية، وخصوصاً عندما تكون حوارات علمية أكاديمية جادة. وكل ما في البيرو داعية واحد مصري ابتعثه الأزهر مشكوراً.