الأميرة للا أسماء تزور جامعة غالوديت    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    قادمة من أوروبا.. تنسيق أمني يحبط محاولة تهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر    شركة FRS DFDS تعلن عن موعد توقف استغلالها لخط "طريفة – طنجة المدينة"    بعد مقال "شمالي".. مجلس جماعة طنجة يؤجل التصويت على منح 45 مليون سنتيم لجمعية مقرّبة من نائبة العمدة وهذه أبرز النقاط المصادق عليها    رئيس البرلمان الأنديني: المغرب عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية    هل يتجه حزب العدالة والتنمية إلى الحظر بعد أن تحول إلى جماعة إسلامية حمساوية    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    "ندوة السلام".. بن عبد الله يدعو لتكثل عالمي يواجه إجرام إسرائيل ويحيي سكان طنجة    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس حركة التوحيد والإصلاح في حوار شامل مع ''إسلام أون لاين'": الإقرار بأن المجتمع المغربي محافظ لا يعني أنه في غنى عن التذكير والتنبيه والتوعية الدينية
إسلام أون لاين
نشر في التجديد يوم 08 - 12 - 2010

أكد المهندس محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح ، أن هدف ''إقامة الدين'' أرحب وأشمل من هدف ''إقامة الدولة'' وهو الشعار الذي رفعته العديد من التنظيمات الإسلامية خارج المغرب، مردفا أنه شعار يحرر الحركة من التركيز والتمركز حول هدف ضيق محصور في المجال السياسي بالدرجة الأولى. واعتبر القيادي الإسلامي في أن التدافع الجماهيري الذي تنادي به الحركة محسوم لفائدة القيم الأصيلة، مضيفا أن المعركة تدور حول النخب والأطر التي تعد لرسم السياسات ذات الصلة بإنتاج وتداول القيم في المجتمع. وسجل المتحدث بأنه إلى جانب انتشار التدين داخل المجتمع المغربي، يوجد بعض النقص في العمق والرسوخ والتجذر في الالتزام على مستوى السلوك، من قبيل بعض مظاهر الازدواجية في السلوك، أو ظهور بعض حالات الالتزام المظهري لدى أفراد المجتمع. ونفى الحمداوي أن تكون حركة التوحيد والإصلاح متخصصة في ردود الأفعال فقط، خاصة الرد على الذين يتجرؤون على الثوابت الدينية، مبرزا أن هذا الرد على من يتطاولون على القيم والثوابت يبقى ضروريا لكونه جزءاً من المقاومة المطلوبة في زمن الاستقواء بالخارج والانخلاع القيمي، وهو ضروري أيضا من أجل الانطلاق إلى إنتاج الفعل. وقال الحمداوي إن حملات الحركة للدفاع عن القيم والدفاع عن الحجاب والعفة وغيرها لا تحظى بتغطية المحطات التلفزيونية الرسمية ولا الإذاعية، ولا تواكبها إعلانات ولا يساندها ممولون كبار كما أنها لا تحظى بأي دعم مادي رسمي ولا معنوي، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك تجاوبت فئات عريضة مع تلك الحملات.
خصوصية متميزة
بصفتك رئيسا لحركة التوحيد والإصلاح أحد أبرز التنظيمات الإسلامية في المغرب... برأيك، أين يمكن وضعها داخل المشهد الإسلامي والدعوي بالبلاد؟ أية أدوار تقوم بها إلى جانب حركات إسلامية أخرى؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله الكريم وبعد؛ أشكركم وأشكر موقع إسلام أون لاين.. بخصوص هذا الموضوع، يجب التذكير أننا في المغرب والحمد لله ورثنا خصوصية متميزة تتعلق بوجود شعب غالبيته العظمى تدين بالإسلام في إطار وحدة مذهبية وفق منهج وسطي معتدل ومنفتح، معتز بثوابته ومفتخر بهويته وبنظام سياسي يؤسس شرعيته على حماية الملة والدين، وهذه الخصوصية المجتمعية والسياسية هي التي جعلت العمل الإسلامي أصيلا ومتأصلا .
والعمل الإسلامي الذي ورثه المغرب ورعاه العلماء والمصلحون هو الحاضنة الكبرى لحركتنا المباركة التي تعمل لتجديد أطره وترسيخ مفاهيمه وتطوير أدواته، لتجعله مواكبا للمستجدات وتضمن له الحضور وسط الدعوات والمشاريع المتنافسة في جو ديمقراطي مفتوح نسبيا.
ومن هذا المنطلق، يمكن أن نعتبر أن حركة التوحيد والإصلاح واحدة من أهم الفاعلين في المشهد الإسلامي والدعوي ومن أهم مكونات الصحوة الإسلامية ببلادنا، وتكتسب مكانتها وتميزها من الأدوار التي تقوم بها في مجتمعها، فهي إلى جانب باقي الفاعلين والحركات والجماعات، كجماعة العدل والإحسان والتيار السلفي وجماعة الدعوة والتبليغ وغيرهم من التنظيمات والهيئات الإسلامية، كانت لها إضافات ومساهمات نوعية في مسار الحركة الإسلامية في المغرب، بل كانت رائدة في عدد من التحولات، وأذكر هنا أن قيادات هذه الحركة، وبعد تاريخ من العمل الإسلامي، قادوا منذ بداية الثمانينيات اجتهادات فكرية عميقة وتحولات منهجية كبيرة، نقلوا من خلالها عملهم الإسلامي والدعوي من السرية والتنظيم السري إلى العلنية التي تتميز بالوضوح في الطرح والمسؤوليات والعمل في إطار القانون، ومن اعتماد منهج التغيير الجذري والثوري إلى العمل من خلال المؤسسات والعمل على إصلاحها من الداخل، واعتماد منهج المشاركة الإيجابية والتدافع السلمي مع بقية المشاريع المجتمعية المطروحة في الساحة.
ومن ثم كان قرار المشاركة السياسية وانتداب ثلة من خيرة أبناء الحركة للعمل في إطار حزب سياسي هو حزب العدالة والتنمية، الذي تجمعه بالحركة علاقة الشراكة الاستراتيجية والتعاون والدعم المتبادل.
ومن مساهماتها النوعية كذلك أنها شكلت استثناء حقيقيا في مشهدٍ تغلب عليه نزعة الانشقاقات والانشطارات في التنظيمات الإسلامية وغير الإسلامية، وذلك بتجربتها الوحدوية المتميزة، حيث كانت نتيجة لمسار متميز من العمل الوحدوي الذي جمع بين عدد من مكونات الصف الإسلامي في مراحل متتالية حتى توجت بالوحدة الاندماجية بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي سنة .1996 كما أن مكوناتها كانت سباقة للعمل في إطار جمعيات قانونية، بل تأسيس أنسجة جمعوية، كما كانت من بين الأوائل من الحركات الإسلامية في المغرب التي أصدرت مجلة وجريدة يومية، وعملت على استثمار أي هامش متاح من الحرية في اتجاه توسيعه وتعزيزه وترسيخه وتحسين شروطه وظروفه، ومن ثم كانت فكرة التخصصات التي اعتمدت على مبدأ ''وحدة المشروع عوض وحدة التنظيم''.
تدافع القيم
تدافع القيم مفهوم تروج له حركة التوحيد والإصلاح.. هل يمكن شرح مقتضيات هذا التدافع داخل المجتمع المغربي لقراء '' إسلام أون لاين '' ؟ وكيف للحركة أن تساهم في هذا التدافع على أرض الواقع؟
تدافع القيم في عصر العولمة أصبح عابرا للقارات وللأقطار وللمنظومات المحلية و الجهوية، بل إنه مع سقوط حائط برلين وسقوط الكتلة الشرقية، لم يبق في الساحة إلا القطب الواحد والفكر الواحد والرأي الواحد والمنظومة القيمية الوحيدة، وانتشرت بشكل سريع وتم التمكين بشكل واضح للنزعة الفردانية، وإسقاط الإحساس بأي انتماء، واستفحلت اتجاهات الإباحية التي تبحث عن اللذة والمتعة بأي ثمن، حتى ولو كان بتدمير القيم والمبادئ والأسس التي بني عليها المجتمع، وذلك عن طريق التوظيف المغرض للمواثيق الدولية التي يريدون جعلها نصوصا مقدسة ودينا جديدا لا يعلو عليه دين يبشرون به العالم ويدعون إليه ولا يقبلون من الدول أي تحفظات عما يريدون جعله كونيا.
ومن ثمة، فإن تركيز حركة التوحيد والإصلاح على موضوع القيم، ما هو إلا تفاعل واستجابة طبيعية للتحولات التي حصلت في الواقع، وبطبيعة الحال فإن المجتمع المغربي في هذه المرحلة يعرف تفاعلا كبيرا على هذا المستوى، بل إن الخصوم أرادوا أن يجعلوا من المغرب بوابة ونموذجا لتكسير ''التابوهات'' كما يسمونها، وأرادوه نموذجا لتكريس نزعة الفردانية والعبثية والإباحية. أما دور حركة التوحيد والإصلاح في هذا التدافع المتركز حول الهوية والقيم، فإنه بارز وجلي وليس وليد هذه المرحلة فقط، بل هو مسار طبع مسيرة الحركة منذ نشأتها إلى اليوم؛ فقد وعت الحركة مبكرا أن المدافعة الجماهيرية محسومة لفائدة القيم الأصيلة وأن المعركة إنما تدور حول النخب والأطر التي تعد لرسم السياسات ذات الصلة بإنتاج وتداول القيم ولذلك اخترنا في الحركة آلية التدافع المدني والميداني، كما وعت الحركة بنوع الساحات التي تخاض فيها هذه المعارك وتحسم في أصولها وهي الساحات والمحافل الدولية. وقد أصدرت الحركة مؤخرا كتابا تحت عنوان ''المغرب وتدافع الهوية والقيم'' وهو من إصدارات مجلس الشورى، وأهم ما جاء في مداخلتي شخصيا كان يتمحور حول ضرورة تطوير آليات التدافع، واعتماد الفعل الاستباقي، والعمل من خلال جهود وطنية صادقة يشترك فيها الجميع لتحصين مجتمع المبادئ والقيم والأخلاق. غير أننا ما زلنا نسجل تعثرا واضحا على مستوى إعداد الأطر المؤهلة لخوض التدافع القيمي على الواجهة الفنية والسينمائية والإعلامية، حيث ينبغي عدم الاكتفاء بالاحتجاج على المهرجانات المائعة والأفلام المنحلة ويتعين التعاون مع الفنانين وأهل الاختصاص من ذوي المروءة والقناعات الأصيلة لمواجهة الرداءة الكاسحة والمستوردة.
ترشيد الدين
تتوجه الحركة حاليا نحو المساهمة في ترشيد التدين.... ما هي منطلقات ومرتكزات هذا التوجه وحدوده في مجتمع مسلم ومحافظ أصلاً؟
التوجه الاستراتيجي الذي اتخذته الحركة للمرحلة المقبلة 2010 2014 يقوم على دعامتين أساسيتين تتمثل الأولى في العمل على المساهمة في ''ترشيد التدين وتعميقه'' داخل المجتمع، فيما تتمثل الدعامة الثانية في تعزيز المرجعية الإسلامية في تدافع الهوية والقيم ببلادنا ''. وهذا التوجه يدخل في إطار ما تنص عليه رسالة الحركة، أي: ''الإسهام في إقامة الدين وتجديد فهمه والعمل به، على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة ''.....'' والتعاون على الخير مع غيرها من الأفراد والهيئات''، وهنا أركز على مصطلح ''الإسهام'' بمعنى إلى جانب الفاعلين الآخرين، وأركز كذلك على مصطلح ''التعاون'' بمعنى مع الآخرين وبمشاركتهم والتنسيق معهم بهدف توحيد الجهود وتضافرها لإقامة الدين وتجديده في مجتمع محافظ في الأصل كما وصفته.
والإقرار بأن المجتمع المغربي محافظ لا يعني أنه في غنى عن التذكير والتنبيه والموعظة والتوعية الدينية، من أجل ترشيد هذا التدين وتحصينه سواء من التطرف الديني أو التطرف اللاديني، والدعوة إلى التمسك بالوسطية والاعتدال في كل شيء والحرص على الاستقامة في الأمر كله.
ونحن نرى أن التدين في بلادنا وانتشار الوعي الديني في توسع مستمر، وهو ما تُقِرّه مختلف التقارير التي تناولت الحالة الدينية في المغرب وكان آخرها التقرير الذي أصدره المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، والذي تناول الظاهرة بتحليل علمي معمق. ولكن الشيء الذي لا يجب أن نغفله هو أنه إلى جانب هذا الانتشار والتوسع في التدين، يلاحظ أن هناك بعض النقص على مستوى العمق والرسوخ والتجذر في الالتزام على مستوى السلوك، من قبيل بعض مظاهر الازدواجية في السلوك مثلا، أو ظهور بعض حالات الالتزام المظهري داخل أفراد المجتمع، مما يحتاج إلى مجهود مركز مكمل لهذا الانتشار وهذا التوسع والإقبال على التدين، وذلك من أجل الاهتمام أكثر بضرورة الانسجام بين الشكل والمضمون أي بين الالتزام بالعبادات من جهة، والاستقامة في السلوك من جهة أخرى، بمعنى آخر أن تكون هذه العبادات آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر في أبعادها الشاملة.
هناك من يقول إن حركتكم ''تخصصت'' في الرد على من يتطاولون على القيم والثوابت الدينية في المجتمع المغربي.. وبالتالي فقد ينحصر دوركم في ردود الأفعال أكثر من إنتاج الأفعال.. ما ردكم؟
أولا هذه ليست تهمة بل هو شرف أن تملك القدرة على القيام برد الفعل في هذا الزمن الأخرس والرديء، فهذا علامة حياة حتى على الوطن لكن حركتنا لا تكتفي بهذا الذي سميته ردود أفعال..
صحيح أن أي حركة إذا اهتمت فقط بردود الأفعال واقتصر عملها على ذلك، سيكون أثر عملها محدودا، ولكن لا ننسى أن الرد على من يتطاولون على القيم والثوابت يبقى ضروريا، وهو دليل على حياة المجتمع ومناعته، وجزء من المقاومة المطلوبة في زمن الاستقواء بالخارج والانخلاع القيمي وهو ضروري من أجل الانطلاق إلى إنتاج الفعل، إذ يجب أن يكون داخل المجتمع دائما رد فعل ومواجهة وتنبيه على الفعل المعوج والمنحرف، ولذلك فإن الاحتجاج يأتي من باب إنكار المنكر، ولكن بالمقابل وبكل تأكيد فإنه لا يكفي لوحده، بل لابد إلى جانب النهي عن المنكر أن يكون الأمر بالمعروف والدعوة إلى الخير، مع العمل على تطوير آليات التدافع، من خلال إطلاق المبادرات وتنويع الوسائل. وأملنا هو أن لا نبقى وحدنا في ساحة القيام بردود الأفعال هذه، بل نريد أن يكون إلى جانبنا المفكرون والمثقفون والعلماء وأصحاب الرأي من الصحفيين والشخصيات الاعتبارية لأننا بإزاء مستقبل أمة وقضية وجود واستمرار كيان.
وكما يقال ''بالمثال يتضح المقال''، فعلى مستوى العمل النسائي مثلا نجد أن التخصص النسائي للحركة، قد انتقلت به نساء الحركة من مجرد تجمع لإصدار البيانات ضد تشييء المرأة واستغلالها، وتغريبها، أو اتخاذ موقف من المنظومات الأخرى المستوردة، إلى تأسيس مراكز للاستماع لمشاكل النساء والأسر وإلى اقتراح الحلول، وتأسيس مراكز للمواكبة وتفعيل مساعي الصلح طبقا لمقتضيات مدونة الأسرة، ومراكز للتدريب للمقبلات والمقبلين على الزواج والإنجاب وتربية الأبناء، وتنظيم ندوات دولية والمشاركة مع مثيلاتها والتنسيق مع الجمعيات والمؤسسات والهيئات المماثلة داخل المغرب وخارجه. وبالتالي فإن العمل في هذا المجال أصبح واضحا أنه حقق نقلة نوعية من مستوى ردود الأفعال في البداية إلى مستوى طرح البدائل والمبادرات والمشاركة الفاعلة في النقاش والاقتراح والتنفيذ الميداني.
تجاوب كبير
الأستاذ الحمداوي، بعض الحملات التي قامت بها الحركة في إطار هذا التدافع مثل حملة العفة والحجاب والمخدرات تبدو للكثيرين مجرد حملات بلا فعالية، حيث إن البعض لم يدر بوجودها أصلاً، في حين أن البعض الآخر لم يتجاوب معها... كيف تعلقون على مثل هذه الانتقادات لحركتكم؟
إذا كان المقصود أن حملاتنا ليس لها نفس الصيت والصخب والهرج الذي يصاحب المهرجانات الغنائية وغيرها من التظاهرات المدعومة، فإن هذا صحيح لأن أنشطتنا وحملاتنا لا تحظى بتغطية المحطات التلفزيونية الرسمية ولا الإذاعية، ولا تصاحبها لا إعلانات ولا برامج مواكبة، ولا ممولون كبار ولا دعم مادي رسمي ولا معنوي، وبالتالي لابد من التنبه إلى الفرق في الإمكانات.
أما إذا كان المقصود مدى تجاوب الفئات المستهدفة من كل حملة، فإننا سجلنا تجاوبا كبيرا من طرف الأوساط والفئات التي توجهت إليها تلك الحملات، وهنا يمكن أن أعطيك بعض الأمثلة الدالة، عن الحملات التي نظمتها العديد من فروع الحركة حول الوقاية من المخدرات وحماية التلاميذ والمراهقين من هذه السموم مثلا، لقيت ترحيبا كبيرا من مديري ومسؤولي المؤسسات التعليمية، سواء العمومية أو الخاصة ومن الآباء والأمهات وأولياء الأمور، وشهدت تفاعلا ومشاركة وتجاوبا من طرف التلاميذ والتلميذات، فيما حملات الأسرة شهدت الإقبال الكبير من الكثير من الأسر بأبنائهم وبناتهم، وحملة الحجاب والعفة عرفت مشاركة كبيرة وأنشطة كثيرة، بل إن هذه الحملة بالذات عرفت تغطية كثير من المنابر الصحفية بعضها بهدف شن حملة مضادة، حتى أن هناك منابر خصصت ملفات خاصة عن الموضوع، وبعضها عالجها بموضوعية وإيجابية، وهناك موضوع سمعة المغرب وكرامة المرأة المغربية والذي توجهت فيه الحركة بنداء تضمن أرقاما ومعطيات بخصوص الظاهرة، للعلماء والمفكرين والإعلاميين والسياسيين، وتم إرسال النداء وإيصاله وتسليمه إلى مختلف الفاعلين أفرادا وهيئات، من أجل تضافر الجهود والتعاون وتحمل المسؤولية كل من جانبه لتدارك سمعة المغرب وإنقاذ كرامة المرأة المغربية من جشع وشِباك مافيا الاتجار في البشر، ومن أجل العمل على التصدي لهذه الظواهر التي تسيء إلى المغرب والمغاربة في الداخل والخارج..
ولمسنا حرقة وتجاوبا واستعدادا للتعاون لدى الكثيرين، وقد رأينا أن تراكم التنبيه والتحسيس والدعوات لابد أن يثمر في الأخير تحرك النخوة في الغيورين والشرفاء، وبمجرد ظهور الفيلم الكرتوني الكويتي المسيء للمغرب وكذا الفيلم المصري حتى تحركت الغيرة والضمير، وظهرت مقاومات إلكترونية وتأسست مجموعات على الإنترنت وجمعيات على أرض الواقع للدفاع عن كرامة المرأة المغربية وسمعة المغرب، ما دفع الحكومة إلى التجاوب مع هذا الغضب المجتمعي والغيرة الشعبية، فتحركت وأصدرت بيانات وبلاغات وتصريحات وعملاً دبلوماسياً وإجراءات عملية وحملات تمشيطية ضد بعض الشبكات، وهذه مؤشرات وتفاعلات لا يمكن تجاهلها، وكل ذلك إنما يؤتي ثماره من خلال تعاون الجميع وتحرك الجميع ومساهمة الجميع.
إذن، فإمكانياتنا محدودة، ولكن دورنا موجود وحاضر من خلال المساهمة والعمل على زرع المبادئ والقيم في مجتمعنا، والتنبيه والنصح والتذكير لأننا في مجتمع مسلم ومحافظ كما ذكرتم، والذكرى تنفع المؤمنين، شعارنا في ذلك: ''إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله''، وسبيلنا هو ''التعاون مع الغير على الخير''.
إقامة الدين
لنتحدث الآن أستاذ محمد عن جانب آخر من أنشطة الحركة وعلاقاتها.. كيف تلقت مختلف التنظيمات والهيئات الإسلامية خارج المغرب تجربة الحركة باعتبارها تجربة يراها البعض متفردة لكونها غير مستنسخة وقائمة بذاتها ؟
في الحقيقة وخاصة بعد صدور كتاب ''عشر سنوات من التوحيد والإصلاح''، أصبح هناك طلب متزايد للاطلاع على خصوصيات هذه التجربة، وكانت الأسئلة تدور حول الخصوصية التي تظهر في عدد من المجالات، أقتصر هنا على بعضها وإلا فإنها كثيرة، مثل السؤال عن الهدف أو الشعار الذي ترفعه الحركة في نص رسالتها وهو ''إقامة الدين'' في تمايز واضح عن الشعار الذي ترفعه أغلب الحركات الإسلامية، وهو إقامة ''الدولة الإسلامية'' أو ''دولة الخلافة'' بمعنى التركيز بالأساس على ''إقامة الدولة''، وكان الجواب دائما هو أن هذا الشعار كان نتيجة وثمرة لنقاشات فكرية معمقة وطويلة خلصت إلى أن هدف ''إقامة الدين'' أرحب وأشمل وأوسع من هدف ''إقامة الدولة'' إضافة إلى أنه يحرر الحركة من التركيز والتمركز حول هدف ضيق محصور في المجال السياسي بالدرجة الأولى، يرهن مشروعها الإصلاحي الشامل، لتنتقل إلى فضاء أرحب يأخذ فيه البعد السياسي حجمه الطبيعي ويصبح واحدا من مداخل الإصلاح وليس المدخل الوحيد أو المدخل الأساسي الذي يتوقف عليه كل شيء، أو يتوقف بسببه كل شيء.
والسؤال المتعلق بالديمقراطية الداخلية التي يرى البعض أنها مغامرة ومخاطرة، بأن تضع مصير الحركة واختيار قيادات الحركة وقراراتها المصيرية بيد المؤتمرين دون أي ترتيب مسبق في الهيئات المركزية والجهوية، والجواب دائما يؤكد على أن المؤتمرين هم أصلا أبناء الحركة وتربوا وتشبعوا بأفكارها، بل وساهموا في بنائها، وبالتالي لا يتصور أنهم أقل حرصا عليها وعلى مصيرها ومصلحتها من قياداتها، ولا يتصور أن تخرج اجتهاداتهم أو اختياراتهم عما ترعرعوا عليه في محاضنها الفكرية والتربوية، بل في كثير من الأحيان تكون القواعد أكثر محافظة من القيادات، حيث تكون القيادات في حاجة إلى بذل جهد كبير لإقناع القواعد بالتغيير أو التجديد، وهذا ما لمسناه طيلة مسيرة المراجعات، إذاً ليس هناك لا مغامرة ولا مخاطرة، بل إن الديمقراطية تعطي قوة للمؤسسات القيادية لأنها تستمد مشروعيتها من شفافية ووضوح عملية الترشيح والانتخاب، وبالتالي حتى إذا كان هناك معارض لمرشح معين فحينما يشارك بكامل الحرية في إبداء رأيه وفي التداول في شأن المرشحين ويرى الجميع أن النتائج كانت بشكل ديمقراطي فإن الأمر يترك ارتياحا عند الجميع ويعطي ثقة أكبر ومصداقية أقوى للمؤسسات المنتخبة.
وكذا السؤال المتعلق بقضية التمايز بين الدعوي والسياسي، ومن الذي يتبع الآخر، الحركة الدعوية أم الحزب السياسي؟ وكان الجواب دائما يؤكد على التذكير بأننا اخترنا منذ أول يوم استقلالية الهيئتين والتمايز بينهما في الخطاب، وفي الرموز والقيادات، وفي مجالات العمل، وكان السؤال ألا تخشون أن يتفلت العمل السياسي من وصاية الحركة، والجواب هو أننا لم نختر في أي مرحلة من المراحل خيار وصاية الحركة على الحزب حتى نخشى تراجعها أو زوالها، بل اخترنا منذ البداية استقلالية الهيئتين، وأن لا تكون هناك أي وصاية أو تبعية لأي طرف على الآخر.
حاوره: حسن الأشرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.