ندوة تناقش بطنجة مساهمة قوانين صرف العملات في خدمة التنمية الاقتصادية بالمغرب    امحمد أبا يبرز بنيويورك الدعم الدولي المكثف لمخطط الحكم الذاتي    ندوة بالرباط تسلط الضوء على الترسبات الحيوية على السفن    إطلاق مشروع بطنجة لتحفيز شباب ونساء على الاستثمار في مقاولات صديقة للبيئة    إيقاف مباريات القسم الممتاز في عصبة الشمال بعد بث تسجيلات صوتية تشير إلى "تلاعبات"    جهة الشرق توقع اتفاقية شراكة مع "ترارزة" الموريتانية للتعاون في تربية المواشي والرعي    جنيف..السكوري يكشف خطة المغرب للحد من عمالة الأطفال    حزب "الجمهوريون" الفرنسي يطرد رئيسه بعد دعوته إلى التحالف مع اليمين المتطرف    الرباط وروما تتفقان على إنشاء "مجموعة مشتركة" لمواجهة ضغط الهجرة    إسبانيا المُصدر الأول من الاتحاد الأوروبي إلى المغرب    بتنسيق مع الديستي.. أمن أكادير يوقف 3 أشخاص متلبسين بحيازة مادة "السلسيون"    بعد انتحار تلميذة بآسفي.. حادثة مماثلة تهز مدينة تطوان    طقس الخميس.. قطرات مطرية مرتقبة ببعض مناطق المملكة        الاتحاد الأوروبي يعلن عن تاريخ الشروع في تطبيق قواعد جديدة للهجرة    الاتحاد المصري لكرة القدم يسقط عقوبة محمد الشيبي    الرجاء يطرح تذاكر افتراضية لمباراة مولودية وجدة    تقرير رسمي: أزيد من 100 ألف طفل يشتغلون بالمغرب وأغلبهم يقومون بأشغال خطيرة    تقرير أمريكي يصنف طنجة في المرتبة 17 ضمن أكثر المدن غلاء في افريقيا    رئيس مقاطعة المرينيين يرد على ضجة تسمية شارع باسم والده: "لم نحذف اسم يوسف بن تاشفين... ولم أقترح اسم والدي"    إذا كان نظام الكابرانات يؤمن بتقرير المصير فليفتح مخيمات تندوف!!    مركز الإمام ورش لتحفيظ القرآن الكريم بالجديدة يحتفي بتلاميذه في حفل اختتام الموسم الدراسي    الحكومة تعيد تنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين    الحكومة تحل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    أسعار النفط ترتفع بدعم من توقعات انخفاض المخزونات العالمية    غلاء أسعار الأضاحي.. بايتاس: الحكومة قامت بمجهود كبير واتخذت إجراءات    عشرات القتلى في حريق مهول بمنطقة سكنية بالكويت    النيابة العامة تمنح "مومو" خبرة الهواتف    السعودية تطلق تجربة التاكسي الجوي لأول مرة في موسم الحج    مهرجان أكورا للسينما والفلسفة: فيلم بلجيكي يحصد جائزة ابن رشد للفيلم الطويل    الملك محمد السادس يهنئ بوتين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أول تعليق لعموتة بعد قيادته الأردن للفوز على السعودية في عقر دارها    دياز: المغرب يختم الموسم بفوز كبير    الإيسيسكو تجدد التأكيد على التزامها بالمساهمة في القضاء على تشغيل الأطفال    "تقرير أممي يكشف عن كمٍ غير مسبوق من الانتهاكات ضد الأطفال في غزة والضفة الغربية وإسرائيل" – الغارديان    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة في اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة    كيف انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية؟    حقيقة الانسولين الروسي الذي سيدخل السوق المغربية لعلاج مرض السكري؟    رغم المرض .. المغنية العالمية "سيلين ديون" تعد الجمهور بالعودة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قدوم أكثر من 1.5 مليون حاج من خارج السعودية عبر المنافذ الدولية    الارتفاع يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    تقرير: المغاربة أكثر من رفضت إسبانيا طلبات تأشيراتهم في 2023    الخلاف الحدودي السعودي-الإماراتي على الياسات: نزاع حدودي أم صراع نفوذ؟    حكيمي يكشف السر وراء الفوز الساحق على الكونغو    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيم واتجاهات الشباب العالمي في التقرير العالمي حول الشباب لسنة 2011
نشر في التجديد يوم 26 - 09 - 2011

«إن المجتمعات تؤدي غاليا عندما تهمل شبيبتها « بهذه الجملة البليغة استهل منسق التقرير الأول حول الشباب في العالم ، السيد «دومنيك رينيي « الجزء المنهجي ، معتبرا أن كل المجتمعات تحتاج غلى دراسة أوضاع الشباب وفهم اتجاهات قيمهم ونظرتهم لعدة قضايا ، ولان الشباب هم الفئة الأكثر حيوية داخل أي مجتمع ، ولعل مختلف التحولات والتفاعلات التي تحدث وحدثت ، يكون فاعلوها الاساسيون هم الشباب سواء المتعلم أم غيرهم . ولهذا فقد اختارت مؤسسة « فوندابول» للتجديد السياسي « 1 أن تباشر البحث في هكذا إشكالية ، مستعينة في ذلك بآليات علمية تمتح من العلوم الاجتماعية ، وبشكل خاص من علم الاجتماع ، معتمدة على آلية الاستمارة ، حيث تم اختيار عينة ممثلة من 25 بلدا موزعة على شكل تمثيليات جغرافية محددة ، وهكذا نجد المجموعة الأولى تتكون من ( فرنسا ، بريطانيا ، ألمانيا ، ايطاليا ، أسبانيا ) والمجموعة الثانية من الدول الاسكندينافية ( السويد ، فلندان لتوانيا ) والمجموعة الثالثة من دول البحر الأبيض المتوسط ( المغرب ، تركيا اليونان ) والمجموعة الرابعة من دول شرق أوربا ( رومانيا ، هنغاريا ، بولونيا ) هذا بالإضافة إلى روسيا ، وأما المجموعة الرابعة فتتكون من دول أمريكا الشمالية (أمريكا ،كندا ) والجنوبية (البرازيل والمكسيك) وأخرى كالهند والصين ، جنوب إفريقيا ، وأخيرا أستراليا . وقد تم استجواب ما مجموعه 32714 شاب وشابة ، و شملت هذه العينات 1000 من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 16 و29 سنة ، ومن أجل المقارنة تمت إضافة 300 استمارة من الفئة العمرية (30 سنة و50 ) وذلك لإبراز أوجه التقاطع والاختلاف في عدة قضايا تشكل بؤرة الاهتمام المتبادل .
أما عن أهم القضايا التي تمحورت حولها الدراسة ، فقد تنوعت بين ما هو عام ومشترك وبين ما هو خاص ومحلي ، فعلى سبيل المثال ، شكلت النظرة للعولمة جزءا من الأسئلة الموجهة للشباب ، وكذا مدى الثقة في بعض المؤسسات الدولية أو الإقليمية ، كالاتحاد الأوروبي ، أو المنظمة العالمية للتجارة ، وأيضا نظرة الشاب لمؤسسة الأسرة وللأطفال والعمل والدين والروحانيات والجنس والتكنولوجيا ، وعلاقة الشباب بالحداثة والانترنيت والهجرة وما إلى ذلك من التيمات ذات الحضور القوي في حياة الشباب اليوم .
◆ المحور الأول: نظرة الشباب للعولمة بين التهديد والفرص؟
انقسمت اتجاهات الرأي في مسألة النظر للعولمة ، بين من يراها تهديدا والأخر من يراها فرصة للانفتاح والتطور ، وهكذا كشف هذا التقرير الأول من نوعه ،أن الشباب الصيني لهم نظرة ايجابية للعولمة ، تفوق 90% وكذلك الهند والبرازيل ، بينما يراها اليونانيون كتهديد ، حيث كل شاب على اثنين يعتبرون أن العولمة تشكل تهديدا حقيقيا لمستقبلهم .وفي نفس الاتجاه نجد الشباب الفرنسيين يعتبرون أن تهديدات العولمة أكثر فرصها ( 47 %) ما عدا دوليتين، وهما المغرب وتركيا ، من يعتبر شبابهما أن العولمة بقدر ما تجلب التهديد فهي تجلب الفرص ، حيث بلغت النسبة (49 % كتهديد) و( 49 % كفرص ) .
ومن بين النتائج الدالة التي توصل إليها هذا التقرير ،هو أن التأثيرات الاقتصادية في اليونان أثرت على اتجاهات الرأي عند فئة الشباب ، وهكذا فقد الشباب ثقتهم في المستقبل ، سواء لبلدهم أو للاتحاد الأوروبي، إذ أصبحوا ينظرون لهذا الأخير بنوع من ضعف الثقة.
من جهة أخرى ، شكلت آراء مجمل المبحوثين الشباب ، حول مستقبل الصين ،كبلد واعد ويمكنه القيام بأدوار طلائعية ، أهم ما توصل إليه البحث ، ولعل في حدوث الانفتاح الاقتصادي لدولة كبيرة مثل الصين على مجموع البلدان الأخرى ، ما يشكل تحولا نوعيا في مجال القيم والتوجهات والمواقف التي يحملها الشباب الصيني وأيضا كهوله .
◆ المحور الثاني: نظرة الشباب للاتحاد الأوروبي
رغبة في معرفة اتجاهات الشباب حول مؤسسة الاتحاد الأوروبي كتجمع إقليمي يضم العديد من الدول الأوروبية ، فإن الاستطلاع كشف عن نتائج جد مفارقة ، حيث أن ضعف الارتباط عند شبيبات دول ارو ربا الغربية ، أصبح أمرا قائما ، بالمقابل تزداد قيمة الارتباط عن شبيبات دول أوربا الشرقية ، حيث نجد أن البولونيين يعبرون عن ثقتهم بهذه المؤسسة العريقة وبقدرتها على ضمان وحدة أوربا ومواجهة الإشكالات التي تعترض مجموع الاوروبين . لكن هذه النظرة لا تنعكس على شبيبة تركيا ، التي لم أصبح الاتحاد ومؤسساته لا تثير ثقتهم ، بنسبة 62% وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع اليونان ، هذا على الرغم من ان تركيا تشكل البلد الاوروأسيوي المحتمل انضمامه للاتحاد الأوروبي .ولهذا يمكن ان نتساءل هل يمكن للساسة وصانعي القرار السياسي أن يمضوا في استراتيجياتهم دونما اعتبار لتطلعات شعوبهم وخصوصا فئة الشباب التي تشكل النسبة الهامة من مجموع السكان ؟
◆ المحور الثالث: التهديدات التي تشغل الشباب العالمي
لمعرفة أهم التهديدات التي تشغل بال الشباب في العالم ، انكب معدوا التقرير على استكشاف وجهات نظر هذه الفئة العمرية حول بعض من انشغالاتهم المستقبلية ، وهكذا توصل فريق البحث إلى نتائج جد معبرة ، حيث اعتبر الصينيون (51 %) والهند يون (46 %) والبرازيليون (45 %) أن التلوث البيئي الذي يصيب بلدانهم وبقية العالم ، هو أهم هذه المخاطر ، إذ أن الاختيارات كانت حول عدة مخاطر ، ومنها الحرب والبطالة و الفقر والمجاعة والافلاس المالي ، لكن شباب هذه الدول الثلاثة ، اعتبروا أن التلوث هو المعضلة الاولى، بالمقابل لا يشكل هذا التهديد أولوية في نظر الشباب الاوروبي ، باستثناء دولة السويد التي اقتربت من نسبة الهند ، إذ أن 46 % من يحددون هذا الخطر كأولوية ، هذه مفارقة تستحق النظر.
◆ المحور الرابع: طرق التفكير وطرق العيش
اهتم هذا المحور بمحاولة الكشف عن تمثلات الشباب حول رؤيتهم للمستقبل ، سواء المستقبل الشخصي أو الوطني أو في الحصول على عمل مريح .وقد تمخضت الإجابات عن ثلاثة مستويات من النماذج:
أ)فئة الشباب المتفائل : أي الذي يتفاءل بمستقبله الشخصي أو الوطني أو في الحصول على عمل ،وتضمنت هذه الإجابات عن جغرافية المتفائلين، والتي تضم مستويين من الدول ، هناك الدول الصاعدة ، كالهند والصين والبرازيل وروسيا والمغرب 2، وهناك الدول الغنية : ككندا وأستراليا و»إسرائيل « وفلندا والسويد .
ب)فئة الشباب المتفائلة ، لكن في مستقبلها الشخصي، وهي تميز بين التفاؤل في الوطن وبين مصالحها الخاصة، حيث أنها تعتقد أن المجازفة بالتفاؤل في الوطن غير واردة ، وتضم هذه الفئة دول مثل : الولايات المتحدة الأمريكية ، والمكسيك ودول الاتحاد الأوروبي (باستثناء اليونان والسويد وفلندا ) .
ج) فئة الشباب المتشائم : وهي التي لا تتصور ثقة لا في قدرتها على الحصول على عمل مريح أو في تحقيق رفاهية على مستوى البلد ككل ، أو حتى في تحقيق مستقبلها الشخصي ، وهذه الفئة تضم دولتان : اليابان واليونان، فبخصوص اليونان، شكلت الأزمة الاقتصادية التي يمر منها البلد في الآونة الأخيرة ، تأثيرا كبيرا على توجهات الشباب .بينما اليابان لم يذكر معدوا التقرير أية تفسيرات حول الأسباب التي تجعل شبيبته تصل إلى مستوى مخيف من التشاؤم العام .
◆ المحور الخامس:تمثلات الشباب حول الأسرة
بحكم أن الأسرة تشكل خلية أساسية في ضمان استمرارية المجتمعات البشرية ، ولأنها من بين المؤسسات الاجتماعية التي تعرضت لهزات عنيفة جراء التحولات القيمية التي تعصف بكل دول العالم ، فإن الحاجة لمعرفة توجهات الشباب حول هذه المؤسسة يعد خطوة علمية ذات أهمية قصوى في بحث عالمي من هذا النوع . فما هي يا ترى أهم النتائج المتوصل إليها ؟ وهل تحمل جديدا في الموضوع ؟ خصوصا عند بعض الدول الغربية التي عرفت موجات من العلمنة الشاملة والجزئية ؟
عموما كشفت النتائج عن توجه عام للشباب في العالم عن تقدير للأسرة وتعلق بها ن حيث عند الهنديين وصلت النسبة إلى 98 % ، لكن مع هناك نسبة أقل عن المعدل العالمي سجلت عند اليابانيين ، مما يطرح السؤال هل تعيش شبيبة هذا البلد أزمة قيم اجتماعية ؟
بجانب ذلك فإنه من خلال ما كشفت عنه النتائج ، تفاجأ بالنسبة المرتفعة للشباب الفرنسي المتعلق بالأسرة ، حيث يعتبرها أنها أحد مكونات هويته ، وأكثر من ذلك عندما يعتبر أن من بين الأولويات الأساسية في المستقبل هو تأسيس أسرة والحصول على أطفال ، وذلك بنسب مرتفعة عند الروسيين 60 % والفرنسيين 58 % والايطاليين 56 % والألمانيين 52 % والبريطانيين 49 % ، بينما تنخفض النسب عند الصينيين ب 33 % والهنديين ب 24 %.
أما عن القيم التي يحلم الشباب لنقلها لأبنائه ، فإنها ترتبط بقيم الاستقلالية والنزاهة والمسؤولية ، أكثر من قيم الطاعة ، وهذا ما كشفت عنه النتائج ، خصوصا عند الشباب الصيني .يمما يؤشر في نظرنا لتحول قيمي على مستوى التمثلات الأسرية ، سواء في علاقة الشباب بآبائهم أو بين هؤلاء الشباب ومشاريع أبنائهم المقبلين .
من خلال هذه النتائج يمكن القول أن بعض الأحكام النمطية التي نتخذها على تمثلات ومواقف واتجاهات القيم عند بعض الشباب ، كالشباب الفرنسي الذي يعيش في مجتمع علماني ، فإن الوقائع تكون عكس ذلك ، فلازالت الأسرة والحصول على الأطفال يمثل قيمة اجتماعية أساسية عند شريحة الشباب الذين هم آباء وأمهات المستقبل .
بالموازاة مع هذه النتائج على مستوى الأسرة ، فإن الأسئلة تعدت ذلك لمعرفة بعض ما يحلم به الشباب في 15 سنة المقبلة ( أجري البحث في أوائل سنة 2011) ، توصل فريق البحث إلى أن التوفر على وضعية مالية مريحة وتكوين أسرة والحصول على الأطفال يشكل قاسما مشتركا بين جميع الشباب المبحوث، لكن ما يثير في هذه النتائج ، هو أن الشباب الهندي بالإضافة إلى هذه الاحلام، فإن 27 % منهم يحلمون بأن يصبحوا مشهورين (كمغنيين ، أو فنانين أو رياضيين ...). لعل هذا ما يجعلنا نؤكد أن قيم الشباب اليوم اختلفت عن سابقها ، حيث أصبحت قيمة تقدير الذات كإحدى القيم البارزة في حياة الشباب الحالي؟
◆ المحور السادس:نظرة الشباب للدين: بين التثمين واللاتثمين
بالرغم من العودة القوية للدين في العالم كما تؤكد ذلك العديد من الأبحاث الامبيريقية (البحث العالمي حول القيم ،معهد كالوب ) فإن وجود تناقضات ومفارقات تسم شبيبات الدول 25 التي اجري عليها البحث ، يؤشر على أن هذه المسوح العالمية والماكروسوسيولوجية تحتاج إلى مزيد من التدقيق المحلي ، حتى تتم المقارنة مع ما يتوصل إليه على المستوى العالمي .
من خلال ذلك نقرأ في النتائج المتوصل إليها ، أن الشباب الفرنسي يعرف تحولا في قيمه الدينية ، حيث أصبح اللاتدين سمة الأجيال الحالية ،وبجانب ذلك تبرز «اللاأدرية «3 كإحدى المذاهب التي بدأت تطفو في السطح ، وأن كل شاب فرنسي على اثنين يعتبر نفسه من هذا المذهب . بالمقابل فإن الارتباط بالكاثوليكية عند الإسبان يصل ( 48 %) والايطاليين (60 %) والبولونيين (70 %) والرومانيين (76 %) أما الشباب التركي فإن الارتباط بالإسلام يشكل نسبة عالية (86 %) .
وبجانب هذه النتائج ، طرحت أسئلة لمعرفة حجم الوقت المخصص للدين في حياة الشباب ، حيث أسفرت النتائج عن أربعة نماذج من الدول :
أ) الدول الصاعدة «النامية « كالصين والبرازيل والهند وتركيا وإفريقيا الجنوبية والمغرب ، والتي تخصص أوقات كبيرة للدين، وتبرز بشكل ملفت عند المغاربة ب 90% وهو ما يؤشر على تقدير كبير لمكانة الدين في حياة شباب هذه الدول.
ب) الدول «الغنية « الولايات المتحدة الأمريكية و»إسرائيل « فتوجد بها نسب أقل من الأولى ، حيث وصلت إلى 50 % ، وهذا يعني أن هذه الدول رغم ثقل التحديث بها فإنها لم تضعف القيم الدينية عند الشباب .
ت) بالمقابل نجد الفئة الثالثة ، وهي التي تنحدر فيها النسب لمستويات متواضعة ، فيما يتعلق بالوقت المخصص للدين في حياة الشباب ، وهكذا فإن دول الاتحاد الأوروبي لا تتجاوز نسبة 26 % ومثلها كندا.
ث) أما الفئة الرابعة ، فهي الدول التي عاشت مرحلة الشيوعية ،وتغلغلت بالتالي تلك القيم في مجتمعاتها ، لكن رغم أن من المبحوثين الشباب من لا يعرف أي شيء عن هذه المرحلة ، فإن القيم كما يقول المختصون تترسب ويصعب إزالتها بسرعة، ولهذا فإن تخصيص الوقت للتدين، يقل في دولتان هما: الصين 22 % وروسيا 13 % . بالمقابل فإن نسبة غير المؤمنين» الملحدين «4 في أوروبا الشرقية مابعد الشيوعية ، فإنها تتراوح كنسب منخفضة ومرتفعة شيئا ما ، وهكذا نجد أن هنغاريا يعبر ما نسبته 34 % عن كونهم غير مؤمنين وليتوانيا 41 % كأعلى نسبة مسجلة في هذا البحث ، بينما تقل هذه النسب عند روسيا (13 %) بولونيا ( 13 %) ورومانيا (9 %).
◆ المحور السابع: علاقة الشباب بالحداثة: الروحانيات والجنس والتكنولوجيا
أ) الشباب والروحانيات :
لقد ميز معدوا التقرير بين الدين والروحانيات ، وذلك للكشف عن تمثلات الشباب لكلا المنظومتين ، رغم ما يوجد بينهما من ترابط وتشابه .في هذا الإطار كشف البحث عن نتائج جد هامة ، حيث أن الأوروبين عموما لا يعتبرون أن للروحانيات دورا أساسيا في مجتمعاتهم ، حيث بلغت النسبة العامة ( 44 %) وفي داخل المنتظم الأوروبي نجد أن دولا لا تعتبر الروحانيات ذات أهمية ، منها فرنسا (31 %) ومن الملفت أن هذه النسب تنخفض عندما نقارنها بنسب كبار السن (ما بين 30و 50 سنة ) مما يعني أنه كلما ارتفع السن إلا وازداد الاهتمام بالعالم الروحاني .
بالمقابل نجد أن الدول الواقعة في شرق أسيا تنحو نحو إعطاء قيمة كبيرة للروحانيات في حياتها ، كالصين (89 %) والهند ( 75 %) وروسيا (88 %) والمغرب ( 84 %) تركيا ( 81 %) وجنوب إفريقيا ( 80 %) والمكسيك (72 %) والبرازيل ( 71 %) ، بينما في أمريكا فتصل النسبة إلى (56 %) وهي كلها دول تؤكد شبيبتها أن للروحانيات مكانة في حياتهم الاجتماعية ..
ب) الشباب والعلاقات الجنسية والمساواة :
تشكل العلاقات الجنسية خارج الزواج محور العديد من الاستقصاءات والأبحاث الميدانية التي تجرى بين الفينة والأخرى ، وذلك نظرا لان الشباب بحكم التحولات النفسية والبيولوجية التي تجتاحهم في هذه المرحلة ، فإن الحاجة إلى الجنس (بمعنى العلاقة الجنسية ) تصبح أكيدة ومطلوبة ومبحوث عنها ، لكل هذه الاعتبارات فإن استكشاف هذه الخريطة الشديدة التعقيد ، تطلب طرح أسئلة عن مواقف الشباب من هذه المسألة . وهكذا فإن النتائج تسفر عن توجهات لمناطق جغرافية وثقافية معينة ، حيث أن دول الاتحاد الأوروبي تعرف رفضا لهذه العلاقات بنسبة لا تكاد تتجاوز 20 % ، ومن بين الدول التي يعتبر شبابها أن المسألة عادية نجد فرنسا ، إذ أن أكثر من 90 % ينظرون للعلاقات بشكل جد طبيعي ، أما بريطانيا فتسجل ما نسبته 88 % وليتوانيا ب (88 %)
لكن بالمقابل نجد أن شبيبات العديد من الدول ترفض هذه العلاقات ، كأمريكا ب( 40 %) وجنوب إفريقيا ب ( 60 %) والهند ( 74 %) والمغرب ب ( 85 %) 5 وهذا ما يؤكد أن النظرة التي نكونها على الشباب بأنه منفلت وغير عابئ بالقيم الثقافية والأخلاقية والدينية ، غير دقيقة ، لأن هذه النسب تقرر أن الشباب في عمقه محافظ ، لكنه في نفس الوقت يعيش حالة من الازدواجية رهيبة .
بخصوص المساواة بين الجنسين ، فإن شباب الدول الغربية يعتبرون أنه من بين المحددات الأساسية للحكم على مجتمع بأنه مثالي هو إقرار مساواة بين الجنسين ، لكن هذه النظرة تختلف عند بقية الشعوب ، حيث نجد أن الشباب المغربي أشد تحفظا على هذه المسألة ، إذ يصرح 50% من مجموع المبحوثين أنهم مع المساواة ، بمعنى أن النصف الآخر غير متفق مع هذه الفكرة ، وهذا ما يجعلنا نتساءل لماذا هناك خوف من فكرة المساواة هل هي تعارض بعض القيم الدينية أو أنها تخالف القيم الاجتماعية المترسبة في هذا المجتمع ؟ أم أن هذه المساواة ستفتح الباب على شر مستطير ؟
ت) الشباب والتكنولوجيا :
رغم أن التكنولوجيا توفر ظروفا جد مناسبة ومريحة لكل فئات المجتمع ، وبشكل خاص للفئات الشابة ، التي تعاملت معها بذكاء قل نظيره ولعلها المستفيد الأول والأخير منها ، ومثالنا في ذلك ما حدث من تحولات في عدة مجالات ، ومن بينها السياسية، وخصوصا مع اندلاع الثورات العربية التي استخدمت فيها التكنولوجيا أحسن استخدام ، فإن نظرة الشباب ليست كلها مثمنة لهذه التكنولوجيا ، فالشباب الهندي (51 %) والمغاربة (47 %) والأتراك (47 %)» والإسرائيليين «(47 %) والأوروبيين (26 %) كلهم يعتبرون أن السعادة لا تجلبها هذه التكنولوجيا . مما يحيلنا على مساوئها التي ما فتأت تتزايد في مجتمعاتنا ، ويمكن أن تذكر على سبيل المثال ، أن المدمنين على استعمال الانترنيت أصبحوا في حاجة إلى عيادات خاصة ، وهو ما وقع في مصر حيث فتح مؤخرا مركز لمعالجة هؤلاء الضحايا من عالم التكنولوجيا المتطورة.
◆ المحور الثامن:الشباب وقيم السلوك المدني
تضمن هذا المحور استطلاع آراء الشباب حول مجموعة من القضايا ، كقيم التضامن المالي بين الأجيال ، خصوصا ما يتعلق بالتوجه نحو تأدية رسوم التقاعد ليستفيد منها المسنون ، هذا بالإضافة إلى قيم التعايش بين الأجناس ، خصوصا في البلدان التي تشهد توافد جاليات متعددة إليها ، كما هو حاصل في أوروبا .وأخيرا الثقة في المؤسسات ، سواء الوطنية أو الدولية.
أ)التضامن المالي بين الأجيال : يحمل هذا السؤال مؤشرا على مدى قدرة الشباب على تحمل تبعات مالية تضامنية مع الأجيال السابقة ، خصوصا في ظل تنامي الإشكالات المرتبطة بتفاقم المعضلة الاجتماعية (المتقاعدون ) . في هذا السياق حملت نتائج هذا البحث خلاصات دالة ، فقد عبر 39% من الشباب الأوروبي عن رفضهم أداء المستحقات المالية الخاصة بالتقاعد . لكن بالمقابل نجد أن شبيبات دول مثل الهند والصين والمغرب وروسيا يعلنون عن تضامنهم ونيتهم في دفع هذه المستحقات للتضامن مع المتقاعدين . مما يعني أن الاوروبين يعيشون وضعا مقلقا في العلاقة بين الأجيال، وعلى العكس من ذلك فإن الدول الأخرى (خصوصا التي ذكرناها آنفا ) لازالت تحتفظ ببعض قيم التضامن.
ب) النظرة للمهاجرين: في ظل تنامي الشعور بكراهية الأجانب ، خصوصا في أوروبا ، فإن محاولة استكشاف تمثلات الشباب حول هذه المسألة يعد أمرا جوهريا ، وللإشارة فقد تمحورت الأسئلة عن نوعين من التوجهات : القبول بالمهاجرين مع محافظتهم على تقاليدهم ، أو ضرورة إدماجهم في ثقافة البلدان المستقبلة .ولهذا فقد عبرت النتائج عن معطيات جد دالة في هذا المضمار .فقد عبرت نسبة هامة من الشباب الأوروبيين ، الأسبان (68 %) الألمان (67 % ) فرنسا ( 67 %) عن ضرورة اندماج المهاجرين في ثقافتهم ، وعن رفض لبعض مظاهر الرموز الدينية للمهاجرين . بينما نجد التفهم والقبول المهاجرين وإمكانية المحافظة على ثقافتهم عند شباب أوروبا الشرقية . وأيضا عند الشباب الأمريكي الذي يتجه نحو القبول بالتعددية الثقافية (50 %) .أما النسب العالية المسجلة في هذا البحث ، فتاتي من الصين (85 %) المكسيك ( 75 %) البرازيل (75 %) المغرب (63 %) ممن يقبلون بالتعايش مع الأجانب وعلى المحافظة على تقاليدهم في بلدانهم المستقبلة .وعموما نخلص إلى أن بلدان أوروبا المستقبلة للأجانب بشكل كبير تميل نحو فرض الاندماج ، بما يعنيه من عدم قبول قيم التعايش مع الآخر ، أما الدول التي تصدر أكبر عدد من المهاجرين فإنها تميل إلى نوع من التعايش الثقافي والقبول بالآخر . لكن هذا لا يعني حكما عاما ، حيث توجد بعض الاستثناءات هنا وهناك .
ت) الثقة في المؤسسات: تتراوح آراء الشباب المبحوث في نظرته للمؤسسات بين الثقة واللاثقة ، وذلك بحسب الظروف والحيثيات التي تتفاعل لتعزز هذا الثقة أو تفقدها ، في هذا السياق ، حملت نتائج هذا البحث عدة خلاصات ، لعل من بينها ، أن من الدول التي تشهد حالة ضعف الثقة في مؤسساتها ، نجد المكسيك ، الذي يشهد حالة مفارقة ، فأغلب الشباب لا يثقون في مؤسساتهم لا الأمنية ولا المدنية ( العدل ، الإعلام ،الصحة ) ولعل في مؤشر الاغتيالات الكثيرة وسط فئة الشباب الأقل من 25 سنة ما يعزز هذه النتائج .
بالمقابل ،نجد أن دولتا : السويد وفلندا تشهد حالة من تعزيز الثقة في وسط شبابها ، نظرا لقوة التماسك الاجتماعي في هذين البلدين ، ونظرا لكون النظامين السياسيين قاما على أسس ديمقراطية تشاركيه واسعة، وهو ما يوفر لكل الشرائح وخصوصا للشباب مصدر دعم وتغطية اجتماعية مهمة ، وقد عبر شباب البلدين عن ثقتهما في مؤسسة البرلمان بنسبة ( 50 %) والحكومة ب (51 %) .
كل ذلك يكشف عن عدة خلاصات يمكن أن يستشفها الباحث ، وهو أن الثقة تبنى وتطبق في ارض الواقع ، وليست شعارات وأماني وأحلام.
خلاصات عامة : يشكل هذا البحث محطة أساسية في فهم اتجاهات القيم عند فئة حساسة في المجتمع ، وهي الشباب . وغير خاف على أحد أن من بين الرهانات التي تستأثر باهتمام بالغ ، هو مدى قدرة البحث العلمي على تقديم تصورات ورؤى وأفكار منسجمة عن وضعية الشباب في العالم ، لان العالم دخل مرحلة جديدة تتمثل في ضرورة الاهتمام بالشباب في كل المستويات ، لأنه في إهمال هذه الشريحة يمكن توقع أي شيء ، ولعل في الثورات التي اندلعت مؤخرا في العالم العربي ، خير دليل على هذا الادعاء .
وتحتل القيم في هذا المجال ، الركن الأساس في فهم تمثلات الشباب واتجاهات أفكاركم ورؤاهم نحو الذات والآخر والعالم وما يحيط بهم ، ويهدف ذلك إلى محاولة تقديم أجوبة عن الإشكالات التي تعترض هذه الشريحة ، وذلك بإقرار سياسات عمومية مطابقة . ولعل في إبراز معطى ، إن الحرب القادمة لن تكون إلا على مستوى القيم ، ما يعطي لهذا البحث قيمته وأهميته .
1) مؤسسة بحثية فرنسية تهتم بالقضايا الاجتماعية والسياسية ،يسهر عليها السيد « دومنيك رينيي «.
2) من خلال خبرتي المتواضعة في مجال إجراء البحوث الميدانية ، فإن نظرة المغربي للمستقبل تنطبع بالتقاليد الدينية الراسخة في المجتمع المغربي ، والذي يعتبر أن التفاؤل من الرحمان ، رغم كونه يعيش أوضاعا جد صعبة ؟
3) «لاغنوصية ، مذهب اللاأدريين القائلين بإنكار قيمة العقل وقدرته على المعرفة .l'agnosticisme »
4) نفضل استعمل مفهوم «غير المؤمن « نظرا لحياديتها ، لأننا نعتقد أن مفهوم «الإلحاد» يحيل على حكم قيمة وذو كثافة وخلفية أيديولوجية واضحة .
5) مما تجدر للاشارة إليه ، هو أنه رغم رفض الشباب لهذه العلاقات الجنسية خارج الزواج ، فإن الممارسة الفعلية تفند هذا الاعلان ، وهذا تم الوقوف عليه من خلال أبحاث ميدانية سهرنا عليها شخصيا ، ولعل ما يؤكد هذا المعطى هو ارتفاع حالات الاصابة بمرض فقدان المناعة (السيدا ) وسط الشباب الحضري على الخصوص ، (انظر لمزيد من المعلومات لتقرير الحالة الدينية ، صدر بالمغرب عن المركز المغربي للدراسات والابحاث المعاصرة: 2007/2008 ،في فصل التحديات ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.