الخط : إستمع للمقال تجد الجزائر نفسها مرة أخرى في موقف الضعف والارتباك، وهي تحاول تبرير فشلها في الحفاظ على كرامة "أعيانها" أمام قرار فرنسي مُهين، يقضي بفرض التأشيرة على حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية من مسؤولين وزوجاتهم وأبنائهم، وهو قرار فجّ، يعكس انهيار الهيبة الدبلوماسية للنظام الجزائري، ويؤكد أن "الجزائرالجديدة" التي يتغنى بها تبون لا تزال تُعامل كدولة من الدرجة الثانية في أعين حلفائها التقليديين. لكن ما يثير السخرية أكثر، هو أن النظام الجزائري نفسه هو من أشعل فتيل هذا التصعيد، حين أقدم في وقت سابق على طرد دبلوماسيين فرنسيين من فوق أراضيه بطريقة استعراضية، دون مراعاة لأبسط قواعد التعامل بين الدول. واليوم، بعدما قررت باريس الرد بقسوة، عبر فرض التأشيرة على كل من يحمل جوازًا دبلوماسيًا جزائريًا والتلويح بطردهم من التراب الفرنسي، بدأت الجزائر بالبكاء واتهام فرنسا بانتهاك الاتفاقات، في مشهد يعكس بؤس دبلوماسية مراهِقة لا تحسن سوى إطلاق التهديدات حين تكون في موقف العجز. ردّ الجزائر جاء غاضبًا ومشحونًا بالبلاغات الفارغة والاتهامات بخرق الاتفاقيات، متوعدة بالرد بالمثل، وكأن باريس سترتعد من فرض تأشيرة على بضعة دبلوماسيين فرنسيين في الجزائر! لكن خلف كل هذا الصخب، تكمن حقيقة مفادها، أن فرنسا لم تعد ترى في النظام الجزائري شريكًا موثوقًا، بل مجرد نظام منغلق، متردد، وعاجز عن حماية أبسط حقوق ممثليه في الخارج. وما يزيد من الحرج أن الجزائر نفسها، كما جاء في بلاغها، كانت ترفض سابقًا أي اتفاق لإعفاء الدبلوماسيين من التأشيرة، قبل أن تتوسل إليه لاحقًا في 2007 و2013. واليوم، تبدو كمن يُضرب ويشكو بصوت مرتفع، بعد أن خرق شريكه الاتفاق، دون أن يكلف نفسه حتى عناء إبلاغه رسميًا. هذه الأزمة ليست سوى مرآة أخرى لعجز النظام الجزائري في إدارة العلاقات الخارجية، وانكشافه أمام الرأي العام، بعدما كان يتباهى بسيادة وهمية وجوازات دبلوماسية بلا قيمة، أما فرنسا، فبدلًا من الرد على الاحتجاجات، تصدر قرارات مهينة للجزائر وتكتفي بتسريبات إعلامية تفضح حجم هذه الإهانة، وكأنها تقول، "لقد انتهت المجاملة، ولتتحملوا النتائج". الوسوم الجزائر فرنسا