إعادة انتخاب نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    مرصد الصحراء للسلم…يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    تكريم المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل رؤوس الماشية في "سيام 2024"    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    هل تصدر الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو؟    ثورة الجامعات الأمريكية.. غزة تحرر العالم    ميسي كيحطم الرقم القياسي ديال الدوري الأميركي بعد سحق نيو إنغلاند برباعية    خبير تربوي يقيّم الحصيلة المرحلية للحكومة في قطاع التّعليم    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    ليفار: قرارات الرداد أثرت فخسارتنا لماتش الحسنية وغانشكيو به للجنة التحكيم باش ياخد الجزاء ديالو    بسبب خريطة المغرب.. إتحاد العاصمة الجزائري يتجه نحو تكرار سيناريو الذهاب    الملياردير ماسك يبدأ زيارة مفاجئة إلى بكين    تعيين حكم مثير للجدل لقيادة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان "مالمو"    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    الحسنية يلحق الهزيمة الأولى بالجيش الملكي في البطولة    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    حزب الاستقلال يجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    محاولة الهجرة إلى سبتة تؤدي إلى مصرع شاب وظهور جثته في الحسيمة    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    افتتاح مهرجان تطوان المتوسطي ب"بنات ألفة"    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحالفات المستقبلية لحزب التقدم والاشتراكية في ضوء الجيل الجديد من الإصلاحات
نشر في بيان اليوم يوم 30 - 05 - 2010

أمين الصبيحي: مسألة التحالفات في منظور التقدم والاشتراكية خيار استراتيجي
1- إن حزب التقدم والاشتراكية يعتبر مسألة التحالفات اختيارا استراتيجيا، وهذه القناعة مردها أن التاريخ السياسي المعاصر للبلاد وتجارب الممارسة الحزبية والسياسية بالمغرب، تؤكد عدم قدرة أية قوة سياسية مهما كان حجمها وتأثيرها على أن تقوم بتدبير الشأن العام بمفردها دون توحيد الجهود مع قوى سياسية أخرى. من هذا المنطلق، يسعى حزب التقدم و الاشتراكية، دائما لبناء تحالفات متينة مع أحزاب تشاطره نفس التوجهات والمقاربات. ويعتبر تأسيس وتشكيل الكتلة الديمقراطية سنة 1992 بمثابة تحالف استراتيجي سمح للمغرب بفضل مصداقية ومشروعية مكوناتها بان يدخل في مسلسل إصلاحات سياسية واقتصادية كبرى.
من جهة أخرى، سعى حزب التقدم والاشتراكية، دائما إلى التنسيق مع أحزاب اليسار، ونادى دائما بتشكيل قطب يساري كبير. لأن أحزاب اليسار ( خاصة الاشتراكية منها )، تتقاسم فيما بينها هدف بناء مجتمع متحرر. غير أن التباين الملاحظ بين بعض هذه المكونات من حيث تقييم المرحلة وطبيعة المقاربات السياسية، لم يسمح لحد الآن بتجاوز واقع صعوبة العمل المشترك، ما يوضح أن حزب التقدم والاشتراكية لا يعيش أي ارتباك في تحالفاته، ومنسجم في مواقفه بدخوله في إطار الكتلة الديمقراطية مرحلة التناوب التوافقي التي انطلقت سنة 1998، ومشاركته في الحكومة التي ترأسها الأستاذ اليوسفي، بناء على تحالف، ضم مكونات الكتلة وأحزاب أخرى لتكوين وضمان أغلبية مشكلة على أساس برنامج إصلاحي واسع، وطموح، يهم مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأعتقد أنه رغم كل الصعوبات والنقائص، فإن التجربة قد برهنت على إيجابية مقاربة التناوب التوافقي، أو الحل الوسط التاريخي، كما نسميه نحن داخل حزب التقدم و الاشتراكية، بالنظر للحصيلة الايجابية المسجلة في مجملها على صعيد تثبيت دعائم دولة الحق والقانون وتطوير واقع الحريات العامة و التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ونحن حينما نتحدث عن المرحلة الانتقالية، لا نحصرها فقط في المؤسسات والدستور، بل نربطها أيضا بمستوى نضج المجتمع وطبيعة و نوعية النخب السياسية. ولاشك أنكم تلاحظون بأن هذه النخب على الصعيد المحلي خصوصا، لم تستقر بعد على أساس اختيارات سياسية واضحة وقارة، ما يؤدي بالضرورة إلى تشكيل تحالفات محلية وفق محددات متعلقة بطبيعة العلاقات المحلية السائدة وبذات الشخص على أساس النزاهة والقدرة على الإصلاح والالتزام، وليس بناء على الانتماء السياسي. وهذا أمر يطرح مشكل وخلط ، لمن ليس له ارتباطا بالواقع المغربي، وخصوصية المعطيات و البنية المحلية، ويكتفي بالمقابل بقراءة التحالفات المحلية انطلاقا من مقارنتها بتجارب مجتمعات أخرى أكثر تقدما و أنضج من حيث الممارسة الديمقراطية.
2 - اختار حزب التقدم و الاشتراكية، منذ منتصف السبعينيات، رغم كل المضايقات، وأشكال القمع الممارسة، آنذاك، الانخراط بمعية حزب الاتحاد الاشتراكي، في ما كان يعرف بالمسلسل الديمقراطي، كمقاربة إصلاحية تدريجية، تسمح بتعزيز الجبهة الداخلية من أجل الوحدة الترابية وتمتين استقرارالبلاد ضد كل المحاولات المغامراتية؛ وهي مقاربة رفضتها أطراف أخرى من اليسار واعتبرتها خيانة لمصالح الشعب المغربي وقضاياه المصيرية، بمعنى انه إذا كانت أحزاب اليسار بالمغرب تتقاسم نفس المشروع المجتمعي الديمقراطي التقدمي الموحد، فإنها للأسف، ومنذ زمان تعرف تباينات لازالت قائمة لحد الآن خاصة فيما يتعلق بموقفها من تجربة التناوب التوافقي، من حيث المشاركة فيها و تقييمها. و بطبيعة الحال، هذا الاختلاف في المقاربة و التقييم و تحليل الأوضاع السياسية للبلاد، مايزال يشكل عائقا حقيقا أمام تفعيل أي مشروع عمل مشترك و واسع بين أحزاب اليسار.
ونحن نؤكد بهذه المناسبة، بأن حزب التقدم و الاشتراكية انطلاقا من مسعاه الوحدوي، لا ،ولن يستسلم أو يرضخ لهذا الواقع. ومن هذا المنطلق، يمكن تفسير مبادرة تأسيس القطب الحداثي التقدمي كمقدمة لمبادرة تحالفية أوسع، وكخطوة أولى نحو توحيد الصف الديمقراطي التقدمي.
3- هناك سؤال مركزي، يؤطر نوعية التحالفات التي نحن في حاجة إليها: كيف يمكن للمغرب الشروع في جيل جديد من الإصلاحات تمكنه من الدخول لمرحلة أرقى، وما هي الأحزاب أو التكتلات القادرة على التأثير في هذا الاتجاه ؟
الكل يعلم أن المغرب عاش خلال العقود السابقة، مرحلة عويصة من تاريخه السياسي المعاصر، تميزت بتشنجات وصراعات عكست إرث توجه سياسي ساد في تلك الحقبة، توجه تجلى في ممارسات سياسية مبنية على عدم رغبة الدولة في بناء توافقات كبرى لا على صعيد المؤسسات ولا على صعيد البرامج والأوراش الإصلاحية الكبرى.
أمام هذه الظروف، جاء تأسيس الكتلة الديمقراطية سنة 1992 التي استطاعت أن تقوم بدورها التاريخي في تجاوز هذه المرحلة، و تغيير التوجه السياسي للبلاد بفضل مصداقية ومشروعية ونضالية و وطنية مكوناتها.
وحزب التقدم و الاشتراكية، لازال يعتبر لحد اليوم، بأن الكتلة الديمقراطية لم تستنفذ مهمتها بعد، وأن روح وجوهر وثيقتها التأسيسية ،مازلا يمثلان أرضية مواتية لمواصلة العمل من أجل انجاز ما تحتاج إليه البلاد، من إصلاحات تعزيزا لمسار الديمقراطية و التقدم و الحداثة. كما أن الكتلة الديمقراطية وأمام تحديات المرحلة مطالبة بتوسيع صفوفها و الانفتاح على كل القوى الحية في البلاد والتي تؤمن طبعا بالديمقراطية والتقدم.
وفي ذات الوقت، نؤكد بأن تكريس الممارسة الديمقراطية الحقة والسليمة في حاجة ماسة لوحدة القوى الديمقراطية وتفادي الدخول في صراعات هامشية ،قد تخدم مصالح أحزاب تسعى بكل الوسائل إعادة ترتيب المشهد الحزبي المغربي حسب هواها و خدمة لمصالحها الضيقة.
وإذا اعتبرنا أن ترتيب المشهد السياسي الوطني، وفق تكتلات متجانسة أمرا ضروريا للدخول في مرحلة الممارسة السياسية النمطية و السوية، فلا شك أن المدخل الموضوعي لهذا المسعى- وهو مسعى كل الديمقراطيين-، هو أولا وقبل كل شيء، تخليق الحياة السياسية، والقضاء على كل الانحرافات والممارسات اللاأخلاقية البعيدة كل البعد عن الروح الوطنية الحقة، كما يتطلب إعادة الثقة لدى المواطنات والمواطنين في العمليات الانتخابية والممارسة السياسية الشريفة والهادفة، وهو بالضبط ما نسعى إلى تحقيقه من خلال مطالبتنا بجيل جديد من الإصلاحات من أجل مغرب الديمقراطية.
امحمد اكرين: هكذا أرى تحالفات حزب التقدم والاشتراكية
إن التحالفات السياسية تنبني على مبدأ بسيط يتجلى في تطابق الأهداف بين حزبين سياسيين أو أكثر وعدم قدرة الأحزاب المتحالفة على تحقيق هذه الأهداف وهي متفرقة. أما إذا كان أي حزب قادر لوحده أن يحقق هذه الأهداف فلا حاجة للتحالف وإن الأهداف مشتركة.
انطلاقا من هذا التوضيح، فإن تحالفات حزب التقدم والاشتراكية يجب أن تنبني على جرد الأهداف المشتركة التي تجمعه مع باقي القوى السياسية الأخرى مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المرحلة.
طبعا للحزب في المقام الأول أهدافا مشتركة مع باقي مكونات اليسار التي لا يمكن لها منعزلة واعتمادا على القدرة الذاتية فقط تحقيق ما تصبو إليه، وبالتالي فالنواة الصلبة لتحالفات الحزب لها طابع يساري محض. فأي تحالف مرحلي مع الأحزاب الوطنية لن يكون معزولا عن هذه النواة.
لذا يجب العمل على بناء وتطوير هذا التحالف إلى أبعد حد ممكن، خاصة وأن للحزب مع قوى اليسار تصورا مجتمعيا مشتركا زد على هذا، أن الاختلافات الفكرية داخل هذه المنظومة هي في طريق الذوبان نتيجة تطور الفكر الإنساني التقدمي، وبالتالي فإن التباين الفكري بين قوى اليسار تقلص إلى حد أن ما بقي من مخلفات الماضي قليل وإن لم يستطع البعض تجاوزه. فالتحالف مع اليسار يمكن أن يتبلور في الممارسة ليفرز قطبا يساريا موحدا يؤسس مستقبلا لحزب يساري كبير تتعايش فيه العائلات اليسارية وتتآزر.
إن المرحلة الراهنة تستلزم العمل على وحدة قوى اليسار في أفق بناء قطب يساري كبير تجد فيه مكوناته مجالا لتحرير عبقرياتها وتوظيف طاقاتها وحافزا للرفع من أدائها، مع السعي إلى توحيد القوى الوطنية الديمقراطية من أجل مشروع مجتمعي حداثي وحول برنامج وطني يسعى إلى تحقيق حكامة ديمقراطية وإنماء مستدام. و لعل الكتلة الديمقراطية إذا ما وسعت مكوناتها إلى مختلف القوى الديمقراطية و إذا ما حينت برامجها و طورت هياكلها و جددت أساليب عملها، فإنها قادرة على أن تلعب الدور المحوري في هذا المسعى النبيل الذي يخدم المصالح العليا للوطن و المواطنين.
انطلاقا من التحالف النواة في إطار اليسار يمكن لحزب التقدم والاشتراكية التحالف مع باقي القوى الوطنية الديمقراطية التي له معها أهدافا مشتركة مرحلية لبناء حكامة ديمقراطية ترتكز على مؤسسات ديمقراطية يضبطها دستور جديد يعكس تطلعات الديمقراطيين في تحديد المسؤولية وإقرار الحساب ويمكن الشعب من مزاولة حقه المشروع. ولن يتأتى هذا الأمر إلا من خلال فصل السلط وضمان استقلاليتها والتناوب السياسي. ولتحقيق هذا الهدف في إطار مسؤول ومن خلال مقاربة بناءة لابد من توافقات إيجابية مع أوسع مكونات الحقل السياسي المؤمنة بحتمية الديمقراطية وبضرورة بناء مشروع مجتمعي يقطع الطريق على التطرف من أي نوع كان ويحقق المصالحة مع الذات.
ولعل الكتلة الديمقراطية قد تشكل الوعاء المناسب لاستقبال تكتل مختلف القوى الديمقراطية، لكن شريطة أن تقوم بتحيين ميثاقها و تدقيق برامجها وتوسيع رقعتها مع تطوير هياكلها حتى لا تبقى هياكل فوقية مقتصرة على المسؤولين الأولين للأحزاب والقيادات بل أن تتبلور كذلك على مستوى الجهات والقطاعات وذالك لتكون بالفعل تكتلا سياسيا يؤسس لحركة اجتماعية واسعة تشكل دعما قويا وجماهيريا للمنحى الذي تسعى إليه البلاد نحو الحداثة والديمقراطية، هذه التوجه العام التي يبقى في حاجة ماسة إلى قوة مجتمعية تسانده وتواكبه.
إلى جانب ذلك، فإن حزب التقدم والاشتراكية يلتقي مع القوى الحية المخلصة بالبلاد حول القضايا الوطنية الكبرى، كقضية وحدتنا الترابية والذوذ عن حوزة الوطن و الدفاع عن المصالح العليا للوطن و المواطنين الإستراتيجية و الاقتصادية و غيرها.
إن احترام هذه المبادئ العامة على مستوى إبرام أية تحالفات سياسية من شأنه أن يوضح الرؤيا لمجموع المواطنين والمواطنات وأن يساهم بشكل كبير في إعادة المصداقية للعمل السياسي و بالتالي للأحزاب السياسية ويعطي مغزى للالتزام. وإن لقوى اليسار ومن بينها حزب التقدم و الاشتراكية دور حاسم في هذا المجال حيث أن الثبات على المبادئ والانفتاح على الآخر مع التجديد المستمر قد يجعل اليسار يستعيد مكانته كمدرسة سياسية قائمة الذات مبنية على الاستقامة والنزاهة وخدمة الصالح العام والتكيف الخلاق مع مختلف الظروف للدفع بعجلة التاريخ إلى الأمام والارتقاء بالمجتمع المغربي لتحقيق التطلعات المشروعة للجماهير وتحرير الهمم لتساهم في بناء الصرح الديمقراطي وتدعيمه.
وعلى اليسار أيضا المساهمة في تخليق الحقل السياسي والمساهمة بقوة في إبراز ممارسة سياسية نظيفة تعتمد على الإقناع والاقتناع. وهذه المسألة تشكل الشرط الأساسي لاسترجاع الثقة بين الفاعلين السياسيين وعامة المواطنين والمواطنات وتكريس المصداقية وإعطاء الالتزام معناه الحقيقي. إن اليسار المغربي اشتغل في ظروف مختلفة وحاول أن يكيف نضاله مع كل مرحلة. وخلال كل هذه المراحل من تاريخه النضالي أدى مناضلوه و مناضلاته اليسار الثمن غاليا و قدموا التضحيات الجسام من سجن ونفي وتعذيب واغتيالات ومختلف أنواع القمع و التهميش؛ إلا أن هذا لم يجنبه المعوقات حيث لم يكن عن منأى من محاولات تفريخه واختراقه والحد من فعاليته وإجهاض مشروعه الاجتماعي.
ولقد وجدت هذه المعوقات في المناخ العام السند للتحول إلى أرضية هدفها نخر اليسار من الداخل لتقويض صرحه وإضعاف شوكته. إلا أن اليسار ليس من طبعه القدرية والاستسلام؛ فلقد عرف، عبر التاريخ، كيف ينهض بعد كبوته وعلمته التجربة أن الأزمة وإن كانت لها جوانب سلبية فهي تفتح آفاقا جديدة.
كما أن المنعطف التاريخي الذي يتميز المرحلة الحالية يستوجب من الأحزاب التقدمية أن تكرس تجدرها في اليسار لتلعب دورها كاملا في الدفاع عن قضايا الشغيلة وكل الفئات المحرومة التواقة للإنعتاق، وأن توثق ارتباطها بالمجتمع عبر علاقات نضالية عضوية وتعاقدية مع الحركات الاجتماعية الفاعلة والمستقلة في التزام تام بعدم المساس باستقلاليتها.
أحمد بوكيوض: في مسألة التحالفات..
التحالفات و"الهجرة" اللاشرعية في العمل السياسي
موضوع التحالفات الحزبية يكاد أن يكون، هذه الأيام، لازمة في جل النقاشات والحوارات الدائر ة في الأوساط السياسية والاعلامية. وتكاد مجموعة غير قليلة من الفاعلين والمحللين السياسيين، ممن يتم استطلاع آرائهم بهذا الخصوص، أن تجمع على أن مسألة التحالفات السياسية، أصبحت بدورها (خارج التاريخ)، باعتبار أنها لم تعد تتحدد بالمعايير الايديولوجية، وان تعويمها (التحالفات) أصبح من مسلمات العصر.
ومع استحضار كل التحولات والمتغيرات، التي يعرفها أو يلحظها الجميع، فإن هذا الاستنتاج المروج له، لابد وأنه يحتاج بدوره إلى نقاش، قد يمتد إلى عمق وصلب سياسة التحالفات والاصطفافات السياسية، ذلك أن أصحاب هذا الاستنتاج يستندون، بالأساس إلى ثلاثة (دعائم) تتمثل في :
_ اعتبار قضية التحالفات خاضعة بالمطلق للمنطق البراغماتي.
_ التقلبات التي يعرفها المشهد السياسي الوطني.
_ ضمان (النجاعة) للممارسة الديمقراطية في النسق السياسي المغربي.
وعلاوة على ما يلفه من تعقيدات واشكالات، فإن موضوع التحالفات المرحلية منها والاستراتيجية، كان دائما من المواضيع البالغة الدقة والحساسية، مما يجعل بعض الدعوات والتحليلات لاتعدو أن تكون طلقات في الهواء لاختبار ردود الأفعال
هنا وقبل ملامسة بعض جوانب الموضوع، تجذر الاشارة، إلى أن التجارب المتراكمة في مجال العمل الجبهوي والدخول في التكتلات السياسية، هي تجارب كثيرة وتتنوع بتنوع مجالها الوطني وظرفها وسياقها ومهامها السياسية. ففي حقبة مواجهة النازية، مثلا، كانت هناك جبهات موحدة وتحالفات واسعة في مختلف مناطق المعمور، وفي البلدان التي كانت مطوقة بالاحتلال الاستعماري، برزت عدة أشكال لتنسيق النضال الموحد للتنظيمات، والأحزاب السياسية الفتية التي التقت كلها حول أهداف التحرر والانعتاق. وعرفت افريقيا والمنطقة العربية، بعد الاستقلال، تجارب أخرى، كما حصل في العراق ( الجبهة الوطنية القومية التقدمية) قبل استفراد صدام حسين بالسلطة. وفي مصر ( تجربة المنابر داخل الاتحاد العربي الاشتراكي)، وفي المغرب ( الكتلة الوطنية ) بين حزب الاستقلال والاتحاد الوطني، إلى غير ذلك من التجارب، بما فيها التحالفات الانتخابية، كما حصل في لبنان وفي المغرب( المرشح المشترك بين حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي)، وفي العراق، خلال الانتخابات الأخيرة، وهذه كلها تجارب تستحق، في نظر المتتبعين قراءات نقدية بما في ذلك مفهوم (( الحزب القائد)).
وفيما كانت التحالفات والاصطفافات السياسية، تتمحور بالبلدان النامية حول المهام الوطنية وبناء الدولة الحديثة، كانت الأحزاب السياسية في البلدان المتقدمة، تخوض في تحالفات ( دورية)، ومن طبيعة أخرى، تقوم بالأساس على هندسة عملية تجميع الأصوات الانتخابية وفق الأنظمة الانتخابية المعمول بها في التعددية والتنافس السياسي المفتوح.
وسواء هنا أو هناك، فان صياغة التحالفات المنطقية، لايمكن إلا أن تكون منبثقة عن معطيات زمانها ومكانها، حيث يتم تشخيص طبيعة الصراع وأطرافه والبرنامج والأهداف المشتركة التي تتعاقد هذه الأطراف على أساسها، مع الإقرار بالاختلافات والتمايزات الفكرية والسياسية التي تميز كل متعاقد عن الآخر.
بعد هذه الاشارة، يمكن أن نلاحظ، بان الساحة السياسية المغربية لها مميزاتها ومعطياتها التي يصعب على العديدين تجاهل مؤثراتها على الاستنتاجات والتصورات التي عرضت، بشان التحالفات والتقاطبات الممكنة منذ 2007 إلى 2009 وفي أفق 2012 . ولعل المؤسسة التشريعية تقدم ما يكفي من الحالات التي تدعو للتأمل:
_ فريق برلماني يكاد يتحكم في مصير الأغلبية الحكومية وفي غرفة برلمانية بالرغم من أن حزبه لم يشارك حتى الآن في أية انتخابات تشريعية عامة.
_ فريق ( التجمع الدستوري ) يجمع بين المعارضة والأغلبية
_ تذبدب فرق برلمانية في الخطاب والممارسة بعد( المساندة النقدية) سمعنا( المعارضة النصوحة) ومؤخرا (المعارضة المساندة) – بكسر النون-.
_ الظروف والشروط التي تمت فيها عملية انتخاب رئيسي الغرفة الأولى والثانية والصورة الناجمة عن ذلك.
_ استمرار ظاهرة خيانة الناخبين التي تجسدها ظاهر الهجرة غير الشرعية من فريق إلى آخر.
علاوة على هذه النماذج، يمكن أيضا استحضار الأجواء التي تتكون فيها الحكومة، وما تفعله قوة المال والنفوذ في العمليات الانتخابية، وغير ذلك من المميزات التي تفقر المشهد السياسي. وما يجري على هذا المستوى، هو جزء من الصورة العامة، التي منها تنطلق الدعوات والإيحاءات بإمكانية قيام تحالفات لامبدئية ولا طبيعية، مثلما تردد عن تحالف انتخابي بين الاتحاد الاشتراكي و( العدالة والتنمية )، وكما يظهر ذلك، في الخلط بين التقاطبات الاستراتيجية والتحالفات الطبيعية وبين التحالفات المرحلية الواسعة بما فيها الائتلافات الحكومية.
مثل هذا الغموض والارباك، لم يكن من شانه إلا تشجيع عمليات ( قلب واشقلب )، التي جرت وتجري داخل المؤسسة التشريعية، تلك العمليات التي (عجز) قانون الأحزاب على وضع حد لها، والتي لا تمس فقط بأمانة الانتداب الانتخابي، بل أنها تميع محددات الاصطفاف السياسي وتشوش عل الائتلافات السياسية الواضحة، بل إن غض الطرف عن هذا السلوك، يمكن أن يؤدي إلى اختلاق أغلبية (مصطنعة) جديدة كل يوم، وهو ما لايمكن وصفه إلا ب(انقلاب) ابيض على الشرعية الانتخابية.
التحالفات والعنوان السياسي للمرحلة المقبلة
كل المحطات السياسية التي مر بها المغرب، لم تكن إلا لتؤكد تلك البديهية الناجمة، واقع الخريطة السياسية والقائلة بأنه ليست هناك، لحد ألان وربما لزمن غير منظور، قوة سياسية، يمكن لها بمفردها أن تتولى تدبير شؤون البلاد. هذه البديهية، تؤكد كذلك بأن التحالفات السياسية والاتفاقات الانتخابية هي حاجة موضوعية وضرورة عملية، وليست مجرد رغبة ذاتية، لهذا الفريق أو ذالك من الفرقاء السياسيين. وقبل عقود من الزمان، كان هناك من وصف عملية بناء التحالف، المعبر عن حاجة الظرف بالجيش السياسي لمهام التغيير البناء.
أيضا في هذه البديهية، ما يفسر تقدم فكرة العمل الوحدوي، وميل مجمل مكونات الحقل الحزبي، من حيث المبدأ على الأقل، إلى الانخراط في دينامية معينة على هذا المستوى. فنرى، مثلا، ذلكم الكم الهائل من الآراء والتصورات والدعوات المتعلقة بتوحيد أو تجميع مكونات اليسار الحزبي المتمثل في الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والاشتراكي الموحد وبعض أطراف الأسرة الاتحادية. وهناك الرهان الذي مازال، يلح على تفعيل الكتلة الديمقراطية وتوسيعها_ يسارا _ إلى الاشتراكي الموحد وفتح المجال أمام انضمام أحد أطراف الائتلاف الحكومي ( التجمع الوطني للأحرار)، وهناك التجربة الحركية التي ماتزال تتفاعل والتي تتطلع مع ذلك إلى احتلال موقعا في هذا الاصطفاف أو ذاك، وهناك ما يروج عن الجسور والقنوات الغير معلنة المفتوحة من لدن كل من ( البام) و( العدالة والتنمية).
وكون رهانات التحالفات الموضوعية، أبعد من أن تكون مجرد اجراء لتاثيت فضاء سياسي معين، وكون الحاجة اليها ناتجة عن واقع سياسي معقد، ان لم نقل متأزم. فربما، أن هذا هو ما يمكن، أن يجيز تفهم الغموض والتقلبات والتعثرات التي تصطدم بها الرغبات المعبر عنها والنوايا المعلنة، وهي تعثرات لها من دون شك، عواملها الذاتية وأسبابها الموضوعية، خصوصا لما يتعلق الأمر بالاستحقاقات الانتخابية الأخيرة لسنة 2009 حيث أن الرهان على الترشيحات المشتركة لم يكن واقعيا وخارج اليسار والكتلة. فالملاحظ أن كل النقاشات والتصريحات العامة حول التحالفات تحوم حول الرهانات الانتخابية ومواعيدها، أي محطة 2012 واستشراف أفق 2017. وبطبيعة الحال، فهذا الرهان يهم كل الفرقاء، مع تميز الأحزاب المشاركة في تدبير الشأن، وخاصة منها أحزاب الكتلة، بما هو مطلوب منها القيام به وتقديمه مع نهاية الولاية وعشية التشريعيات القادمة ومن ذلك:
_ عرض حساب الحصيلة والتجربة _ من دون تبخيس ولا تقديس _ أمام الرأي العام وبإشراك ومشاركة المناضلين والأطر الحزبية في هذه القراءة.
_ البحث عن الإجابات للأسئلة التي تطرح بشان المصلحة في مواصلة المشاركة في تدبير الشأن العام.
_ تدقيق الموقف في موضوع الاصلاحات السياسية والدستورية من حيث الموضوع والمضمون والمنهجية.
_ طبيعة ومحاور العرض السياسي الممكن تقديمه للمرحلة المقبلة.
بالاضافة الى هذه المواضيع، قد تكون الأطراف الحزبية المعنية أمام ضرورة الحسم في تجربة الكتلة، إما بالابقاء عليها واعطاء معنى ومدلول لهذا البقاء وإما بالتصريح بفك الارتباط ومن ثمة البحث في التوجه نحو إعادة التقاطب وفق الخيارات المطروحة. علما بان التحالفات الاستراتيجية والانتخابية المنسجمة لا تلغي في كل الحالات امكانية التقاطع والاتفاق مع قوى أخرى في حالة الضرورة لترسيخ البناء الديمقراطي وتقدمه ولترجيح ميزان القوي بما يمكن من انجاز وانجاح المهام والبرامج المتفق بشأنها.
هذا، ومن نافلة القول، أن مسالة التحالفات ببعدها السياسي والانتخابي ليست محصورة داخل رقعة الشأن الحزبي والقائمين عليه ، بل هي شان مشاع لكل المواطنين وخصوصا منهم الهيئة الناخبة حينما يتعلق الأمر باستحقاق انتخابي وطنيا كان أم محليا. ومما لا ريب فيه، أن تحالفات قوى التقدم والديمقراطية تكتسب أهميتها ليس فقط من شعاراتها وأرضيتها ا لبرنامجية، ولكن أيضا من الدعم الشعبي لها ووعي المواطنين بنجاعتها، مما يحفزعلى المشاركة الواعية ويقوي الثقة بها. وتأسيسا على كل ما سبق، يمكن تأكيد الأطروحة القائلة، أن أية جدوى من تحالفات هذه القوى تستوجب أن تكون قبلية وان لا تعلق على العراك الانتخابي اوتؤجل الى ما بعده. فالتحالفات المبدئية والطبيعية، كما هي أداة لربح المعارك السياسية على كل الجبهات هي أيضا وسيلة لتقوية الحظوظ وتوحيد الجهود في مختلف مراحل الاستحقاقات الانتخابية خاصة في ظروف ومراحل كمرحلة الانتقال التي يجتازها المغرب.
ومهما يقال، في تقييم المسافات التي قطعتها البلاد على طريق هذا الانتقال، فان مغرب اليوم محكوم عليه بمواصلة السير وفق الخيار السالك نحو استكمال بناء الديمقراطية ودولة المؤسسات الملائمة للعصر وتوفير شروط التنمية ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
على هذا الطريق ، أو في هذا الأفق، ولانعاش مسار البناء الديمقراطي، وتسريع وتيرته قد تتراى للفاعل السياسي، كما للمتتبع، بعض الحاجيات اوالشروط يمكن أن نسوق منها ثلاثة:
1 _ بالنسبة للتشريعيات القادمة، التحضير من الآن للقيام بتدابير جريئة تمكن من تخليق العملية الانتخابية وتطهير المؤسسات التمثيلية من عبث العابثين، وذلك بالاصلاحات اللازمة للقوانين الانتخابية ولقانون الأحزاب مع الابقاء على النظام اللائحي.
2 _ اطلاق مبادرة سياسية تهم جوهر التوجه العام وتدقق العنوان السياسي للمرحلة المقبلة بما يجعل الجيل الجديد من الاصلاحات في قلب جدول الأعمال.
3 _ شروع القوى الديمقراطية، كتلة ويسارا، في بحث ابرام ميثاق أو تعاقد بشان التحالف الطبيعي الممكن وأشكاله المرنة التي يمكن أن تشكل خارطة الطريق بغض النظر عن نمط الاقتراع، مع ما يستلزمه وضع هذه الخريطة من تنقية الأجواء، ورفض كل أشكال الميوعة في الحقل الحزبي، ونبذ الحسابات القصيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.