مسيرة تناصر قطاع غزة من ساحة الأمم إلى أبواب ميناء "طنجة المدينة"    حادثة مأساوية بطنجة.. مصرع سيدة وسقوط سيارة في مجرى واد بعد اصطدام عنيف    ‬إسبانيا ‬تزيل ‬علمها ‬من ‬جزيرتين ‬قبالة ‬الحسيمة ‬دون ‬إعلان ‬رسمي.. ‬    المغرب.. أقدم أصدقاء أمريكا وركيزة في مسار العلاقات التاريخية    السكتيوي: الفوز على أنغولا نتيجة نضج تكتيكي واضح    "الشان 2024".. المنتخب المغربي للمحليين يفوز على نظيره الأنغولي في أولى مبارياته    رواج الموانئ المغربية يسجل ارتفاعا ب11,6% خلال النصف الأول من 2025    مصرع طيار وابنه في تحطم طائرة خفيفة في إسبانيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    حريمات أفضل لاعب في لقاء أنغولا    الشركات الرياضية تختبر حدود التمويل والحكامة في كرة القدم المغربية    الجزائر تروج لوثيقة وهمية للطعن في اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء    إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج..بن حمزة يوضح    السكيتيوي يكشف عن تشكيلة المنتخب أمام أنغولا    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية النيجر بمناسبة العيد الوطني لبلاده    شخصيات مقدسية تشيد بمبادرة الملك محمد السادس إرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لسكان قطاع غزة    لفتيت يقدم خطة الدولة من 7 أهداف لتعزير المسار الديمقراطي والأحزاب ملزمة بتقديم ردها قبل نهاية غشت    مبابي يشهد.. حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    كأس إفريقيا للمحليين.. هذا التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وأنغولا    بنغفير يجدد اقتحامه للمسجد الأقصى وسط حشد من المستوطنين المتطرفين ويؤدون طقوسا تلمودية    "3 لاءات" نقابية تواجه خطط الإصلاح الحكومية لأنظمة التقاعد المغربية    موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الأحد إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    وزارة الداخلية الإسبانية: 361 مهاجرا يعبرون إلى سبتة في 15 يوما    الناظور..مالك كشك "شارع 80" يعلن نيته الطعن قضائياً بعد إغلاق محله        الجامعة و"الشيخات"    الجديدة.. جريمة قتل مروعة تهز حي سيدي موسى بوسط المدينة .    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    الستاتي والرحماني يُسدلان الستار على مهرجان العيطة المرساوية    4 أحواض مائية لا تتجاوز 30 بالمائة.. وملء السدود يلامس "مستويات حرجة"    الشيبي وبنتايك الأفضل بدوري مصر    جمعية أنزا الهجرة والتنمية تنظم الدورة الرابعة لمهرجان المهاجر    استياء واسع بسبب ضعف صبيب الأنترنيت باقليم الحسيمة    الدبلوماسية البيئية في مواجهة خصوم الوحدة الترابية للمغرب.. الوكالة الوطنية للمياه والغابات نموذجا    دراسة تحذر: هل يكون عام 2027 بداية نهاية البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي؟    اختتام معرض الصناعة التقليدية بالعرائش    أنفوغرافيك | جهة سوس ماسة.. تتصدر حالات إفلاس الشركات    تدشين فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالعرائش    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    السياسة وصناعتُها البئيسة !        حملة دولية للمطالبة بالإفراج الإنساني عن ناصر الزفزافي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    قلق داخل الجيش الإسرائيلي من ارتفاع معدلات انتحار الجنود بسبب المشاهد الصعبة في غزة    قافلة طبية تخفف معاناة مرضى القلب بجرسيف    تهديدات جهادية تستنفر درك السنغال    تقرير: أكثر من 12 ألف رأس نووي في العالم .. 87 بالمائة منها بيد دولتين فقط    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس الوطني لحقوق الإنسان
نشر في بيان اليوم يوم 06 - 06 - 2011


توجهات أساسية لتعزيز الاستقلالية والصلاحيات
بقدر ما يطرح النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها مطلبا مجتمعيا متواترا، بقدر ما شكلت المؤسسات المحدثة لهذا الشأن موضوع نقاش مستمر بخصوص طبيعتها ووظائفها ومستوى أدائها وفعاليتها وحجم أثرها، وقد شكل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على مدى عقدين من وجوده أكثر المؤسسات المعنية بهذا النقاش، وبالمناشدات من أجل تعزيز استقلاليته وتوسيع صلاحياته وأدواره. وفي هذا السياق جاءت التعديلات المتعلقة بإعادة تنظيمه في 10أبريل2001، التي عززت أدواره بتعزيز صلاحياته بدل وظائفه، والتي حددها في 13 صلاحية تغطي مجال الحماية والنهوض.
وإذا كان تزامن هذه التغييرات قد ترافق مباشرة مع إصداره التوصية المتعلقة بإحداث هيئة للإنصاف والمصالحة، والتي ستستقطب أكتر من نصف أعضاء التركيبة الجديدة للمجلس، فإن ما يمكن ملاحظته هو أن ورش العدالة الانتقالية على أهميته، قد غطى على مساءلة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على مستوى مدى ملئه للأدوار والاختصاصات الموكولة إليه بخصوص الحماية والنهوض بحقوق الإنسان في سياق نسخته المعدلة.
اليوم وبعد حل هذه المؤسسة، وإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يمكن أن نتساءل عن طبيعة هذه المؤسسة، صلاحياتها، تركيبتها، وعن القيمة المضافة على هذا المستوى، قياسا بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وانطلاقا من النظام الجديد الخاص بها.
المجلس الوطني لحقوق الإنسان: حيثيات وصلاحيات
أولا:على مستوى الشكل واللغة والهندسة:
يشكل الظهير رقم 1.11.19 الصادر في فاتح مارس 2011 والمحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان تحولا هاما على مستوى هندسة هذا المتن واللغة المعتمدة مقارنة مع الظهير رقم 1.00.350 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10 أبريل 2001.
فمن جهة أولى تم الحرص على مراعاة شكليات تحرير النصوص التشريعية المحدثة للهيئات والمؤسسات ذات الأهلية القانونية والاستقلال المالي وخاصة في ما يتعلق بتوضيح وتدقيق كل ما يتصل بالصلاحيات وآليات ومجالات التدخل والهيكلة والتنظيم الإداري والمالي.
كما أن اللغة المعتمدة في صياغة الظهير الجديد تختلف عن لغة صياغة الظهائر السابقة وهو ما سوف يتضح فيما سيأتي من استقراء لبعض المضامين الواردة فيه، والمعتمدة أساسا على ما راكمته مختلف أدبيات ومفاهيم منظومة حقوق الإنسان، ويتضح هذا المنحى التحديثي في الصياغة اللغوية عندما نقارن بين ظهير 10 أبريل 2001 و الظهير الجديد المؤرخ في فاتح مارس 2011.
ومن جهة ثانية وعلى مستوى هندسة النص، أعتمد في صياغة الظهير الجديد المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان على هندسة تمكن من مقروئية أفضل وتتوخى التمفصل والانسجام بين مختلف مكونات المتن.
فعلى مستوى النص الجديد فقد بلغ عدد مواده 59 مادة بينما لم تتجاوز مواد النص السابق 18 مادة، كما تم اعتماد هيكلة محكمة تتمثل في:
باب تمهيدي يتكون من مادتين (2)، وخمس (5) أبواب تتوزع على النحو الآتي:
باب أول: من أربعة فصول و29 مادة خصصت لتحديد اختصاصات المجلس؛
باب ثان: من فصلين و12 مادة خصصت لتركيبة المجلس ولجانه الجهوية؛
باب ثالث: من 10 مواد خصص لهيكلة المجلس وقواعد تسييره؛
باب رابع: من 4 مواد خصص للتنظيم الإداري والمالي؛
باب خامس: من مادتين خصص للأحكام الانتقالية والختامية.
ثانيا: على مستوى ديباجة الظهير:
تشكل ديباجة النصوص التشريعية معطى أساسيا في تقديم وتقريب المقاصد الكبرى والأسباب والأهداف التي استوجبت إخراج النص إلى حيز الوجود.
لذلك نجد أن ديباجة الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان قد اشتملت على 14 حيثية تتجاوز في الشكل والمضمون والعدد، الحيثيات التي اعتمدت في صياغة الظهير السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ونقف هنا عند ما يمكن أن نعتبره مستجدات على هذا المستوى:
أدرج النص السابق «حماية حقوق وحريات المواطنين» ضمن إزداوجية الحقلين المدني والديني واعتبرت ديباجة النص السابق أن هذه المهمة:
«تعد أمانة دستورية من صميم مهامنا السامية بصفتنا أمير المؤمنين» (الحيثية رقم 2 في ديباجة ظهير 10 أبريل 2001).
بينما جاءت صياغة الحيثية في الظهير الجديد (ظهير فاتح مارس 2011) بالإشارة الواضحة إلى أن الالتزام بصيانة «حقوق وحريات المواطنين... أمانة دستورية من صميم مهامنا السامية. كما أنها تجسيد لوفاء المملكة بالتزاماتها الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها».
الربط الواضح والصريح بين السياسات العمومية وإعمال مقاربة حقوق الإنسان والحرص على: التطبيق الأمثل للمفهوم الجديد للسلطة، القائم على صيانة كرامة المواطن وسيادة القانون ومساواة الجميع أمامه» (الحيثية رقم 4)
استحضار الظهير الجديد لتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة وجعلها أحد الأهداف الأساسية لإنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال التنصيص على:»تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية» (الحيثية رقم 5)
استناد الظهير الجديد على «مبادئ باريس» التي تعتبر المرجعة الدولية المصادق عليه من قبل الجمعية العمومية. للأمم المتحدة في 20 دجنبر 1993، فيما يخص المواصفات الواجب توفرها في المؤسسات الوطنية المكلفة بالنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.
رفع مجلس حقوق الانسان من «الاستشاري» إلى «الوطني» ضمن رؤية تندرج في سياق ما أسماه الظهير الجديد «تجديد الصرح المؤسساتي لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها وطنيا وجهويا» (الحيثية رقم 13)،
وقد تكرس هذا المنحى في الخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011 من خلال المرتكزين الثاني والسابع ضمن المرتكزات السبع التي تعتمد كأرضية للتغيير الدستوري المرتقب، ويهم المرتكز الأول «تعزيز منظومة حقوق الإنسان بكل أبعادها.... ولا سيما دسترة التوصيات لهيئة الإنصاف والمصالحة والالتزامات الدولية للمغرب».
أما المرتكز الثاني فيهم دسترة هيئات الحكامة الجيدة وحقوق الإنسان وحماية الحريات.
ثالثا: على مستوى الاختصاصات ومجالات التدخل:
لا بد من الإشارة إلى التمايز بين محتويات الظهير السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والظهير الجديد فيما يخص الاختصاصات، شكلا ومضمونا وامتدادا، ففي الوقت الذي تضمن الظهير الأول 12 مادة فقط، اختلط فيها مجالي الحماية والنهوض بحقوق الإنسان، فإن الظهير الجديد قد أفرد 25 مادة تم فيه التمييز والتدقيق للاختصاصات ما بين:
مجال الحماية وخصص له 10 مواد؛
مجال النهوض وخصص له 12 مادة
ومجال مستحدث مرتبط بما أسماه الظهير «إثراء الفكر والحوار حول حقوق الانسان والديمقراطية» وخصص له 3 مواد.
كما استوعب الظهير الجديد الحقوق البيئية ضمن مجال اهتماماته (الحيثية رقم 3) كمجال ظل مغيبا في الظهير السابق.
مجال الحماية
غطت المواد العشر (10) مجمل اختصاصات المجلس بشأن مجال حماية حقوق الإنسان (المواد : 3-4-5-6-7-8-9-10-11-12)، والمعطى الأساسي في استقراء هذه المقتضيات يكمن بالأساس فيما يلي:
تقديم أجوبة وإمكانيات جديدة لما لوحظ من أوجه التقصير والخلل في التجارب السابقة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان؛
إطلاق حرية المبادرة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان مع تمكينه من الوسائل والآليات القانونية للاضطلاع بمهامه، والتي بمقتضى الظهير الجديد ستغطي العديد من المجالات؛
الحرص على تمفصل عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع كل المتدخلين كل في مجال اختصاصه وخاصة التنصيص على التنسيق مع السلطات العمومية؛
إستحداث آليات تمكن من قياس نجاعة تدخل المجلس في مجال الحماية (المادتين 7و8): للحرص على متابعة مآل الشكايات المعروضة على المجلس ووجوب إخبار المعنيين بالأمر وتوجيههم وإرشادهم واعتماد كل التدابير اللازمة من أجل مساعدتهم في حدود اختصاصه وكذا اعتماد مسطرة لتلقي الشكايات والاستماع للأشخاص والأطراف المعنية.
توسيع اختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان- وفقا لأحكام الظهير الجديد- لإجراء التحقيقات والتحريات بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، وإنجاز التقارير بشأنها، وتقديم توصيات لمعالجة تلك الانتهاكات، وكذا الحرص على متابعة مدى إعمالها من قبل الجهة المختصة أو المسؤولة على الانتهاك،
إضافة للإمكانيات الجديدة بشأن زيارة أماكن الاعتقال والسجون ومراكز حماية الطفولة ومستشفيات الأمراض العقلية ومراكز الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية، وذلك بهدف المراقبة والعمل على «تحسين الأوضاع».
حدد الظهير الجديد أيضا مجالا جديدا لتدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان يهم التدخل الاستباقي لإيجاد حلول لحالات خرق حقوق الإنسان من خلال آلية الوساطة بمشاركة الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
مجال النهوض بحقوق الإنسان:
خصص الظهير الجديد 12 مادة لمجال النهوض بحقوق الإنسان (المواد من 13 إلى 24) وتتحدد مضامينها المستجدة في ما يلي:
توسيع مجال تدخل المجلس فيما يخص ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بتخويله حق تقديم كل التوصيات التي يراها مناسبة بهذا الشأن للحكومة والبرلمان معا.
تمكين المجلس من آليات لتتبع مدى تنفيذ السلطات العمومية للملاحظات والتوصيات الصادرة عن أجهزة المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان.
الاهتمام بمجال النهوض بمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والعمل على ترسيخها من خلال آليات التتبع والتنسيق والتواصل والتوعية وتطوير علاقات التعاون والشراكة وتبادل الخبرات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
التشجيع على إقامة علاقات تعاون مع كل الجهات المعنية بحقوق الإنسان وطنيا ودوليا بما فيها مختلف السلطات العمومية وجمعيات المجتمع المدني، وكذا إفساح المجال للمجلس للمساهمة في تنمية قدرات مختلف هؤلاء المتدخلين عبر برامج للتكوين والتكوين المستمر في مجال حقوق الانسان.
تكريس الشفافية والحق في الوصول إلى المعلومات عبر تمكين المجلس من نشر وثائقه تلقائيا في الجريدة الرسمية، وإطلاع البرلمان بمجلسيه على حالة حقوق الإنسان بالبلاد في جلسة عمومية، فضلا عن إمكانية رفع المجلس لاقتراحات وتقارير خاصة وموضوعاتية إلى الملك بدون أية قيود.
على مستوى مجال إثراء الفكر والحوار حول حقوق الإنسان والديمقراطية:
أفرد الظهير لهذا المجال الجديد فصلا كاملا من ثلاث مواد (المواد 25-26-27) وعهد إلى المجلس بهذا الخصوص بمهام محددة تتمثل في:
تنظيم منتديات لإثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان وتطوراتها وآفاقها.
المساهمة في إحداث شبكات التواصل والحوار مع المؤسسات والخبرات الوطنية والأجنبية المماثلة والمتعددة المشارب.
تشجيع وتحضير كل المبادرات الهادفة إلى النهوض بالفكر الحقوقي والعمل الميداني والتنموي المتصل بحقوق الإنسان وطنيا وإقليميا ودوليا من:
خلال إحداث «جائزة وطنية لحقوق الإنسان» تمنح لكل شخص أو هيئة مستحقة.
الآليات المستحدثة لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها على المستوى الجهوي:
خص الظهير الخاص بالمجلس الوطني، ذات الصلة، ب 8 مواد: أربعة منها تهم الاختصاصات ومجالات التدخل وآليات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وهي في مجملها مماثلة لإختصاصات المجلس على الصعيد الوطني. (المواد 28-29-30-31)، كما مكن اللجن الجهوية من المساهمة في إحداث «مراصد جهوية لحقوق الإنسان»، بمشاركة الجمعيات والشخصيات العاملة في مجال حقوق الإنسان والمنتمية لمختلف المشارب الفكرية والثقافية وذات الإسهام المتميز في ترسيخ قيم المواطنة المسؤولة وأناط بها مهمة «تتبع تطور حقوق الإنسان على الصعيد الجهوي لحقوق الإنسان» كما أفرد الظهير الجديد 4 مواد (المواد 40-41-42-43) لكيفية تشكيل هذه اللجان الجهوية وتعيين رؤسائها واختيار أعضائها.
ويمكن اعتبار هذه الاختصاصات الجديدة تحولا أساسيا من شأنه أن يفتح أفقا فعليا للعمل الحقوقي من خلال تجاوز عوائق عمل الآليات الممركزة، وخلق دينامية جديدة وتفاعل إيجابي بين جمعيات حقوق الإنسان العاملة عن قرب وآليات المجلس على الصعيد الترابي (اللجان الجهوية).
رابعا: على مستوى تركيبة المجلس وقواعد تسييره:
جاء ظهير إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان على هذا المستوى بمقتضيات جديد استهدفت بالأساس ضمان فعالية أدائه وتحصين استقلاليته ومراجعة تركيبته في اتجاه التعددية والتنوع في الاهتمامات والمشارب والتخصصات، ويمكن أن نجمل أهم المستجدات في:
تقليص عدد الأعضاء إلى 30 عضوا (بدل 44 عضوا قي صيغة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان)
الحرص على ضبط المعايير المعتمدة في العضوية والتنصيص على معايير:» التجرد والنزاهة، والتشبث بقيم ومبادئ حقوق الإنسان، والعطاء المتميز في سبيل حمايتها والنهوض بها، والكفاءة الفكرية والخبرة والتجربة» (المادة 34) إضافة إلى الحرص على «التعددية والكفاءة والخبرة وتمثيلية المرأة والتمثيلية الجهوية» (المادة 35)
إشراك البرلمان بمجلسيه في اختيار 8 أعضاء وضمنهم عضوان من البرلمان، فضلا عن تمثيل ممثلي بعض الفئات السوسيو-مهنية (قضاة، محامون، أطباء، مهندسون، صحافيون، جامعيون)
تمتيع أعضاء المجلس بضمانات قانونية «تكفل حمايتهم وتضمن استقلاليتهم، سواء أثناء مزاولتهم لمهامهم أو بمناسبة قيامهم بأي نشاط له صلة وثيقة بهذه المهام» (المادة 37)
وهو إجراء لم يكن واردا في الصيغة السابقة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والذي يمكن اعتباره بمثابة نوع من الحصانة التي بات يتمتع بها الأعضاء وهي مشروطة بما أوردته المادة 37 نفسها، وكذا المادة 38 التي تشير صراحة إلى ما يلي:
«يلزم أعضاء المجلس بالامتناع عن اتخاذ أي موقف أو القيام بأي تصرف أو عمل من شأنه أن ينال من استقلاليتهم. ويلزمون أيضا بواجب التحفظ بخصوص فحوى مداولات المجلس وسائر أجهزته ووثائقه الداخلية».
إعادة النظر في طريقة مشاركة ممثلي السلطات العمومية في عمل المجلس من خلال مقتضيات المادة 36 والتي تعطي سلطة تقديرية واسعة للرئيس لدعوة كل ممثل «سلطة عمومية أو مؤسسة عامة أو خاصة، وكل شخصية مؤهلة لمساعدة المجلس على تحقيق أهدافه» وتمتد هذه الصلاحية لإمكانية دعوة الرئيس لشخصيات أو هيئات أجنبية أيضا.
خامسا: على مستوى التنظيم الإداري والمالي للمجلس:
كرس الظهير الجديد المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في مادته 54 إستقلالية هذا المرفق من خلال تمتيعه بصفة «مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان بكامل الأهلية القانونية والاستقلال المالي» ووسع من أهليته فيما يخص تنوع موارده المالية (المادة 55) بحيث أصبح بإمكانه أن يحصل موارد مالية جديدة من أي هيئة وطنية ودولية خاصة كانت أو عامة» وأصبح بإمكانه تحصيل مداخيل وتلقي الهبات والوصايا إضافة للميزانية الخاصة المقيدة في الميزانية العامة للدولة.
ملاحظات
بخصوص العلاقة التفاعلية بين المجلس والبرلمان:
يتضح من خلال مختلف الفصول المتعلقة بالحماية والنهوض ومجال إثراء التفكير في مجال حقوق الإنسان، التوجه نحو توسيع صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتعزيز أدواره واستقلاليته.
ويتيح الظهير الجديد المحدث بموجبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان فرصة هامة لإحداث جسر للتواصل والتفاعل بين ميادين عمل واهتمامات هذا الأخير والجهاز التشريعي، غير أن نجاح ونجاعة هذه العلاقة بين المؤسستين تستوجب في نظرنا توخي مجموعة من الشروط والإجراءات المواكبة بما يتيح العمل على:
توسيع مجال تطبيق وإعمال المادة 24 من الظهير وخاصة الفقرة الأخيرة :
«يقدم رئيس المجلس أمام كل مجلس من مجلسي البرلمان في جلسة عامة، عرضا يتضمن ملخصا تركيبيا لمضامين التقرير، بعد إحالته على رئيسيهما»، وذلك من خلال ملاءمة النظامين الداخليين لمجلسي النواب والمستشارين بما يتيح لممثلي الفرق البرلمانية التدخل ومناقشة التقرير وتقديم رئيس المجلس للتوضيحات والمعلومات التكميلية التي قد تستلزمها المناقشة داخل البرلمان.
إفساح البرلمان للمجلس الحضور والمشاركة في أشغال اللجنة البرلمانية التي تندرج حقوق الإنسان ضمن اختصاصاتها بمناسبة مناقشات الميزانيات الفرعية أو غيرها من المناسبات.
مساهمة المجلس في بناء قدرات الأطر العاملة في البرلمان في مجال حقوق الإنسان ضمن مقتضيات المادة 23 من الظهير التي تتيح هذه الإمكانية.
مساهمة المجلس في تقديم المساعدة والمشورة للحكومة والبرلمان فيما يخص ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان حسب المادة 16. وهو ما يتطلب إحداث الآليات الملائمة لتحقيق هذه الغاية وهذا ما ينبغي تداركه على مستوى النظام الداخلي للمجلس.
في شأن انعقاد دورات المجلس:
إن الظهير وهو يحيل على النظام الداخلي للمجلس في ثمانية مواد وهي: 8 و28 و40 و43 و45 (مرتين) و47 و57، له كل الدلالة التي تؤشر على أن استكمال البناء القانوني للمجلس سيظل رهينا بإخراج هذا النص (النظام الداخلي)، على النحو الذي يجعله منسجما مع الفلسفة العامة التي تحكمت في صياغة الظهير الجديد ومقاصده.
بينما يتجه النظام الجديد نحو تعزيز استقلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومطابقته لمبادئ باريز المعتمدة في إحداث هذا النوع من المؤسسات الوطني،
وبينما تتيح المادة 46، تحديد طبيعة الاجتماعات وتخول للملك صلاحية الدعوة لعقد اجتماع المجلس كلما ارتأى جلالته إحالة قضية على أنظاره لتقديم المشورة وإبداء الرأي.
فإن اجتماع الدورات العادية المحددة في أربعة سواء على مستوى الاستئذان بخصوصها، أو عرض جدول أعمالها على مصادقة الملك، وفي سياق تعزيز استقلالية المجلس، سيكون مطلوبا أن يعمل النظام الداخلي، على الاكتفاء بكلمة «إطلاع»، بدل الاستئذان والمصادقة.
وليكون المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة تتلاءم مع المبادئ المرجعية لباريز، ليس فقط على مستوى الصلاحيات بل وكذلك على المستوى الإجرائي والتدبيري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.