اجتماع برلماني حول الأدوية يتحول إلى سجال حاد بين الأغلبية والمعارضة    بوعياش تدعو إلى استثمار الخصوصيات المجالية في التنمية وحقوق الإنسان    وزير الصحة يدافع عن تفويت صفقة الأدوية لزميله برادة: الصفقات لا تبرم مع الأشخاص بل مع الشركات    هيئات مغربية ترفض الوصاية على غزة وتطالب بوقف جرائم الاحتلال وإعادة إعمار القطاع    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    وسائل الإعلام الهولندية .. تشيد بتألق صيباري مع المغرب    لقجع: كأس أمم إفريقيا 2025 بداية مسار لن يتوقف عند مونديال 2030 بل سيمتد عبر التاريخ    بركة: المغرب يدخل مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة وبناء الاستقلال الثاني    هذا هو موعد مباراة المغرب والبرازيل في ربع نهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يقاطع اجتماعات الوزارة..    أزيد من 10 ملايين درهم لدعم 303 مشروعا لإدماج اقتصادي للسجناء السابقين    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    نقل جوي عاجل لإنقاذ رضيع من العيون إلى الرباط    بدء العمل بمركز المراقبة الأمنية بأكادير    توقيف افراد شبكة تستغل القاصرين في الدعارة وترويج الكوكايين داخل شقة بإمزورن    شركة ميكروسوفت تعلن عن إعادة صياغة مستقبل ويندوز القائم على الذكاء الاصطناعي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    انخفاض أسعار النفط جراء ارتفاع المخزونات الأمريكية    بلادنا ‬تعزز ‬مكانتها ‬كأحد ‬الدول ‬الرائدة ‬إفريقيًا ‬في ‬مجال ‬تحلية ‬المياه    طاقات متجددة : التحول الطاقي شهد طفرة استثمارية عالمية في 2024    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    الصين توقف استيراد المأكولات البحرية اليابانية    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الركراكي: لدينا حالة ذهنية عالية ومجموعة جيدة لخوض كأس أمم إفريقيا    بعد الإطاحة بمالي.. باها يؤكد أن المغرب قادر على الذهاب بعيدا في المونديال    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    الاحتفال ‬بعيد ‬الاستقلال ‬في ‬ظل ‬الوحدة    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    الرئيس ترامب يعلن السعودية "حليفا رئيسيا" من خارج حلف شمال الأطلسي    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    طنجة.. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الأوغندي وديا بأربعة أهداف لصفر    العرائش... مدينة تغرق في أولى زخات المطر : "روغار" مفتوح يفضح تقاعس المسؤولين ويهدد سلامة المواطنين    القنصلية العامة في لندن تحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    العرائش: قسم الاقتصاد و التنسيق يستعد لتنزيل القرار العاملي مطلع السنة المقبلة و مخاوف من سحب المأذونيات من المستغلين في وضعية غير قانونية    العرائش: رئيس الائتلاف المغربي للسائقين غير المالكين يؤطر لقاء تواصليا لمهنيي سيارات الأجرة    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    باها: الفوز التاريخي للفتيان هدية "عيد الاستقلال".. ونشتغل كعائلة واحدة    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    حماس تنتقد تبنّي مجلس الأمن مشروع القرار الأميركي بشأن غزة    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة التشكيل في غياب النقد المتخصص
نشر في بيان اليوم يوم 08 - 07 - 2021

كما يعلم الجميع أن المشهد التشكيلي العربي عموما يتسم بوجود فارقية ماثلة بين الإبداعات التي تتغيأ الرؤى الفكرية والتقنية والجمالية، وبين إنتاجات تتخذ من التجريد الفضفاض غطاء لبلورة مفهوم فني مزيف، فأضحت بذلك مجموعة من الأعمال فنا جميلا رغم عدم استيفائها الشروط الفنية اللازمة، في غياب نقد فني صريح ومتخصص. ففهم المشكل الفني يتوقف على الممارسة التشكيلية والخبرة في الكتابة النقدية والتجربة العالمة في المجال التقني التشكيلي. فمعظم الكُتاب يتجهون في قراءاتهم للأعمال التشكيلية باعتماد المنتوج الأدبي، لأن ليس لديهم خبرة بالمجال التقني التشكيلي وليست لديهم تجربة ممارساتية في التشكيل، حتى إذا خاضوا غمار الكتابة في التشكيل سقطوا في خلط مفاهيمي، وكرسوا وضعية القراءة الانطباعية، أو الذوقية وأسقطوا أصحاب الأعمال التشكيلية في غفوة مصطلح الفنان التشكيلي. وبذلك يضحى النقد التشكيلي جانيا ومجنيا عليه.
إن غياب النقد المتخصص يطرح أكثر من علامة استفهام في الوسط التشكيلي، لأنه يشكل عنصرا مهما وقوة أساسية في تقويم مسار الفن التشكيلي وإعطائه الإضفاءات الجديدة التي تغذي السمات الجمالية وتكشف عن الأبعاد الدلالية للأعمال الإبداعية، إذ له خصوصيات تمنح اللوحات معنى آخر، فإذا كان النقد التشكيلي مُفرَغا من المحتوى التقني، ومن الأسس القويمة التي يستند عليها النقد عموما، وإذا كان الناقد غير ملم بالقراءة البصرية وآلياتها ومحتوياتها ومجردا من الأدوات الأداتية للنقد المتخصص؛ فإن ذلك يضع التشكيل برمته في سلبية قرائية قد تُدخله في متاهات، وفي قلب المفاهيم، ويضعه كذلك في أزمة نقدية تزداد حدتها مع كثرة القراء من هذا النوع.
فمهمات الناقد التشكيلي هي مهمات تقنية أولا، ثم ثقافية ومعرفية وفكرية يخترق من خلالها تحرير الفنان من القيود بتفاعل خاص مع الألوان والأشكال والعلامات والرموز وكل المفردات التشكيلية، ويطرح مختلف الدلالات في نسق مغاير، غير متأثر بالمدارس الفنية، حيث يصبح حسب كلود عبيد "الفنان المعاصر متحررا من قيود مدرسة معينة، ومن سلطة السيطرة على تفكيره، فباستطاعة الفنان النهل من المناهج طالما كانت متعددة على أسس من الابتكار، والإبداع والذي يكون صنعا جديدا نابعا من أصل خاص به، ليس فقط مختلفا لما سبقه، وكذلك لما عاصره." (من كتاب الفن التشكيلي نقد الإبداع وإبداع النقد، ص 32 – 33).
وللناقد المتخصص أن يبدي رأيه حول مركزية اللون والأشكال، في علاقاتها ببنية الزمان والمكان، وببنية الإيقاع والأساليب التعبيرية، واستحضار القواميس الرمزية والعلاماتية واللونية.. بحمولاتها الجمالية متعددة الأشكال والأنواع، ويحدد مرجعياتها داخل البناء الفضائي، ويطرق الرسوم الهندسية في علاقتها مع العملية الإبداعية التشكيلية برمتها، ومع النسيج الدلالي المرتبط أساسا بتقنيات التوظيف. ويضبط مدى التفوق في تقديم الجديد وفق تلك التقنيات، لأنه مجبر أن يكون على دراية بآخر ما استجد من جديد في الساحة التشكيلية على كل المستويات.
لذلك، فالفن التشكيلي يتأثر بالفراغ الذي يخلفه النقد التقني، بل ويتأثر بالأفكار الأدبية التي تحل محل النقد التقني، بالرغم من المحاولات النقدية المتخصصة الشحيحة التي تؤكد حضورها ومركزيتها في الوسط التشكيلي. فتتبدى بذلك إحدى الظواهر الحضارية الدالة على وجود نقد متخصص وتَميزِه في مجاله الاحترافي الصرف، لكن للأسف بوجود مزاحمة تبعثر المسار النقدي وتخلط بين الأعمال الجادة وبين الوهم. فهناك أعمال وهمية تغزو الساحة التشكيلية، وهي حسب مختار العطار: "ذات طابع سياحي تُصور الفلاحات.. والخيل.. والقرى.. والزخارف العربية الإسلامية بما فيها الخط العربي، مع إضافة الملامس الخشنة التي توحي بالقدم وهي حيل أسلوبية لا تستلزم وقتا أو ثقافة خاصة بعد أن دخلت مجال الخبرة والممارسة اليومية. أما من يحتاج إلى تأكيد مكانته الاجتماعية فما عليه إلا أن يلجأ إلى التجريديات العفوية التي يستغرق إنتاجها دقائق معدودة. فيقيم بعد أسبوع معرضا شاملا يضم عشرات اللوحات.." (من كتاب آفاق الفن التشكيلي، مختار العطار، ص 58). وهو ما يضيع لنا الفرص في احتواء الأعمال على نحو من الجدة والممارسة النقدية الصريحة بما يضمن تطور المجال التشكيلي العربي في استيعاب قويم للمنظومة ككل، حيث جرت العادة أنه كلما تطورت الحركة التشكيلية إلا وواكبتها حركة نقدية مماثلة، ما يسهم في تطوير المجالين معا. لكن حين تختلط التقييمات، وتتبعثر الأفكار النقدية، وتختلف باختلاف ثقافة النقاد وتَمكنهم من المادة النقدية المتخصصة، يغدو المجال مسرحا لتشويه حالة النقد التشكيلي عموما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.