أخرباش : استدامة نجاعة التصدي للتضليل الإعلامي تتطلب تحركا عموميا منسقا    الوكالة المغربية للأدوية تخطط لتعزيز الرقابة الاستباقية والتدقيق الداخلي لضمان استقرار السوق    ارتفاع سعر صرف الدرهم مقابل الدولار    مونديال 2026.. "فيفا" سيوزع 727 مليون دولار على المنتخبات المشاركة    سلامي: الأردن بحاجة للفوز بلقب كأس العرب أكثر من المغرب    السكتيوي: النجاعة الهجومية والتنظيم الدفاعي مفتاح الفوز بلقب كأس العرب    الأمن الوطني يرفع سقف الطموحات في 2026: برامج مستقبلية لتحسين جودة الخدمات وتعزيز الشعور بالأمن    مقاييس التساقطات الثلجية المسجلة بالمملكة    أمطار رعدية وثلوج وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت بعدد من مناطق المغرب    حصيلة ثقيلة.. حوادث السير تخلف 1433 قتيلا و134 ألف جريح خلال 2025    ترامب يعلن رسمياً تصنيف نوع من المخدرات "سلاح دمار شامل"    ارتفاع المخزون المائي بالعديد من السدود مع استمرار ضعف ملء سد الخطابي بالحسيمة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    الصين تسجل رقماً قياسياً في رحلات السكك الحديدية خلال 11 شهراً من 2025    انتخاب الاستاذ بدر الدين الإدريسي نائبا لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية    السكتيوي: التتويج باللقب يبقى الأهم    ماجد شرقي يفوز بجائزة نوابغ العرب    حريق يسلب حياة الفنانة نيفين مندور    البنك الألماني للتنمية يقرض المغرب 450 مليون أورو لدعم مشاريع المناخ    هولندا.. توقيف شخص للاشتباه في التحضير لتنفيذ عمل إرهابي    الملك محمد السادس يبارك عيد بوتان    مطالب بتدخل أخنوش لإنقاذ حياة معطلين مضربين عن الطعام منذ شهر ونصف        تدخل ينقذ محاصرين بثلوج بني ملال    تشابي ألونسو يحذر من مفاجآت الكأس أمام تالافيرا    الحكم السويدي غلين المثير للجدل يدير نهائي كأس العرب بين المغرب والأردن    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    مديرية التجهيز تتدخل لفتح عدد من المحاور الطرقية التي أغلقتها التساقطات الثلجية    "ترامواي الرباط سلا" يصلح الأعطاب    هجومان للمتمردين يقتلان 4 أمنيين كولومبيين    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مقاطعة انتخابات ممثلي المهنيين في مجموعة صحية جهوية    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تدين عملية الهدم في حي المحيط والتهجير "القسري" للمهاجرين    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    تمارين في التخلي (1)    محكمة تلزم باريس سان جيرمان بدفع أكثر من 60 مليون يورو لمبابي    القضاء التجاري بالدار البيضاء يأمر بإرجاع المفصولين إلى العمل بفندق أفانتي وأداء أجورهم    الفدرالية المغربية لمقاولات الخدمات الصحية.. انتخاب رشدي طالب رئيسا ورضوان السملالي نائبا له    منفذ "اعتداء بونداي" يتهم بالإرهاب    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    تماثل للشفاء    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطربة نعيمة سميح.. القدرة الرهيبة على تمثل المعنى الغنائي
نشر في بيان اليوم يوم 14 - 10 - 2021

كثيرة هي الأصوات الغنائية المغربية التي لم تعد تظهر واختفت، إما بسبب تقدمها في العمر أو اعتزالها الغناء، أو لظروف قاهرة، ولذلك لا نعلم شيئا عنها وعن تفاصيل حياتها، وبات التساؤل ملحا حول وضعيتها سواء المعيشية أو الصحية، والأكيد أن قائمة أسماء هؤلاء المطربين الذين غابوا عن الساحة الفنية تطول ويمكن الحديث عن الفنان المقتدر عبد الهادي بالخياط، الفنانة بهيجة ادريس، حياة الإدريسي، عبد الوهاب الدكالي وسيدة الطرب المغربي محبوبة الجماهير الصوت الصداح والخنجرة الذهبية صاحبة "ياك أجرحي" الفنانة نعيمة سميح، لكن رغم هذا الغياب القسري تظل النجمة نعيمة سميح حاضرة، بأعمالها الفنية الرائعة والمتنوعة وبأغانيها الوطنية الخالدة، لأن النجومية ليست بالظهور المجاني أو خلق الجدل والبلبلة بدون هدف …النجومية والريادة في الفن هي أن تكون حاضرا من خلال فنك وأعمالك الخالدة رغم غيابك وتواريك عن الأنظار لسبب من الأسباب…وسيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح دائما حاضرة في كل البرامج الفنية بفنها الخالد وشخصيتها الفذة المتفردة رغم غيابها".
وتملك نعيمة سميح صوتا فريدا، يتميز بتلك البحة الخاصة بها، التي تجعل المستمع يتعرف عليها من أول جملة. كما تملك قدرة رهيبة على تمثل المعنى، فيحس المتلقي بصدق الجملة الشعرية التي يتناغم مضمونها مع طريقة الأداء. فتلك التموجات الصوتية التي تصاحب نبرة الشجن عند نعيمة سميح كفيلة بأن تجعل الحمولة الدلالية للجملة أو للمقطع الغنائي تقع عند المتلقي موقعاً عميقاً ومؤثراً.
جعلت نعيمة سميح من الأغنية الوطنية عملاً وجدانياً قريباً من مشاعر الناس. فأغنية "البحارة" التي أدتها سميح في بداية مشوارها الفني، التي تصف الملك الراحل الحسن الثاني ب"القائد الهمام"، وتقف عند قضية الصحراء المغربية، لا تبدو للمتلقي أنها محصورة في خانة الأغاني المعدة للمناسبات الوطنية، أو في الأقل تبدو له مختلفة على نحو كبير عن باقي الأغاني الوطنية التي أدت وظيفتها في مرحلة معينة ثم اختفت. على العكس، مازال المذياع المغربي يبث هذه الأغنية ومازال محبو نعيمة سميح يستمعون إليها كما لو أنها أغنية حب خالدة.
وتعد أغنية "ياك أجرحي" أشهر عمل فني أدته في حياتها، حفظه محبوها وأعاد غناءه كثير من المطربين المغاربة والعرب. وثمة سبب جعل هذه الأغنية التراجيدية بالذات تقع موقعاً وجدانياً خاصاً لدى عشاق نعيمة سميح، فقد تزامنت إذاعة الأغنية مع فترة مرض سميح ولزومها الفراش إثر إصابتها بفقر الدم. تحكي الأغنية عن التعب من الحياة والشعور بالوهن ولوعة الفراق واعتبار الحب هو الدواء الوحيد للمرض، لذلك ظن محبوها أن الأغنية تصف حالتها، وقد تعمق لديهم الشعور بالتعاطف مع مطربتهم بالتالي ترسيخ مكانة أغنيتها تلك.
وتنجلي قمة الطرب والسلطنة بصوت الأسطورة سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح بوضوح في القصيدة الرائعة " لست أشكو" للشاعر المصري الكبير مأمون الشناوي
جرأتي راحت….ولا أعرف أين
بسمتي ضاعت…..ودمعي بين بين
الهوى خجلان دم الوجنتين
وحنيني لك مكتوف اليدين.
إذ لا تكاد تنهي سماع هذه المقطوعة الغنائية حتى تجد نفسك مدفوعا لإعادة الإنصات إليها من جديد، لحسها المرهف وحمولتها النافذة إلى الأعماق بكلمات شاعرية خارقة للوجدان شأنها في ذلك شأن كل القطع الغنائية الأخرى.
وتظل رائعة" غاب علي الهلال" أفضل عمل غنائي ألفه الراحل المبدع أحمد الطيب لعلج، حسب ما صرحت به مرات عديدة، ومن بين أجمل الألحان التي جاد بها الموسيقار عبد القادر الراشدي … أداء سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح لا يضاهيه أداء، رغم إعادتها من طرف العديد من الفنانين والفنانات لانها أغنية تظل من الخالدات التي صدح بها صوت متفرد لفنانة لن يجود الزمان بمثلها.
ولم تقتصر مسيرة الفنانة نعيمة على الغناء فقط بل شاركت سيدة الطرب المغاربي في مسرحية "يا أعز الأوطان" مقطع من ملحمة للراحل الأستاذ الطيب الصديقي والتي عرضت أمام أنظار جلالة الملك محمد السادس عندما كان وليا للعهد والامير مولاي رشيد سنة 1985 بمركب محمد الخامس بالدارالبيضاء،كانت الملحمة من نظم الراحل علي الحداني ولحن الموسيقار عبد القادر الراشدي.
ولا شك أن نبرة صوتها وطريقة أدائها أطربت كل الأجيال، أمتعت الصغير والكبير، تشدو بحب الوطن وتغني للحب والسلام ،وصل امتدادها إلى الوطن العربي، باصرارها على الأداء والغناء في فترة كان يصعب على المرأة أن تلج عالم الغناء الذي ظل في تلك الفترة حكرا على الرجال، غير أن ابنة درب السلطان أصرت على طرق باب الغناء وولوج عالم الفن، متحدية بذلك تقاليد المجتمع المغربي المحافظ الذي نشأت ذاخله لتستطيع أنذاك أن تقنع عائلتها وخاصة والدها لتطأ رجليها المجال الفني صدفة ودون تكوين بل بموهبتها وجمال صوتها الفطري، حيث استطاعت البروز وكان لها دور في انتشار الأغنية المغربية في العالم العربي.
وكان آخر ظهور لها سنة 2016 ضمن تظاهرة "أصوات نسائية" في مدينة تطوان، وبعدها غابت عن حفل تكريم لها برفقة الفنان الراحل محمود الإدريسي كان شعاره "ليلة وفاء".
وكان ابنها شمس في وقت سابق قد أرجع غياب والدتها عن الساحة الفنية قائلا: "والدتي تركت عالم الغناء، ولن تعود إليه من جديد، بل إنها قررت عدم الظهور".
وراجت أخبار في الفترة الأخيرة عن وضعها الصحي، غير أنها كانت في أكثر من مناسبة تعلن عبر منصات التواصل أنها بصحة جيدة، وأن ما يروج عن حالتها الصحية محض إشاعات.
وتعيش سيدة الطرب المغاربي الآن بعيدة عن الأضواء، بعيد عن ثقافة "البوز" وحب الظهور عبر ترويج التفاصيل الشخصية، وهذا اختيار قد تمليه وضعيتها الصحية مع التقدم في العمر، لكن مهما طال الغياب، تبقى حاضرة في قلوب عشاقها ومحبيها، حاضرة بأعمالها الفنية الرائعة والمتنوعة، حاضرة بنبرة صوتها الصداح الذي ينفذ إلى الأعماق، آملين لها دوام الصحة والعافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.