"تجمعيّو الصحة" يدعمون كفاءات الخارج    زعيم "التقدم والاشتراكية" يدعو إلى تسهيل تأسيس الشباب للأحزاب السياسية    اتفاق يهدىء التوتر بين أمريكا والصين    الريال يهزم برشلونة في "الكلاسيكو"    دوري أبطال افريقيا : نهضة بركان يتعادل مع أهلي طرابلس الليبي    تطوان.. إحباط محاولة تهريب أزيد من 30 ألف قرص طبي مخدر بمعبر باب سبتة    العداء المغربي المحجوب الدازا يتوج بلقب النسخة ال16 من الماراطون الدولي للدار البيضاء    توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية بمطار محمد الخامس مبحوث عنه من السلطات الفرنسية    الأمين العام الأممي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف    أغنى رجل في إفريقيا سيجعل مصفاته في نيجيريا "الأكبر في العالم"    "البحر البعيد" لسعيد حميش يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    نقل مصابين بتسمم جماعي الى المستشفى الإقليمي بأيت يوسف وعلي    أشرف حكيمي يتألق بثنائية جديدة ويحصد أعلى تنقيط في فوز باريس سان جيرمان على بريست    حزب العمال الكردستاني يعلن سحب جميع قواته من تركيا إلى شمال العراق    تقرير: طنجة تتحول إلى محور صناعي متوسطي بمشروع ضخم لإنتاج السيارات    طنجة: المغاربة يتصدرون منصة التتويج في النسخة الثالثة من بطولة "كوبا ديل إستريتشو"    بورقادي: الملك يدعم تطوير كرة القدم    بعد تداول صور لأشغال قرب موقع أثري ضواحي گلميم.. المجلس الوطني يؤكد أن الموقع سليم ويدعو لحمايته    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    سفينتان نرويجيتان ترسوان بميناء آسفي لدعم أبحاث المحيطات وحماية الأنظمة الإيكولوجية    انهيار الثقة داخل الجيش الجزائري... أزمة عتاد وفضائح قيادات تهزّ المؤسسة العسكرية من الداخل    بروكسيل تحتفي بالمغرب تحت شعار الحوار الثقافي والذاكرة المشتركة    الملك: تعاون المغرب والنمسا إيجابي    حفل الحراقية يختم مهرجان الصوفية    نسبة ملء السدود المغربية تتراجع إلى أقل من 32% وفق البيانات الرسمية    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    كم عدد الأصوات يحتاجه مجلس الأمن للمصادقة على قرار في نزاع الصحراء يؤكد سيادة المغرب ويرسِّخُ الحكم الذاتي حلاًّ    أوناحي يواصل التألق في الليغا ويؤكد أحقيته بمكان أساسي في جيرونا    جيش فنزويلا يتعهد ب"مواجهة أمريكا"    المتمردون الحوثيون يفرجون عن عارضة أزياء    من ندوة بالقنيطرة.. مجموعة "5+5 دفاع" تدعو إلى تطوير آليات الأمن السيبراني ومكافحة حرب المعلومة    سلا الجديدة.. توقيف سائق طاكسي سري اعتدى على شرطي أثناء مزاولة مهامه    الشرطة الفرنسية توقف رجلين على خلفية سرقة مجوهرات تاريخية من متحف اللوفر    رياضة الكارتينغ.. المنتخب المغربي يفوز في الدوحة بلقب بطولة كأس الأمم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    "مايكروسوفت" تطلق إصدارا جديدا من المتصفح "إيدج" المدعوم بالذكاء الاصطناعي    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على السلع الكندية    المغرب والجزائر تواصلان سباق التسلّح بميزانيتي دفاع تَبلغان 14.7 و22 مليار يورو على التوالي    مقررة أممية: وقف هجمات إسرائيل لا ينهي معاناة الجوع في غزة    المغرب يطلق "ثورة" في النقل الحضري: برنامج ضخم ب 11 مليار درهم لتحديث أسطول الحافلات    زلزال بقوة 5,5 درجة يضرب شمال شرق الصين    طقس الأحد: برودة بالأطلس والريف وحرارة مرتفعة بجنوب المملكة    ممارسون وباحثون يُبلورون رؤية متجددة للتراث التاريخي للمدينة العتيقة    إرسموكن :لقاء يحتفي بالذكرى ال50 ل"ملحمة 1975″ و محاكاة رمزية لها بحضور شاحنة "berliet" ( صور + فيديو )    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    عجز سيولة البنوك يتراجع بنسبة 2.87 في المائة خلال الفترة من 16 إلى 22 أكتوبر    السوق الأوربية للفيلم... المركز السينمائي يدعو المهنيين لتقديم مشاريعهم حتى 24 نونبر المقبل    افتتاح متميز لمعرض الفنان المنصوري الادريسي برواق باب الرواح    إسبانيا.. العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة يعالج الاغتراب والحب والبحث عن الخلاص    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    الأمم المتحدة: ارتفاع الشيخوخة في المغرب يتزامن مع تصاعد الضغوط المناخية    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطربة نعيمة سميح.. القدرة الرهيبة على تمثل المعنى الغنائي
نشر في بيان اليوم يوم 14 - 10 - 2021

كثيرة هي الأصوات الغنائية المغربية التي لم تعد تظهر واختفت، إما بسبب تقدمها في العمر أو اعتزالها الغناء، أو لظروف قاهرة، ولذلك لا نعلم شيئا عنها وعن تفاصيل حياتها، وبات التساؤل ملحا حول وضعيتها سواء المعيشية أو الصحية، والأكيد أن قائمة أسماء هؤلاء المطربين الذين غابوا عن الساحة الفنية تطول ويمكن الحديث عن الفنان المقتدر عبد الهادي بالخياط، الفنانة بهيجة ادريس، حياة الإدريسي، عبد الوهاب الدكالي وسيدة الطرب المغربي محبوبة الجماهير الصوت الصداح والخنجرة الذهبية صاحبة "ياك أجرحي" الفنانة نعيمة سميح، لكن رغم هذا الغياب القسري تظل النجمة نعيمة سميح حاضرة، بأعمالها الفنية الرائعة والمتنوعة وبأغانيها الوطنية الخالدة، لأن النجومية ليست بالظهور المجاني أو خلق الجدل والبلبلة بدون هدف …النجومية والريادة في الفن هي أن تكون حاضرا من خلال فنك وأعمالك الخالدة رغم غيابك وتواريك عن الأنظار لسبب من الأسباب…وسيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح دائما حاضرة في كل البرامج الفنية بفنها الخالد وشخصيتها الفذة المتفردة رغم غيابها".
وتملك نعيمة سميح صوتا فريدا، يتميز بتلك البحة الخاصة بها، التي تجعل المستمع يتعرف عليها من أول جملة. كما تملك قدرة رهيبة على تمثل المعنى، فيحس المتلقي بصدق الجملة الشعرية التي يتناغم مضمونها مع طريقة الأداء. فتلك التموجات الصوتية التي تصاحب نبرة الشجن عند نعيمة سميح كفيلة بأن تجعل الحمولة الدلالية للجملة أو للمقطع الغنائي تقع عند المتلقي موقعاً عميقاً ومؤثراً.
جعلت نعيمة سميح من الأغنية الوطنية عملاً وجدانياً قريباً من مشاعر الناس. فأغنية "البحارة" التي أدتها سميح في بداية مشوارها الفني، التي تصف الملك الراحل الحسن الثاني ب"القائد الهمام"، وتقف عند قضية الصحراء المغربية، لا تبدو للمتلقي أنها محصورة في خانة الأغاني المعدة للمناسبات الوطنية، أو في الأقل تبدو له مختلفة على نحو كبير عن باقي الأغاني الوطنية التي أدت وظيفتها في مرحلة معينة ثم اختفت. على العكس، مازال المذياع المغربي يبث هذه الأغنية ومازال محبو نعيمة سميح يستمعون إليها كما لو أنها أغنية حب خالدة.
وتعد أغنية "ياك أجرحي" أشهر عمل فني أدته في حياتها، حفظه محبوها وأعاد غناءه كثير من المطربين المغاربة والعرب. وثمة سبب جعل هذه الأغنية التراجيدية بالذات تقع موقعاً وجدانياً خاصاً لدى عشاق نعيمة سميح، فقد تزامنت إذاعة الأغنية مع فترة مرض سميح ولزومها الفراش إثر إصابتها بفقر الدم. تحكي الأغنية عن التعب من الحياة والشعور بالوهن ولوعة الفراق واعتبار الحب هو الدواء الوحيد للمرض، لذلك ظن محبوها أن الأغنية تصف حالتها، وقد تعمق لديهم الشعور بالتعاطف مع مطربتهم بالتالي ترسيخ مكانة أغنيتها تلك.
وتنجلي قمة الطرب والسلطنة بصوت الأسطورة سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح بوضوح في القصيدة الرائعة " لست أشكو" للشاعر المصري الكبير مأمون الشناوي
جرأتي راحت….ولا أعرف أين
بسمتي ضاعت…..ودمعي بين بين
الهوى خجلان دم الوجنتين
وحنيني لك مكتوف اليدين.
إذ لا تكاد تنهي سماع هذه المقطوعة الغنائية حتى تجد نفسك مدفوعا لإعادة الإنصات إليها من جديد، لحسها المرهف وحمولتها النافذة إلى الأعماق بكلمات شاعرية خارقة للوجدان شأنها في ذلك شأن كل القطع الغنائية الأخرى.
وتظل رائعة" غاب علي الهلال" أفضل عمل غنائي ألفه الراحل المبدع أحمد الطيب لعلج، حسب ما صرحت به مرات عديدة، ومن بين أجمل الألحان التي جاد بها الموسيقار عبد القادر الراشدي … أداء سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح لا يضاهيه أداء، رغم إعادتها من طرف العديد من الفنانين والفنانات لانها أغنية تظل من الخالدات التي صدح بها صوت متفرد لفنانة لن يجود الزمان بمثلها.
ولم تقتصر مسيرة الفنانة نعيمة على الغناء فقط بل شاركت سيدة الطرب المغاربي في مسرحية "يا أعز الأوطان" مقطع من ملحمة للراحل الأستاذ الطيب الصديقي والتي عرضت أمام أنظار جلالة الملك محمد السادس عندما كان وليا للعهد والامير مولاي رشيد سنة 1985 بمركب محمد الخامس بالدارالبيضاء،كانت الملحمة من نظم الراحل علي الحداني ولحن الموسيقار عبد القادر الراشدي.
ولا شك أن نبرة صوتها وطريقة أدائها أطربت كل الأجيال، أمتعت الصغير والكبير، تشدو بحب الوطن وتغني للحب والسلام ،وصل امتدادها إلى الوطن العربي، باصرارها على الأداء والغناء في فترة كان يصعب على المرأة أن تلج عالم الغناء الذي ظل في تلك الفترة حكرا على الرجال، غير أن ابنة درب السلطان أصرت على طرق باب الغناء وولوج عالم الفن، متحدية بذلك تقاليد المجتمع المغربي المحافظ الذي نشأت ذاخله لتستطيع أنذاك أن تقنع عائلتها وخاصة والدها لتطأ رجليها المجال الفني صدفة ودون تكوين بل بموهبتها وجمال صوتها الفطري، حيث استطاعت البروز وكان لها دور في انتشار الأغنية المغربية في العالم العربي.
وكان آخر ظهور لها سنة 2016 ضمن تظاهرة "أصوات نسائية" في مدينة تطوان، وبعدها غابت عن حفل تكريم لها برفقة الفنان الراحل محمود الإدريسي كان شعاره "ليلة وفاء".
وكان ابنها شمس في وقت سابق قد أرجع غياب والدتها عن الساحة الفنية قائلا: "والدتي تركت عالم الغناء، ولن تعود إليه من جديد، بل إنها قررت عدم الظهور".
وراجت أخبار في الفترة الأخيرة عن وضعها الصحي، غير أنها كانت في أكثر من مناسبة تعلن عبر منصات التواصل أنها بصحة جيدة، وأن ما يروج عن حالتها الصحية محض إشاعات.
وتعيش سيدة الطرب المغاربي الآن بعيدة عن الأضواء، بعيد عن ثقافة "البوز" وحب الظهور عبر ترويج التفاصيل الشخصية، وهذا اختيار قد تمليه وضعيتها الصحية مع التقدم في العمر، لكن مهما طال الغياب، تبقى حاضرة في قلوب عشاقها ومحبيها، حاضرة بأعمالها الفنية الرائعة والمتنوعة، حاضرة بنبرة صوتها الصداح الذي ينفذ إلى الأعماق، آملين لها دوام الصحة والعافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.