الأميرة للا مريم تترأس المجلس الإداري للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة    لتطوير المشروع.. "AFC" تستثمر 14 مليون دولار للربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا    اتحاد العاصمة شدو الطريق من الجزائر للمغرب    جمهور ليفار ممنوع من الديبلاصمون لأكادير    الحبس ديال "سات فيلاج" تشد بصفة نهائية ومندوبية السجون وزعات المحابسية اللي كانوا فيه على حبسات أخرى    الشركة الوطنية للطرق السيارة توصي بتنظيم التنقلات والاستعلام عن حركة المرور بمناسبة العطلة المدرسية    توقيف مطلوب لبلجيكا بميناء طريفة قادما من طنجة    الفنان المغربي الروسي عبد الله وهبي يعرض "لوحات من روسيا" في الرباط    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    دعوة لإحياء جمعة الغضب بالمغرب دعما للشعب الفلسطيني    الحكومة تقترح على النقابات زيادة 10% في الحد الأدنى للأجور    وزارة التعليم تشن حملة ضد "العلكة" في مدارس تيزنيت    ارتسامات المؤتمرين حول المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    انتخاب رئيس جديد على رأس الإتحاد الإسباني لكرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب على غزة إلى 34356 قتيلا    كأس الكاف .. نهضة بركان يعلن طرح تذاكر مباراته أمام اتحاد العاصمة الجزائري    الطقس غدا السبت.. أمطار فوق هذه المناطق ورياح قوية مصحوبة بتناثر غبار محليا    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"            تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    طلبة الطب والصيدلة يتفاعلون بشكل إيجابي مع دعوة أخنوش    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    فضايح جديدة فالبرنامج الاجتماعي "أوراش" وصلات للنيابة العامة ففاس: تلاعبات وتزوير وصنع وثيقة تتضمن وقائع غير صحيحة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الانخفاض    جرسيف.. مشروع بكلفة 20 مليون درهم لتقوية تزويد المدينة بالماء الشروب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    مجمع الفوسفاط ينجح في تعبئة ملياري دولار عبر سندات اقتراض دولية    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    الأمثال العامية بتطوان... (582)    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد الوطني سنة: لحليمي يقر بأزمة الاقتصاد الحقيقي ويؤكد صعوبة توقع الآفاق على المدى المتوسط والبعيد
نشر في بيان اليوم يوم 04 - 07 - 2010

‬تحت عنوان» الاقتصاد الوطني في 2010 وآفاق تطوره«‬ عقد أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط الأربعاء الماضي،‮ ندوة صحفية، تناولت تقديم الميزانية الاستشرافية لسنة 2011 التي تشكل مراجعة للآفاق الاقتصادية المتضمنة في الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2010 الصادرة في شهر يناير. كما يتعلق الأمر بمعاينة التقديرات المتعلقة بالنمو والمجاميع الماكرواقتصادية برسم سنة 2010‮.‬ فيما يخص سنة 2011‬ يتعلق الأمر بتوقعات استشرافية، ستتم مراجعتها خلال شهر يناير 2011 في حالة ما إذا اعتمدت الحكومة خلال القانون المالي المقبل تدابير جديدة من شأنها أن تؤثر على الاقتصاد الوطني.«‬كما ذكر لحليمي« أن تقديراتنا وتوقعاتنا تعتمد على الحسابات الوطنية تحت السنوية وعلى تتبعنا فصلا بفصل للظرفية الاقتصادية بناء على المعطيات المتوفرة من خلال البحوث الوطنية حول المقاولات والأسر.‬‮‬ وتعتمد على المعطيات التي تصدرها المؤسسات الدولية المختصة حول الوضعية الاقتصادية بمختلف جهات العالم وحول تطور أسعار المواد الأولية مع التركيز على المناطق التي تربطها بالمغرب علاقات فعلية أو ممكنة مهمة على المستوى التجاري والاقتصادي والمالي والسياسي.‬
***
نماذج تحليلية ودراسية
قال محمد لحليمي إن المندوبية السامية للتخطيط قامت ومند 2005 بإعداد نموذج شبه محاسبي بناء على الجداول التركيبية للمحاسبة الوطنية ‮(‬جدول الموارد والاستخدامات والجدول الاقتصادي المندمج‮)‬. منذ ذلك الحين،‮ كما قامت المندوبية السامية للتخطيط بإعداد نماذج أخرى أكثر تعقيدا يضيف لحليمي في مداخلته. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بنموذج الاقتصاد القياسي ونماذج التوازن العام الحسابي التي تم تطويرها لتشمل محاور متعلقة بالفوارق الاجتماعية والتنمية البشرية.
واعتبر المندوب السامي أن هذه النماذج تمكن من إعداد التوقعات ودراسة وقع السياسات الاقتصادية وبعض تحولات المحيط الدولي على الاقتصاد الوطني في المدى القريب والمتوسط، وخاصة على الجوانب المتعلقة بالنمو الاقتصادي والطلب الداخلي والخارجي والتوازنات الماكر واقتصادية والأسعار والشغل.‬
كما تمكن هذه النماذج من دراسة وتحليل الترابطات بين ما هو ماكرو اقتصادي بكل مكوناته وما هو ماكرو اقتصادي على مستوى المقاولات ومختلف فئات الأسر. في نفس الإطار،‮ يعتبر نموذج التوازن العام الحسابي الديناميكي آخر مولود ضمن هذه الأدوات التقنية ويمكن من تقييم الوقع على مدى عدة سنوات للسياسات العمومية على النمو والتوازنات الماكر واقتصادية والفئات الاجتماعية. فاعتمادا على هذا النموذج، خلصت المندوبية السامية للتخطيط على التو من دراسة شاملة لآفاق الاقتصاد الوطني بين 2010 و2015، وستكون لدينا فرصة لتنظيم لقاء لمناقشة نتائج هذه الدراسة والإشكاليات التي تثيرها والتحاليل التي تمخضت عنها.‬
وأشار لحليمي المندوبية السامية للتخطيط قامت و بمساعدة خبراء من دول صديقة وشركاء دوليين بإعداد وتطوير نماذج تستخدم في إعداد الميزانيات الاقتصادية.‬‮ من أجل تحليل شامل ومنسجم لهذا الكم من المعطيات الاقتصادية والاجتماعية.
التقلبات الدولية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني
لم يتوقف المندوب السامي للتخطيط طويلا عند مصدر الأزمة التي عرفها العالم منذ 2007 والتي، يجب التذكير هنا، كنا السباقين في توضيح وقياس وقعها المرتقب على بلادنا. والكل يعلم خطورة هذه الأزمة المالية غير المعتادة التي لم تؤدي إلى انهيار النظام الاقتصادي الدولي. كما يعرف الجميع محدداتها التي تجد مصدرها في انفصال المنظومة المالية العالمية وتعاظم حجمها مقارنة بالاقتصاديات الحقيقية التي ساهمت العولمة في تعميق الفوارق بينها دون بلورة أجوبة مستدامة للتحديات العالمية الكبيرة كالفقر والتدهور البيئي والأمن الشامل. لقد مكن الاقتراض السهل بعض الدول من العيش في‮ مستوى يفوق طاقاتها الحقيقية في خلق الثروات، كما مكن بعض الفئات الاجتماعية من الولوج إلى أنماط استهلاكية لا تلائم مستوى دخلها.‬
وقال لحليمي خلال مداخلته في ندوة صحفية، الحكامة الدولية سارعت إلى استرجاع قدرة النظام البنكي على الوفاء بالدين والتحلي بالحيطة اتجاه العواقب الاقتصادية لإفلاسه أو لسوء أخلاقيات تدبيره لما تؤدي إليه من تعميق مديونية الدول نتيجة سياسة الدعم للإقلاع الاقتصادي.
وأكد أن النظام المالي المغربي لم يتأثر بالأزمة المالية لأسباب معروفة كالصرامة التي يتميز بها الإطار القانوني للنشاط البنكي واحترامه التام للقواعد الاحترازية التي يسهر على احترامها بنك المغرب من جهة وضعف انفتاحه على الأسواق الخارجية من جهة أخرى. في حين تأثرت منظومة الاقتصاد الحقيقي بالأزمة، كما أعلننا عن ذلك منذ الفصل الأخير من سنة 2007، في مذكرة الظرفية وفي الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2009‮.‬
وأوضح لحليمي أن مختلف القطاعات قد تأثرت بهذه الأزمة حسب قنوات انتقال تأثيرها،‮ ويتعلق الأمر بالمبادلات التجارية والنشاط السياحي وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وتدفقات الرأسمال والاستثمارات الخارجية المباشرة على وجه الخصوص. ولمواجهة هذه الأزمة، واصل المغرب سياسته الاقتصادية التوسعية التي مكنت بفضل المناخية الملائمة خلال السنوات الأخيرة، من الحفاظ على دخل الأسر ومن الحد من تداعيات الأزمة على الأنشطة غير الفلاحية على حد قوله. فإذا كان الاقتصاد الوطني قد أظهر بالفعل، عن بعض المرونة اتجاه تأثيرات الأزمة، فإنه قد تحمل وقعها تدريجيا خلال سنتي 2008 و2009‮.‬ ذلك أن القيمة المضافة للقطاع غير الفلاحي عرف تراجعا في نموه منتقلا من 6,‬2٪‮ سنة 2007‮ إلى 3,‬9٪ سنة 2008 وإلى 0,‬8٪ سنة 2009‮. مضيفا أن المغرب أضاع، حوالي نقطة في نسبة النمو سنة 2008 وحوالي نقطتين ونصف خلال سنة 2009 حسب دراسة أنجزتها مصالحنا اعتمادا على نموذج الاقتصاد القياسي.‬
إن سياسة السلطات العمومية لسنة 2010 هيئت في هذا المناخ الدولي والوطني المتميز بنوع من التفاؤل اتجاه قدرة التدابير المتخذة من طرف الدول المتقدمة على احتواء آثار الأزمة المالية وإعادة انطلاق الآلة الاقتصادية. وتكون بذلك قد اندرجت في دينامية توسعية مستمرة لدعم التنمية عن طريق الاستثمار واستهلاك الأسر.‬
وفي سياق متصل دائما، قال لحليمي إن التدهور الذي كادت تعيشه الوضعية الاقتصادية العالمية من جراء المديونية المفرطة للدول الغربية وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وشبه الإعسار للعديد من دول هذه المنطقة أدت بها إلى وضع سنة 2010 تحت شعار قيود ميزانية مفرطة من شأنها أن تؤخر انطلاقة التنمية الاقتصادية وتقليص الاستهلاك في هذه الدول وطلبها من السلع والخدمات الخارجية. بعيدا عن تهدئة الأسواق وخلق شروط انتعاش سريع للاقتصاد العالمي، يبدو أن هذه الإجراءات قد زادت من حدة عدم ثقة الأسواق اتجاه المخاطر السيادية.‬
كما رأى لحليمي أن المناخ الدولي سيعرف نقاهة عسيرة، فمجموعة G20 لم يكن بإمكانها إيجاد الحلول المنتظرة خلال اجتماعاتها الأخيرة. كما أن الحكومات بدأت تتباعد آراءها فيما يخص مواجهة الأزمة. وهكذا، ففي الوقت الذي تعتزم أوروبا القيام بسياسة صارمة وبتقييد في الميزانية، فإن الولايات المتحدة وكندا واليابان تفضل إنعاش اقتصادياتها. منبها إلى أن العودة إلى الفقاعات المالية يبقى تهديدا، يجمع العديد من الخبراء على أخذه بجدية.‬
وأضاف أن الحكامة الدولية لم تعط بعد إشارات فعالية في مجال منع اضطرابات مالية جديدة وتفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية رغم الدينامية المنتظرة للاقتصاديات الناشئة.‬
في هذه الظروف، وأخذا بعين الاعتبار إجراءات إنعاش الاستهلاك المتوقعة في قوانين المالية لسنوات 2009 و2010 خصوصا بواسطة تعديل الضريبة على الدخل وتنمية أجور شريحة من الموظفين، قامت المندوبية السامية للتخطيط بإنجاز دراسة لمحاكاة تأثير لتقييم وقع هذه الإجراءات على الاقتصاد الوطني ومستوى معيشة المواطنين. هذه الإجراءات مكنت من تحسين النمو الاقتصادي ومستوى معيشة السكان وخصوصا المعوزين. لكنها كانت مرفوقة بتدهور في التوازنات الماكرواقتصادية.‬‮ مشيرا إلى أن الربح في مجال النمو الاقتصادي كان هو 0,‬8% سنة 2009 و1,‬2٪ سنة 2010‮.‬
وقال المندوب السامي للتخطيط إن هذه الحركية الاقتصادية مكنت من خلق مناصب شغل إضافية تقدر بحوالي 26 ألف سنة 2009 و50 ألف سنة 2010‮.‬ لكن العجز التجاري تفاقم بحوالي 0,‬8٪ نسبة إلى الناتج الداخلي الخام سنة 2009 و1,‬5٪ سنة 2010 والعجز الحكومي الإجمالي بحوالي 1٪ نسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي و1,‬5٪ سنة 2010‮. موضحا في نفس الوقت أن هذه النتائج يمكنها أن تؤدي إلى تفضيل تقييمات مسبقة للإجراءات الاقتصادية والاجتماعية من أجل الأخذ بعين الاعتبار مدى ملائمتها مع السياق الحقيقي والمتوقع التي ستقع فيه بالنظر إلى الإكراهات الوطنية والدولية.‬
تقديرات النمو الاقتصادي خلال سنة 2010 وتوقعات السنة المقبلة
قال لحليمي أنه، دون وضع أحكام مسبقة حول تطور الأزمة العالمية التي يصعب التكهن بتطورها والأضرار التي ستخلفها خاصة بالنسبة للدول النامية، فإن تقديرات المجاميع الماكرواقتصادية التي تميز تطور الاقتصاد الوطني خلال سنة 2010 قد وضعت بالاعتماد على معطيات منبثقة من متابعة الظرفية، وخصوصا الحسابات الوطنية للفصل الأول لهذه السنة. هذه الحسابات تبين، رغم كل شيء، انتعاش النشاط الاقتصادي الوطني المتميز بارتفاع في الناتج الداخلي الإجمالي الغير الفلاحي ب 5,‬4٪ عوض انخفاض بنسبة 1,‬5٪ بالنسبة لنفس الفصل من سنة 2009‮.‬ أما القيمة المضافة الفلاحية، فقد عرفت انخفاضا بنسبة 8,‬6٪ عوض ارتفاع بنسبة 30,‬7٪ في نفس الفترة.‬
كما أضاف أن تقديرات النمو الاقتصادي الوطني، لمجموع سنة 2010، تؤكد انتعاش الأنشطة غير الفلاحية الملاحظة منذ بداية هذه السنة. أما الناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي فإنه سيرتفع بنسبة 5,‬9٪ سنة 2010 عوض 1,‬3٪ سنة 2009 نظرا لانتعاش أنشطة القطاع الثانوي ‮(‬خصوصا المناجم، الصناعات التحويلية والبناء والأشغال العمومية‮)‬ بنسبة 5,‬6٪ بعد الانخفاض الحاد بنسبة 4,‬7٪ المسجل سنة 2009. فيما يخص الأنشطة الثلاثية، فإنها من المنتظر أن تعزز أداءها لترتفع بوتيرة 6٪ عوض 4٪ المسجلة خلال سنة 2009‮.‬
أما في ما يتعلق بالقطاع الأولي والذي سجل سنة فلاحية جيدة خلال سنة 2009، فقد تأثر بظروف مناخية غير ملائمة وفيضانات أدت إلى تقليص إنتاج بعض الزراعات حسب لحليمي. مبرزا أن السنة الفلاحية‮ 2010/‬2009 مكنت من الحصول على محصول زراعي يقدر ب 80 مليون قنطار، بانخفاض بنسبة 20% عن سنة 2009‮.‬ كما أن التزايد المستمر لأنشطة الرعي والصيد البحري خلال سنة 2010 من شانه أن يخفف - جزئيا- من انخفاض إنتاج الحبوب وزراعات الخضر. وفي المجموع، فإن القيمة المضافة للقطاع الأولي ستنخفض بنسبة 7,‬5% سنة 2010 بعد ارتفاع بنسبة 29٪ سنة 2009‮.‬
في ظل هذه الظروف، أكد لحليمي أن النمو الاقتصادي ارتفع بحوالي 4٪ عوض 4.‬9٪ سنة 2009 و5.‬6٪ سنة 2008‮.‬ سيستفيد هذا النمو من تعزيز الطلب الداخلي خاصة استهلاك الأسر الذي سيتحسن حجمه بنسبة 5.‬2٪‮.‬
غير أن دينامية الطلب الداخلي ستواصل دعم الواردات من السلع والخدمات والتي سترتفع ب %‬8.6 سنة 2010 بوتيرة تفوق وتيرة الصادرات التي ستقارب %‬7 ونتيجة لذلك سيصل العجز الجاري لميزان المدفوعات إلى 5.‬6٪ من الناتج الداخلي الإجمالي لسنة 2010 عوض 5٪ سنويا خلال الفترة 2009-‬2008 عكس الفائض المسجل بحوالي 2.‬6٪ سنويا ما بين 2000 و2007‮.‬
توقعات حول آفاق الاقتصاد الوطني سنة 2011
في ظروف عالمية متقلبة، قدم المندوب السامي للتخطيط آفاق الاقتصاد الوطني سنة 2011‮.‬ وأضاف أن هذه الآفاق هي رهينة بانتعاش تدريجي للنمو تحت تأثير تقليل شروط الاقتراض وعودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو أسواق الدول الصاعدة والنامية. لكن ستظل منطقة اليورو تتسم ببطء في عودة الانتعاش الاقتصادي بسبب الصعوبات المالية والقروض المفرطة التي تعرفها بعض دول المنطقة التي أثرت سلبيا في قيمة العملة الأوروبية داخل أسواق الصرف العالمية.‬
وفي هذا الإطار،‮ توقع أن يسجل الاقتصاد العالمي نموا بحوالي 4,‬3٪ سنة 2010 و2011 عوض تراجع ب 0,‬6٪ سنة 2009‮.‬ أما التجارة العالمية فإنها سترتفع ب 7٪ سنة 2010 و6,‬1٪ سنة 2011 عوض تراجع بحوالي 11٪ سنة 2009‮.‬
وفيما يتعلق بالطلب العالمي الموجه إلى المغرب، باعتبار الهيكل الجغرافي للمبادلات الخارجية، سيسجل ارتفاعا ب 6,‬2٪ سنة 2010 و5,‬8٪ سنة 2011 عوض تراجع حاد ب 10٪ المسجل سنة 2009. ومن جهته، سيصل متوسط سعر النفط الخام إلى 80 دولار للبرميل سنة 2010 و83 دولار للبرميل سنة 2011‮.‬ وبالمثل، ستعرف أسعار المواد الأولية غير الطاقية ارتفاعا ب 13,‬9٪ سنة 2010 قبل أن تستقر سنة 2011‮.‬ وستعرف قيمة اليورو مقابل الدولار انخفاضا لتنتقل من 1,‬37 سنة 2009 إلى 1,‬28 سنة 2010 و2011، نتيجة الصعوبات المالية التي تعرفها منطقة اليورو.‬
ومن جهة أخرى، وعلى أساس فرضية استمرارية نهج نفس السياسة المالية للدولة لسنة 2010، فيما يخص المقتضيات الجبائية والنفقات الاستثمارية ونفقات التسيير، خاصة نفقات دعم أسعار الاستهلاك إضافة إلى فرضية تحقيق 70 مليون قنطار كمتوسط لإنتاج الحبوب، توقع لحليمي أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة تقدر ب 4,‬3٪‮ سنة 2011‮.‬ إذ سيرتفع الناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي ب 5,‬4٪ نتيجة نمو القطاع الثانوي ب 5,‬7٪ ونمو القطاع الثالثي بوتيرة 5,‬3٪.‬
وفيما يتعلق بالقطاع الأولي، ترقب لحليمي أن ترتفع قيمته المضافة خلال 2011 مسجلا انخفاضا طفيفا بحوالي 2,‬7٪. وعلى مستوى استعمالات الناتج الداخلي الإجمالي، سيستمر الطلب الداخلي في دعم النمو سنة 2010 و2011 إذ سيساهم ب 5,‬3 نقطة و5,‬7 نقطة على التوالي عوض 6,‬8 نقطة سنة 2009 وهذا راجع إلى دينامية الاستثمار الخام واستهلاك النهائي للأسر كما ستستمر المساهمة السلبية لصافي المبادلات في النمو الاقتصادي لكن باتجاه تناقصي مرورا من -‬2,‬9 نقطة سنة 2008 إلى -‬1,‬9 نقطة سنة 2009 وإلى -‬1,‬4 نقطة سنة 2010 و2011‮.‬
وعلى مستوى تمويل الاقتصاد، فرغم تحسن صافي المداخيل الواردة من باقي العالم الذي سينتقل من 6.‬7 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2010 إلى 7.‬6 سنة 2011، لن يعرف معدل الادخار الوطني سوى ارتفاعا طفيفا بنسبة 31.‬7 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2011‮.‬
غير أن هذا المستوى من الادخار سيبقى غير كاف لتغطية حجم الاستثمار المتوقع والذي سيصل معدله إلى‮ 38 من الناتج الداخلي الإجمالي وبالتالي سيفرز حساب الادخار- الاستثمار عجزا يناهز 6.‬3 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2011‮.‬ وبذلك، ستزداد حاجيات تمويل الاقتصاد الوطني كما هو الشأن خلال السنوات الأخيرة.‬
وعلى ضوء هذه الآفاق الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2011، استنتج لحليمي أن هناك إمكانية تأثر يتأثر انتعاش الطلب العالمي الموجه نحو المغرب، بالصعوبات المالية التي تواجه بعض دول منطقة اليورو، نتيجة ارتفاع المديونية العمومية، مما سيقلص من وتيرة نمو الصادرات من السلع والخدمات. وسينعكس ذلك على القدرات التمويلية للمغرب الضرورية لتلبية حاجياته من الواردات.‬كما قال إن ارتفاع الواردات من السلع والخدمات، الناتج عن دينامية الاستثمار الإجمالي واستهلاك الأسر، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية في السنوات الأخيرة إلى تفاقم بنيوي لعجز الميزان الجاري الخارجي. وبدون تدفقات رؤوس الأموال، على شكل استثمارات أجنبية مباشرة، فإن الرصيد الإجمالي للمالية الخارجية سيبقى سالبا، مما سيؤدي إلى استنزاف المخزون الاحتياطي من الموجودات الخارجية الضرورية لتمويل الواردات ومدفوعات الاستثمارات، الشيء الذي سيطرح إشكالية الملاءة المالية لميزان الأداءات على المدى المتوسط.‬
آفاق الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط
لفهم توجهات تطور الاختلالات الماكرواقتصادية،قامت المندوبية للتخطيط بإنجاز توقعات في أفق 2015 اعتمادا على نموذج التوازن العام الحسابي الديناميكي. ونظرا للأهمية هذه الدراسة، فإنها ستكون موضوع نقاش بداية شهر شتنبر.‬
وعامة حسب لحليمي، أن النمو الاقتصادي سيتحسن إضافة إلى تحسن مؤشرات الشغل، وذلك أساسا بفضل الاستثمار والاستهلاك النهائي. لكن التوازنات الماكرواقتصادية ستعرف تدهورا سوف يؤدي إلى ارتفاع حاجيات التمويل والذي قيمنا نتائجه على مستوى المديونية المباشرة والقروض الخارجية والاستثمارات المباشرة الأجنبية.‬
وختاما، ذكر لحليمي أن المغرب عرف منذ بداية الألفية الثالثة استثمارات عامة مهمة في مجالات البنيات التحتية الاقتصادية والسكن والقطاعات الاجتماعية. لهذا فعليه اليوم الحفاظ على هذه المكتسبات ودعم ديناميكية التنمية الحالية والاستمرار في دعم النمو الاقتصادي عبر مجهود الاستثمار وأيضا الاحتفاظ بالعجوز الداخلية والخارجية في مستويات قابلة للاستمرار وذلك حفاظا على جاذبية البلد.‬
كما أضاف أنه، ومن هذا المنطلق يتوجب على المغرب القيام بتحكيمات صعبة للسياسات الاقتصادية للاختيار بين الاستثمار في البنيات التحتية أو في التنمية البشرية. انجاز أهداف الألفية للتنمية تطلب استثمارات تمثل 2.‬4 من نفقات ميزانية التسيير و0.‬7 من نفقات الاستثمار. كل مجهود في الاستثمار كيفما كان نوعه يطرح إشكالية تمويله تعبئة الموارد المالية المطلوبة لتغطية المتطلبات والتبعات التي تستوجبها تفرض أيضا التحكيم بين مختلف أشكال التمويل الممكنة ‮(‬التمويل الضريبي، تعبئة الموارد في الأسواق الداخلية والخارجية، الاستثمارات المباشرة الأجنبية،‮ الخ‮)‬. إضافة إلى ذلك، ونظرا لتأثير دينامكية استهلاك الأسر، والسياسات العامة التوسعية على ارتفاع الواردات والتي تفاقم في تدهور بنية العجز التجاري. يجب أيضا التحكيم في توزيع الموارد المتوفرة والمحدودة بين الاستثمار والاستهلاك.‬
مجموعة من التساؤلات تطرحها التوقعات التي أنجزناها في أفق 2015 والتي ستخضع للنقاش في الوقت المناسب، مما سيمكن من خلق مجال للتفكير الجماعي حول الإشكاليات والاختيارات الكبرى لمستقبل البلاد وكذا للتعبئة الفعلية لمجموعة من الفاعلين في هذا المنحى.‬
وعلى هذا الأساس، يشكل التخطيط الاستراتيجي إطارا لتحقيق أقصى عناصر الانسجام والتقارب للبرامج الاقتصادية والاجتماعية والسياسات العامة وأيضا الفعالية المثلى لتسيير المالية العامة لعدة سنوات. الميثاق الاجتماعي سيمنح إطارا أمثل للتوافق على المدى القصير لاختيارات المدى الطويل والتي ستضمن استدامة التقدم الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب.‬
بعد الأزمة، تسعى الدول لدعم تحولات بنياتها الاقتصادية نحو قطاعات الاقتصاد الأخضر والتقنيات المتطورة. يمكن للمغرب أن يحظى بمجموعة من الامتيازات خاصة استراتيجياته التنموية لفائدة البيئة والتقنيات الحديثة لتحسين إنتاجيته ودعم جاذبيته على الساحة الدولية المتميزة حيث تنذر مصادر التمويل.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.