دول شمال أفريقيا مدعوة إلى وضع استراتيجية متكاملة للحماية الاجتماعية كشف تقرير حول «وضع وآفاق الحماية الاجتماعية في شمال أفريقيا (الجزائر٬ مصر٬ المغرب٬ موريتانيا وتونس)» أن نظام الحماية الاجتماعية في المغرب٬ على الرغم من الجهود المبذولة٬ لا يزال يعاني نقصا في تغطية كامل التراب الوطني. وأشار التقرير الذي قدم يوم الثلاثاء الماضي بالرباط خلال اجتماع الخبراء الذي نظمه مكتب شمال إفريقيا للجنة الاقتصادية لإفريقيا على مدى ثلاثة أيام حول «وضع الحماية الاجتماعية في شمال إفريقيا في ضوء التحديات الديمغرافية الراهنة»، إلى أن المغرب يتوفر على بنية تغطية اجتماعية مشابهة لدول الجزائر وتونس ومصر٬ مسجلا أنها تظل أقل من التغطية المتوفرة في البلدان المقارن بها٬ لكون 26 في المائة فقط من السكان في سن التقاعد يتمتعون بهذه الخدمة٬ و30 في المائة فقط من السكان العاملين يتمتعون بالتأمين الطبي. واعتبر التقرير أن نظام صناديق الحماية الاجتماعية في المملكة يعد الأكثر تعقيدا نوعا ما مقارنة مع دول مصر والجزائر وتونس. ولاحظ أن الوضع الديمغرافي في المغرب من حيث التوازن بين عدد المتقاعدين والفئة النشطة «جيد» رغم زيادة متوسط أمد العيش٬ مشيرا إلى أن برامج رعاية المسنين منخفضة نسبيا وعادة ما تقتصر على المناطق الحضرية. وأبرز التقرير أن الحاجة الأكثر إلحاحا في جميع أنحاء منطقة شمال أفريقيا تتمثل في مواكبة احتياجات سوق الشغل٬ إضافة إلى محو أمية الكبار٬ معتبرا في هذا الشأن أن المغرب وموريتانيا هما البلدان الأكثر تضررا من الأمية. وبخصوص البرامج الموجهة إلى سوق الشغل في المغرب٬ قال التقرير إنه بالإضافة إلى برامج الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات هنالك أداة جديدة لتعزيز فرص العمل هي عقد الإدماج المهني للخريجين الشباب٬ الذي يقدم تمويلا مشتركا لعقود التدريب٬ مضيفا أن المشكل الحاصل بصدد هذه الأداة الجديدة هي أنها لا تزال مجهولة عند الشباب استنادا إلى دراسة أعدت شهر ماي المنصرم ووجدت أن 14 في المائة فقط من عينة الشباب المستجوبة على علم بعقد الإدماج المهني للخريجين الشباب. وتناول التقرير في مجمله عددا من النقاط المتعلقة بالحماية الاجتماعية٬ كأنظمة التأمينات وبرامج المساعدة الاجتماعية والبرامج الموجهة إلى سوق الشغل. وأبرز بخصوص مقاربة النوع في سياسات الحماية الاجتماعية أن برامج الحكومات المتعلقة بتوظيف النساء تمثل التزام الحكومات بتحسين إدماج المرأة في الحياة الاقتصادية رغم أن الجهود لا تزال غير كافية٬ مشيرا إلى إقرار حكومات المغرب ومصر والجزائر وموريتانيا لبرامج تشغيل تستهدف أساسا المرأة. إلى ذلك دعا التقرير دول شمال إفريقيا (الجزائر٬ مصر٬ المغرب٬ موريتانيا وتونس) إلى وضع «سياسة واستراتيجية متكاملة للحماية الاجتماعية من خلال دمج بنية الحماية الاجتماعية في استراتيجيتها الوطنية للتنمية البشرية. وأشار إلى ضرورة قيام البلدان التي شملها التقرير بإعداد دراسات قصد مراجعة شاملة لنظام الضمان الاجتماعي الحالي من أجل الوصول إلى تعميم إمكانية الحصول على حد أدنى من الحماية الاجتماعية لجميع السكان. ودعا التقرير بلدان شمال أفريقيا الخمسة إلى تطوير برامج سوق العمل بما يسمح بخلق فرص شغل وخلق أنشطة مدرة للدخل من أجل التصدي لمشكل البطالة وخلق نمط إيجابي من التنمية الاجتماعية٬ وكذا إنشاء آليات لتبادل المعارف والتنسيق بين بلدان الجنوب وبلدان المنطقة بغية تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الحماية الاجتماعية٬ واعتماد نظام التقييم على أساس النتائج والمضي قدما في تحسين الظروف المعيشية للسكان وإشراك الفئات المستهدفة في صنع القرار. ودعا التقرير الدول كذلك إلى العمل على تدارك مجموعة من المشاكل المتعلقة بنظام التغطية الاجتماعية كنقص الإحصاءات الخاصة بوضع الشرائح المستهدفة من برامج الحماية الاجتماعية والنقص الحاصل في ولوج الفئات الضعيفة إلى هذه البرامج وغياب الفرص الاقتصادية٬ مسجلا الحاجة التي أظهرها «الربيع العربي» إلى توزيع العائدات بشكل أكثر كفاءة وإنصافا للنمو الاقتصادي عبر تعزيز التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية لتصير أكثر فعالية ضد الفقر. وسجل التقرير من ناحية أخرى «أوجه تشابه ملحوظة» بين البلدان المدروسة تظهر في تخصيص أهمية كبيرة للرعاية الاجتماعية وخاصة في السياسات والقطاعات التي تنتج فرص الشغل كوسيلة لإعادة الثروة المنتجة وبالتالي كأداة للتضامن الاجتماعي بين الطبقات الاجتماعية والأجيال والمناطق. وقد تم إعداد التقرير في إطار التنظيم للاجتماع المخصص لتدارس وضع الحماية الاجتماعية في شمال إفريقيا، حيث ستعتمد خلاصاته كوثيقة تقنية للمناقشة. ويهدف هذا الاجتماع المنظم بشراكة مع صندوق الاممالمتحدة للسكان٬ بمشاركة ممثلي المنظمات الاقليمية٬ والمجتمع المدني والمنظمات الأممية٬ إلى الالتزام بتنفيذ حماية اجتماعية متكاملة٬ وتوفير أرضية لتبادل الخبرات ووجهات النظر بشأن التقدم المحرز والنتائج المحققة في مجال الحماية الاجتماعية لبلدان المنطقة. وبحث المشاركون في هذا اللقاء مواضيع تهم تحديات وقضايا الحماية الاجتماعية٬ ووضع الحماية الاجتماعية في شمال أفريقيا٬ وكيفية تحسين فاعلية نظام الحماية الاجتماعية ٬ وكيفية تحسين فاعلية نظام الحماية الاجتماعية.