بعد حوار أخنوش للي أكد فيه بلي مكايناش سنة بيضاء.. طلبة الطب: أجلنا المسيرة الوطنية ومستعدين للحوار    واش غايسمعو ليه؟.. بركة خايف يتفركع المؤتمر وصيفط رسالة للمؤتمرين: استحضروا التوافقات البناءة وقيم حب الوطن – فيديو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الانخفاض    تعليمات خاصة من الكاف لمراقبة الصغيرة والكبيرة فديبلاصمون اتحاد العاصمة للمغرب تفاديا لتزوير الحقائق وكذوب الكابرانات    نسبة انتشار التدخين بين التلاميذ اللي عمرهم بين 13 و15 عام وصلات ل6 % وبنموسى: الظاهرة من الأسباب المباشرة ديال ضعف التحصيل الدراسي    جرسيف.. مشروع بكلفة 20 مليون درهم لتقوية تزويد المدينة بالماء الشروب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    وانغ يي يتلقى مقابلة تحريرية مع شبكة الجزيرة الإعلامية القطرية    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    الملك يهنئ عاهليْ هولندا بالعيد الوطني    أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي    مجمع الفوسفاط ينجح في تعبئة ملياري دولار عبر سندات اقتراض دولية    من بينهم الرجاء والوداد.. "الفيفا" تمنع 12 فريقا مغربيا من التعاقدات    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    الصين تتعبأ لمواجهة حالات الطوارئ المرتبطة بالفيضانات    درنا الرقمنة بكري.. الوزيرة مزور فتحات كونكور مدير التحول الرقمي ومن الشروط تجيب خمس نسخ ورقية من الضوسي باش دفع للمنصب    أخنوش.. هذا ما يمنع الزيادة في أسعار "البوطاغاز"    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    بطولة إفريقيا للجيدو... المنتخب المغربي يفوز بميداليتين ذهبيتين ونحاسيتين في اليوم الأول من المنافسات    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    الجو غيتقلب.. غيام وشتا رعدية فأقصى جنوب بلادنا ومتفرقة فمرتفعات الأطلس الكبير والصغير    انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا" بالعرائش    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    أسعار النفط ترتفع وتتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    زلزال استقالات يضرب الخارجية الأمريكية بسبب دعم بايدن لحرب إسرائيل على غزة    معرض لفلاحة 16 بمكناس كبر وخاصو يتوسع. دورة مقادة كان مشكوك فيها 3 اشهر. اقبال كبير وتجاوب مزيان وحركة دايرة    عدد العمال المغاربة يتصاعد في إسبانيا    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    الأمثال العامية بتطوان... (582)    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمي للمسنين .. هل هو يوم لرد الجميل أو لرد الاعتبار أو هما معا؟
نشر في بيان اليوم يوم 03 - 10 - 2014


معاناة مستمرة لشريحة المسنين و المتقاعدين بالمغرب
يحتفل المغرب كسائر دول المعمور بذكرى اليوم العالمي للمسنين في فاتح أكتوبر، في ظل ظروف وأوضاع إنسانية واجتماعية واقتصادية ومأساوية واشد بؤسا،بسبب سياسة الإهمال والنسيان والتهميش والإقصاء الاجتماعي التي تتبناها وتتهجها الحكومة اتجاه هده الشريحة من المجتمع المغربي .
موضوع الشيخوخة والمسنين لم يكن فعلا ضمن برامج و أولويات الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام ببلادنا وازدادت أوضاعهم تأزما واستفحالا في الوقت الراهن بسب الارتفاع المهول لأسعار المواد الغذائية والأدوية والخدمات الاجتماعية فضلا عن التضخم.
فكبار السن بالمغرب رجال ونساء وأرامل باتوا يعانون مشاكل اجتماعية خطيرة تتعلق بضعف القدرة الشرائية وتدني المستوى المعيشي، ويجدون صعوبات كبيرة في ولوج الخدمات الصحية والاجتماعية مما تنتج عنه انتشار كبير للأمراض ألمزمنة في صفوفهم، لاسيما أمراض القلب والشرايين والضغط الدموي وأمراض السكري والسرطان والأمراض التنفسية والتهابات المفاصل، وهشاشة العظام، أمراض الجهاز الهضمي، فقر الدم والقصور الكلوي إلى جانب أمراض الجهاز العصبي والدماغ كمرض ألزهايمر والبركنسون -شلل الرعاش - إضافة إلى الإعاقة المترتب عنها فقدان القدرة الوظيفية. وصعوبة النوم ومشاكل نفسية قد يتعرضون لها بسبب الوحدة و العزلة الاجتماعية.
ففي الوقت الذي يظل فيه موضوع الشّيخوخة بالمغرب خارج الأولويات الحكومية ويكتفي المسؤولون الحكوميون بتنظيم احتفالات شكلية مناسباتية، يستمر المسنون والمتقاعدون في اجترار مرارة البؤس واليأس والحرمان.
فئة هامة منهم تعيش على هامش المجتمع وخارج أسرهم يسجنون في دور للعجزة تفتقر إلى كل شيء بما فيها تغذية سليمة ورعاية صحية وأدوية للمرضى منهم وفئة أخرى كبيرة مقعدة تلتزم بيوتها أحيانا لا تفارق السرير بسبب العجز والمرض على الأقل تجد الرعاية من طرف الأسرة والأبناء إذا كانوا يقطنون نفس المنزل أو قريبين حتى. .
كل هؤلاء في حاجة ماسة إلى الخدمات الطبية والعلاج والمراقبة المستمرة والمساعدة على التكيف مع المرض والشيخوخة وهي خدمات لا يمكن الاعتماد فيها فقط على أفراد الأسرة بل على متخصصين.
إننا أمام وضعية صعبة ومقلقة جدا أكدتها جل التقارير الدولية والوطنية المستقلة آخرها تقرير صادر عن البنك الدولي الذي صنف المغرب في مرتبة جد مخجلة حيث احتل المرتبة 81 من أصل 91 دولة وهي مرتبة متأخرة على سلم الاهتمام بالمسنين من أبناء البلد. وحصل المغرب على ما مجموعه 26.6 من النقط، مما جعله يستقر في المرتبة 81 في لائحة ضمت 91 بلدا، . واعتمدت مؤسسة (Global Age Watch، التي أنجزت الدراسة، على أربعة مؤشرات رئيسة تتمثل في تأمين الدخل، الرعاية الصحية، الشغل والتعليم ثم توفير المناخ الملائم للعيش، وبناء على هذه المؤشرات، كشف التقرير أن 31 بالمائة من المسنين المغاربة محرومون من الرعاية الطبية الضرورية، كما أن 15 بالمائة من نفس الفئة لا ينالون حظهم من الشغل والتعليم. وفيما يتعلق بمؤشر تأمين الدخل، لم يتجاوز تنقيط المغرب 39 نقطة، جعلته يستقر في المرتبة 71، في حين احتل مرتبة أقل (84) في مؤشر توفير مناخ العيش الملائم بما مجموعه 51.4 نقطة، ونتيجة لذالك صنف المغرب، من بين الدول السيئة لعيش المسنين إلى درجة اعتبار "المغرب جحيم المسنين" وهي صفعة قوية تساؤلنا عن جميعا عن طريقة التعاطي مع أبائنا وأجدادنا في هذا الوطن الدين ضحوا بكل ما يملكون من قوة فكرية وبدنية من أجل بنائه وتنميته ونهضته وتطوره ولم يستفيدوا من ثمار نموه و من ثرواته بعد إحالتهم على المعاش .
وضعية المتقاعدين لا تقل فظاعة عن حالة المسنين والعجزة
فالمتقاعدون والمتقاعدات فئة أخرى من المسنين يعانون معانات حقيقية مع أنظمة التقاعد التي ينتسبون لها وقد ألقت بهم بعد سنوات طويلة من العمل إلى أحضان الهشاشة والفقر بمعاشات هزيلة جدا وخاصة الفئة التي أحيلت للتقاعد قبل الإصلاح الأول والثاني الذي أدى إلى دمج التعويضات القارة في راتب المعاش ناهيك عن متقاعدي القطاع الخاص المنخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي المهني للتقاعد، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الدين يعتمدون نظام الرسملة بدل التوزيع المعتمد من طرف الصندوق المغربي للتقاعد، فالمتقاعدون مدنيون وعسكريون لسنوات الثمانينات والتسعينات يحصلون على راتب معاش في أخر الشهر اقل بكثير من الفئة التي مسها الإصلاح سنة 1990 .
ومجمل القول إن معاش المتقاعدين ببلادنا لا يكفي لسد حاجياتهم الضرورية للحياة ولا يفي بالحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم، خاصة إن نسبة هامة منهم لا تملك مسكنا خاصا، ولازالت تعيش تحت ثقل وضغط الكراء والإيجار وهو ما يقض مضاجعها بسبب استنزاف معاش الشهر المتواضع جدا في أداء سومة الكراء إضافة إلى تكلفة الماء والكهرباء.
وحتى أولائك الدين استفادوا في فترة النشاط المهني والخدمة من مساكن عمومية مدنية أو عسكرية أصبحوا اليوم مهددون بإخلائها وإفراغها بالقوة وتحت طائلة الأحكام القضائية في الوقت الذي سمح فيه لموظفين آخرين مدنيين وعسكريين بامتلاك هده المساكن العمومية وفق أسعار تفضيلية واجتماعية.
ولا تقف مشاكل المتقاعدين ومعاناتهم مع انخفاض رواتبهم الشهرية فحسب بل تمتد لتشمل جوانب أخرى يصفونها بالضرورية للاستمرار في الحياة ولا تقل أهمية عن رفع الحد الأدنى للمعاش ويتعلق الأمر بالصحة والسلامة وتقريب الإدارة منهم، فهناك عقبات متعددة تواجه المتقاعدين فضلا عن أن اغلب المتقاعدين يعيشون وضعية سيئة وعدد كبير منهم مثقلة كواهلهم بالديون ولحاجتهم الدائمة للاقتراض لان رواتبهم ضعيفة إلى درجة أن بعضهم يجد اليوم صعوبة كبيرة في الحصول على سلف عادي أو قرض لحل مشكلة مستعجلة نظرا لتجاوز السقف المسموح به قانونا من طرف الصندوق للاقتراض.
ونحن على أبواب عيد الأضحى المبارك ويلجأ المتقاعدون والمسنون إلى عملية الاقتراض من شركات القرض والتي تظل الوسيلة الوحيدة لشراء أضحية العيد، أمام غياب أو ضعف مجالات الشؤون الاجتماعية للإدارات العمومية والقطاع الخاص.
معاناة أخرى أقوى مست المتقاعدين العسكريين الدين أحيلوا على التقاعد في سن مبكرة أي 45 سنة فأجورهم هزيلة جدا لا تتجاوز 1000 درهم في الشهر كحد ادني وهي لا تكفي للمتطلبات الأساسية للعيش و اغلبهم يعيلون اسر كبيرة وواسعة من زيجات في غالبيتهم ربات البيوت دون عمل وأطفال يتابعون دراستهم أو عاطلين عن العمل يضطرون رغم مرضهم وكبر سنهم مواصلة القيام بأشغال وامتهان حرف صغيرة ويمارسون أعمالا إضافية لسد رمق العيش وتغطية تكاليف التمدرس ورمضان والأعياد وحاجيات أبنائهم العاطلين.
ونحن على أبواب عيد الأضحى المبارك حيث يلجا عدد كبير منهم إلى شركات الاقتراض التي تعتبر الوسيلة الوحيدة لشراء أضحية العيد.
وتزداد كل هذه المعانات كلما اقتربنا من دوي الحقوق من أرامل وأيتام المتقاعدين الدين لا يحصلون إلا على نصف مبلغ الشهري المعاش بعد وفاة المتقاعد ويصل هذا المعاش لدى دوي الحقوق إلى و لدى حالات واسعة ما بين 80 درهم و 250 درهم في الشهر لأرملة ومعها ثلاثة أبناء على الأقل مما يجعل المتقاعد يعيش طيلة ما تبقى من حياته وضعا نفسانيا صعبا بسبب شبح مصير أبنائه بعد الوفاة؛ ناهيك عن اختلاف وتعدد صناديق التقاعد وتضارب قوانينها وتفاوت المعاشات التي تصرفها رغم هزالتها بين المدنيين والعسكريين وبين المدنيين أنفسهم حسب زمن الإصلاحات علاوة على الاختلالات التي عرفتها الصناديق الخاصة كالمكتب الشريف للفوسفاط وفرتيما والسكك الحديدية والقرض الفلاحي .....وما خلفته من معاناة لمتقاعديها.
اليوم الأغلبية الساحقة من المسنين والمتقاعدين تواجه صعوبات ومشاكل اجتماعية ومالية وتحديات غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الدواء والخدمات الصحية وتكاليف رعاية الأبناء وقسوة الحياة . يمضون كل أوقاتهم بين لعب الورق (الكارطا) في الساحات العمومية أو الجلوس في المقاهي أو الركون في أماكن منعزلة عن الناس والحركة أو أحيانا بالمساجد إلى حين الأذان، علما أن أهم تأثير يمكن أن يرافق مرحلة التقاعد في المغرب هو الشعور باليأس و الكآبة بسبب الإهمال المفرط من طرف المجتمع الذي دفع بهم إلى حالة النسيان والعزل قبل الوفاة .
وضعية حرجة تزيد في تعميق مشاكلهم الاجتماعية و الصحية و ما يترتب عنها من أمراض نفسية وعقلية والتكاليف الباهظة لشراء الأدوية أو إجراء الفحوصات أو الخضوع لعمليات جراحية غالبا ما يكون المسن غير قادر على أداء تكاليف العلاج سواء كانوا متقاعدين مؤمنين أو غير مؤمنين بسبب الرسوم المرتفعة .
كما أن بطاقة الراميد لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تشفي من مرض. وان المستشفيات العمومية فاقدة لعدد من الخدمات والأدوية وهو ما يدفع المسن والمتقاعد إلى تقديم نفسه إلى المصحات الخاصة التي تفرض أسعارا خيالية أو اللجوء إلى الصيدليات لشراء بعض الأدوية والمسكنات وغالبا ما يكتفي المتقاعد والمسن المريض باقتناء نصف كمية الأدوية التي يحتاجها أو يتخلون عن علاجهم بشكل جزئي أو نهائي .
فرغم التحولات الديمغرافية والاجتماعية والبيئة والبيوطبية التي عرفها المغرب والتغييرات السريعة التي يعرفها الهرم السكاني فان طب الشيخوخة لازال ضعيفا جدا ولم يحظ بعد بالأهمية التي يستحقها بناء على هده التطورات والمغرب يعرف خصاصا حادا في أطباء اختصاصيون في أمراض الشيخوخة، وممرضات واختصاصيون في الحمية والترويض الطبي, وكذا أخصائيون نفسانيون ومساعدات اجتماعيات.. فالإحصائيات الرسمية تؤكد أن المغرب لا يتوفر إلا على 10 اخصائيين في طب الشيخوخةgériatrie ، اغلبهم أطباء متخصصون في الطب الباطني، قضوا سنة من التكوين خارج المغرب، (3 منهم بالدار البيضاء و7 موزعين على المستوى الوطني)، أي بمعدل طبيب مختص في الشيخوخة لكل 300 ألف مسن. هذا إذا علمنا بأن عدد المسنين بالمغرب يفوق 3 مليون نسمة منهم 80 ألف حالة مصابة بمرض الزهايمر، حسب بعض التقديرات الطبية.
وفي نفس السياق ونظرا لتحولات المجتمعية والعزلة التي أضحى تعرفها فئة مهمة من المسنين فان بنيات الاستقبال ومراكز الإيواء والرعاية المسنين قليلة جدا بحيث أن عدد مراكز استقبال والعناية بالمسنين لا يتجاوز 40 مركزا بالمغرب، تستقبل المسنين في وضعيات صعبة، أغلبهم متخلى عنهم وليست لهم عائلات.
وبالتالي أصبح من الضروري إعداد وتهيئة مراكز استقبال المسنين وإيوائهم والاعتناء بهم لكن بلدنا تظل بعديدة كل البعد عن هدا التحول والاستعداد لخلق بنيات الاستقبال والإيواء والرعاية الاجتماعية والطبية فبالنظر إلى إلى الأعداد الهائلة للمسنين المصابين بأمراض مزمنة وعاهات وبعيدين عن أبنائهم .
وجدير بالذكر أن الأمم المتّحدة قد خصصت اليوم الأول من شهر أكتوبر من كل عام عيداً للمسنّين، بهدف لفت الانتباه العام لقضايا كبار السنّ ومشاكلهم.
وتشير تقديرات إلى أنّ المسنّين بالمغرب يشكّلون الآن حوالي 8% من السكان، وسوف تصل النّسبة إلى 16% في العام 2025..حسب تقديرات المندوبية السامية للتخطيط وأن عدد الأشخاص المسنين (60 سنة فما فوق) كان يمثل في المغرب أقل من مليون شخص سنة 1960 وأصبح اليوم يناهز 2.9 مليون شخص، وقد يصل إلى حوالي 10 ملايين شخص في أفق 2050. . في انتظار ما ستسفر عنه نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 لتأكيد هده التوقعات فإن معطيات البحث الوطني حول السكان والصحة العائلية لسنة 2011، توقع أن يصل أمل الحياة بدون أمراض مزمنة في 60 سنة إلى نسبة 7.3 سنة للرجال مقابل 11.5 سنة للنساء، وبخصوص أمل الحياة بدون "عدم القدرة الوظيفية" تبلغ عند الرجال نسبة 18.6 سنة مقابل 20.1 سنة لدى النساء. معطيات رقمية عامة ربما أصبحت متجاوزة وسننتظر نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 من اجل تحيين هذه المؤشرات والأرقام المتعلقة بالشيخوخة بالمغرب والهرم السكاني والأعمار.
لكل هذه الاعتبارات والمعطيات يمكن القول أن مفهوم التقاعد بالمغرب يعيش أزمة حقيقية من كافة النواحي المادية والصحية والاجتماعية والنفسية وان طبيعة وحجم التعاطي مع ملف المسنين و التقاعد والمتقاعدين وتنامي الاهتمام بالموضوع في الساحة السياسية المغربية لم يتجاوز منطق الرفع من سن التقاعد والتقليص من أجرة المعاش ورفع نسبة المساهمة عوض التفكير في تعميم الحماية الاجتماعية وتوحيد الصناديق في صندوق واحد وخلق صندوق لتقديم ا لدعم المباشر للمسنين الدين لا يستفيدون من المعاش، وأساسا رفع المستوى المعيشي للمسنين و المتقاعدين والمتقاعدات ودوي حقوقهم و الزيادة في أجرة المعاش كلما كانت هناك زيادة في الرواتب الفئة العاملة.
وتأسيسا على ما سبق نعتقد انه أن الأوان أن توجه الدولة اهتمامها الحقيقي والفعلي للمسنين والعجزة والمتقاعدين من اجل توفير حياة كريمة عبر توفير كل الخدمات اللازمة وسن نظام جديد إجباري وشمولي للحماية الاجتماعية كفيل بحفظ حقوقهم وتحسين معاشاتهم والرفع من الحد الأدنى للتقاعد ليتلاءم مع الحد الأدنى للأجر وإعفاء أجورهم من الضريبة على الدخل وضمان العلاجات المجانية بالمستشفيات العمومية مع ضرورة خلق مزايا للمتقاعدين والمتقاعدات ومنحهم تخفيضات مناسبة في السفر والحج والإعفاء من الرسوم تقديرا لسنهم ولما قدموه من خدمة لوطنهم
فبالرجوع إلى تقارير المنظمات الدولية حول وضعية المسنين بالمغرب بات من الضروري واللازم إعادة النظر في طريقة تدبير ملف المسنين والمتقاعدين وهي مسؤولية اجتماعية واقتصادية تتحملها الدولة وتحتم على الحكومة بجميع مكوناتها إبلائه الأهمية القصوى في التخطيط ووضع إستراتيجية شموليى والبرمجة لحماية وضمان حقوق المسنين والمتقاعدين.
* خلق وإقامة دورٍ للرّعاية ونواديٍ للتّأهيل الصحّي والنّفسي والاهتمام الاجتماعي والمادي بالمسنين، وتعزيز روابطهم مع المجتمع من حولهم، والانفتاح عليهم بكلّ وعي ومسؤوليّة. وتخفيض وتوفير خدمات شاملة ومتكاملة اجتماعية وصحية عالية الجودة لفئة المسنين والمتقاعدين وخطة للوقاية وللكشف المبكر والمعالجة للمشاكل الصحية الشائعة من اجل خفض الأمراض والعجز والوفيات وتعزيز صحة المسنين وتكوين ممرضات متخصصات في الرعاية المنزلية للمسنين وتشجيع الأبحاث في طب الشيخوخة تأهيل المستشفيات العمومية لتتلاءم ومتطلبات المسنين والمتقاعدين.
* إدراج طب الشيخوخة والمسنين ضمن مناهج كليات الطب ومعاهد التمريض بالمغرب و نشر وترسيخ الوعي لدى المجتمع المدني للاهتمام بهده الفئة العمرية، وإعداد برامج للرعاية الصحية الشاملة والعالية الجودة ومضادات الشيخوخة من اجل التخفيض من معدلات الأمراض والوفيات الناتجة عن المشاكل الصحية
* بناء إستراتيجية وطنية لفائدة الأشخاص المسنين والمتقاعدين ودوي حقوقهم في السياسات العمومية للدولة وبحث عن آليات الاستفادة من خبراتهم وتوفير الخدمات لهم بما يضمن شغل وقت فراغهم والانخراط الفعلي في توصيات المنظمة الدولية في تحسين ظروف عيش المسنين والمتقاعدين والوفاء والعرفان للآباء والأجداد نظرا للدور الهام الذي قامت به هده الفئة لصالح بناء وتنمية وطنها وبالتالي وجب رد الاعتبار للمسنين والمتقاعدين ونحن نرفض أن يدفع المسنون والمتقاعدون ضريبة الأزمة والاختلالات المالية التي تعرفها صناديق التقاعد وضعف السياسات الاجتماعية.
* واتخاذ إجراءات فعلية منها إمكانية إعادة دمج المتقاعدين في النشاطات التطوعية, والاستفادة من خبراتهم الطويلة, كالتعليم والصحة والفلاحة ...... والتأكيد على أننا مازلنا بحاجة لهم، وبأن التقاعد لا يعني انتهاء القدرة على الانجاز والعمل والتفكير والمشاركة في إعداد وبلورة السياسات والمخططات الوطنية والقطاعية .
عن المكتب التنفيذي
علي لطفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.