من المنتظر، أن تحسم المحكمة التجارية بفاس، في الأسابيع المقبلة، في ملف مهاجر مغربي بهولندا، عبد الالاه الرحيمي، ضد (ك.م)، بعد مرور حوالي 8 سنوات، يقول عنها المشتكي أنه عانى فيها كثيرا، جراء تنقله المستمر بين هولندا والمغرب لحضور جلسات المحكمة بعد أن اكتشف أنه ذهب ضحية نصب واحتيال، ناهيك عن الأضرار الاجتماعية والنفسية التي تحملها طيلة هذه المدة،وما يزال إلى اليوم رهين المحاكم. أصل القضية تعود وقائع هذا الملف إلى بداية سنة 2002، حين قرر المهاجر المغربي الرحيمي الدخول إلى المغرب بصفة نهائية، للإسثمار بالمغرب، وبعد أن تعرف على المشتكى به (ك.م) وشقيقه (م.ك)، عن طريق صهرهما، اقترحا عليه بأن يصبح شريكا لهما في فندق ريتز الكائن بمدينة طنجة، لكون أحد المساهمين فيه أصبح يعاني من ضائقة مالية وأنهما سيستغلان الفرصة ويشتريان نصيبه في الفندق. وبعد موافقته طلب منه أحدهما بأن يودع مبلغ 120 مليون سنتيم بحسابه لكي يتكلفا بالإجراءات المتبقية، وفعلا، قام بتحويل المبلغ المذكور في الحساب البنكي ل»ك.م» كما سلمهما مبلغا ماليا يقدر ب80 مليون سنتيم. الضحية يكتشف أنه ضحية نصب واحتيال وقبل ذلك، اقترح أحد الشقيقين على الضحية تزويجه ببنته، وهذا مازاد من ثقة الضحية، قبل تحويل المبلغ المذكور، وقبل أن يكتشف فيما بعد أن زوجته ليست من صلب المشتكى بهما، وأنها فقط من عائلته وتقطن رفقته بالمنزل. لقد اكتشف أنه ذهب ضحية نصب واحتيال من طرفهما، خصوصا بعد أن عاد من هولندا ليستفسر هما عن سير الإجراءات المتعلقة بالفندق المذكور، فكان جوابهما أن الأمر ليس سوى أداء مابذمته من دين. رفع شكاية إلى المحكمة الابتدائية بطنجة أصدرت المحكمة حكمها في الملف، بعدم مؤاخذة المشتكى بهما من أجل النصب والاحتيال وبالتالي براءتهما من باقي ما نسب إليهما ، حيث اعتبرت المحكمة أن تحويل مبلغ 120 مليون سنتيم ليست سوى إبراء للذمة بتسديد دين كان في ذمة المشتكي ليس إلا. لكن مأغفلته المحكمة على سبيل المثال لا الحصر، حسب المشتكي، هو ادعاء المشتكى بهما أن مبلغ 120 مليون سنتيم يتضمن بالإضافة إلى القروض المالية التي كان يتسلمها منهما، مبلغا ماليا يتعلق ببيعهما سيارة من نوع مرسيديس 220 للضحية، لكن دون أن يقدما أي وثيقة تؤكد عملية البيع هذه، إضافة إلى تناقضات أخرى. استئنافية طنجة تؤيد الحكم الإستئنافي اكتفت استئنافية طنجة بتأييد الحكم الابتدائي، بتاريخ 16 مارس 2004، الذي استأنفته النيابة العامة في المرحلة الابتدائية، دون أن يستأنفه محامي الضحية، ليتبين لهذا الأخير أن محاميه ساهم بدوره في إقبار الملف بشكل متعمد. هذا، وقد اعتبرت محكمة الاستئناف بطنجة، في تعليلها للحكم ببراءة المتهمين وبالتالي تأييد الحكم الابتدائي، بكون تحويل مبلغ 120 مليون سنتيم، من حساب بنكي للمشتكي من مدينة الدارالبيضاء، إلى حساب المتهم (م.ك)، بمدينة طنجة، بدون أن يتوفر المشتكي على أية وثيقة تثبت وعدا بالدخول كشريك في فندق ريتز بطنجة أو كشريك في المشروع الذي سينجز على بقعة أرضية بمدينة مراكش، سيما وأن المبلغ المحول مهم جدا، لايسشف منه لانصب ولا احتيال ولا إخفاء وقائع صحيحة ولا استغلال ماكر لخطأ وقع فيه المشتكي إلا شيء واحد وهو إبراء للذمة بتسديد دين كان بذمته ليس إلا. الملف أمام المحكمة التجارية بطنجة رفع المشتكي قضيته أمام المحكمة التجارية، انطلاقا من كون المشتكى به سبق أن أقر بكون المبلغ الذي تسلمه هو دين على المشتكى، بعد عدة معاملات تجارية بينهما، بحكم توفر المدعى عليه على شركة تجارية، وأنه كان يلزم الضحية بجلب السلع من دول مختلفة كفرنسا وإسبانيا وغيرهما.وبعد عدة سنوات، قضت المحكمة التجارية ببراءة المشتكى به، بدعوى أن المحكمة الابتدائية والإستئنافية بطنجة أصدرتا حكمهما في الموضوع. مرحلة الاستئناف التجارية عرف الملف في المرحلة الإستئنافية تطورات لم تكن تخطر ببال المشتكى به (ك.م)، فبعد أن ظل دفاعه يرد على مذكرات الطرف المشتكي، في جميع مراحل التقاضي، خصوصا أمام استئنافية طنجة (الملف الجنحي) وأمام ابتدائية طنجة (الملف التجاري)، بكون المحكمة الابتدائية والإستئنافية وكذا المجلس الأعلى قد قضوا ببراءة موكليه، ملتمسا من هيئة محكمة الاستئناف بفاس بدورها تأييد الحكم ،فقد عرفت هذه المرحلة الإستئنافية مواجهة بين المشتكي والمشتكى به، اعترف فيها المشتكى به بتوصله بمبلغ 120 مليون سنتيم عن طريق تحويل بنكي، دون أن يقدم في الوقت مايثبت واقعة بيع السيارة للمشتكي به، إضافة إلى تناقضات نوردها كما جاءت في إحدى مذكرات دفاع المشتكي. التناقض الأول: زعم المدعي عليه أنه كان يقرض العارض مبلغ 120 مليون سنتيم على دفعات. تارة يقول إنه سلم له هذا المبلغ على دفعتين، 100 مليون سنتيم دفعة أولى، و20 مليون دفعة ثانية. وتارة يقول، إنه سلمه مبلغ 40 مليون دفعة أولى و40 مليون في الدفعة الثانية والباقي على دفعات.وتارة يصرح المدعى عليه أن شخصا آخر هو الذي تكفل بتسليم مبلغ 40 مليون للمدعي. وحيث أنه بالرجوع إلى المبالغ المسطرة، نجد أنها تتجاوز بكثير مبلغ 250 درهم والتي أجاز المشرع المغربي إثباته بشهادة الشهود. التناقض الثاني: زعم المدعى عليه، أنه سلم للعارض المبالغ المزعومة قبل زواجه من ابنة أخيه، ثم يعود ثانية ليصرح بأن جزء من هذه المبالغ تم تسليمها له قبل الزواج والجزء الآخر بعد الزواج. وهذا التلاعب يدل على، أن المدعى عليه، وأمام غياب دليل كتابي على وقت تسليم هذه المبالغ، لجأ إلى هذا الأسلوب، لكن إذا عرضنا هذه التصريحات على النصوص القانونية والمنظمة للعلاقات التعاقدية التي يكون محل إنشائها المديونية وتوابعها، نجدها تظل هراء لاطائل منها، لأن مايحتاج إلى دليل كتابي لايمكن تعويضه بدليل آخر أقل منه قوة ورتبة في سلسلة مراتب وسائل الإثبات. التناقض الرابع: حيث سبق للمدعي عليه، أن صرح في القرار المدلى به من طرفه في مذكرته الجوابية بتاريخ 11 مايو 2004، أن 120 مليون سنتيم سلمت على الشكل التالي: 100 مليون سنتيم مقابل سلعة و20 مليون مقابل ثمن السيارة، في حين نجده في محضر جلسة البحث يتناقض في أقواله ويصرح أن التسليم تم عبر مراحل وبالترتيب التالي: 40 مليون كدفعة أولى، 20 مليون كدفعة ثانية والباقي على شكل دفعات. وبمقارنة بسيطة بين التصريحين الصادرين عن المدعي عليه، يتضح بجلاء التناقض الصارخ والفرق الشاسع بينهما. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، لماذا يتخبط المدعى عليه في هذا التناقض الصارخ والفرق الشاسع بينهما. والسؤال الثاني، لماذا يتخبط المدعى عليه في هذا التناقض مادام متأكدا من علاقة المديونية؟. فالأمر لايحتاج إلى كثير من التفكير. فعلاقة المديونية المزعومة لا أساس لها من الصحة ويتعين استبعادها لغياب الأدلة الكتابية الدالة على قيامها أصلا،برأي دفاع المشتكي. محكمة الاستئناف التجارية ستنظر من جديد في القضية يوم 26 أكتوبر الجاري،و سيكون المشتكي مضطرا لحضورها.