المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراد كرطومي، فاضح الاختلاسات بسوق الجملة بالدار البيضاء ل «بيان اليوم»
نشر في بيان اليوم يوم 20 - 10 - 2010

مليار درهم هو حجم الأموال المختلسة مابين أبريل 2002 ومارس 2003 ناهيك عن السنوات الأخرى!
سوق الجملة يتحول إلى صندوق أسود لتمويل الحملات الانتخابية
الراحل ادريس البصري ظل يحمي ابن أخيه الذي تحمل مسؤولية إدارة السوق مابين 1989 و1999 ارتبط إسم التاجر مراد كرطومي بسوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء، لأكثر من عقد من الزمن، حيث اشتغل في البداية كوسيط في بيع وشراء المنتوجات الفلاحية، قبل أن يستغل محلا تجاريا بنفس السوق لبيع البطاطس وكراء الصناديق البلاستيكية للتجار والفلاحين. لكن سنة 2005، ستشكل منعطفا في علاقته بهذا السوق، بعد إقدام مجلس مدينة الدار البيضاء، على حرمانه من استغلال هذا الملف، انتقاما منه، بعد أن اكتشف في وقت سابق مظاهر عديدة لاختلاسات مالية السوق بطرق متعددة، وهي الاختلاسات التي أصبحت حديث الجميع بالسوق المذكور، وترتب عنها فتح تحقيق فيها لأول مرة من طرف محكمة العدل الخاصة بالرباط قبل إلغائها في وقت لاحق. وكان مراد كرطومي، قد رفع شكاية في موضوع هذه الاختلاسات لبعض الجهات المسؤولة... ورغم ذلك، لم يتوقف نزيف الاختلاسات بالسوق المذكور، مما جعل التاجر مراد كرطومي يوجه شكايات جديدة في موضوع هذه الاختلاسات إلى عدة جهات، ضمنها وزير الداخلية، النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مع إمدادها ببيانات ووثائق دامغة تؤكد على العديد من الجرائم المنظمة والتي اقترفها على حد تعبيره «مجرمون حقيقيون اغتنوا اغتناء فاحشا في وقت قياسي»، أسفرت عن فتح تحقيق في الملف، أفضى إلى حدود الآن، إلى متابعة 19 متهما من طرف النيابة العامة باستئنافية الدار البيضاء، ضمنهم ثمانية في حالة اعتقال، وما يزالون جميعا يخضعون للتحقيق من طرف قاضي التحقيق. فيما أحيل الملف الأول، على استئنافية الدار البيضاء، بعد إلغاء محكمة العدل الخاصة، وهو الملف الذي يروج بنفس المحكمة، ويتابع فيه 26 متهما في حالة سراح. ويكشف التاجر مراد كرطومي، وصاحب جميع الشكايات المتعلقة بسوق الجملة، (الذي احتل المرتبة الثانية من حيث مصدر مداخيل مجلس المدينة بعد دار الخدمات،قبل بداية التحقيقات في سنة 2009) ،في هذا الحوار الذي أجرته معه بيان اليوم، عن مظاهر الاختلاسات بالسوق والأشخاص الذين يستفيدون من عائداتها، وأمثلة حية عن التلاعبات في أثمان الخضر والفواكه، وموضوع الوكلاء بالسوق والتلاعب في الصفقات وموضوع التفويتات.
**-**+**-**
* بداية، ماعلاقتكم بسوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء؟
- تمتد علاقتي بهذا السوق إلى أواخر التسعينات من القرن الماضي، حيث كنت أشتغل كوسيط في بيع وشراءالمنتوجات الفلاحية، قبل العمل، في وقت لاحق، على شراء بعض المحاصيل الفلاحية لدى بعض الفلاحين بمنطقة أولاد عبدالله التابعة لإقليم تارودانت، بل مارست في بعض الأحيان أنشطة فلاحية، كغرس بعض الخضر وانتظار المحصول قبل إعادة بيعه في سوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء.
وفي بداية سنة 2002، استفدت من الترخيص لاستغلال محل تجاري بالجناح رقم 10/12 بداخل سوق الجملة، أقوم فيه ببيع البطاطس وأيضا كراء الصناديق البلاستيكية للتجار والفلاحين. وبعد تنامي أرباحي، ازداد عدد المنافسين لي، كما أصبحت إدارة السوق تضايقني، خصوصا بعد أن اكتشفتُ مجموعة من التلاعبات في أوراق الكشف الخاصة بدخول الشاحنات المحملة بالخضر والفواكه إلى السوق، وأصبحت حديث الخاص والعام بالسوق.
* ما طبيعة هذه المضايقات؟
- تعرضت فعلا لمضايقات متعددة، من طرف إدارة السوق، ورجال الأمن التابعين لها، حيث كانوا يحاولون تلفيق تهم لي من أجل الزج بي في السجن، كما قام رئيس المجلس الحضري للدار البيضاء، محمد ساجد بحرماني من استغلال المحل التجاري المتواجد بالسوق، الذي كنت أكتريه وأؤدي واجبات الكراء عنه بانتظام. وقد حدث ذلك سنة 2005.
* هل يتعلق الأمر باختلاسات في مالية السوق؟
- طبعا، فالأمر يتعلق باختلاسات تتعدد مظاهرها ويستفيد من عائداتها أشخاص عديدون، ضمنهم مسؤولون ومنتخبون. فهناك مثلا، منتخبون يعرف الجميع تاريخهم، تحولوا بين عشية وضحاها إلى أصحاب عقارات ومشاريع وشركات، حيث كانوا يستغلون صفاتهم كمنتخبين، بل إنهم استفادوا من تمويل حملاتهم الإنتخابية من الأموال المختلسة من السوق.
وعموما فقد ظل النهب قاسما مشتركا بين جميع مديري السوق ومساعديهم منذ أكثر من ربع قرن. حيث أنه بالرجوع إلى الفترة الممتدة بين 1989 و 1999، والتي كان مدير السوق فيها هو يوسف البصري (ابن أخ وزير الداخلية الأسبق، ادريس البصري)، من الملاحظ، أنها من أكثر الفترات في تاريخ سوق الجملة، التي تميزت بنهب كبير لمالية السوق، خصوصا وأن إدارة السوق آنذاك، التي كان يتحمل فيها أيضا المدير الحالي للسوق محمد السبكي، صفة نائب المدير، كانت تحظى بحماية من طرف ادريس البصري وزير الداخلية الأسبق، ورئيس المجموعة الحضرية آنذاك عبد المغيث السليماني.
* كيف تتم هذه الاختلاسات؟
- مظاهر الاختلاسات متعددة، وسأعطيك فقط بعض الأمثلة المتمثلة في التلاعبات على أن أعود للحديث بعد ذلك عن موضوع الوكلاء ومظاهر تبديد المال العام، فإذا أخذنا الطماطم مثلا، بالنسبة لإدارة السوق، فهي توزع الطماطم إلى عدة أنواع، منها طماطم أكادير، وطماطم الواليدية، وطماطم الديشي، وطماطم المحمدية. وتفرض على كل نوع من هذه الطماطم رسومات جبائية. وعوض مثلا أن يفرض مديرالسوق ثمنا واحدا على مستوى الرسوم الجبائية لجميع أنواع الطماطم، يقوم بابتزاز الفلاحين والتجار، بالرفع أو التخفيض من هذه الرسوم، بدعوى أن هذه الطماطم مختلفة. وهذا ينطبق أيضا على باقي أنواع الخضر والفواكه.
هناك أيضا عملية الغش في الحمولة، حيث غالبا ما لايتم بالتصريح الحقيقي بحمولة الشاحنات سواء من الخضرأوالفواكه، أو التصريح بأن الشاحنة تحمل البطاطس عوض الموز، مثلا.
* هل يمكن أن تقدم لنا أمثلة عن التلاعبات التي اكتشفتها في أوراق الكشف؟
- طبعا، فأنا أتوفر على مئات من أوراق الكشف التي توضح بجلاء هذه التلاعبات، ضمنها ورقة الكشف هذه، (سلم نسخة منها لبيان اليوم)، الحاملة لرقم، عدد، 4516013، تتعلق بولوج شاحنة من نوع «ميتسوبيشي»، والحاملة للوحة المعدنية (38-أ -3019) المنجزة بتاريخ 2 أكتوبر 2008، كانت تحمل على متنها حوالي 5205 كيلو غرام من الطماطم - في صناديق خشبية - المحدد ثمنها في السوق ب1.10 درهم للكيلوغرام الواحد، علما أن الطماطم لاتوضع بتاتا في الصناديق الخشبية وإنما في الصناديق البلاستيكية. فإذا قمنا بعملية حسابية، يتم فيها قسمة حمولة الطماطم 5205 كيلوغرام على عدد الصناديق المحددة في 735، نحصل على 7 كيلوغرامات بالصندوق الواحد، وهذه النتيجة غير منطقية، لأن الحمولة الحقيقية لكل صندوق خشبي لايمكن أن تنزل على 30 كيلوغرام، كما أنه تتم الزيادة في وزن الشاحنة ليتم التقليص من حجم الحمولة مما يؤدي إلى خفض الرسوم الجبائية على صاحب السلعة. وهذه العملية التي تتكرر باستمرار، يستفيد منها صاحب السلعة، حيث يؤذي ضرائب مخفضة، مقابل منحه إتاوة لأحد المسؤولين، قد يكون عونا أو موظفا.. وهذه العمليات معروفة عند الجميع، ولا يمكن لأحد أن ينكرها.. فالوقائع تتحدث بنفسها. وهناك مئات من أوراق الكشف الأخرى، تتضمن اختلاسات واضحة.
* وماذا عن موضوع وكلاء المربعات؟
- أولا، من الناحية القانونية، وحسب الفصل 5 من قرار وزير الداخلية الصادر سنة 1962، فيتم تعيين وكلاء سوق الجملة عن طريق مباراة، لمدة ثلاث سنوات، ويمكن تمديد الوكالة أو تجديدها بقرار من وزير الداخلية. غير أن الملاحظ، بالنسبة لوكلاء السوق الحاليين، فقد تم تعيينهم منذ سنة 1986، منهم من توفي وانتقلت وكالته إلى ورثته دون احترام القانون المعمول به.
كما أن هؤلاء الوكلاء الذين يستفيدون من 1 في المائة مقابل الخدمات التي يسدونها للتاجر، لا يحترمون هذه النسبة، بل يفرضون نسبة أخرى. إضافة إلى ذلك، فقد سبق للمجموعة الحضرية سابقا، أن خصصت مجموعة من المحلات كمكاتب مؤقتة لكل الوكلاء، لكن هؤلاء قاموا بكرائها إلى أشخاص آخرين يستغلونها بدورهم في كراء الصناديق الخشبية للعارضين. لكن عائدات هذه المحلات لايعرف أحد مصيرها.
* بكم تقدر عائدات هذه المحلات؟
- هناك 20 محلا، وتقدر عائدات الكراء الخاصة بهذه المحلات ب 104 مليون سنويا، ومنذ ربع، قرن، يؤذي أصحاب هذه المحلات واجبات الكراء، لكنها تذهب إلى جيوب المدير.
* لكن مجلس مدينة الدار البيضاء، قام بتوجيه إنذارات لكل الوكلاء من أجل تسديد ما بذمتهم من ديون؟
- أين كان مجلس الدار البيضاء في السنين الماضية؟ إن ما قام به عمدة الدار البيضاء، ليس سوى محاولة يائسة، فمجموعة من التجاوزات والخروقات التي عرفها السوق، خصوصا موضوع التفويتات، يتحمل فيه المسؤولية إضافة إلى مجموعة من أعضاء المجلس ضمنهم برلمانيون ورؤساء مقاطعات وأعضاء جماعيون.
* ماهي هذه التفويتات؟
- عرف سوق الجملة عدة تفويتات يمكن وصفها بالمشبوهة، وتتجلى أساسا في:
تحويل مرحاض كان مخصصا للنساء بالجناح 7 إلى مقهى رياض السوق، يستغله المسمى فريد حسن الإدريسي، وآخر خاص بالرجال بالجناح 8 إلى مقهى شيشاوة يستغله المسمى عبد الحق الصفريوي ومرحاض آخر تم تحويله إلى مقهى بالجناح 20، يوجد بالقاعة المغطاة يستغله حاليا، الملقب ب ّالدروكري»، أو المدعو حسن الذي يستغل مجموعة من المراحيض ومقهى بالقاعة المغطاة ومتجرا بالسوق.. هناك أيضا مجموعة من الأشخاص الذين يتوفرون على تراخيص استغلال المحلات التجارية، ضمنهم المسمى عبد الرحيم نعيم الذي يتوفر على تراخيص استغلال ثلاثة محلات تجارية، بوساطة رئيس مقاطعة اسباتة. إضافة إلى هذا، فهذه المقاهي، أضيفت لها محلات ومرافق أخرى، كالمطاعم وصالونات الحلاقة أو المخادع الهاتفية. والخطير في الأمر، أن المتفحص للحساب الإداري لسنة 2008 المتعلق بمجلس مدينة الدار البيضاء، سيلاحظ، أن المداخيل المتعلقة باستغلال هذه المراحيض قدرت بصفر درهم، في حين أن أصحاب هذه المراحيض كانوا يؤدون واجبات الكراء، وتسلم لهم تواصيل من طرف رئيس مصلحة الجبايات بسوق الجملة.
* ترى، من يتحمل المسؤولية في كل هذه التجاوزات؟
- هناك أشخاص عديدون يتحملون مسؤولية هذه الخروقات، في مقدمتهم المدير الحالي لسوق الجملة والخضر والفواكه، بصفته المسؤول الأول عن تحديد أثمان الخضر والفواكه ومراقبة أوراق الكشف، وتستره على كل الخروقات التي سبق أن ذكرتها. كما يتحمل أيضا كل من رئيس مصلحة الجبايات بنفس السوق وكذا مساعديه، والمنسق العام للسوق ورئيس برج المراقبة ومساعديه، وأشخاص آخرين يتعاطون السمسرة مابين إدارة السوق والتجار، إضافة إلى أشخاص آخرين.
* وماذا عن تبديد المال العام؟
- مظاهر تبديد المال العام متعددة، وسأكتفي بسرد بعض منها. هناك أولا، الحديث عن تكليف شركة خاصة لتنظيف المراحيض، تحمل إسم «شارلوك»، لكن هذه الشركة وهمية ولا أثر لها في الواقع، كما تم تفويت مربع خارج القاعة المغطاة أمام الجناح رقم 20، ومربع آخر قرب باب الخروج الأصلي من السوق، والمربعان معا، تم إنشاؤهما من طرف مدير السوق بشكل غير قانوني. كما تم إنشاء أعمدة كهربائية جديدة محاذية لأخرى بدون فائدة مما يعتبر تبديدا للمال العام.
وفي نفس الإطار، جاء في الحساب الإداري لسنة 2005، أنه تم حفر خمس آبار لاستخراج المياه الجوفية، والواقع يشهد أن لا أثر لهذه الآبار، ناهيك عن تخصيص مبلغ يناهز المليار سنتيم لتسقيف سوق أكادير المتواجد بفضاء سوق الخضر والفواكه، في حين أن هذا المبلغ المالي الضخم يفوق القيمة الحقيقية لأشغال ووضع هذا السقف.
وفي سنة 2009، تم وضع مجموعة من كاميرات المراقبة الإلكترونية بناء على صفقة عمومية، خاصة بالأماكن الحساسة داخل السوق، وهو المشروع الذي كلف ميزانية المجلس حوالي 54 مليون سنتيم، ليتم إتلافها فيما بعد بمكتب مدير السوق محمد السبكي، بدعوى نشوب حريق بمكتبه بتاريخ 17 مارس 2009.
وعلى مستوى الصفقات، تم إبرام صفقة عمومية تتعلق بشراء حواسيب المعلوميات بمبلغ يقدر بحوالي مليار سنتيم مع إحدى الشركات، وتم إيصال هذه الحواسيب بواسطة شبكة معلوماتية تربط مصلحة المعلوميات ببرج المراقبة ومحطة الميزان وبإدارة السوق ومصلحة الجبايات، إلا أن الملاحظ أن كل هذه الحواسيب وكل مايرتبط بها أصيب بشلل تام نتيجة الأعطاب التي لحقتها والتي تظل بدورها مجهولة.
* ارتبط اسمكم بتقديم عدة شكايات لجهات متعددة حول هذه التلاعبات بالسوق؟
- تعود أولى شكاياتي لوزير الداخلية الحالي سنة 2002، الذي كان يشغل آنذاك مديرالشؤون الجنائية والعفو، تتعلق آنذاك باختفاء مبالغ مالية مهمة من سبعة مربعات.
* وماذا كان مصير هذه الشكاية؟
- أحيلت آنذاك على محكمة العدل الخاصة، وتكلفت الشرطة القضائية بسيدي عثمان بالملف، حيث تم الاستماع لي حول موضوع الشكاية، تلاها اعتقال من طرف قاضي التحقيق لرئيس مصلحة الجبايات آنذاك، عزيز تويليلة وأحد الموظفين، فيما تم الإفراج عن وكلاء سوق الجملة السبعة. وبعد إلغاء محكمة العدل الخاصة، أحيل هذا الملف على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وبعد عدة سنوات من الانتظار، تقرر من جديد عدم متابعة رئيس مصلحة الجبايات آنذاك، عزيز تويليلة والاكتفاء بمتابعة 26 متهما في حالة سراح، أغلبهم من أجل جناية اختلاس أموال عمومية موضوعة تحت يده بحكم وظيفته المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 241 من القانون الجنائي، في حين توبع رئيس مقاطعة اسباتة الحالي من أجل جناية الارتشاء، مع استمرار تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية في حق مجموعة من المتهمين، وأيضا مع استمرار مفعول أمر بإلقاء القبض الصادر في حق كل من أحمد بن الطالب ومنار هشام. وما يزال هذا الملف يروج بالغرفة الجنائية الابتدائية، حيث من المقرر أن تعقد جلسة أخرى للنظر في هذا الملف يوم رابع نونبر القادم. ويقدر حجم الأموال المختلسة في سنة واحدة بسوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء بمليار درهم، في الفترة المتراوحة ما بين أبريل 2002 ومارس 2003 دون الحديث عن الفترة السابقة ولا اللاحقة، وهي الاختلاسات التي استند عليها قاضي التحقيق لمتابعة هؤلاء المتهمين.
* هل تم الاستماع إليك في هذا الملف بعد إحالته على استئنافية الدار البيضاء؟
- لم يتم الاستماع إلي بشكل رسمي من طرف قاضي التحقيق، والخطير في الأمر، أن المحضر الذي تم فيه تسجيل مضمون أقوالي حين الاستماع إلي من طرف الشرطة القضائية بسيدي عثمان سنة 2002، اختفى في ظروف غامضة. وقد قدمت شكاية في الموضوع إلى الوكيل العام لاستئنافية الدار البيضاء، ولم أتوصل بعد بأي جواب في الموضوع.
* قدمت مؤخرا في شهر غشت الماضي، شكاية أخرى حول استمرار الخروقات بنفس السوق للنيابة العامة باستئنافية الدار البيضاء؟
- فعلا، قدمت هذه الشكاية، التي على إثرها اعتقلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ثمانية أشخاص من السوق المذكور، ضمنهم أعوان ببرج المراقبة والميزان وتاجر، بع زيارتها المفاجئة للسوق.
* هل تم الاستماع إليك بدورك؟
- تم الاستماع إلي لعدة ساعات، قدمت فيها لعناصر الشرطة القضائية مجموعة من المعطيات وأمددتهم في الوقت نفسه بمجموعة من نسخ أوراق الكشف المتعلقة بكل الخروقات والتجاوزات.
* صرحت، مؤخرا، أنك ستتنازل عن كل شكاياتك في حال لم يتم التحقيق مع مسؤولين كبار في موضوع هذه الاختلاسات؟ من تقصد بالضبط؟
- أقصد بالخصوص، المدير الحالي للسوق، الذي سيستمع إليه قاضي التحقيق في الأيام القادمة، ثم رئيس السوق الحالي وآخرين. وللإشارة، فقد سبق أن نظمت اعتصاما مفتوحا بالسوق وإضرابا عن الطعام لعدم متابعة مجموعة من الرؤوس الكبيرة في الملف.
* إلى أين سيقود هذا الملف في نهاية المطاف، في نظرك؟
- لدي ثقة كبيرة في قضائنا من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، بإعادة الأموال المختلسة ووقف نزيف الاختلاسات الذي عرفه السوق منذ أكثر من ربع قرن، وذلك بمتابعة جميع المتورطين في هذا الملف، وعدم الاكتفاء باعتقال ومتابعة الموظفين والأعوان الذين كانوا ينفذون تعليمات الكبار فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.