كجمولة منت أبى: نحو مقاربة جديدة لتكريس الإيجابيات وتجاوز السلبيات التي عمرت لأزيد من ثلاثين سنة مضت اليوم على انطلاق المسيرة الخضراء خمسة وثلاثون سنة. أي مسافة زمنية تمتد لأكثر من ربع قرن، كانت فيها حصيلة المنجزات بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية غنية ومتنوعة، وفيها ما هو إيجابي وسلبي في الوقت نفسه. لن نركز على الإيجابيات حتى لا نغتر ونتقاعس عن واجباتنا. بل يجب أن نضع نصب أعيننا استمرار تواجد سلبيات كثيرة تعوق بلوغ مدننا وقرانا الصحراوية مستوى التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي نطمح إليه كمغاربة فخورين بانتمائهم لهذا الوطن، وكمواطنين حاملين لمسؤولية يرغبون في ترجمة طموحات ملكية سامية عبرت عنها خطابات جلالة الملك محمد السادس خلال مناسبات سابقة. نعم هناك سلبيات تفرض علينا اليوم مقاربة جديدة لملف الصحراء المغربية يكون محورها الإنسان الصحراوي الذي يجب إشراكه بطريقة فاعلة في تسيير أموره اليومية، بموازاة مع توضيح مهام المسؤولين والمنتخبين وفعاليات المجتمع المدني وكل الهيئات في تناغم وانسجام يفضي إلى معالجة المشاكل الكبرى المطروحة والتي يحاول أعداء الوحدة الترابية للمملكة الركوب عليها لبلوغ مقاصد معروفة. إن الأقاليم الصحراوية المغربية وهي تحتفل، على غرار باقي أقاليم المملكة، بذكرى المسيرة الخضراء، لا تحتاج إلى حلول سحرية بقدر ما هي بحاجة إلى رزانة في التفكير وإلى حسن تدبير ملفاتها الكبرى، سواء في مجال محاربة البطالة أو الارتقاء بمستوى التربية والتعليم بتوفير المدارس والمعاهد والجامعات، أو في مجال الصحة والسكن وباقي المجالات الاجتماعية التي ترتقي بالإنسان وتحترم إنسانيته. نعم أقاليمنا الصحراوية، وهي تحتفي بالذكرى الخامسة والثلاثين للمسيرة الخضراء، تحتاج إلى مقاربة جديدة في إطار التوجه العام للبلاد المبني، تحت القيادة النيرة لجلالة الملك، على احترام حقوق الإنسان وتقوية دور المؤسسات، واعتماد النزاهة والشفافية، وتبني سياسة القرب في تدبير شؤون المواطنين، وإيجاد برامج ملائمة لتحسين ظروف عيشهم، والتركيز على العدالة الاجتماعية. مولاي أحمد العلوي: المسيرة الخضراء عنوان التحدي المغربي الذي بهر العالم لم يتخلف الفنان المغربي يوما عن مواكبة الأحداث الوطنية الكبرى، ومن بينها حدث المسيرة الخضراء، التي واكب انطلاقها أو ما تلاها من سنوات تميزت بالتعبيرات الفنية المختلفة عن هذه الذكرى التي تؤرخ لاسترجاع جزء غالٍ من وطننا العزيز، ونحن نعيش أجواء الاحتفال بحلول الذكرى 35 اتصلنا بالفنان المغربي ونقيب المهن الموسيقية الأستاذ مولاي أحمد العلوي الذي أدلى لنا بالتصريح التالي: أعتقد أن الأغنية في المغرب كانت دائما على الموعد كلما تعلق الأمر بالمنعطفات التي مرت بها البلاد، والأحداث الوطنية المهمة، وذلك منذ استقلال المغرب وإلى الآن، عبر مساهمتها النضالية في إذكاء الوعي والحس الوطنيين، حبا ودعما ومواكبة، أما بالنسبة لهذه الذكرى العزيزة، ذكرى استرجاع هذا الجزء العزيز من وطننا، باعتبارها لحظة غنية بالعبر والدروس التي ما تزال ماثلة أمامنا إلى الآن، تؤكد وحدة وعزم المغاربة بمختلف شرائحهم واستعدادهم للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل إعلاء راية الوطن خفاقة، والدرس الذي يستفاد من المسيرة الخضراء أنها حدث يتجاوز الإطار الضيق للمغرب ليشكل حدثا عالميا ولحظة فريدة، بهر خلالها المغاربة العالم بتجندهم ووقفتهم وقفة رجل واحد من أجل استكمال بناء وحدة بلدهم المغرب، فنانون، مثقفون، أطر وعمال ومن مختلف الطبقات والفئات أبوا إلا أن يساهموا في هذه اللحظة التاريخية، لحظة لم شمل المغاربة بإخوانهم في الجنوب وإنهاء الهيمنة الاستعمارية التي طالت. ومن جهة أخرى، فإن دور الأغنية خلال تلك الفترة لا يمكن إنكاره، حيث تفتقت قرائح الشعراء والموسيقيين والمطربين عن إبداعات ما تزال خالدة إلى يومنا هذا، كموروث ثقافي وفني، يذكر بفترة رائعة من فترات الوحدة والاستماتة دفاعا عن مصالح وطننا العليا وتحيل على مدى تمسكنا كمغاربة بوطننا العزيز مغربنا الغالي، ومن جهة أخرى تذكير بجسامة المسؤولية الملقاة علينا كمواطنين وكوطنيين للدفاع عن أرض أجدادنا بكل ما أوتينا، وليس الفن أو الأغنية إلا شكل نضالي ضمن أشكال أخرى، شكل نضالي له أهميته الكبيرة سواء في ما يتعلق بشحذ الهمم والتحسيس أو في جانبه المتعلق بالتأريخ للحظة من اللحظات المغربية التي لا تخفى قيمتها. ولعل الكثير من أبنائنا الذين لم يتسن لهم معايشة هذا الحدث، أو ولدوا بعده يستطيعون تلمس معانيه والعبر التي ينطوي عليها من خلال هذا الموروث الفني الذي انبثق من الوجدان والقلب، وهو تأكيد على مدى حب المغاربة لوطنهم وتجندهم للتضحية بما ملكت أيمانهم كلما تعلق الأمر بوطننا المغرب الذي نقدس كل درة من ترابه. نزهة بيدوان: اليوم نعيش مسيرات على أكثر من صعيد تحل هذه السنة الذكرى ال35 لتنظيم المسيرة الخضراء والتي عرفت مشاركة 350 ألف متطوع ومتطوعة، وهما رقمان يحملان الكثير من الدلالات والعبر، وكل مواطن مغربي سواء كان صغيرا أو كبيرا يعرف هذه المسيرة التي اعتبرت حدثا تاريخيا بامتياز، والذي يعكس عمق البعد الوطني داخل وجدان الشعب المغربي قاطبة. بالأمس عشنا المسيرة الخضراء كحدث غير مجرى التاريخ، واليوم نعيش مسيرات على أكثر من صعيد من خلال الأوراش المفتوحة بالعديد من المجالات المرتبطة بالحياة اليومية للمواطن المغربي، وما المجال الرياضي إلا جزء لا يتجزأ من الخيارات الإستراتيجية للدولة، والذي يشهد تغييرات متسارعة، سواء على مستوى التجهيزات الأساسية بالعديد من مناطق المملكة، أو فيما يخص إصدار قوانين جديدة تواكب التحولات التي يعرفها القطاع وطنيا أو دوليا، بالإضافة إلى ذلك هناك إحداث تغييرات مهمة بمختلف الجامعات الرياضية، وتعميم المراكز السوسيو رياضية بأغلب المدن المغربية، مما يسمح لفئات واسعة من المواطنين بممارسة الرياضة، وفي هذا الإطار شاهدت بأم عيني نساء يمارسن الرياضة لأول مرة في حياتهن، والمؤكد أنهن سيمررن الخطاب بالكثير من الإيجابية لأبنائهن وبناتهن. مما لا شك فيه أن الاهتمام بالمجال الرياضي يحمل أبعاد اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية ودبلوماسية، وقد تحولت الرياضة كما هو معلوم إلى رافد من روافد التنمية المستدامة وضامنة لمناصب الشغل، كما تساهم في جلب العملة الصعبة، ووجه من أوجه تقدم الدول، ونحن الذين شاركنا كأبطال تحت العلم الوطني بمختلف التظاهرات الكونية، وقفنا بالملموس، على الدور الذي تلعبه الرياضة في حياة الأمم والشعوب، والشعب المغربي شعب رياضي بامتياز، بالرغم من أرقام الممارسة التي تقول العكس، إلا أن الواقع يؤكد حب المغاربة للرياضة، وخاصة الأنواع التي شرف أبطالها بلادنا على الصعيد الدولي كألعاب القوى، كرة القدم، التنس، والملاكمة وغيرها... أعتقد أن الرياضة تبقى المجال الأنسب للاحتفال بمثل هذه الذكرى العزيزة علينا جميعا، نظرا لكونها مجالا يحظى باهتمام واسع من طرف مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية، وهذا يمر عبر إشراك نجوم الرياضة الوطنية في تخليد الذكرى، بشكل يعكس قيمة الحدث، وأهمية الخطاب الذي نريد إيصاله للأجيال التي لم تعايش حدث المسيرة. أتذكر لحظة عودة الأبطال الذين شاركوا سنة 1975 بالمسيرة الخضراء، ومرورهم بشارع النصر بمدينة الرباط، يومها كنت رفقة والدتي وعمري لا يتجاوز خمس سنوات، وهى لحظة لم تنمح من ذاكرتي، وفي كل مناسبة أحكي لأبنائي ما عشته بالشكل الذي يجعلهم قريبين من الأحداث التاريخية لبلدهم.