مع اقتراب الرابع من شتنبر واشتداد المنافسة بين الأحزاب السياسية٬ أضحينا نلمس خلطا صارخا في ذهن المواطنين وحتى السياسيين بين ما هو برلماني وما هو جماعي. بل إننا أكثر من ذلك أمام توظيف غير سليم للحصيلة الحكومية و البرلمانية في الحملة الانتخابية الجماعية و الجهوية. وإنه لعيب على أحزاب معينة أن تبني حملتها الانتخابية على انجازات حكومية؛ هناك تفسيران لا ثالث لهما هذه الظاهرة الفريدة، فإما أن النخبة السياسية في بلادنا لا تدرك الفرق بين المسؤوليتين البرلمانية و الجماعية، وهذا اللاإدراك يعني حتما جهلا بالمهمة المنوطة بالمرشحين الجماعيين و الجهويين المقبلين على هذا التحدي. وإما أن هذه النخبة تعي ما تفعل لكنها تستغفل المواطنين بإنجازات خارج السياق في ظل غياب برامج مسطرة و مدروسة مسبقا، مما يعني أن الهم الوحيد الأوحد لهذه الأحزاب هو الانتصار على الخصوم و الفوز في الانتخابات '' ومن بعد يحن الله". هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إنه لمن الظلم والحيف و حتى الجبن أن نجد أحزابا في المعارضة الحكومية تحاول ضرب خصومها المنتمين لأحزاب التحالف الحكومي اعتمادا على قرارات قاسية اتخذتها الحكومة الحالية وترى فيها الخيار الوحيد المتاح لتجنيب البلاد السقوط إلى الهاوية. هذه القرارات رغم قساوتها على المواطنين لكن يصعب تقييمها حاليا، أولا في ظل غياب معطيات رقمية محددة و موحدة، وثانيا لأن تقييم السياسات العمومية لا يستقيم على المدى القريب و إنما على المدى المتوسط. لذلك فإن أحزاب المعارضة مخطئة في منهجيتها المعتمدة خلال حملتها الانتخابية، وهي أيضا تفعل ذلك إما عن سبق إصرار و ترصد أو دون قصد. وفي كلتا الحالتين يسري عليها ما يسري على أحزاب التحالف الحكومي من تفسير لهذا الشذوذ التكتيكي المعتمد. إننا مقبلون على انتخابات جماعية و جهوية، وما يهمنا بالأساس هو ما أنجز وما يخطط لإنجازه محليا، إقليميا و جهويا. تفكيرنا يجب أن يظل محصورا على جهتنا، فإنجازات الجهات الأخرى ورموزها وحتى فضائحها التسييرية يجب أن لا تشوش تفكيرنا أو تستميل أصواتنا. إن مسؤولية المواطنين/الناخبين تقتضي أولا معرفة مسبقة بالمرشحين، لأنه إذا ما تأملنا اللوائح الانتخابية التي تحتل شوارعنا هذه الأيام، فإنه ناذرا ما نعرف هؤلاء المرشحين في مدننا باستثناء شخصين أو ثلاثة على الأكثر يكونون في رأس اللائحة غالبا. والقول بأن التصويت على الأحزاب أمر كاف بغض النظر عن الأشخاص الذين تمت تزكيتهم من طرف أحزابهم هو مغالطة كبرى، فلكل جهة خصوصيتها، ولكل مدينة تحدياتها، ومن يلزمنا أن نصوت له هو الشخص أو الفريق القادر على رفع التحدي محليا و المساهمة في تحقيق قفزة نوعية على مستوى الجهات. سعيد الناصري