اعتبر سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية والاجتماعية، أن التلويح بالورقة الاقتصادية مهم في الرد على التوجه السويدي بخصوص قضية الصحراء المغربية. وقال بودينار، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الورقة "يمكن أن تكون مهمة رغم ما يبدو من ردود فعل الطرف الآخر على ذات المستوى، أو بعض المقولات حول محدودية تأثيرها بالنسبة لدولة صناعية كالسويد". ويرى رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية والاجتماعية أن فعالية هذا التحرك ترتبط برؤية متكاملة تطرح القضية بعمقها المبدئي والأخلاقي والاجتماعي وبعدها الإنساني والحقوقي مع تقوية الأداء الدبلوماسي، إضافة إلى تنشيط دور الحلفاء العرب للمغرب في سياق الضغط الاقتصادي كذلك. وأَضاف أن الموقف السويدي تجاهل المعطيات على الأرض، "أي ما أنجز من تقدم على الصعيد السياسي داخليا، وقوة الرؤية المغربية لتجاوز هذا الوضع غير الطبيعي، وما اكتسبه هذا النموذج السياسي من مصداقية على الصعيد الدولي". وأَوضح بودينار أن هذه المصداقية تنبع من تأييد أغلب سكان الصحراء المغربية لهذا التقدم وما يمثله من أفق للمستقبل، بالإضافة إلى الإنجاز على الأرض في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبنيات التحتية. ولذلك لا يمكن لهذه المواقف كيفما كانت – يؤكد المتحدث - أن تحقق أهدافها مع تجاهلها للمعطيات على الأرض، وما عرفته من تقدم، في مقابل الاعتماد على مقولات فضفاضة أو معطيات وحيدة المصدر في مجال حقوق الإنسان أو غيره من المجالات. وقال، في هذا الصدد، إن " آخر ما يحتاجه مسار التسوية في الصحراء المغربية اليوم، سواء على صعيد التقدم السياسي الداخلي على الأرض أو على صعيد المخطط الأممي، هو مواقف سياسية منحازة". وأكد بودينار أن الموقف السويدي "موقف منحاز ويتجاهل الحقائق على الأرض ويتصادم مع مواقف أوروبية جماعية أخرى"، مضيفا أنه "يعبر كذلك عن رؤية ما للوساطة في بعض المناطق تتبناها حاليا بعض الدول الإسكندنافية ومنها السويد، وهي رؤية تتأثر باعتبارات جديدة من المهم إدراكها وتعامل المغرب معها على مختلف المستويات". وبالنظر إلى السياق الذي يأتي فيه الموقف الأخير للسويد من قضية الصحراء المغربية، أوضح رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية والاجتماعية أن هذا الموقف هو "استمرار لاتجاه جديد بدأ خلال السنوات الماضية، في عدد من دول الشمال الأوروبي كالنرويج والدنمارك، يسعى لدور أكبر على صعيد السياسة الخارجية لدول الاتحاد الأروبي، وبالتالي محاولة أخذ مسافة من المواقف الأوربية الكلاسيكية في بعض القضايا". وتأسيسا على ذلك، فإن الموقف السويدي لم يكن مفاجئا، بحسب بودينار، بل عبر عن نفسه من خلال اتجاه لإجراءات سياسية مسبقة واكبتها إجراءات اقتصادية تستهدف المغرب. واستطرد قائلا إن "هذا الموقف الأخير مرتبط بتحول في اتجاهات السياسة الخارجية في مناطق محددة من أروبا، أكثر من غيره، غير أنه من المهم التعامل معه بكثير من المصارحة والوضوح"، مؤكدا أن تعامل المغرب مع قضيته الأولى ينبغي ألا يتراجع في مستوى التعبئة متعددة الأبعاد، سياسيا واقتصاديا وأمنيا وقانونيا وإعلاميا. ولم يفت رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية والاجتماعية أن يشير إلى أن السياق الإقليمي الحالي تطبعه لدى دول مجاورة حالة من عدم استقرار الوضع السياسي، في مقابل اختراقات حقيقية تحققت مؤخرا في نسبة المشاركة السياسية في الأقاليم الجنوبية واتجاه المواطنين إلى تكريس وضع طبيعي جهويا. وبالرغم من أي مواقف معادية فإنه "من المهم البناء على ما أنجز على صعيد الجبهة الداخلية من جهة، وتقوية كفاءة التعامل مع مثل هذه المناورات خارجيا من جهة أخرى، و استثمار رصيد العلاقات الدولية القوي على ذات الصعيد"، وفق ما خلص إليه المتحدث.