يعتبر علم الإجتماع منهجا معرفي " مشاكسا " لا يكتفي في مقارباته المعرفية بالجاهز من الأحكام بل يعمل فيها أدواته لتفكيك بنياته و الوقوف على القوانين و الأسباب التي تصنع الظاهرة الإجتماعية و لئن كانت مواضيع علم الإجتماع تشمل جميع المناحي الخاصة بالإنسان وفق نسقية معرفية محددة فإن علم الإجتماع اليوم أصبح مطالبا بتحديث أدواته في الدرس الأكاديمي المغربي نظرا لتعدد و تسارع الظواهر السلبية و الإيجابية منها التي يعيشها المجتمع المغربي و بالتالي إستشرافه كموجه في فهم هذه الظواهر مستقبلا و من هنا كان لظهور مواقع التواصل خصوصا الفيسبوك دور في تجييش علم الإجتماع لأدواته و أثر في بروز أطروحات عربية و أجنبية حاولت تفكيك بنية هذا الوافد قصد تعميق فهمه و تفكيك أنساقه المشكلة . كيف يعيد الفيسبوك تشكيل العلاقات الإجتماعية .السلطة.الخطاب .التمثلات اليومية ..... إن بروز منصة الفيسبوك سمحت للأشخاص من كل الخلفيات بعبور حر الى الجماعة يتعذر تحقيقها في دنيا الواقع أو على الأقل ينحصر في أضيق الحدود الشئ الذي سمح بتشكل هويات رقمية تختلف كليا عن نظيرتها الواقعية و التي تتسم بحرية التمظهر الإجتماعي و توسع مجال الفعل داخله حيث لا سؤال هنا عن احوال شخصية او بيانات مدنية مما يصبح معه " المتفيسبك " حرا في اختياراته طليقا من كل القيود القانونية او العرفية التي تجبره على إظهار بياناته الحقيقية و التعبير الواقعي عن ذاته مستعيضا عنها بإنتقائية محددة لصور او منشورات او مقاطع معينة وفق نمط إجتماعي يريد " المتفيسبك " تصديره الى الجماعة لبناء سيرة إجتماعية مثالية أو وسم إجتماعي لكن في نظرنا يبقى أخطر تمظهرات الفيسبوك هو صناعة تعدد الهويات للذات الواحدة بحسب الجمهور المتابع ( اصدقاء .عائلة .عمل .....) مما يولد نوعا من الإنفصامية النفسية لدى الشخص يصبح معها معرضا للسقوط في قاع الإضطراب و هو ما تؤكده اخر 0بحاث علم النفس الرقمي .عرفت مجموعة من الروابط الاجتماعية تحولا كبيرا بسيب الفيسبوك منها رابطة الصداقة مثلا و التي اضحت افتراضية رقمية تسقط كل شرط للمقابلة الفعلية او التفاعل المباشر و هو ما يعني تأكل العلاقات الإجتماعية و هشاشة منطلقاتها بل و تأكل الرأسمال الإجتماعي و إحلال شروط بديلة للتعارف اقل احوالها انها ضبابية و لا يمكن ان تؤسس لفعل اجتماعي حقيقي تصبح معه حتى الرقابة الإجتماعية شكل بروفايلا جديدا يتكئ على التعليقات.المتابعة المستمرة .او التفاعل الإجتماعي الذي يختار " لإئحته الإنتخابية " عبر الية الإعجابات و هو ما يجعل الأفراد يمتثلون شعوريا او لا شعوريا لضغط هذه الإعجابات و ينساقون خلف موضة رقمية عمادها الخطاب و التمثلات حيث يصبح الفيسبوك فضاءا لتداول الصور و الرموز و الأفكار و المعتقدات ما ينتج تمثلات اجتماعية حول الدين .الهوية و الوطن و يؤسس لإنتشار خطاب شعبوي و ثقافة منبنية على اراء سريعة بسبب طبيعة المنشورات و التفاعلات المتسارعة و التي تصطحب معها في سيرورتها كل معاني الحكمة و التثبت و الأناة المطلوبة لتشكيل وعي حقيقي ما ادى الى بروز ثقافة استهلاك رقمي تنتج و تستهلك نفسها و محتواها .ان التحديات التي تفرضها وسائل التواصل و منها تغيير معالم العلاقات و الأعراف الإجتماعية يفرض مداخل متعددة لتطويق اثارها السلبية منها المداخل القانونية و الشرعية و الاجتماعية و النفسية و غيرها من المداخل الضرورية لفهم امثل لكيفية التعامل السليم مع هذه الظاهرة الاجتماعية و التي سيكون لها ما بعدها حتما في دنيا الناس . جمال الدين اجليان .