من الحر إلى الكارثة .. فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق في إيطاليا    جمعيات أمازيغية ينوب عنها محامون من الناظور والحسيمة تقاضي أخنوش    سيادة دوائية في الأفق .. أخنوش يكشف تفاصيل خارطة الطريق لإنتاج الأدوية واللقاحات    انطلاق أشغال المحطة الجوية الجديدة بمطار محمد الخامس    أخنوش: الحكومة نجحت في فتح باب التغطية الصحية للجميع واستقرار المغرب مصدر إزعاج للبعض    ترامب يستقبل نتنياهو بالبيت الأبيض    استنكار حقوقي لمنع وقفة احتجاجية ضد مشاركة إسرائيل في منتدى السوسيولوجيا بالرباط    الزيات يعود إلى رئاسة نادي الرجاء    تعثر تنزانيا وغانا في "كان السيدات"    سلامة المواطن فوق كل اعتبار .. بولعجول يُطلق أضخم حملة توعوية صيفية    تصادم يقتل 3 أفراد من عائلة واحدة    تحذيرات من ارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة الشرقية غدا الثلاثاء    بعد ارتفاع قتلى حوادث السير ب20,9%.. خطة طوارئ لإنقاذ صيف 2025    مهرجان "ثويزا" يعود في دورته ال19 بطنجة تحت شعار "نحو الغد الذي يسمى الإنسان"    مهرجان ثويزا يشعل صيف طنجة بالفكر والفن والحوار    ارتفاع الفقر في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة منذ 30 عاما    بلاغ إخباري حول تجديد مكتب جمعية دعم وحدة حماية الطفولة بالدارالبيضاء    التوقيع على مذكرة تفاهم بين المغرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    شمال المغرب تحت رحمة المتسولين: مشهد مقلق في عز الموسم السياحي    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير حول محتوى فيديو منسوب ل'فاعل جمعوي ومرشد سياحي'    المصادقة على مشاريع طرقية لفك العزلة بإقليم شفشاون    بالأرقام.. أشنكلي يُغرق الجهة في الديون ويُعيد تدوير الاتفاقيات وسط تعثُّر المشاريع وتأخُّر تحقيق التنمية المنشودة    لقاء تواصلي أم حفل فولكلوري؟    وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الثانية من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في مدينة غزة    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    " الحرب الإمبريالية على إيران" الحلقة 4كسر الاحتكار النووي: من يردع الكيان الصهيوني النووي؟        فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    منصة يوتيوب تضيف ميزة مشاهدة المقاطع القصيرة بوضع أفقي    تجريدة من القوات المسلحة الملكية تشارك في احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال جمهوية القمر الاتحادية    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    البروفيسور عيشان يحذر من مخاطر المكيفات الهوائية على مرضى الحساسية    بورصة البيضاء تحقق حصيلة إيجابية    مصرع فتى غرقا إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس بالنواصر    الكرواتي إيفان راكيتيتش يعتزل بعمر السابعة والثلاثين    إقصائيات بطولة المغرب العسكرية للقفز على الحواجز 2025 (أسبوع الفرس).. النقيب بدر الدين حسي يفوز بجائزة القوات المسلحة الملكية    جهة سوس–ماسة تحتضن اللقاء الجهوي السابع حول الشباب والمشاركة المواطنة    تكوين في التحري عن ادعاءات التعذيب    ترامب: خطة ماسك "حطام قطار"    أسعار النفط تتراجع                    محمد بهضوض... الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم    أبرزهم أوناحي.. أولمبيك مارسيليا يُنزل 6 لاعبين إلى الفريق الرديف    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    افتتاح متحف للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في هونغ كونغ    بالأرقام.. المغرب في طليعة الذكاء الاصطناعي: نحو ريادة عالمية برؤية شاملة وأخلاقيات راسخة    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهاية الليبية العظمى لمنحنى الثورات


النهاية الليبية العظمى لمنحنى الثورات
رباح الصادق المهدي
العقيد معمر القذافي شغل ليبيا والعالم العربي باصطلاحاته وصكوكه العجيبة. ومن ضمنها تسميته لليبيا الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى. وكان الناس يتندرون من نوع تلك العظمة في بلد لا تزال مؤشرات التنمية فيها منخفضة برغم الأموال الضخمة التي يدرها النفط.. وبرأينا فإنه لو صدق العقيد في هذه العظمة، فهي أن ليبيا دفعت وستدفع الثمن الأعظم للثورة ضمن الثورات العربية السابقة واللاحقة.. فليبيا في ذلك فعلا عظمى!
بعض جماعات حزب الأمة والأنصار، مدفوعين بعاطفة الوفاء تمنوا أن يستجيب القذافي لصوت العقل ويصل لمعادلة فيها نزول على رغبة شعبه الثائر بادي الرأي، ولكن لا أظن أحدا يتصور حدوث ذلك الآن، بعد أن حول ذلك الطاغية ليبيا إلى نافورة دماء ومتحف أعضاء بشرية مقطعة: متحف بشع حتى أن غالبية المادة المرسلة لم نستطع مشاهدتها ناهيك عن وصفها، إن فرعون نفسه لم يبلغ ذلك من طغيان! قلنا في أنفسنا. لو كان القرآن نزل بعد القذافي لكانت هنالك سورة مخصصة لقصة هذا الطاغية الوحشي تزيد على ما فعله الطغاة الأوائل. إنه آية في العالمين، تقف إلى جانب آيات نيرون وشاشسكو والشيشكلي والنميري وغيرهم من آيات القرن العشرين والحادي والعشرين بل تفوقهم.
لم نكن نظن لحظة أنه يتعقل، برغم ما نعلم من تعاون جمع بين القذافي وبيننا، وهو تاريخ قديم بدأ سلبيا بمناصرة القذافي للنميري في قصف المدنيين في الجزيرة أبا في مارس 1970م قصفا بدون فرز ثم ردمهم بالجرافات في حفر كبيرة أعدوها كمقابر جماعية ضمت الآلاف. وما كان من مجزرة ودنوباوي بعدها. ولكن النظام الليبي الذي كان يتبع للمحور الشرقي اتخذ من النميري عدوا بعد اتباعه لمحور الغرب ثم احتضن الجماعات المعارضة المسلحة ومنها جماعتنا في الهجرة الأولى في سبعينيات القرن العشرين حيث كانت تلك الهجرة لليبيا ولأثيوبيا وما تبعها من انتقال كامل المعسكرات الأثيوبية لليبيا استعدادا للانتفاضة المسلحة في يوليو 1976م، وكان الأنصار يحتفظون بذاكرة جيدة للقذافي الذي لم يكن يخف إعجابه بهم ويكرر إنهم ثوار من نوع فريد فهم في ليبيا قد فتحوا البلاد معسكرات للثوار من كل مكان في أفريقيا وفي العالم وقالوا إن الأنصار فريدون في انضباطهم وسرعة تعلمهم لفنون القتال حتى الأميين منهم وهمتهم العالية والتزامهم بعباداتهم فهم رهبان الليل فرسان النهار. وحينما انتصرت انتفاضة الشعب السوداني في أبريل 1985م وجاء حزب الأمة على سدة الحكم أغدقت ليبيا عليها من نفطها بصيغة سداد مريحة، ولكن القذافي ما أن اشتم استقلالية القرار السوداني حتى عاودته شنشنة مطالبا بسداد ديونه في غير وقتها. ولما قام الانقلاب الإنقاذ سانده حتى آخر رمق واحتفظ دائما بعلاقة معنا ولكنها علاقة لسان بينما قلبه وسيفه مع الإنقاذييين وعاقبنا حينما رفضنا المشاركة في حكومتهم: الجيفة التي طلابها كلاب كما وصف الإمام المهدي عليه السلام الدنيا. ولم تنقطع زيارات الأحباب لليبيا، وكانوا يراهنون على أنهم قادرين على نصحه ليدرك أن الإنقاذ زائلة (ضل ضحى) وأن الشعب السوداني سيطيح بها ولكنه أمسك دائما العصا من منتصفها.. راهنوا على نصحه مثلما فعلوا دائما منذ أقاموا في لييبا قبل عشرات السنين ولكني راهنت على أن القذافي متأله ولا يستمع للناصحين! لقد استند الإمام الصادق المهدي على ذلك التاريخ من التعاون والتناصح بتعبيره وخاطبه خطابا لينا عله يتذكر أو يخشى في يوم 21 فبراير الجاري (بوقف كافة التصديات القمعية لأية مسيرات مدنية وفتح باب الحوار مع كافة القوى الشعبية الليبية للتوافق على آلية المشاركة الشعبية، وعلى ما يصون وحدة وسيادة ليبيا؛ مع تكوين لجنة مؤهلة لتقصي الحقائق عن الأحداث الأخيرة ومساءلة الذين تسببوا في قتل وجرح مواطنين ليبيين عزل).
ولكن القذافي كما توقعنا لم يتذكر ولم يعتبر بما حدث لزين العابدين قبله ولا لمبارك بل وامتدحهم في غباء لم يلحقه به بقية الطغاة الذين صمتوا ومنهم ممن يمت إلى طيش الليبي بصلة من حكام السودان الذين هنأوا الشعبين التونسي والمصري على ثورتيهما وزاودوا على ثوار بلادهم الآن ويريدون اتهام أن معارضتهم الخارجية –تحديدا العدل والمساواة- تقف إلى جانب الرئيس الليبي وكذلك الداخلية- تحديدا حزب الأمة والأنصار- وهو كذب مفضوح لأن الطيور على أشكالها تقع، ومن محاسن الصدف أن ينشروا أكاذيبهم في نفس اليوم الذي خرج فيه بيان من رئيس حزب الأمة يصف فيه ما يجري من قتل الليبيين بأنه جريمة حرب لا تغفر وينادي بوقف حمامات الدم في ليبيا وبالتحقيق والمساءلة والنزول على مطالب الشعب الليبي العادلة والمستحقة.. كذلك الكذب الرسمي الذي اتخذته الخارجية السودانية بدون أن تراعي مآل رعاياها من السودانيين في ليبيا مما انتقده حتى برلمانيو الأنقاذ أنفسهم! لقد رفض ثوار السودان في الماضي أن يشاركهم أحد في ثورتهم وقد عرض عليهم العقيد أن يحارب معهم بعض الجنود الليبيين وقالوا بل نحرر بلادنا بأيدينا في يوليو 76 وبرغم ذلك نعتهم النظام المرتزق العميل حينها بالمرتزقة. والآن سمعنا أن النظام الليبي عرض على ثوار دارفور آلاف الدولارات كل يوم ليقاتلوا في صفه ويقتلوا الليبيين الثوار ولكنهم رفضوا، فإن صح هذا الخبر فإن هذا ما يشبه الشعب السوداني الذي علم الناس الثورات ضد البغي والتزام المثالية.
نقول للإنقاذ وللقذافي ولكل الطغاة في كل مكان. لقد انهارت آخر قلاع الطغيان في العالم: العالم العربي بالثورتين المباركتين ولم يعد من طريق للعودة إلى الوراء كما قال الأمير السعودي طلال بن عبد العزيز الذي أكد أن ثورة مصر قد حسمت الطريق نحو الأمام. ولكنا نؤيد كذلك الآراء التي تؤكد أن ثورة ليبيا تشكل عتبة أخرى ربما دكت الحائط دكا على رؤوس الطغاة أو أطالت عمرهم قليلا. القذافي الذي لا يتورع فيقول ما يعن له بدون تدبر ولا نظر، حتى رويت عنه أحاديث عجيبة منها مثلا: للمرأة حق الترشح سواء كانت ذكر أو أنثى! وتظاهروا كما تشاؤن، ولكن لا تخرجوا إلى الشوارع والميادين! وسأظل فى ليبيا إلى أن أموت أو يوافيني الأجل! والديموقراطية تعني ديمو الكراسي أي الشعب يجلس على الكراسي! فقال الناس ضاحكين إن شعار المظاهرات في ليبيا: الشعب يريد تفسير الخطاب. نعم هذا القذافي الذي لا يتورع عن قول أي شيء يصل لسانه ولا يتورع عن فعل اي شيء يخطر على عقله حتى أن أحد كبار الساسة في السودان يجلس أمامه مثل تلميذ صغير ويخشى إن ناصحه أمامه أحد بكلمة ويقول: اتق من إذا قال فعل! هذا القذافي الذي يقول أي شيء ويفعل ما يقوله بحذافيره ويهجم هجوم غر ليس يخشى عواقبا وهو في العقد السابع من عمره هو آخر أحلام الطغاة العرب في وقف المد الشعبي. لأنه سيفعل كل شيء ببساطة لا يهمه أن سفراءه تزحزحوا وضباطه تنحوا وحتى عشيرته الأقربين انصرفوا عنه، ولا يهمه أن يقتل ألفين في أيام قليلة أو لو يباد الشعب كله!
لقد جعل القذافي فاتورة الثورة عظيمة بشكل لا يصدق على الشعوب. كانت تونس قد دفعت نحو ستين شهيدا من بين عشرة ملايين هم شعب تونس. ودفعت مصر أكثر من ثلاثمائة شهيد من بين ثمانين مليون هم شعب مصر فكانت زيادة عدد الشهداء متسقة مع حجم الشعب. ولكن ليبيا ذات الملايين الستة تقريبا الآن تدفع أضعاف أضعاف ما دفعه الشعب المصري كفاتورة للثورة وشعب مصر أضعاف أضعاف الشعب الليبي! حقا إنه شعب باسل، إنه آية للشعوب في العالمين. آية للصمود، وآية للتضحية بالنفس، كتب الشعب الليبي اسمه على صفحات التاريخ بأحرف من زهو ونور ونار، وذلك برغم التجاهل الذي أحيطت به ثورته عالميا وعربيا، وتأخر الإدانات بشكل مريب، وقصورها عن المطلوب إزاء هذه الجرائم البالغة وإبادة شعب بالطيران وبالنيران، بل وتوعد الحاكم باستمراره حتى يفنى الجميع ولو بقي ليبي واحد ليحكمه!
إنه تجاهل مر ويدعو للتساؤل: هل هو بسبب العنصرية لأن ليبيا زنجية السمات بنسبة أكبر قليلا من تونس ومن مصر؟ ولا أقول أفريقية فمصر وتونس أفريقيتان كاملتا الدسم وليست الأفريقية مفهوما عنصريا كما نفهمه وكما فهمه الآباء المؤسسون لمنظمة الوحدة الإفريقية (لاحقا الاتحاد الأفريقي) أمثال جوامو نكروما وأحمد سكتوري وغيرهما. أم هو بسبب أن الشعب الليبي أقل تأهيلا؟ ومهما كانت الأسباب فإن الإنسانية لا تقاس بعنصر ولا بتأهيل ولا بغيرهما. ومثل هذا التجاهل الذي قوبلت به ليبيا يصيب شعوبا كثيرة أخرى بالرعب! لأنه تجاهل يظهر فداحة هوان البعض على المنظمة العالمية التي يفترض أننا كلنا عيالها بسواء! وهوان البعض على الجامعة العربية التي كلنا فيها أخوان، وماذا ستفعل بنا في السودان ودماؤنا الزنجية أغلب؟ وهوان البعض على الاتحاد الأفريقي الذي ربما فضل الوقوف إلى جانب ملك الملوك؟
مع المشهد الليبي بجبروته وصلفه وتألهه تماما كفرعون وأكثر؛ لم يكن أحد يصدق أن يكون شعب ليبيا من المبادرين للثورة، حتى قال الدكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الإسلامي: من الصعب لشخص لا يؤمن بالله سبحانه وتعالى أن يصدق أو يفهم قيام ثورة في ليبيا! ونقول نعم.. إنه كالآيات التي كذب بها الأولون وقالوا أساطير الأولين..
إننا ندعو المسلمين وأهل الأديان في كل مكان أن يقنت الأوائل قنوت النوازل من أجل الشعب الليبي وكل شعوبنا المقهورة: اللهم انصر شعب ليبيا يا رب العالمين. اللهم شتت جمع الطاغية المأجور منهم والمأمور. اللهم إن شعب ليبيا عبادك المستضعفين فمن عليهم يا إلهنا واجعلهم أئمة واجعلهم الوارثين، اللهم فلتري قذافي وسيف الإسلام وجندهما منهم ما كانوا يحذرون. اللهم خذ كل الطغاة المتجبرين أخذا شديدا، ولا تريهم صبحا في ذل شعوبهم جديدا، ولا تبق منهم أحدا إلا من يتعظ ويعلم أن الله حق وأن ثورة الشعوب مستحقة. آمين يا رب العالمين. وأن يصلي الأواخر لنصرة المستصعفين من النساء والرجال والولدان في ليبيا وفي كل مكان.
ومثلما ننظر برعب لتجاهل إبادة الشعب الليبي، ينظر الطغاة العرب برعب لما يدور في ليبيا ويتمنون جميعا أن يقدر جبار ليبيا بجنونه الذي سدر فيه هكذا على إلجام الشعب ودكه دكا دكا.. ليخوّف لهم شعوبهم ويحد من تيار الثورة الصاعد. كلهم يتمنون ويصلون سرا حتى ولو أدانوا جهرا المجازر أن يقدر جبار ليبيا على سد الثغرة التي فتحت في حائط الطغيان بفعل الثورتين المباركتين.
قال الأستاذ عبد الباري عطوان: صحيح ان علاقات الزعيم الليبي سيئة جداً مع معظم الزعماء العرب، ورؤيته تسبب لهم اشد انواع الحساسية خطورة، ولكن خلعه من قبل ثورة شعبية سيعني ‘ثالثة الاثافي'، وفألاً سيئاً على نظمتهم المرتعدة خوفاً وهلعاً.
أما المجتمع الدولي فأمره عجيب. نحن لا نركن كثيرا للأقوال التي تتردد الآن من أمر يهودية القذافي أو أصله اليهودي أي متآمر على العروبة والإسلام، ونظن أنه كان يصدر عن رايات هو مصدق بها في جنونه وهلوسته (التي رمى بها شعبه الثائر من باب: رمتني بدائها وانسلت!) فهل هو الخوف من الخطر الإسلامي والقاعدة التي استخدمها بذات فجاجة الاستخدام المباركي المعروف؟ أم هو الركون الغربي للقذافي بعد أن تم ترويضه بالكامل؟ أم هو كما قال البعض مسألة مؤقته ريثما تخلي الدول الغربية رعاياها ثم تخرج لليبي (وجه الصندوق)، ولكن بعد أن يكون ثلث الشعب الليبي قد هرسته آلة الحرب على المدنيين المتوحشة؟!
أما الشعوب العربية فكلها تتمنى أن ينتصر شعب أراد الحياة، ودفع مهرها آلاف الشهداء في أيام قليلة.. إنه شعب يستحق له أن يستجيب القدر.. كلها تصلي وتقنت جهرا من أجل ليبيا!
وفي الختام نقول إن مسيرة الثورات العربية تشبه حتى الآن منحنى صاعدا، فقد كانت كلفة الثورة في أول الثورات أقل وعماء الحاكم أقل، وكانت في مصر أكبر وكنكشة الحكام أكبر، وفي الثورة الثالثة فإن التكلفة قفزت قفزا بالزانة وكذلك جنون الحاكم وغطرسته قفزا بالزانة.. ونتمنى بعد نجاح الثورة في ليبيا فستكون تلك النهاية العظمى في ذلك المنحنى وبعدها سينحدر، إذ نتمنى أن يتعظ الطغاة ويعلموا أنه لم يتبق لهم شيء بعد القذافي لم يجربوه، فيركنوا لواقعهم الأليم، لقد عجل لهم ربنا الرحيم بنا وبهم قطهم قبل يوم الحساب.. وكان قطا (أي الصحيفة التي تحصي الأعمال) مسودا بعظائم الأمور وكبائر المظالم والظلمات.. وربما كان في ذلك لهم عبرة وعظة وفرصة للتوبة ليقضوا بقية عمرهم في مآب إلى الله..
والثورة بإذن الله مستمرة!
وليبق ما بيننا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.