استعاد المغرب الإثنين الماضي مقعده داخل الإتحاد الإفريقي، بعد أن ظفر بأصوات 39 دولة، ليصبح بذلك العضو الخامس والخمسين، ويعود إلى أسرته التي غادرها لمدة 32 سنة. عودة المملكة إلى أسرتها الإفريقية، جاءت تتويجا لعشرات الالاف من الكيلومترات، قطعها الملك، جاب عبرها شرق إفريقيا وغربها، ولم يستثن حتى الدول المعادية الداعمة لجبهة البوليساريو ومن في فلكها التصويت على قرار العودة لم يرهن بنزاع الصحراء، ولكنه تم وفق مسار قانوني سليم، وهو نتيجة تلقائية لجهود حثيثة بذلها المغرب امتدت لأشهر عديدة متواصلة، تخللتها مشاريع ضخمة واستثمارات اقتصادية عديدة، مكنته من تعزيز علاقاته مع الدول الإفريقية الداعمة له، ومد جسور التعاون مع الدول الإفريقية المقربة من البوليساريو، لكنه أيضا ثمرة يانعة لسواعد الملك الذين لعبوا دورا مهما في تدعيم موقف المغرب وصد مناورات الطرف المعادي مجلة les eco الناطقة باللغة الفرنسية، اقتفت أثر رجال الملك، بسطت أدوارهم، وسلطت الضوء عن مهامهم، وأعدت بورتريهات عن فريق الأحلام الملكي نراهم باستمرار جنب الملك محمد السادس، ملازمين له في رحلاته خارج المغرب، خاصة تلك المتوجهة صوب إفريقيا، ملتزمين بوظائف حساسة، وحريصين على أداء أدوارهم بدقة، رغم اشتغال بعضهم في الظل، إلا أن نجاعة ما يصنعون حاضرة بينة ما يجب أن يعلم، هو أنه عند تنظيم أي سفر ملكي خارج البلاد، مجموعة من الإدارات والمصالح تتأهب، قبل الرحلة وبعدها عمل ينسقه السيكريتير الخاص للملك، منير الماجيدي مهمة دقيقة تدبر تفاصيلها في الظل، لا شيء يترك للصدفة، كل تحرك محسوب، إعداد الملفات، المفاوضات، تتبع المهام الملقاة على عاتق فريق العمل… الأمر يتعلق بفريق متكامل مكلف بمهام محددة، رأينا بعضا من تحركاته خلال حضور الملك في قمة الإتحاد الإفريقي، فقبل ولوج الملك قاعة الإجتماعات الكبرى، أعد مرافقوه الوثائق اللازمة وههدوا الطريق لدخول يليق به، ومستهل العمل هذا كان قبل نحو ساعتين. هؤلاء الاشخاص هم، فؤاد عالي الهمة، كبير مستشاري الملك، وياسين المنصوري، مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات، بمصطفى التراب، رئيس مؤسسة محمد السادس، لتنمية إفريقيا، ناصر بوريطة، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، واخيرا، صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، فؤاد عالي الهمة..المخطط فؤاد علي الهمة، صديق الملك وأكثر عناصر الفريق قربا من منه، إذ درس معه بالمدرسة المولوية. تدرج في سلالم وزارة الداخلية، واكتسب خبرة مهمة صنعت منه مخططا حاذقا وسياسيا فطنا، خبر الشان الداخلي، لكنه أيضا فهم جيدا اللعبة خارجيا، فبات ديبلوماسيا وسياسيا متميزا فيما يتعلق بقضايا القارة الإفريقية، استقال من مسؤولياته الحكومية سنة2007 ثم من حزبه الذي ساهم في تأسيسه ليصبح مستشارا ملكيا، ملازما للملك محمد السادس في جميع زياراته وأسفاره الإفريقية. ياسين المنصوري..الرجل الصامت ياسين المنصوري، أول مدني يرأس مديرية جهاز المخابرات الخارجية « لادجيد » في 2005. الرجل البالغ 54 سنة، بدوره خريج للمدرسة المولوية، ويعد عنصرا مهما في الديبلوماسية المغربية في إفريقيا، يلعب دورا مهما في الكواليس قبيل زيارات الملك الإفريقية وبعدها، المنصوري،هو محاور أجهزة الاستخبارات الغربية والعربية المقربة من المغرب، والجهاز الذي يرأسه (لادجيد) هو المسؤول المباشر « عن أمن رؤساء الدول الصديقة، والمكلف بقضايا الأمن والهجرة ومحاربة الإرهاب، بل يتجاوز هذا إلى المسامهة في تحسين العلاقات الإقتصادية بين المغرب وبلدان إفريقيا، و خلق بيئة استثمارية ملائمة من خلال تيسير الطريق إلى ذلك وتوفير جو مطمئن محفز يشجع المستثمرين الأفارقة. ناصر بوريطة..الديبلوماسي العنصر الشاب داخل الفريق، حركي وعملي، وضامن انضباط وتناسق الخط الديبلوماسي للدولة، بوريطة الذي يقتفي منهجية ملك البلاد في تدبير الملفات الديبلوماسية، استطاع لعب دور مهم في قضية المغرب الأخبرة التي انتصر فيها، وهذا يعزز صيته باعتباره ديبلوماسيا مؤهلا، تجلت نتائج عمله في سفره الأخير، إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، ومكوثه أسبوعا بها، قصد طي ملف الخلاف الاخير معها، وتتويج ذلك بموافقة موريتانيا على ودة المغرب إلى الإتحاد الإفريقي. صلاح الدين مزوار..الدخيل من الصعب توافق جميع المغاربة عند ذكر سياسي ما، كما في حالة صلاح الدين مزوار، الذي أثارت بعض مواقفه السياسية الداخلية الكثير من الجدل. لكنه، رغم ذلك، فإنه يجسد الجانب الرسمي لهذا الفريق الصغير. ويتجلى دوره في اللقاءات والمحادثات التي كان يعقدها مع وزراء خارجية الدول الإفريقية، وبغض النظر عن كل الشكليات، فإن مزوار استطاع إنجاز المهمة الموكولة إليه بنجاح. لم يفز مزوار بثقة الملك من لا شيء. ورغم تركه منصبه وشيكا، فإن من حق الرجل ان يفخر بكونه واحدا من مهندسي حدثين كبيرين: الكوب22 وعودة المغرب إلى الغتحاد الإفريقي. مصطفى التراب..رجل الفوسفاط حتى عندما يرتدي قبعته رئيسا لمؤسسة محمد السادس لتنمية إفريقيا، يثبت مصطفى التراب تفوقه في عمله. من أجل ذلك، اعتمد التراب مبدأين اثنين: تبادل الخبرات، في إطار، رابح رابح، وحشد الذراع العسكري بتزويده بالوسائل والاليات.التراب استجاب للرؤية الملكية من خلال المؤسسة التي يديرها: المكتب الشريف للفوسفاط OCP. وبما أن التحدي الرئيسي للقارة يتمثل في تحقيق الأمن الغذائي، والفوسفاط والأسمدة تعتبر عنصرا أساسيا لذلك، ولعل المشاريع الضخمة التي أقامها المكتب بعديد الدول الإفريقية، تتحدث عن نفسها، وتمثل جزءا كبيرا من مساهمة المغرب الكبيرة وتبرز رغبته الجادة في التعامل المثمر مع عمقه الإفريقي. المكتب الشريف للفوسفاط، بات اليوم في صلب الديبلوماسية المغربية، وكذلك مؤسسة محمد السادس لتنمية إفريقيا، التي تلعب وظيفة محورية في مساعدة الأشقاء الافارقة والمساهمة في تحقيق نماء بلدانهم.