حزب "النهج" ينبه إلى تصاعد الاحتجاجات ضد التهميش ويستنكر الأسعار الخيالية المصاحبة للعطلة الصيفية        الانتخابات المقبلة... أي نخب سياسية لكأس العالم والصحراء والسيادة الوطنية؟    بورصة الدار البيضاء تفتتح على صعود طفيف وسط تحركات متباينة للأسهم        انقلاب شاحنة في غزة يتسبب في وفاة 20 شخصا    انفجار مادة كيميائية يرسل إعلامي مغربي إلى المستشفى    أزيد من 2,7 مليون مغربي بالخارج يعودون إلى أرض الوطن هذا الصيف    ضبط 1280 قرصا مخدرا و30غ من كوكايين بالقنيطرة    حادث مأساوي يودي بحياة سائق طاكسي ويرسل آخرين إلى مستعجلات الخميسات    حريق مدمر في جنوب فرنسا يخلف قتيلا وتسعة مصابين ويلتهم 12 ألف هكتار    بعد طول انتظار: افتتاح حديقة عين السبع في هذا التاريخ!    بطولة فرنسا: لنس يتوصل لاتفاق لضم الفرنسي توفان من أودينيزي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    الذهب يتراجع متأثرا بصعود الدولار    الهند تعزز شراكتها مع المغرب في سوق الأسمدة عقب تراجع الصادرات الصينية    مراكش والدار البيضاء أفضل الوجهات المفضلة للأمريكيين لعام 2025    الصين تخصص أكثر من مليار يوان لدعم جهود الإغاثة من الكوارث الطبيعية    اختلالات في أنظمة التقاعد الأساسية    المغرب يدرب 23 عسكرية من 14 دولة على عمليات حفظ السلام الأممية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 193 بينهم 96 طفلا    إسبانيا توقف خططا لشراء مقاتلات طراز "إف-35"    التأمين التكافلي.. أقساط بقيمة 94,9 مليون درهم خلال سنة 2024    حرمان مربيات التعليم الأولي من أجورهن يثير موجة استياء حقوقي في مراكش وجهات مجاورة    عبث التسيير بجماعة وجدة.. من يُسير ومن يُحاسب؟        نيران بطريفة الإسبانية تخلي السياح    «أكوا باور» السعودية تفوز بصفقة «مازن» لتطوير محطتي نور ميدلت 2 و3        بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    السودان تتعادل مع الكونغو ب"الشان"    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن سن 53 عاما    مستشار الرئيس الأمريكي يؤكد للجزائر عبر حوار مع صحيفة جزائرية .. الصحراء مغربية والحل الوحيد هو الحكم الذاتي        اليد الممدودة والمغرب الكبير وقضية الحدود!    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    خواطر تسر الخاطر    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روبورتاج حول المقاتلين في سوريا من قصبة تادلة والنواحي

" هجرة المقاتلين إلى سوريا رحلات بطعم العلقم
وموت جماعي باسم الجهاد
1 مدينة تئن تحت رحمة الموت الجماعي بسوريا.
الساعة تشير إلى التاسعة صباحا من يوم الخميس13 مارس2014 .بدأت حركة غير عادية لدى سكان حي مولاي بوعزة العشوائي المتواجد ضاحية مدينة قصبة تادلة،صرخة صرختان صراخ وعويل،على إثره اشرأبت أعناق نساء الحي العشوائي لمعرفة مايحدث،سرت همهمات بين السكان بسرعة وانتشر الخبر انتشار النار في الهشيم،لقد مات (ي) نظرات ذهول متبادلة بين أقران(ي) ومجايلييه،في لحظة خاطفة تذكروا ذلك الشاب الذي لايتجاوز العقد الثاني ذو الأخلاق الحسنة،والسلوك الطيب،عازب غير متزوج كما تقول مصادرنا. لم يكن من السهل علينا معرفة التفاصيل،ولكن الأقوال التي استقيناها من ساكنة الحي تؤكد أن (ي) قتل في الحرب الدائرة في سوريا،وأنه ذهب هناك للجهاد لنصرة الإسلام والمسلمين.(ي) كان كتوما خلال تواجده في الحي العشوائي،يقرأ كتبا دينية ويطلع على أشرطة فيديو مبثوثة في مواقع الجهاد ،ويوتوب كفيل باستكمال كل المعلومات الناقصة حول الجهاد وميكانيزماته وشرعيته في نظر الذي غرروا ب(ي).
قصبة تادلة المدينة الصغيرة( ريال ديال الجاوي كيبخرها) مثل تادلي يتداول باستمرار ومنذ القديم.ولاحديث لها اليوم إلا خبر موت شخص بسوريا،شاب في مقتبل العمر ترك الدنيا وراء ظهره،وأراد الفوز بالشهادة،وتلقفته آلة الحرب المدمرة التي لاتميز بين ملتح وحليق الوجه،سوريا الممزقة بفصائلها الدينية وعشائرها العرقية وعلمانيتها البعثية،وأخبار متعددة حمالة عدة أوجه جعلت المتتبعين للأخبار في القنوات العربية يلتبس عليهم الأمر.وفي مقهى شعبي بالمدينة قال لي أحد المتتبعين للقتال الدائر في سوريا"لقد تعددت الطوائف في سوريا وتارة نسمع بالجيش الحر وتارة بالجيش النظامي.
لم تستفق المدينة الصامتة من هول صدمة موت(ي) الذي قتل في عز شبابه حتى نزلت أخبار الشؤم على عائلة أخرى بحي الزرائب عن وفاة مقاتل آخر بسوريا في العقد الثالث من عمره وهو من مواليد1984 كما قالت مصادرنا ويسمى(م) يمارس مهنة بيع الأعشاب.الذين يعرفون (م) حق المعرفة يصرحون أنه من أطيب شباب الحي لكن عدوى الجهاد واتباع خطوات السلفية وأفكارها جندت هذا الشاب المغرر به،لتلقي به في أقبية الجحيم في بلد الداخل إليه مفقود أمام الخروج فمستحيل بالمرة.
أخبار الشؤم هذه أطلت على هذه العائلة المنكوبة يوم الأربعاء12 مارس2014 ولعل مسامعها رددت عبارة غريبة تلقفتها لأول مرة من قبيل" مات مع المجاهين في سوريا" وفي صفوف المعزين شاهدت الجريدة بعض الملتحين ونساء ذوات خماروهم يرددون" لقد مات شهيدا" وفي عيونهم نشوة انتصار وشارة نصر لا يفهمها إلا المنتمون إلى حركتهم السلفية الداعية إلى الجهاد ولو في جزر الوقواق كما قال لي محدثي.
في ظرف يومين تناقلت الأخبار عن موت مجاهدين من قصبة تادلة في سوريا،ولأول مرة يسمع سكان المدينة عن كلمات كانوا يلتقطونها بصعوبة دون فهمها" الجيش الإسلامي بدولة العراق والشام القوات النظامية فصائل المعارضة جيش بشار مبايعة الأمام... بسرعة البرق تم نصب الخيام لاستقبال وفود المعزين،عائلات المجاهدين لم تستسغ فكرة الموت التي أخذت فلذات أكبادهم غدرا.ومن سخرية القدر أنهم لايعرفون أين توجد سوريا.خصوصا أن أغلب السلفيين المتجهين لسوريا لا يطلعون أحدا من عائلاتهم عن قرارهم،فالمسألة حسب تعليمات الجماعة التي جندته ينبغي أن تظل طي الكتمان وأن أي إفشاء للأسرار قد يفسد عملية النزوح نحو سوريا.
بعد موت هذين المجاهدين في سوريا من قصبة تادلة، لم يتوقف نزيف الأخبار السيئة فليلة الخميس 13 مارس2013 انضاف شخص آخر إلى لائحة المقتولين في الحرب الضروس الدائرة بسوريا، بسوريا،ويتعلق الأمر هذه المرة بالمسمى(ش) والمنحدر من إحدى القرى المجاورة لأبي جعد والذي يقطن حاليا بحي براكة بقصبة تادلة،لكن لا أحد لم يجرؤ على إخبار عائلته .وتحدثت بعض المصادر على أنه تم إعدامه من طرف الجيش الحر (بدير الزور شرق سوريا) وأضافت مصادر أن المعدم بسوريا متزوج وله ولدين.
2 من يتكفل بنعي المجاهدين بسوريا؟
قالت مصادرنا أن عائلات المجاهدين الذين لقوا حتفهم في الأراضي السورية تلقوا نبأ وفاة أبنائهم عبر اتصال هاتفي من شخص متواجد بالديار السورية، مع إضفاء القليل من التفاصيل عن طريقة موت الضحية في سوريا (هل قتل بالرصاص شنق إعدام..) حسب رغبة الجيش النظامي السوري)
لم يكن من السهل على الجريدة أن تفتح ملفات المقاتلين في سوريا والمنحدرين من قصبة تادلة ونواحيها،فقد كانت المعلومات شحيحة، والتكتم هو سيد الموقف،والخوف من إعطاء تصريحات قد يؤدي بالمصرح إلى سين وجيم.
مصدر آخر متتبع لملف السلفية الجهادية، وملم بما يجري في الديار السورية صرح للجريدة أن الشخص الذي يبلغ عائلات المتوفين بسوريا يلقب نفسه باسم"فارس الإسلام" وهو المسؤول الوحيد عن إخبار عائلات الضحايا ،وفارس الأحلام هذا يوجد بسوريا ،وأن الطريق الوحيد للتواصل معه كما يضيف مصدرنا، هو طلبك منه في صفحتك الفايسبوكية ليقبلك كصديق،وإذا قام بقبولك فهو قادر على مدك بمعلومات كثيرة،وأشار نفس المصدر أن فارس الإسلام هذا ينحدر من مدينة قصبة تادلة لكنه حذر بحيث أنه يبدو بلثام مقنع.
3 قصبة تادلة وجماعة أولاد سعيد الواد قلعتا المجندين للهجرة إلى سوريا.
انطلقت شرارة الأولى للمقاتلين بسوريا من جماعة أولاد سعيد الواد بدائرة قصبة تادلة خلال شتنبر المنصرم من 2013 ويتعلق الأمر بشاب يدعى( ح ع) في العقد الثالث من عمره،متزوج وأب لتوأمين وطفلة يحترف تركيب الزليج بالمنطقة .وكان قد توجه أكثر من شهرين إلى سوريا رغبة في الاستشهاد إلا أنه لقي حتفه هناك، وتم دفنه كما أكد شخص متواجد بالديار السورية للعائلة.
انتقلت الجريدة إلى أولاد سعيد الواد،وكلما تعرف أحد على هويتنا إلا وابتعد خوفا من تقارير المقدم والشيخ والقائد.الكل في هذه القرية يعلم بوجود قتلى ومقاتلين ولكن لا أحد يتكلم. إلا أن مصدرا مطلعا أكد لنا أن منطقة أولاد سعيد الواد استبدلت الهجرة السرية بالهجرة إلى سوريا للقتال في سبيل الله،وأن عدد الشباب الذين اختاروا قبلة سوريا كان عددهم في تزايد، وتتحدث مصادر عن مرافقته لزوجته.كما هو الأمر بالنسبة لزعيم المجاهدين بأولاد سعيد الواد والملقب" أبو مروى" والذي هاجر إلى سوريا رفقة اثنين من أبنائه ( الأصغر ويدعى نوفل والأكبر يسمى عبدالرحمان(عشر سنوات). أبو مروان هذا هو رئيس المجاهدين بأولاد سعيد الواد والداعية المشهور إلى الجهاد،فقد نشرت له عدة أشرطة"للفيديو" يظهر في إحداها بريف اللاذقية يلقي درسا بمركز سلمى الإعلامي،صوت بلدة سلمى في ريف اللاذقية التي كانت تعتبر من أبرز المصايف السورية ،قبل أن تتحول إلى قبلة للجهاد بين الوافدين إلى بلاد الشام كنقطة الانطلاق للانقضاض على باقي القرى الأخرى.
وللإشارة فإن أبا مروى كان فقيها بأولاد سعيد الواد، ويكثر من دروس الوعظ والإرشاد في الكثير من المناسبات،وقد تمكن من إقناع زوجته بالسفر معه إلى تركيا عبر مطار تركيا.وقد أظهرته بعض المواقع رفقة ابنيه في صور يحملان أسلحة روسية عبارة عن كلاشنكوف ،وسمي بأبي مروة نسبة إلى ابنته"مروى" وأشارت بعض المواقع الالكترونية إلى أن "أبامروى" استغل تواجده بسوريا وقربه من التنظيمات الجهادية وعلاقته بها ليقدم نفسه كشيخ سلفي مغربي .وبعد مدة سيعلن عن موت الشيخ أبي مروى تاركا عائلته لمستقبل مجهول.لم يكن أبو مروان المجاهد الوحيد بأولاد سعيد الواد ،بل توالت الهجرات من بعده خصوصا شخص في العقد الرابع من عمره سافر إلى سوريا تاركا وراءه طفلة في عمر الزهور لاتتجاوز السادسة من عمرها وزوجة حديثة العهد بالولادة .كما سافر شخص آخر عمره سبع وعشرون سنة رفقة زوجته وابنهما الوحيد، تاركا والديه العجوزين اللذين كان يعيلهما.بعدها رحل شاب آخر في العقد الثالث من عمره مخلفا وراءه ابنيه وزوجته.
أولاد سعيد الواد حين زرناها كانت تعيش على إيقاع الخوف والصدمة ليس تأسيا فقط على ضياع الشباب المغرر به في حرب مجانية غير مضمونة العواقب،بل لنظرات الساكنة المتسمة بالسخرية تارة وبالشفقة تارة أخرى على شباب تم استدراجهم بوعود معسولة ك(الجنة والفوز بالشهادة وربما أشياء أخرى لايعلمها إلا هم والساهرون على التنظيم)
4 المجاهدون إلى سوريا...وتسقط الخيل تباعا.
لعنة الموت والهجرة إلى سوريا التي أرخت بظلالها على منطقة أولاد سعيد الواد وأتت على الأخضر واليابس،انتقلت عدواها إلى مدينة قصبة تادلة فمع بداية شهر أكتوبر انطلقت الأخبار بحي بود راع مؤكدة نبأ مغادرة الشاب(ز ر) مسقط رأسه تادلة في اتجاه سوريا،وأواخر شهر يناير توصلت عائلته بنبإ وفاته بالديار السورية،وتناقلت صورته وهو ميت عبر تقنيات البلوتوت في كل الهواتف النقالة بالمدينة.
كان أغلب شباب المدينة يحملون صورته داخل هواتفهم النقالة،متسائلين عن المغزى من مغادرة(ر) لمدينته الهادئة وتركه لعائلته بحثا عن سراب ووهم من حركات سلفية أغلبها أعضائها جهلة وأميين وحتى مستوى الدراسي لا يتجاوز الثامنة إعدادي.
(ز ر) الشاب الملتحي عرفته شابا مستقيما ومتواضعا ومحبا للخير،وقد التقته الجريدة مرات متعددة بمسجد أبي بكر الصديق،كثير الدعابة منفرج الأسارير ومن يره في نظرته التفاؤلية للحياة لا يصدق أنه سيلقي بنفسه إلى التهلكة ،لتصل الأخبار للعائلة أنه دفن هناك.
زارت الجريدة عائلته،كان أخوه حسن متأثرا من صدمة الموقف،يوم نزل الخبر كالصاعقة على العائلة كان يوما مطيرا،نصبت الخيمة أمام منزل الهالك بالديار السورية، وكانت عشرات النساء الواضعات للخمار على وجوههن يبشرن العائلة بأن" (ر) شهيد ومقامه في الجنة مع الشهداء والأنبياء والصدقين"
"ر" يبلغ من العمر 26 سنة توقف عن الدراسة بالمستوى الثانية الثانوي تشبع قراءة كتب السلفيين ونظرياتهم ومؤلفاتهم ، ولكن لا أحد يدري لماذا صمم اقتحام بوابة الجحيم مقتنعا ومطمئنا،وبرصاصة من جيش بشار يغادر الحياة تاركا والديه وإخوته في حزن طويل وكآبة قاسية.
(ر) كان يعيش حياة مستقرة وهادئة ومن يبصره أو يعاشره لا يعتقد أن هذا الشاب الوديع يحمل كل هذا الزخم من الأفكار المتطرفة التي من شأنها أن تجعله يرتمي في أحضان حروب ملغومة بسوريا كل الذين يخوضونها لا يعرفون مبتداها من منتهاها،ولحساب من يقاتلون.
5 كيف يصل المجاهدون الى سوريا؟
تختلف لروايات حول المسار الذي يسلكه الراغبون في الذهاب إلى الجهاد بسوريا،فحسب مصادر عليمة فهذه العملية تتم في سرية تامة عملا بما يسمونه "بسرية القرار" دون إشراك العائلة والأبناء والزوجة بمكان الرحلة أو الإخبار عن الوجهة المحددة سلفا حتى الوصول إلى سوريا وبعد الانتهاء من فترة التداريب يتصل بعائلته لطمأنتهم على أحواله.
تتم الرحلة حسب ذات المصادر عبر مسارين: الأول يمر عبر الجزائر وصولا إلى ميناء بنغازي،أو غلى ليبيا مباشرة تمويها لعناصر الأمن ومحاولة لعدم لفت الانتباه بتجنب السفر المباشر والذهاب عن طريق عدة دول،حيث تقلهم سفن إلى تركيا مستفيدين من غياب شرط التأشيرة لدخول الأراضي التركية ويسهلها أيضا تغاضي سلطات أنقرة،وتحسبا لأي مأزق بهذا البلد يكون المجند جاهزا للرد على أي سؤال ،وفي جعبته جواب واحد هوالسياحة، أو التسجيل برحلة سياحية مرتبة من مكتب للسفريات ،كما يقوم الراغب في الجهاد بتحليق لحيته وتغيير ملابسه والإحجام عن الكلام الكثير،وقد يقوم بحمل علبة سجائر حتى لا يفلت الانتباه إليه،والنقطة الأهم في هذه ا لرحلة هي التزكية ،فكل الجبهات تحتاج إلى تزكيات كما تؤكد مواقع الكترونية "جهادية" وهي أن يكون للمقبل على القتال شخص أو شخص معروف ليزكيه تحسبا منهم لأي اختراق أمني من قبل الجواسيس . ويفضل المجاهدون في هذا السياق أن يجهز المجند عدد من التزكيات،وإلا فعليه الصبر على الاختبارات الأمنية الصعبة التي يخضعونها له حتى في حين ترفض بعض الجبهات قبول المهاجرين دون تزكية.وعبر حدود تركيا الجنوبية يلتحق المتطوعون للجهاد بساحة القتال بعد تهريبهم إلى الشمال السوري ويلتحقون بالمناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر،أو غيره من التنظيمات الجهادية، وفي هذه المرحلة يخضعون للتداريب توصف بالقاسية على حرب العصابات وحمل السلاح دون إغفال الشحن الديني عبر الخطب الدينية المسجلة،وأشرطة الفيديو التي تصور المعارك والعمليات الانتحارية والكتب التي تدعو إلى الجهاد والنصرة،ودخول الجنة في حالة الاستشهاد،وتخليد أسمائهم في لائحة أبطال الإسلام.
6 أسئلة مفتوحة على كل الاحتمالات؟
تتناسل الأسئلة وتتكاثر في ذهن كاتب هذا الروبورتاج،وتتناسل الأسئلة أيضا في عقول أمهات الضحايا وآبائهم،وتغرق المدينة نفسها بسكانها عمن يفتح الأبواب مفتوحة في وجه هؤلاء المغررين بهم للخروج من البلاد، الكل يعرف أن تقاريرا يومية ترفع إلى أهل الحل والعقد، لكن لا أحد يعلم إلى متى ستسمر لعبة تحكم شيوخ السلفية بالمدينة في خيوط تهجير الشباب الجامح الأرعن،دون أن يعرف أحد لهؤلاء الشيوخ مذهبا واضحا وعقيدة صادقة.لكن الذي يعرفه الجميع أن كل هؤلاء الشباب الذين قتلوا في سوريا،وحتى المختفون منهم، كانوا يجدون في مساجد المدينة مرتعا للنقاش ،وقد كانوا يستغلون فتح المساجد لأبوابها بعد صلاة الظهر خصوصا في شهر رمضان للمكوث بعض الوقت بالمسجد لاستكمال نقاش لا أحد من المصلين يعرف تفاصيله ونوايا أصحابه.وكل الذين رحلوا لسوريا أغلبهم كان يصلي بمسجد ابي بكر الصديق،وفي غياب مراقبة لتدبير الشأن الديني داخل المساجد،يصبح العذر أكبر من الزلة،وتصبح المسألة أكبر من مجرد سجال بين المواطنين وسكان المدينة حول جوهر الموضوع:" من له المصلحة في دفع هؤلاء الشباب إلى الانتحار بسوريا؟ ومتى سيتم إيقاف نزيف الهجرة الجماعية إلى سوريا؟مسلسل الفواجع والكوارث لم يتوقف عند هذا الحد،بل صاحبته موجة من الرحلات،فقد اختفى شباب آخرون منهم شاب في الثانية ثانوي وآخر بائع كتب دينية قيل أنه سافر لليبيا،وشخص آخر حسب مصادر عليمة دخل سوريا ولما عاد منها اعتقلته السلطات حسب ذات المصادر.تضاربت الآراء عن لائحة الموتى الذين أعلن عن لائحة استشهادهم والمختفون ماتزال عائلاتهم تتجرع غصص النكبة والحزن .لقد أصرت هذه الكتائب الجهادية بقصبة تادلة ونواحيها على مواصلة خطها الجهادي بسوريا عبر حركة دولة الإسلام في العراق والشام) والملتحون يرددون "الموتى في الجنة والبركة في الباقي من الأحياء" ومن يدري ماذا ستسفر عنه الأحداث من هجرات جديدة لا أحد يتنبأ بعددها والمنتمين إليها.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.